أخبار وتقارير

باحث لبناني يسعى لإعادة ترتيب شبكة الإنترنت

جبيل، لبنان – لن يتمكن الزائر من معرفة ذلك عند رؤية مكتبه المتواضع، لكن جو تقلا، مهندس الكومبيوتر في الجامعة اللبنانية الأميركية في جبيل، يمتلك أهداف طموحة في مهنته البحثية. فهو يرغب في ترتيب العالم الالكتروني بأكمله، بشكل يجعله مكاناً أكثر منطقية وكفاءة.

قال تقلا “في السنوات الأخيرة، كان هناك توسع عنيف في شبكة الإنترنت من دون أي تفكير حقيقي حول الكيفية التي سيعمل بموجبها كل شيء.”

تعتبر الشبكة العنكبوتية العالمية مكان فوضوي للغاية، بحسب تقلا، مع وجود قواعد بيانات أكبر حجماً تظهر بين عشية وضحاها تقريباً، وتيار لا نهاية له عملياً من الصور والرسوم البيانية والفيديوهات والوثائق التي يتم تحميلها كل يوم، والعديد منها مرتبط ببعضه البعض. يحتاج هذا العدد المتزايد بسرعة من الملفات وقواعد البيانات إلى ان يتحسن في التواصل مع بعضه البعض، كما يقول، وإلا فإن مخاطر الإنترنت تصبح متشابكة في تعقيدها الخاص، مما يجعل التنقل والبحث صعباً على المستخدمين.

يريد تقلا أن تكون البنية التحتية لشبكة الانترنت أفضل في تصنيف ووصف بياناتها بمزيد من التفصيل، كما أنه يعمل على تصميم برنامج للمحاولة في تحقيق ذلك.

قال “قد يكون لدينا مليارات ومليارات من التيرابايت من البيانات، لكننا إذا لم نتمكن من البحث في الواقع عمّا نريد، فإن تلك البيانات ستكون بلا جدوى. نحن نريد البحث عمّا نريد بسرعة وفعالية.”

في الوقت الراهن، يقول تقلا إنه ليست هناك قواعد صلبة وسريعة لتحديد كيفية تخزين البيانات على الإنترنت. ويصنف عدد قليل من المعايير ما يتم تحميله على شبكة الإنترنت. ونتيجة لذلك، لا يحصل المستخدمون على أقصى استفادة من الإنترنت، كما يرى. يمكن لمحركات البحث التي أنشأتها شركات مثل جوجل أو مايكروسوفت أن تواجه صعوبة في التمييز بين نتائج البحث المحتملة واستيعاب المفاهيم والدلالات المختلفة للكلمات.

وهذه هي الأخطاء التي يعتقد تقلا أن في الامكان حلها من خلال أفضل الممارسات العالمية.

قد لا يلاحظ مستخدمو الإنترنت المشكلة على الفور لأنهم يحصلون في النهاية على نتائج البحث التي يريدونها. ولكن وجهة نظر تقلا تتمثل في حاجة البروتوكولات للتغيير لتكون شبكة الإنترنت في الغد قادرة على مواكبة كمية البيانات المتزايدة باستمرار. ويأمل في أن يتمكن الباحثون من أمثاله من الحفاظ على النظام على شبكة الإنترنت على الأقل، بينما يحدوهم الأمل في تحسينه.

لا يتوفر تقلا على التكنولوجيا الفائقة أو قطع مثيرة للاعجاب بشكل خاص من الأجهزة في مكتبه للمساعدة في تحقيق مهمته الطموحة. ويضم مكتبه جهاز كمبيوتر محمول، وكومة من الكتب المدرسية وبعض الشخصيات المجمعة التي يحب تركيبها وقت فراغه، وهي هواية بدأ بالاهتمام بها بينما كان ينجز فترة زمالة ما بعد الدكتوراه في اليابان.

قال “أنا لا أحتاج الى مجموعة كبيرة من أجهزة الكمبيوتر. أنا فقط بحاجة إلى خادم إنترنت واتصال جيد بالإنترنت.”

جو تقلا، تصوير بنجامين بلاكيت

بعد حصوله على درجة الماجستير من الجامعة الأنطونية في مسقط رأسه بلبنان، ذهب تقلا للدراسة ونيل درجتي الماجستير والدكتوراه في جامعة بورغونيا في فرنسا قبل القيام بسلسلة من المشاريع البحثية لمرحلة ما بعد الدكتوراه في إيطاليا واليابان والبرازيل. وعاد إلى لبنان عام 2011 مع رغبة في ترتيب شبكة الإنترنت.

وكان ريتشارد شبير، الأستاذ في قسم علوم الحاسوب في جامعة باو في فرنسا، المشرف على رسالة دكتوراه تقلا. يقول شبير إنه ليس من المستغرب أن يرغب تقلا في إعادة تنظيم شبكة الإنترنت.

قال شبير “هو كذلك في كل شيء. إنه شخص مرتب. يمتلك إيديولوجيا، ليست سطحية. إنه يريد جعل العالم الرقمي أفضل.”

منذ أن ترك تقلا مختبر شبير، بقي الرجلان على اتصال وتعاون منتظم.

قال شبير “لقد كان لدي طلاب ممتازون في الماضي ولكنك لا تجدهم مثل جو في كثير من الأحيان. إنه من بين أفضل الطلاب.”

ومن بين الطرق التي يحاول تقلا استخدامها لجعل نتائج البحث على الإنترنت أقل اختلاطاً الاستعانة ببرنامج من شأنه أن يبحث في جميع الخدمات الإخبارية الالكترونية لتغطيتها لخبر عاجل، مثل نتيجة انتخابات ما. ستقدم هذه البرامج النتائج فيما يقول بأنه سيكون وسيلة أكثر وضوحاً من الطريقة التي تقوم بها الخدمات الإخبارية الحالية.

قال “تنشر العديد من الشركات الإخبارية محتوى مماثل في تراكيب أو صيغ مختلفة، لكنها تتفق مع بعضها البعض بشكل أو بآخر. وسيكون هناك بضع فقرات فريدة من نوعها من تحليلهم الخاص.”

سيقوم البرنامج الذي يقوم بتطويره بتحليل الأخبار تلقائياً، وتشخيص أجزاء التقارير عن تطورٍ ما يتفق الجميع عليه، وتقديم ذلك بطريقة متماسكة ومن ثم تتم إضافة المعلومات الفريدة من نوعها لمختلف وسائل الإعلام.

قال شبير “هدفه إعادة هيكلة شبكة الانترنت للسماح للمستخدمين بالحصول على ما يريدون بشكل أسرع وأكثر كفاءة.”

كما يعمل تقلا على ما يسمى ببحث “تحليل المشاعر”، حيث يستخدم برنامجاً لفهم مزاج مستخدمي الإنترنت استنادا إلى نشاطهم عبر الإنترنت وما ينشرونه على مواقع التواصل الاجتماعي. ومن ثم يتم استخدام هذه البيانات في الكشف عن نتائج البحث، والأنشطة عبر الإنترنت، بما في ذلك الموسيقى ذات الصلة بمزاج المستخدم.

فمن أجل أن يقوم الكمبيوتر بالإشارة إلى قطعة حزينة من الموسيقى، فإنه يحتاج أولا لمعرفة ما تبدو عليه. لذلك، يحتاج الكمبيوتر إلى البيانات، وهذا هو السبب الذي يحاول تقلا من أجله جعل قواعد بيانات الشبكة العنكبوتية أكثر تطوراً.

عندما أنهى تقلا تطوير أحد مشاريعه في مجال البرمجيات، قام بوضعه على الإنترنت بصيغة جاهزة يمكن لأي شخص تحميلها واستخدامها. وكان يأمل في أن تقوم شركات التكنولوجيا أو باحثين آخرين بأخذ عمله بهدف تنفيذه أو تحسينه.

وبينما يمكن أن يزيد هذا النهج من احتمال اعتماد عمله، فإنه يعني أيضا أنه من غير المرجح أن يستفيد منه ربحياً. قال “أنا عالم ولست رجل أعمال.”

يقول شبير حول تحويل ترميزه إلى واقع، بأن تقلا محدّد بسبب بقائه في لبنان.

سيحتاج الكثير من التعاون معه إلى أن يتم عن بعد وليس بشكل مباشر. قال شبير “ليست لديه فرص التمويل التي يمكن أن توفرها جامعة دولية، وبإمكانه بالتأكيد أن يعمل لصالح أكبر وأفضل الجامعات هناك.”

لكن البقاء في لبنان هو جزء من ما يطلق عليه شبير “أيديولوجية” تقلا.

قال “يريد أن يكون قريبا من جذوره، ونحن بحاجة إلى أشخاص مثله لإظهار أن المنطقة قادرة على القيام ببحوث من هذا القبيل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى