أخبار وتقارير

بعد مقاطعتها: قطر تبحث عن شراكات بحثية جديدة

الدوحة، قطر – عندما قطعت السعودية والإمارات والبحرين ومصر علاقاتها الديبلوماسية والتجارية ورحلاتها الجوية مع قطر في حزيران/يونيو الماضي، متهمةً إياها بدعم مجموعات إرهابية، لم يكن الحليب السعودي السلعة الوحيدة التي اختفت من الأسواق هنا. إذ تستورد قطر 90 في المئة من مستلزماتها الغذائية، من بينها 40 في المئة كانت تأتي عبر حدودها البرية الوحيدة مع السعودية.

وأمام خطر العزل والنقص في المواد الغذائية، قامت قطر على الفور بتنويع علاقاتها التجارية، فأنشأت علاقات مع دول مثل تركيا والكويت وسلطنة عُمان. انعكس هذا التقارب السياسي والاقتصادي أيضاً في اتفاقات تعاون بحثي بين قطر وشركائها الجدد.

في تشرين الأول/أكتوبر، قام الصندوق القطري لرعاية البحث العلمي بالتعاون مع المجلس التركي للبحوث المعروف تحت اسم “توبيتاك” بتمويل برنامج لتعزيز الأمن الالكتروني في كلا البلدين.

وصف حمد الإبراهيم، وهو نائب الرئيس التنفيذي لقطاع البحوث والتطوير في مؤسسة قطر، هذا الاتفاق بأنه نتاج لـ”ديبلوماسية العلوم”. قال “يتخطّى هذا الحدث آفاق المشاريع البحثية، فهو يتناول الأمن الالكتروني من حيث السياسية، والبنى التحتية، والوعي العام.”

في السنوات الأخيرة، ازداد تهديد الجرائم الالكترونية في دول الخليج العربي حيث قدّر مؤتمر نظام التحكم الصناعي (ICS) حول الأمن الالكتروني كلفة الهجمات الالكترونية في منطقة الخليج بالمليار دولار سنوياً. في قطر، زادت الجرائم الالكترونية بنسبة 52 في المئة عام 2015 وفقاً لتصريح من محافظ مصرف قطر المركزي، الشيخ عبد الله بن سعود آل ثاني.

كما ساهم اختراق لموقع وكالة الأنباء القطرية في أيار/مايو الماضي بإشعال الخلاف السياسي بين قطر والدول المجاورة، مسلطاً الضوء أكثر على ضرورة تدعيم البلاد ضد الجرائم الالكترونية.

ويتبع التعاون القطري التركي نموذجاً يُدعى 2+2 يربط باحثين أكاديميين وصناعيين من بلدين مختلفين بهدف مواجهة الأبعاد المتعددة للتحديات الالكترونية بشكل أفضل. وغالباً ما تكون هذه الروابط بين التطبيقات البحثية والصناعية غير موجودة في الدول العربية. ويعتبر مُرات ياسيلتاس، مدير الدراسات الأمنية في مؤسسة البحث السياسي والاقتصادي والاجتماعي في تركيا، أن العلاقة البحثية بين البلدين هي استراتيجية وليست ردة فعل على الأزمة الديبلوماسية الحالية.

قال “تريد تركيا أن تطوّر إمكانيتها في مجال البحث العلمي، ولدى قطر القدرة الاقتصادية لذلك. يمكن للبلدين أن يكمّلا بعضهما في تحسين البحث العلمي، لا سيما في مجال الحماية”.

كما اتقف البلدان في آب/أغسطس على تبادل الخبرات التقنية ونتائج البحث العلمي في مجالي الزراعة والماشية.

مشاريع مع سلطنة عُمان والكويت

وقعت قطر مؤخراً اتفاقات تعاون أخرى متعلقة بابتكار تقنيات جديدة وتسويقها مع مؤسسات بحثية في عُمان والكويت. إذ  بقيت سلطنة عُمان حيادية في الخلاف المتواصل، ويحاول الكويت لعب دور الوسيط بين قطر وخصومها.

قال عبد الله محمد الغيلاني، نائب عميد في كلية عُمان الطبية، “لولا المعارضة العُمانية والكويتية لكان الحصار قد سبب المزيد من الضغط والعزل لقطر. وأعتقد أن قطر تقدّر ذلك، وهذا ما ينعكس في برامج التعاون في المجالات الاقتصادية والبحثية وغيرها.”

وتابع الغيلاني قائلاً إن الانسجام بين قطر وعُمان ليس بجديد. إذ لدى البلدين أسس مشتركة في علاقاتهما مع السعودية. فلطالما اعتبر السعوديون سياسة قطر الخارجية ثوريةً، واعترضت عُمان على وجهات النظر السعودية حول إيران وسوريا واليمن.

ويبقى السؤال مطروحاً حول ما إذا كانت اتفاقات التعاون الجديدة هذه ستصمد أمام الوضع السياسي المتغيّر في المنطقة الذي بإمكانه أن يحطم الجهود البحثية ويُعلّق المشاريع المشتركة في إشعار عاجل. إذ توقف مشروع بحثي يتضمن علماء من السعودية وقطر لتوثيق تركيز اللدائن الدقيقة في مياه بحر الخليج العربي نتيجةً للخلاف الديبلوماسي بين البلدين.

يعتقد الغيلاني أن هذه الهشاشة متأصلة في الطبيعة الذاتية للسياسات العربية. قال “تؤدي الطبيعة الذاتية لبنيات القوى في منطقة الخليج إلى قرارات ذاتية متأثرة باندفاعات ذاتية عوضاً عن حوافز موضوعية. لذلك فإن أي تغيّر في العلاقات السياسية يؤثر في مجالات أخرى بما فيها اتفاقات التعاون البحثية.”

حالياً، يبدو أن قطر تعلّمت الدرس حيث تختار تعزيز نظام اختراعاتها وتنويع اتفاقات التعاون البحثية للتصدي لضعف وضعها كدولة الصغيرة أمام الاضطرابات المتكررة في العلاقات السياسية في المنطقة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى