أخبار وتقارير

عقبات في وجه تعليم الصوماليين العائدين من كينيا

هذا التقرير واحد من سلسلة قصص تركز على قضايا تعليم اللاجئين الصوماليين في كينيا.

مخيم داداب للاجئين، كينيا – بينما كان الطلاب في نظام التعليم الكيني قد جلسوا هذا العام لأداء الاختبارات اللازمة للتقدم إلى الدرجات العليا أو التخرج والحصول على شهادة الثانوية العامة، لم يتمكن الآلاف من اللاجئين الصوماليين من المشاركة، على الرغم من كونهم قد أخذوا الدروس أيضاً ودرسوا بجد.

قال محمد صوالح “تحطمت أحلامي الآن. ليس لدي مستقبل في الوقت الراهن.”

تحدث صوالح، البالغ من العمر 20 عاماً، هاتفياً من بيدوا وهي بلدة فى جنوب غرب الصومال حيث استقر في وقت سابق من هذا العام بعد أن عاش في كينيا لمدة 17 عاماً.

يعتبر صوالح واحداً من مئات الطلاب الصوماليين الذين غادروا كينيا خلال العامين الماضيين وسط دعوات من الزعماء الكينيين لإغلاق مخيم داداب، وهي مجموعة من مستوطنات للاجئين يسكنها حوالي 240,000 نسمة حتى خريف هذا العام. وكان المجمع يعتبر حتى وقت قريب أكبر مخيم للاجئين في العالم يضم أكثر من 300,000 لاجئ، فرّ معظمهم من الفقر والصراع في الصومال، حيث اندلعت الحرب الأهلية في مطلع تسعينيات القرن الماضي. وينظر العديد من الكينيين إلى هذا المخيم على اعتباره أرضاً خصبة لحركة الشباب، وهي جماعة إرهابية مرتبطة بتنظيم القاعدة مسؤولة عن هجمات في جميع أنحاء شرق أفريقيا.

بعودته الى الصومال الآن، قال صوالح إنه يمكن أن يعود إلى كينيا متسللاً عبر الحدود التى يسهل اختراقها مع الصومال، بيد أن المسؤولين الكينيين علقوا تسجيل لاجئين جدد لاجراء الامتحانات. قال “وعدونا بأن بامكان الطلاب العودة والجلوس لأداء الامتحانات. لكن ذلك لم يحدث، نحن قلقون الآن.”

وصوالح من بين الملايين من الشباب في جميع أنحاء العالم الذين توقف تعليمهم بسبب الصراع والنزوح، حتى بعد أن يعودون إلى ديارهم. وكانت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد ذكرت في وقت سابق من هذا العام أن أكثر من 3.5 مليون لاجئ في سن الدراسة لم يلتحقوا بالمدارس على الإطلاق في عام 2016، ويواجه العديد غيرهم صعوبات عندما يحاولون استئناف تعليمهم عند عودتهم إلى أوطانهم التي مزقتها الحروب. (اقرأ المقال ذو الصلة: تقرير: نصف الأطفال اللاجئين خارج المدارس.)

طلاب لاجئون في مدرسة ھاجاديرا الثانویة الموجودة في مخیم داداب للاجئین الامتحانات النھائیة الابتدائیة والثانویة.

منذ كانون الأول/ ديسمبر 2014، عاد ما يقرب من 74,000 لاجئ إلى الصومال، وفقاً للأمم المتحدة. وقد توسطت وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى اتفاق بين حكومتي كينيا والصومال عام 2013 من أجل عودة المزيد من اللاجئين الى الصومال على مدى السنوات القليلة القادمة، ووضعت اطاراً يؤكد على وجوب أن تكون عمليات العودة طوعية.

وفي تقرير صدر العام الماضي، تساءلت هيومن رايتس ووتش عمّا إذا كان اللاجئون الصوماليون يغادرون كينيا طوعاً حقاً. وقال العديد من أولئك الذين التقت بهم المنظمة الإنسانية في مخيمات داداب إنهم وافقوا على العودة إلى ديارهم خشية أن تجبرهم كينيا على الخروج منها إذا ما أصروا على البقاء. وقالت المفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، رداً على ذلك، إنها تتشاطر مع المنظمة في بعض المخاوف التي أثيرت في التقرير وأنها ستواصل العمل مع الحكومة الكينية لضمان احترام حقوق اللاجئين.

يقول الاتحاد اللوثري العالمي، الذي يشرف على معظم أنشطة التعليم فى داداب، إن العديد من الاطفال في سن الدراسة لم يتمكنوا من اكمال دراستهم بسبب عمليات إعادة اللاجئين الى وطنهم.

قال لينارت هرناندر، ممثل الاتحاد في كينيا، “يخسر العديد من الطلاب امتحاناتهم النهائية للدراسة الابتدائية والثانوية بعد قضائهم عدة سنوات من التعليم. إن تأثير ذلك جسيم. حيث يعود العديد من الطلاب إلى الصومال مع ذويهم. وهذا يؤثر على معنويات الطلاب المتبقين في المخيم.”

يعرب المعلمون في المخيم عن قلقهم أزاء ذلك. قال يوجين أوكيلو، كبير المدرسين في مدرسة نسيب الثانوية، وهي مدرسة تديرها وكالة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، “عبّر معظم الطلاب الذين تغيبوا عن الامتحانات في عام 2016 عن رغبتهم في العودة إلى الصومال مع أسرهم. إنه أمرٌ محزن.”

تغيّب ما لا يقل عن 145 من بين 1148 طالب مؤهل لنيل شهادة الثانوية العامة عن امتحاناتهم العام الماضي، بحسب الاتحاد اللوثري العالمي والامم المتحدة. وتعمل المجموعتين حالياً على حساب عدد أولئك الذين تغيبوا عن امتحانات هذا العام في تشرين الثاني/ نوفمبر.

قال أوكيلو “إن مستقبل هؤلاء الطلاب الذين ضيعوا الامتحانات غير مؤكد لأنهم لن يتمكنوا من الحصول على التعليم في الصومال بسبب الوضع الأمني الحالي.” مضيفاً أن خمسة من تلاميذه قد خسروا الامتحان هذا العام “اعتقد أنهم كانوا سيحققون احلامهم من هنا لو أنهم بقوا.”

يرى هيرناندر أن تفويت الامتحانات والصراع المستمر في الصومال ليسا سوى جزء من المشكلة. وبسبب امتلاك الصومال وكينيا لمناهج دراسية مختلفة، لا يمتلك اللاجئون العائدون سوى أمل ضئيل في الحصول على الشهادة في وطنهم، خاصة وأن معظم أولياء الأمور لا يستطيعون دفع الرسوم المدرسية.

نصرة محمد، على اليمين، مع طالبات صوماليات لاجئات في مخيم داداب للاجئين قبل الامتحانات الوطنية الكينية.

كما أن التعليم الجامعي لا يزال بعيداً عن متناول معظم الأسر، ولا تزال العديد من المؤسسات تحاول التعافي من آثار عقدين من الحرب. (اقرأ المقالة ذو الصلة: تقسيم الصومال يصيب التعليم بالشلل).

تحاول كينيا خفض عدد اللاجئين الذين تستضيفهم منذ سنوات. وأصدرت مطالبة للأمم المتحدة بإغلاق مخيم داداب بعد أن قام مسلحون من حركة الشباب بمهاجمة كلية جامعة غاريسا في نيسان/ أبريل 2015، مما أدى إلى مقتل 148 طالباً.

لكن بعض اللاجئين تعهدوا بالبقاء في المخيم وإنهاء امتحاناتهم ودراستهم قبل أن يعودوا إلى الصومال أو الذهاب إلى بلدان أخرى قد تقبلهم.

قالت نصرة محمد، 16 عاماً، “سأكون سعيدة عندما أحصل على شهادتي في النهاية. سأبقى في كينيا حتى أتمكن من الالتحاق بالمدرسة الثانوية. إذا ما عدت إلى الصومال، فهذا يعني أنني لن أستمر في دراستي لأن نظام التعليم هناك ليس مجانياً.”

يعتبر مخيم داداب، الذي يضم سبع مدارس ثانوية وعدة مدارس ابتدائية، ملاذاً للاجئين الصوماليين الباحثين عن التعليم في الخارج. وقد تلقى العديد من الشباب منح للدراسة في جامعات كندية وجامعات أجنبية أخرى، بحسب المعلمين والطلاب وغيرهم.

دفعت هذه النجاحات بعض الطلاب الذين عادوا إلى الصومال إلى الشعور بالأسف على اتخاذهم قرار العودة.

كان من المفترض أن يجلس بشير عبد الله، الذي عاد إلى بلده في تموز/ يوليو، لأداء الامتحانات النهائية للدراسة الثانوية هذا العام. يقول إن مسؤولي الأمم المتحدة قالوا أن باستطاعته العودة الى كينيا، لكن المسؤولين الكينين لن يسمحوا له بالعودة.

يخشى عبد الله، 22 عاماً، من أن يتعرض للضغط لينضم إلى حركة الشباب أو جماعة مسلحة أخرى إذا ما بقي عاطلاً عن العمل في الصومال.

وقال في اتصال هاتفي من بيدوا، “أنا نادم على العودة. كان لي مستقبل مشرق أثناء تواجدي في مخيم داداب. كان هناك تعليم مجاني في داداب وفرص منح للدراسة في الخارج. لكن في الصومال سنضطر للانضمام الى حركة الشباب لأنها الخيار الوحيد المتاح هنا.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى