أخبار وتقارير

رئيس جامعة القاهرة الجديد يدافع عن الإسلام التقدمي

القاهرة – يريد الرئيس الجديد لجامعة القاهرة لمؤسسة التعليم العالي الرائدة هذه في مصر أن تكون في طليعة جدول أعمال الرئيس عبد الفتاح السيسي.

ويبدو محمد عثمان الخشت متعاطفاً مع حملة السيسي الداعية لما يسميه الرئيس بـ “خطاب ديني جديد” من شأنه تصوير إسلام معاصر منفتح على الاختراقات العلمية ويظهر تسامحاً مع الأديان الأخرى.

قال الخشت، الذي تولى منصب رئاسة الجامعة المصرية الأكبر في البلاد، في مقابلة أجريت في آب/ أغسطس، “أعتقد أن أوروبا قد تقدمت بسبب الإصلاح الديني بالدرجة الأساسية. هناك صلة بين التقدم الاقتصادي والاجتماعي، فضلاً عن تقدم الأفكار.”

من الأمور المحورية بالنسبة لأهداف أستاذ الدين والفلسفة البالغ من العمر 53 عاماً القيام بتحوير دورات جامعة القاهرة من الحفظ عن ظهر قلب الى أسلوب يعزز التفكير النقدي. ألف الخشت 57 كتاباً والعديد من المقالات الصحفية التي جعلت منه باحثاً بارزاً في الإسلام يحبذ نهجاً متعدد التخصصات يربط إيمانه بالفكر الغربي.

قال “كان ابن الهيثم، عالم الرياضيات في القرن التاسع الميلادي، أحد من علم هنا في القاهرة أن الفرضية يجب أن تثبت من خلال التجارب. كان شخصاً مسلماً مؤسس الفكرة القائلة بأن النظريات يجب أن تستند إلى إجراءات مؤكدة أو أدلة رياضية. لكن نظرية نيوتن تدرس للمصريين دون توضيح للعلم الأساسي لها.” وأضاف “بدلاً من ذلك، يؤكد المعلمون بأن نيوتن اكتشف قانون الجاذبية نتيجة لسقوط تفاحة.”

إسلام تقدمي

يرى محمود السيد نائب العميد لشؤون التعليم والطلاب والأستاذ في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة أن هذا التفكير يحاكي رؤية السيسي لإسلام يتبنى بشكل تدريجي العلم والتكنولوجيا ويمنح مساحة من الحرية للأقلية المسيحية القبطية في البلاد.

https://www.bue.edu.eg/

قال السيد “من أهم سمات المنهج العلمي للدكتور الخشت هو تبنيه للعقلانية الناقدة كوسيلة للتفكير والبحث، حيث يجمع بين العقلانية والروحانية معا في رؤيته الفلسفية.”

لكن، وكحال الرئيس السيسي، فإن تعريف رئيس الجامعة الجديد للتقدمية لا يعني فتح المجال العام، بما في ذلك الجامعات، للتنظيم السياسي. وعليه سيبقى النشاط السياسي الحزبي بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب من المحرمات في جامعة القاهرة.

وكان مسؤولون بالجامعة قد أعلنوا الحرم الجامعي “منطقة خالية من السياسة” في اعقاب مصادمات اندلعت في كانون الثاني/ يناير 2014 بين الشرطة المصرية ومؤيدي جماعة الإخوان المسلمين وأسفرت عن مقتل طالبين.

قال الخشت “نحن نسهل إقامة ورش عمل للطلاب واستضافة المؤتمرات الأكاديمية المتعلقة بالقضايا الإقليمية والدولية. لكن لا يمكن لأية أحزاب سياسية العمل بنشاط في الحرم الجامعي.”

وللتأكيد على استمرار تنفيذ هذه السياسة، قام الخشت، وبعد أيام من توليه للمنصب، بايقاف أربعة أساتذة في قسم الكيمياء عن العمل بعد عودتهم من مؤتمر للإخوان المسلمين عقد في ألمانيا.

وكان عدد قليل من أعضاء هيئة التدريس أو الطلاب على استعداد لمناقشة قاعدة “حرم جامعي خالي من السياسة” أو “النأي عن السياسة” بمشاركة أسمائهم. لكن هاني الحسيني، أستاذ الرياضيات والعضو الذي يدعو إلى استقلال الجامعات في حركة 9 مارس، يعتقد أن الحظر غير مثمر. وكانت  حركة 9 مارس قد دعت إلى تقليل التدخل السياسي للحكومة المركزية في الجامعات.

قال الحسيني “تعتمد الإصلاحات التعليمية الحقيقية على الحرية الأكاديمية داخل الجامعة. هناك قوات أمنية تحمل أسلحة أوتوماتيكية على أبواب الجامعة. الطلاب محبطون لأنهم ممنوعون من ممارسة أي نوع من النشاط السياسي.”

التعليم لمحاربة الإرهاب 

يعتقد الخشت أن المناقشات داخل الفصول الدراسية، وليس الاحتجاجات أو النشاط السياسي الحزبي، هو مايجب أن يركز عليه الطلابه. كما يرى بأن التعليم المتعدد التخصصات بمثابة أداة في الكفاح السياسي ضد الإخوان المسلمين وشرط أساسي للتنمية في مصر.

“يتسبب نظام التعليم المغلق في نشأة الارهاب لأنه يعتمد على التحفيظ من دون فهم،” بحسب الخشت.

قال “يتسبب نظام التعليم المغلق في نشأة الارهاب لأنه يعتمد على التحفيظ من دون فهم،” في إشارة الى المدارس الابتدائية حيث يحفظ الطلاب مقاطع من القرآن مع مجال قليل للتحليل أو المناقشة.

وتتعارض رؤية الخشت، كما يعتقد مؤيدوه، مع شعار جماعة الإخوان المسلمين “اسمع وأطع”.

قال الخشت “من بين أولى الحلول لتغيير طريقة التفكير وطرق التدريس القيام بتغيير نظام الاختبار.” ففي الوقت الراهن، تعتمد العديد من الدورات بشكل كبير على اختبارات عالية المجازفة تركز على قدرة الطلاب على تذكر كميات كبيرة من المعلومات.”

يتفق العديد من الإداريين الآخرين مع الخشت. قال السيد، نائب العميد، “لكي يبقى قائدا في المجتمع المصري، ينبغي أن ينتقل التدريس والتعليم في جامعة القاهرة من الجوانب التقليدية نحو بناء المجتمعات والاقتصادات وأنماط القيادة.”

وفي حادث انتشر على نطاق واسع في كانون الثاني/ يناير، توفيت طالبة في المرحلة الثالثة بكلية الآداب بسبب قصور في القلب بعد أن أجبرها أستاذ على مغادرة امتحان نهائي بسبب رنين هاتفها المحمول.

قال الخشت “إذا كان الامتحان سيختبر القدرة على الفهم، فإن الطالب سيفهم. وإذا كان الامتحان يختبر القدرة على التحليل والمقارنة، فإن الطالب سيدرب نفسه على التحليل والمقارنة. وإذا ما كان الامتحان يختبر القدرة على التفكير النقدي، فإن الطالب سيدرس التفكير النقدي.” وأضاف “إن تعديل نظام الامتحانات أولوية.”

نصيراً للنساء

بصفته نائباً لرئيس الجامعة السابق لشؤون التعليم والطلاب، ساعد الخشت سلفه على وضع برامج لمكافحة التحرش الجنسي، وهو أول جهد من هذا النوع في جامعة مصرية حكومية. الآن، وبصفته رئيس الجامعة، يقول إنه يريد الانتقال من حماية المرأة إلى النهوض بواقعها.

وأضاف أن نسبة البطالة في صفوف النساء المصريات الحاصلات على شهادات جامعية تبلغ 56 في المئة، وأن الإحصاءات تشير إلى ضرورة تقييم أداء أعضاء هيئة التدريس بغض النظر عن الجنس.

قال الخشت “لا نحتاج الى مواجهة فكرة المضايقات فحسب، بل الى تغيير تصور الرجال في الشرق الأوسط عن النساء. يجب على الأكاديميين من الرجال أن يفهموا أن المنافسة في التدريس والبحث لا تتعلق بالذكورة أو الأنوثة بل بالفعالية والقدرة على الأداء.”

وعلى غرار سلفه، جابر جاد نصار، يلتزم الخشت أيضاً بتحويل الحرم الجامعي إلى “جامعة ذكية” مع أدوات رقمية للتعليم والبحث والتقييم على نطاق متكامل بشكل أوسع في الحياة الأكاديمية.

قال “نحن نتصدى لمقاومة التكنولوجيا الرقمية بين أعضاء هيئة التدريس الأكبر سنا. لكن دعم القطاع الخاص المطلوب لتمويل هذا الجهد لن يتحقق إلا بالتزامن مع الالتزام بأن يصبح حاضنة تكنولوجية ذات صلة بالصناعة.”

يريد الخشت تحويل جامعة القاهرة إلى ما يسمى بمركز أكاديمي من “الجيل الثالث” يرعى البحث في التقنيات المبتكرة والنمو الاقتصادي. ومن شأن ذلك أن يتناقض مع طريقة النظر إليها في الماضي –  باعتبارها مركز تدريب لموظفي الحكومة في المستقبل.

قال الخشت “نحن نريد طالباً لديه القدرة على حل المشاكل واتخاذ المبادرة بنفسه. هذا الطريق هو السبيل الوحيد لغرس هذا النوع من القادة الضروريين لإنشاء المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر التي من شأنها دفع النمو الاقتصادي.”

يعتقد الخشت أن من واجب حكومات أوروبا وأميركا الشمالية الانضمام إلى الشركات المصرية والدولية لدعم خططه للمعاهد الحاضنة في جامعة القاهرة.

وأضاف “سنغير المناهج لتعليم الطلاب كيفية الاعتماد على أنفسهم وخلق فرص عمل جديدة هنا فى مصر. إذا ما تمكنوا من خلق فرص عمل لأنفسهم، فلن يفكروا في الهجرة. وعندما تتوفر لمواطني العالم الثالث فرصا في بلدانهم، ستقل احتمالية أن يصبحوا عبء هجرة على الدول الغربية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى