أخبار وتقارير

معهد الصحافة بجامعة نيويورك يقطع العلاقات مع فرع أبو ظبي

صوّت أعضاء هيئة التدريس في معهد آرثر أل. كارتر للصحافة بجامعة نيويورك على تعليق علاقة كلية الصحافة مع حرم الجامعة في أبوظبي بعد أن تم منع اثنين من الأساتذة المعينين الذين كان من المقرر أن يدرسوا هناك هذا العام من دخول الإمارات العربية المتحدة.

ففي رسالة إلى رئيس جامعة نيويورك أندرو هاميلتون في وقتٍ سابق من هذا الشهر، أعرب 17 من أعضاء هيئة التدريس عن دعمهم للأستاذين – محمد بزي، وهو أستاذ مشارك في الصحافة مولود في لبنان، وأرانغ كيشافارزيان، الأستاذ المشارك في دراسات الشرق الأوسط والمولود في إيران. وبينما لم يقدم المسؤولون الإماراتيون سبباً لرفض طلبات منح التأشيرة للرجلين، قال كلا الأستاذين إنهما يعتقدان بأنهما قد رُفضا بسبب صلتهما بالإسلام الشيعي.

وفي الرسالة الموجهة إلى الرئيس هاميلتون، كتبت كلية الصحافة أنه إذا تم رفض منح التأشيرات لأسباب دينية “أو بسبب كتابة زملائنا وبحوثهم، فإنها ستشكل تهديداً كبيراً للحرية الأكاديمية” في حرم الجامعة في أبو ظبي، والذي افتتح عام 2010.

وجاء في الرسالة أن كلية الصحافة “صوتت بالإجماع في اجتماعها الأخير على تعليق مشاركة المعهد في البرنامج الأكاديمي في أبوظبي حتى يتم حل هذه القضايا بشكل مرضٍ”. كما طالبت أيضا الرئيس هاميلتون وجامعة نيويورك إلى المحاولة لإقناع الإمارات بتغيير موقفها.

تم منع الأساتذين من الدخول قبل بداية فصل الخريف الجاري، وكتب بزي عن شكوكه في أن التمييز الديني كان السبب في مقال رأي نشر في صحيفة نيويورك تايمز في أيلول/ سبتمبر. ويضغط أعضاء هيئة التدريس بجامعة نيويورك من أجل الحصول على استجابة علنية من رؤساء الجامعة منذ ذلك الحين.

وجاءت رسالة أعضاء هيئة التدريس في كلية الصحافة لدعم بزي وكيشافارزيان، والمؤرخة في الثاني من تشرين الثاني/ نوفمبر، رداً على رسالة من هاميلتون موجهة إلى أعضاء هيئة التدريس في تشرين الأول/ أكتوبر، قال فيها الرئيس إنه “يشعر بالقلق” من جراء التطورات، لكنه لم يستطع اتخاذ إجراء آخر أكثر من البقاء “ملتزماً بعقود طويلة من روح جامعة نيويورك في المشاركة العالمية.”

لم يتم التعبير علناً عن عن المعتقدات الدينية الشخصية لبزي وكيشافارزيان، لكن الإسلام الشيعي يهيمن على كلٍ من لبنان وإيران. وكما هو حال معظم شبه الجزيرة العربية، فإن الإمارات العربية المتحدة تعتبر دولة ذات أغلبية سُنية.

قال كريستوفر دافيدسون، الأستاذ المشارك لسياسات الشرق الأوسط في كلية الشؤون الحكومية والدولية في جامعة دورهام في المملكة المتحدة، “لقد كانت مسألة وقت فحسب أن يحدث شيء من هذا القبيل. ربما كان من الممكن تجنبها لو أن جامعة نيويورك قد بذلت العناية الواجبة وتذكرت بأن الإمارات العربية المتحدة ليست دولة قانونية وعقلانية.”

وبحسب أندريا ديسي، الباحثة في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية، فإن الجامعات التي تديرها جامعات أجنبية في منطقة الخليج لا تتمتع بنفس مستويات الحرية الأكاديمية كما هو حال الجامعة الأميركية في القاهرة أو الجامعة الأميركية في بيروت.

قالت ديسي “من الصعب جداً على هذه الجامعات أن توظف محاضرين يتحدثون في الفصول الدراسية عن مواضيع حساسة سواء أكانت تتعلق بالسياسة الاقليمية أو حرية الصحافة أو حظر السفر الأميركي أو مواضيع أخرى مماثلة. في أنحاء أخرى من العالم، يمكن للأساتذة أن يفخروا في كونهم استفزازيين أو مثيرين للجدل، لكنها ليست الحالة المناسبة في تلك المنطقة، وقد أصبحت الأمور أكثر حساسية في أعقاب الربيع العربي.”

في حين أن جامعة نيويورك تدير واحدة من أرفع الجامعات في المنطقة، إلا إنها ليست الوحيدة. حيث تدير مؤسسات أميركية مثل جامعة بوسطن وجامعة كارنيجي ميلون وجامعة كورنيل وجامعة جورج تاون وجامعة هارفارد وجامعة جونز هوبكينز ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وجامعة تكساس أي آند إم فروعاً في منطقة الخليج، على الرغم من أن جامعتي ولاية ميشيغان وجورج ماسون قد قلصتا من تواجدهما هناك في السنوات الأخيرة. وتشمل الجامعات الأوروبية في المنطقة كلية لندن للأعمال وجامعة باريس-السوربون الفرنسية.

قال نيما نوري، عالم الاجتماع في جامعة ويست جورجيا في الولايات المتحدة، والذي عمل في الإمارات العربية المتحدة في الفترة من 2005 وحتى 2008، إن أساتذة الفروع الجامعية التابعة للجامعات المؤسسة أكثر عرضة للتوقيف عند الحدود مقارنة بأولئك الذين يعملون في مؤسسات مستقلة وقائمة بذاتها مثل الجامعة الأميركية في دبي أو الجامعة الأميركية في الشارقة، وتقع كل واحدة منهما في إمارة مختلفة من بين الإمارات السبع في دولة الإمارات العربية المتحدة.

قال نوري، وهو مولود لأب إيراني، “بوجود جامعة أجنبية مستقرة مثل جامعة نيويورك، لا يمكن للبلد أن يفعل شيئاً بخصوص تعيين أيّ من الأساتذة. يمكن أن يبدو عملاً غير مناسب، كما هو الحال هنا، لكن رفض منح التأشيرة يعتبر في كثير من الأحيان الأداة الوحيدة التي تمتلكها البلاد لوضع بعض القيود على الحرية الأكاديمية. بإمكانهم رفض منح تأشيرة الدخول أو اصدار تأشيرة قصيرة الأجل فقط، وهذا ما يمنح الحكومة قدرا من السيطرة.”

وقال بزي في مقالته في صحيفة التايمز إنه تعرض للتمييز خلال فترة تدريسه السابقة في الإمارات في عامي 2012 و2013، على الرغم من أنه لم يمنع من دخول البلاد في ذلك الوقت.

وأضاف بزي بأن المسؤولين في جامعة نيويورك كانوا قلقين في حينها من أن طلب الحصول على تأشيرة دخول سيتم رفضه لأسباب دينية. كتب “لقد وجدوا طريقة للالتفاف على ذلك عن طريق إرسالي على تأشيرة سياحية ووصفهم لي بأنني “مستشار”. وعلى العكس من تأشيرات العمل، تقدم وكيشافارزيان هذا العام للحصول على تأشيرات سياحية لأنها لا تتطلب من مقدمي الطلبات الإشارة إلى خلفيتهم الدينية.

ويستمر بزي في مقاله بانتقاد جامعة نيويورك لقبولها ممارسات الإمارات التمييزية.

كتب “إذا واصلت جامعة نيويورك قبول هِبات أبوظبي، فإنها تحتاج إلى الاعتراف بالقيود التي تفرضها سياسات الإمارات الأمنية والخارجية على الحرية الأكاديمية.”

قال هاميلتون في رده على رسالة أعضاء هيئة التدريس في كلية الصحافة إن رفض منح التأشيرات “مصدر قلقٍ عميق” لكنه قال بأنه يعتقد أن الدعوة إلى الانسحاب من حرم الجامعة في أبو ظبي أمرٌ “في غير محله” لأن القيام بذلك من شأنه أن يعاقب الطلاب وأعضاء هيئة التدريس هناك.

لم تستجب جامعة نيويورك على الفور على طلبات التعليق على هذه المقالة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى