أخبار وتقارير

خلاف أكاديمي حول سبل علاج نقص فيتامين (د) لدى النساء العربيات

مسقط – يرى عدد متزايد من الخبراء بأن على النساء العربيات – ولاسيما الحوامل منهن – زيادة مستويات فيتامين (د) لديهن من خلال النظام الغذائي والتعرض لأشعة الشمس. ويقول بعض العلماء أيضا أن النساء بحاجة إلى النظر في تناول مكملات الفيتامينات، لكن البعض الآخر يعارض هذا بقوة، ويسلط الضوء على الآثار الجانبية للمكملات الغذائية.

قالت ختام محمد، الأستاذة في قسم القبالة في كلية التمريض في جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنية، “إن انتشار نقص فيتامين (د) في العالم العربي مرتفع جدا”. وتظهر الدراسات باستمرار أن أكثر من 70 في المئة من النساء العربيات يعانين من نقص فيتامين (د).

ويقول علاء بدوي، مستشار الصحة العامة في وزارة الصحة القطرية، “من المرجح أن تعاني النساء من الاكتئاب بسبب نقص فيتامين (د) لأنهن في بعض الأحيان يغطين اجسادهن بشكل مبالغ فيه. كما تفضل العديد من النساء هنا أيضاً الحفاظ على لون بشرة أفتح. نحن بحاجة للتحدث عن هذا في العالم العربي.”

بالإضافة إلى ذلك، يرتبط نقص فيتامين (د) بعدد من الأمراض بما في ذلك الكساح لدى الأطفال وهشاشة العظام لدى البالغين، ولا سيما النساء. كما يرتبط أيضا بأعراض مثل الإجهاد وضعف العضلات وتساقط الشعر.

ليس عدم التعرض لأشعة الشمس العامل الوحيد المسؤول عن ارتفاع نسبة نقص الفيتامين. حيث أن اتباع نظام غذائي يفتقر إلى ما يسمى بـ “الدهون الجيدة” الموجودة في البيض والأسماك والحليب سبب آخر في ذلك، فضلاً عن العوامل الوراثية.

وكانت الورقة البحثية التي نشرتها محمد عام 2016 واحدة من أولى المحاولات لدراسة نقص فيتامين (د) لدى النساء اللواتي ولدن مؤخراً. قامت محمد بقياس مستويات فيتامين (د) لدى 171 من الأمهات الجديدات في الأردن وطلبت منهن أيضا ملء استبيان. ووجدت أن 76 في المئة منهن يعانين من نقص الفيتامين وأن ذلك النقص يرتبط مع تدني مستوى التعليم، وأسلوب اللباس، وقلة التعرض لأشعة الشمس، وعدم تناول الفيتامينات، ولون البشرة الداكنة. (حيث أن النساء اللواتي يولدن بألوان بشرة داكنة يتوفرن على مستويات عالية من الميلانين، مما يساهم في خفض مستوى فيتامين د).

وخلُصت إلى “وجوب النظر في استخدام مكملات فيتامين (د) أثناء الحمل والرضاعة.”

تتفق نتائج دراسة محمد مع ما وجده باحثون آخرون.

ففي جامعة السلطان قابوس في عُمان، يبحث محمد البلوشي، الباحث المشارك في قسم علم المناعة والأحياء الدقيقة، في العوامل التي تتزامن مع مشاكل الإجهاض وقلة الخصوبة. ويقول إن النساء اللواتي واجهن أكثر من حالة إجهاض واحدة أكثر احتمالية في أن يكون لديهن نقص في فيتامين “د”. قال، “في بعض المستشفيات، أدخلوا مكملات فيتامين (د) للنساء الحوامل. نحن بحاجة إلى زيادة مستويات فيتامين (د) لدى النساء الحوامل.”

وجدت دراسة أجريت عام 2010، شملت 105 من النساء الحوامل في الإمارات العربية المتحدة، أن ثلاثة أرباعهن يعانين من نقص شديد في فيتامين (د). واقترح مؤلف الورقة البحثية أن على النساء العربيات أن يسعين على وجه السرعة في  التعرض لمزيد من أشعة الشمس وتناول مكملات فيتامين (د).

لكن هذا ليس موقفاً يتشارك فيه الجميع.

قالت جمانة صالح، الأستاذة في قسم الكيمياء الحيوية في جامعة السلطان قابوس، “لقد حصل انفجار في عدد الباحثين المهتمين بدراسة نقص فيتامين (د) في المنطقة.”

وأضافت “لكن هناك الكثير من الجدل في القول المتمثل في أن تناول المكملات الغذائية سيحل المشكلة. ليست هناك دراسات لإثبات أنها ستحسن النتائج الصحية في الواقع. الارتباط لا يثبت السببية.”

تقول صالح إن المريضة التي تدرك أنها تعاني من نقص الفيتامين وتوصى بتناول المكملات اليومية قد يكون في إمكانها أيضاً إجراء تغييرات في النظام الغذائي والتعرض لمزيد من أشعة الشمس. ويجعل هذا من الصعوبة بمكان القول بثقة أن المكملات تسبب تحسناً في مستويات الفيتامين.

وفي بحثٍ أجرته، درست صالح مستويات فيتامين (د) لدى أكثر من 300 طالبة في المرحلة الجامعية. وقد وجدت أيضاً نسبة عالية من نقص مستويات الفيتامين. قالت “لكنهن لا يأكلن بشكل صحي ولا يتعرضن للشمس في كثير من الأحيان. هنا في الخليج، الجو حار جداً لدرجة أننا نتجنب التعرض للشمس بشكل تام.”

إذا كان في الامكان المساعدة على حل المشكلة عن طريق تناول الطعام بشكل أفضل والجلوس في الشمس لفترات قصيرة في أشهر الشتاء، فليست هناك حاجة بالضرورة لإدخال حبوب الفيتامين، بحسب صالح.

تتشكك صالح في فكرة تناول مكملات الفيتامين، لاسيما بجرعات عالية. قالت “للفيتامينات العديد من التفاعلات مع المعادن المختلفة. على سبيل المثال، فإنها تزيد من مستوى الكالسيوم في الدم وهذا ليس بالأمر الجيد.”

يمكن أن يتسبّب التكلس الناتج عن ارتفاع مستويات الكالسيوم في تصلب الأوعية الدموية، مما يسهم في حدوث أمراض القلب.

قالت صالح “أنا نفسي أعاني من نقص فيتامين (د). لكن، هل ستمنع المكملات إصابتي بالأمراض في المستقبل؟ هذا أمر لم يتم إثباته بعد.”

على الرغم من حججها، فإن الأمر يتعلق بنقاش علمي من المرجح أن يستمر، سواء في المنطقة العربية أو في أماكن أخرى. فقد يجد الأطباء أن من الأسهل عليهم أن يوصوا بتناول الحبوب يومياً بدلا من إخبار الناس بضرورة التعرض للمزيد من أشعة الشمس وتغيير نظامهم الغذائي. وقد يجد الباحثون صعوبة في أن يثبتوا بشكل قاطع الصلات بين أوجه النقص في فيتامين (د) والآثار الفسيولوجية السلبية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى