أخبار وتقارير

كتاب أردني يحذر من نقص الوعي السياسي داخل الجامعات

عمان، الأردن- يلعب غياب ثقة إدارة الجامعات بطلابها وغياب ثقة الطلاب بالحكومة دوراً أساسياً في تراجع تنمية الوعي السياسيّ في الجامعات الأردنية بما يؤثر سلباً على تطوير العملية التعليمية، بحسب ما يقول حسين العموش، الباحث والأستاذ الأكاديمي في الجامعة الهاشمية في كتابه الجديد “تنمية الوعي السياسي في الجامعات”.

قال العموش “يتسبب تدني مستوى الوعي السياسي لدى الطلاب في تحول الجامعات من مكان للنقاش وتبادل الأفكار والبحث العلمي، والتأسيس لمجتمع فكري وثقافي وعلمي، إلى مكان للعنف والتمترس خلف هويات فرعية قاتلة، وبيئة للاستقطاب المناطقي والعشائري.”

ويعتقد الباحث، الحاصل على دكتوراه في فلسفة التربية، أن “التنشئة السياسية نمطاً من أنماط التربية”، ولأن الجامعة لها دور محوري في هذه التربية من خلال تغيير شكل المجتمع الذي توجد فيه، يقول العموش في الوحدة الأولى من الكتاب الصادر عن دار وائل للنشر والتوزيع في عمّان “الأطر النظرية والفكريّة للوعي السياسي”إن الفراغ السياسيّ عند الطلاب يدفع للخروج على القانون والميل للعنف ويهدد العملية التعليمية.” (اقرأ القصة ذات صلة: عندما يكون الخيار بين الدراسة في الجامعة أو الانضمام لداعش!)

وبالرغم من تصريحات الملك عبد الله الثاني والمسؤولين الحكوميين والتي تدعو طلاب الجامعات للانخراط في العملية السياسيّة، إلا أن كتاب العموش والعديد من الطلاب يقولون إن هناك تبايناً بين ما يُعلن عنه من قبل الجامعات والحكومات الأردنية من ضرورة تنمية الوعي السياسي لدى طلاب الجامعات ومشاركتهم في العمل السياسي، وبين ما يجري على أرض الواقع. إذ ازادت وتيرة العقوبات الجامعية بحق الطلاب الذين يمارسون نشاطاً سياسياً أو مطلبياً بشكل ملحوظ خلال العاميين الماضيين. (اقرأ القصة ذات الصلة: جامعات أردنية تلجم حراك طلابها بفصل قادتهم). في المقابل، عانت الجامعات الأردنية كثيراً من ارتفاع أحداث العنف بداخلها على مدى السنوات الخمس الماضية(اقرأ القصة ذات الصلة: العنف القبلي يهدد الجامعات الأردنية الرسمية).

بالتزامن مع إطلاق كتاب العموش، دعت الجامعة الأردنيّة في 28تشرين الثاني/نوفمبر 6 طلاب للخضوع للتحقيق أمام شؤون الطلاب على خلفية مشاركتهم في اعتصام داخل الحرم الجامعي رفضاً للتطبيع مع إسرائيل.

وبحسب علاء حجّة، طالب الهندسة المدنية في الجامعة وأحد الطلاب المطلوبين للتحقيق، فإن من جرى إدراج اسمه كمطلوب للتحقيق هم المنظمون للفعالية السياسية في الجامعة.

قال “أَلغى العميد لجنة التحقيق، وطلبنا لاجتماع، أبلغنا فيه ضرورة أخذ الموافقة على أيّ فعالية نعتزم القيام بها مستقبلاً، لكن في الواقع لم يحدث أن وافقت الجامعة على إقامة أي فعالية سياسية أو حتى مطلبية تتعلق بمطالبات للطلاب. لذا فإن كل ما يجري من فعاليات داخل الجامعة يتم دائماً بدون إذن.”

بدورها تبدي براءة ابو محفوظ، طالبة في السنة الأخيرة في كلية الإعلام في جامعة اليرموك، خوفها عقب كل مشاركة لها في أي نشاط سياسي داخل الجامعة. قالت “أشعر وكأنني أقوم بعمل خارج عن القانون، خاصة مع استدعاء الطلاب المشاركين بأي نشاط للتحقيق بعد أي فعالية. نحن بحاجة للتعبير عن مواقفنا السياسية دون خوف.”

يقدم المؤلف، في الوحدة الخامسة من الكتاب، تصوراً لتطوير دور الجامعات الأردنية في تنمية الوعي السياسي لدى طلابها. قال “هناك حل أكاديمي يتمثل في تطوير المساقات الدراسيّة التي تتناول قضايا سياسيّة، من حيث العدد والمحتوى لتشجيع وتطوير الوعي السياسي”.

يتضمن الاقتراح تدريس عدة مساقات خلال سنوات دراسة البكالوريوس تشمل تطورات العصر، خاصة ما جرى من تحركات شعبيّة في الربيع العربي مع التركيز على الثقافة الوطنية بمعناها المطلق لا التركيز على إنجازات الأشخاص، بالإضافة إلى زيادة المساقات الاختيارية التي تتناول قضايا سياسية مثل مساقات: العلوم السياسية والاجتماعية، والتاريخ السياسي، والقانون السياسي، وحقوق الإنسان. كما يقترح العموش نقل الجامعة للفكر السياسي من المجتمع عبر عقد المؤتمرات والندوات والأنشطة المفتوحة أمام كل الشعب بكل أطيافه ودون تحيز بما يعزز تواصل الجامعة مع محيطها الخارجي (المجتمع).

لكن بعض الطلاب لا يعتقدون أن اقتراحات العموش عملية بشكل كاف.

إذ تعتقد أبو محفوظ أن المسألة لا تتعلّق بكثرة المساقات التي تناقش مسائل سياسية، إنمّا كيف يتم مناقشة مواضيع هذه المساقات.

قالت “أغلب مساقاتي في كلية الإعلام تتناول قضايا سياسية بطريقة أو بأخرى”(…) وهناك مساقات اختيارية لطلبة الجامعة، مثل العلوم العسكرية والتربية الوطنية، تتناول قضايا سياسية، لكن الأستاذ يؤطر النقاشات بمفاهميه الخاصة. في حين أن أساتذة آخرين يخافون أصلاً من مناقشة قضايا سياسية مع طلابهم.”

يتفق حسين الخزاعي، أستاذ علم الاجتماع في الجامعة الأردنيّة، مع ما تقوله أبو محفوظ حول أهمية رفع الوعي السياسي عند الأساتذة كخطوة أساسية لتنمية وعي الطلاب.

https://www.bue.edu.eg/

قال “ما الذي سيستفيد منه الطالب مع مقررات تطرح قضايا سياسية دون وجود أستاذ يحمل وعياً سياسياً قادر على إيصال المعلومة وإثارة نقاش حولها؟”

يُرجع الخزاعي غياب وعي الأساتذة الجامعيين السياسي إلى عدة أسباب منها “الخوف على الوظيفة والملاحقة الأمنيّة أو المسائلة من إدارة الجامعة.”

لاينفي العموش أهمية تأهيل أعضاء هيئة التدريس لرفع الوعي السياسي لدى الطلاب. قال “من الضروري منح ضمانات لعضو هيئة التدريس لطرح القضايا السياسية بكل حرية، بالإضافة دعم البحث العلمي الذي يتناول القضايا السياسية، هذا أمر أساسي.”

ما توصل إليه العموش من نقص الوعي السياسي لدى الطلاب والأساتذة ليس بجديد، إذ سبق وأن توصلت دراسة أنجزها مركزالأبحاث الاستراتيجي التابع للجامعة الأردنية لنفس النتائج. مع ذلك، مازالت الجامعات في الأردن تتبع نفس السياسيات التضييقية على أي نشاط طلابي مما يدفع بالكثيرين للابتعاد عن ممارسة أي نشاط داخل الجامعة والانتهاء من دراستهم سريعاً ودون أي مشكلات محتملة.

قالت أسيل الفساطلة، المتخرجة حديثاً من كلية الإعلام في جامعة اليرموك الحكومية، “لم أشارك يوماً بأي نشاط سياسي داخل الجامعة أو خارجها رغم متابعتي الدائمة لكافة الأحداث السياسيّة في بلدي والمنطقة لخوفي من الزجّ بنا كطلاب تصنيفات سياسية قد تسئ لنا وخاصة وأنني طالبة إعلام.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى