أخبار وتقارير

الهولنديون يتعلمون كيفية استضافة الطلاب اللاجئين

لاهاي، هولندا – حين يحتاج وسيم محمود للإرشاد في الحياة الطلابية في أمستردام، يلجأ إلى روزا ريتكيرك، وهي طالبة هولندية في العلوم السياسية.

التقى محمود، وهو فلسطيني من سوريا يبلغ من العمر 29 عاماً، بريتكيرك، 20 عاماً، في جمعية للطلاب اللاجئين – المعروفة تحت اسمها الهولندي المختصر UAF – وهي جمعية خيرية تدعم اللاجئين في التعليم العالي.

واجه محمود مهمة شاقة حين بدأ دراسته في الماجستير في دراسات التنمية في جامعة أمستردام في أيلول/سبتمبر. قال “بما أنني طالب جديد، لم يكن لدي أي أصدقاء لأطلب منهم النصائح”.

أما بالنسبة لريتكيرك، فكان التطوّع في الجمعية فرصة رائعة لتشهد عن قرب على مشكلة عالمية.

قالت “إننا نتعلم أموراً حول السياسة والنظام الدولي، ولكن ذلك نظري جداً، لذا أردت أن أقوم بشيء تطبيقي. سيكون من الرائع لو تمكنت من جعل وسيم يشعر بأنه مرحب به في هولندا.”

أطلقت جمعية UAF مشروع اللاجئين في الحرم الجامعي منذ سنة مع منحة بقيمة 1.74 مليون دولار أميركي من اليانصيب الهولندي (Dutch Postcode Lottery). يجمع البرنامج بين الطلاب المتطوعين واللاجئين الذين يدرسون نفس الاختصاص.

تمّ جمع 300 لاجئ مع طلاب هولنديين محليين حتى الآن، وفقاً لِريمكو دي كوك، المشرف على المشروع. ويهدف هذا الأخير إلى جمع 500 ثنائي في خلال ثلاث سنوات.

https://www.bue.edu.eg/

قال دي كوك “يتعلق هذا بالنظر إلى المستقبل: مساعدة الآخرين في تعلم اللغة، والتأقلم في حرم الجامعة، ومعرفة المكان الذي يمكنهم أن يذهبوا إليه ليشربوا القهوة – وأيضاً تعريفهم على شبكة الناس الذي تعرفهم، اصطحابهم إلى نادي كرة اليد أو الذهاب إلى المدينة وتعريفهم على ما يمكنها أن تقدم لهم.”

تسعى الـUAF من خلال البرنامج إلى خفض معدّل التسرّب الجامعي المرتفع بين اللاجئين في التعليم العالي الهولندي.

وبحسب دي كوك، فإن حوالى 60 في المئة من اللاجئين، الذين ينهون البرنامج الأساسي المصمم لتحضيرهم للدراسات الأصعب يلتحقون بالجامعة. ولكن 25 في المئة من الذين يلتحقون بالجامعة يتركون الدراسة في العام الأول. لذا يعد خلق الصداقات والانخراط في المجتمع عاملان مهمان جداً.

قال “أفادنا اللاجئون أن التعرّف على طلاب هولنديين شديد الأهمية. يبدو ذلك تافه، ولكنهم بحاجة للتواصل مع أشخاص هولنديين في الحرم الجامعي ليتمكنوا من تحسين مهاراتهم اللغوية، والتعرف على الناس المحيطين بهم، وفهم ما يحصل حولهم واكتساب الثقة بالنفس التي يحتاجون إليها ليتقدموا”.

تتوقع المؤسسات الهولندية أن تزيد أعداد النازحين في الجامعات في السنوات القليلة القادمة. في العامين 2015 و2016، طلب 90 ألف شخص اللجوء إلى هولندا أو الانضمام إلى أفراد من العائلة موجودين في البلاد، وهو رقم قياسي. وكان أكثر من ثلثهم فارين من الحرب في سوريا.

نتيجة لذلك، ارتفع عدد السوريين في هولندا أربعة أضعاف منذ العام 2014، حتّى بلغ 64 ألف نسمة.

العام الماضي، 600 لاجئ فقط يدرسون في الجامعات الهولندية وفقاً للمسؤولين في مجال التربية. إلا أن الطلاب اللاجئين يبقون في البلاد حوالى أربع سنوات قبل أن يتسجلوا في الجامعة، لذا لن يُلاحظ تأثير التدفق الأخير فوراً. قدّرت الـUAF أن مجموع الطلاب اللاجئين يمكن أن يصل إلى ما بين 3000 و8500 شخص في السنتين القادمتين.

من المحتمل جداً أن يصاب الطلاب الجدد بصدمة ثقافية. فتشجع الثقافة الهولندية الأكاديمية الطلاب على التعبير عن آرائهم، وهي عادة تتناقض مع العديد من حساسيات الشرق أوسطيين.

قال محمود “إنّ الهولنديين صريحون للغاية. أما في سوريا فالناس ديبلوماسيون أكثر. ولكنني أظن أن هذا أمر جيد. يمكنك أن تفهم فوراً ما يحصل أو ما هي أسس علاقتك بالآخر. إنهم منظمون للغاية ويعتمدون بشدة على مفكّراتهم. يمكن أن يكون هذا أمراً إيجابياً كما يمكن أن يكون سلبياً.”

لوتّو رينزيما، إلى الشمال، وهبة دقاق (تصوير: سحر جاهيش،UAF)

قالت هبة دقاق، 19 عاماً، وهي لاجئة سورية وصلت إلى البلاد منذ سنتين، إنّها اضطرت إلى التأقلم حين بدأت دراستها في الصحافة في جامعة وينديسهايم للعلوم التطبيقية، في زوولي، في وقت سابق هذا العام.

وأضافت “في وطني، إذا كنتَ تنتقد أمراً، لا يمكنك أن تقول ذلك بكل بساطة. بينما هنا، عليك أن تنتقد كل شيء وأن تكون صريحاً وأن توضح رأيك جيداً.”

حصلت دقاق على المساعدة، فقد جمعتها UAF بطالبة زميلة لها في قسم الصحافة تُدعى لوتّو رينزيما، 20 عاماً، وهي في السنة الجامعية الرابعة. قالت رينزيما “أردتُ أن أساعد أحد طلاب السنة الأولى لأنني أعرف كم من الممكن أن تكون الأمور صعبة في البداية. ويساعدني هذا في التقدّم كصحافية أيضاً، لأنه يجعلني أدرك كم أن معرفتي بالعالم العربي محدودة.”

تشكّل اللغة أيضاً عائقاً أمام الطلاب اللاجئين في هولندا. فيُدرَّس العديد من المحاضرات باللغة الانكليزية، ولكن أرباب العمل يتوقعون من المتخرجين التمتع بمهارات لغوية تكفيهم على الأقل للعمل. يعاني الطلاب ليبرعوا في اللغة من دون أن يتسنى لهم الانخراط مع الطلاب المحليين.

https://www.bue.edu.eg/

قال علي قهواتي، 22 عاماً، وهو لاجئ سوري يدرس هندسة الكومبيوتر في جامعة ديلفت للتكنولوجيا، “تُعطى المحاضرات باللغة الانكليزية ولكنني أود أن أتعلم الهولندية لأنني أعيش هنا وأريد أن أجد عملاً.”

يلتقي قهواتي بانتظام بِكاسبر كروز، 20 عاماً، وهو طالب في الإدارة العامة. قال “بدأتُ ألاحظ منذ أنت تعرّفت على علي كم من السوريين يوجد في الجامعة”.

ويقول دي كوك إنّه لا يمكننا أن نعلم بعد إن كان البرنامج يخفض معدل التسرب بين الطلاب اللاجئين. ولكن الاستجابة مشجعة حتى الآن، فالعلاقات تكسر الحواجز وتبني الروابط بين فريقين كانا لينظرا لبعضهما البعض بخوف وشكوك في ظروف أخرى.

وأضاف أنه على الطلاب اللاجئين “أن يبدأوا من الصفر. ويلاحظ الطلاب الهولنديين كم هم مصممون على النجاح في حياتهم. إنهم يقدرون هذا الأمر ويتعلمون منه.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى