أخبار وتقارير

برنامج أميركي يعيد اللاجئين إلى مقاعد الدراسة

أثينا – تخلى جنيد بالوش،21  عاماً، عن حلمه في دراسة العلوم السياسية عندما غادر باكستان قبل عامين.

لكن بالوش واللاجئين الآخرين من جنوب آسيا والشرق الأوسط وشمال أفريقيا يحضرون دورات جديدة اليوم هنا في ديري Deree – الكلية الأميركية لليونان على أمل الحصول على شهادة يوماً ما.

قال بالوش “عندما جئت الى هذا المبنى في يوم التوجيه، شعرت بأنني قد وجدت نفسي مرة أخرى.”

فر بالوش من باكستان بعد أن اختطف الجيش صديقاً له كان قد نظم اجتماعات طلابية للمطالبة بتحسينات في جامعة بلوشستان. وكان بالوش قد نظم تلك الاجتماعات هو الآخر، وبالتالي كان يخشى أن يكون هو أيضاً هدفاً للاعتقال.

اليوم، يأخذ بالوش دورة بعنوان “اللغة الإنجليزية للأغراض الأكاديمية” في ديري ضمن برنامج ممول من السفارة الأميركية في اليونان.

يقدم البرنامج المسمى “التعليم يوحدنا: من المخيم إلى الحرم الجامعي” 200 منحة دراسية للاجئين حتى يتمكنوا من حضور الفصول الدراسية في إحدى الكليات الثلاث التابعة للولايات المتحدة في أثينا وثيسالونيكي.

قالت كاثلين ماكدونيل، وهي مستشارة تقدم المشورة للطلاب في البرنامج في ديري – الكلية الأميركية لليونان، “يسمح برنامج التعليم يوحدنا للاجئين وللمرة الأولى بالعودة إلى الحلم الذي اضطروا لإيقافه بينما كانوا يحاولون النجاة في السنوات الأخيرة.”

جنيد بالوش،21 عاماً، في ديري ضمن برنامج ممول من السفارة الأميركية في اليونان. تصوير: نيكوليا أبوستولو

جاءت ماكدونيل، وهي مديرة مدرسة ثانوية متقاعدة من بنسلفانيا، إلى اليونان كمتطوعة إنسانية في عام 2015 عندما وصلت أزمة اللاجئين إلى ذروتها. وأفادت وكالة الأمم المتحدة للاجئين في أوائل عام 2016 بأن أكثر من مليون شخص – معظمهم من اللاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان – كانوا قد وصلوا إلى اليونان منذ بداية العام الماضي.

شهدت أعداد اللاجئين القادمين إلى اليونان انخفاضاً كبيراً منذ ذلك الحين، لكن التدفق مستمر. ففي العام الماضي، وصل 35,200 شخص، بحسب الإحصاءات الصادرة عن وكالة اللاجئين. ويعيش حوالي 50,000 لاجئ في اليونان الآن. وقد حصل العديد منهم على حق اللجوء مثل بالوش.

قالت ماكدونيل “إنهم يفكرون الآن في ما يريدون القيام به في حياتهم. إنها المرة الأولى التي لا يُنظر فيها إليهم على أنهم لاجئين وأن لهم هوية. إنهم طلاب، ولا يجب أن يصبحوا جميعاً نادلين.”

سيحصل جميع الطلاب في البرنامج على شهادات يمكن أن تساعدهم على حضور جامعة أوروبية أو أميركية في المستقبل، لكن البرنامج لا يضمن النجاح الأكاديمي.

يأخذ حوالي 10 في المئة فقط من طلاب برنامج التعليم يوحدنا دورات ذات وحدات دراسية يمكن احتسابها في الكلية، بينما يأخذ الباقون دورات تحضيرية في اللغة الإنجليزية. يتوجب على الجميع التقديم إلى الجامعات من خلال القنوات العادية. لكن، وبما أن المدارس الثلاث التابعة للولايات المتحدة تدرّس باللغة الإنجليزية، فإن البرنامج يحضر الطلاب للتقديم على الأقل.

لا تعتبر البدائل التعليمية للاجئين في الجامعات الحكومية في اليونان أفضل حالاً. إذ يعتبر وصول اللاجئين إلى التعليم العالي في اليونان محدوداً بسبب البيروقراطية ونقص المعلمين لتعليم اللغة اليونانية كلغة ثانية وعدم وجود منح دراسية حكومية لغير المواطنين وافتراض العديد من اللاجئين بأنهم لن يبقوا طويلا في اليونان على أية حال، مما يتسبب في تأخر الآلاف من الأطفال والشباب في التعليم.

لم يحصل سوى 24 في المئة من بين أكثر من 20,000 من اللاجئين والمهاجرين الذين تقل أعمارهم عن 18 عام في اليونان على تعليم رسمي، بحسب آخر تقرير متاح من وكالة الأمم المتحدة للاجئين.

ودعا الخبراء إلى توفير تعليم ثانوي أفضل للاجئين الشباب حتى يكونوا مستعدين بشكل أفضل للتعليم العالي.

مؤخراً، وجدت اللجنة العلمية لدعم الأطفال اللاجئين، وهي هيئة استشارية لوزارة التعليم اليونانية تتألف من أساتذة جامعيين، بأن المعلمين المعينين لتعليم اللغة اليونانية للاجئين تلقوا تدريباً ضئيلاً، مما أدى في كثير من الأحيان إلى أن يُصاب الطلاب بخيبة أمل ويتسربوا من الدورات. كما أن الحكومة كثيراً ما تنقل اللاجئين من مسكن إلى آخر في منطقة مختلفة، وغالباً ما يتم نقل الطلاب قبل أن يتمكنوا من التركيز على دراستهم.

مع ذلك، فإن الجهود اليونانية الأخيرة لاستيعاب الآلاف من اللاجئين الشباب في المدارس المحلية كانت ناجحة على العموم، بحسب أعضاء اللجنة.

قالت الكسندرا أندروسو، أستاذة التربية في جامعة أثينا ونائبة رئيس اللجنة الاستشارية، “على الرغم من كل المشاكل، فقد حققنا هدفنا الرئيسي في جعل التعليم الثانوي متاحاً لجميع اللاجئين. لدينا طريق طويل لنقطعه من حيث أهدافنا التعليمية، لكننا نعطي الفرصة للاجئين لاختيار ما يريدون القيام به.”

طلاب لاجئون في الفصل الدراسي لتعلم اللغة الإنكليزية. تصوير: نيكوليا أبوستولو

تعتقد أندروسو بأن المزيد من اللاجئين سيتواجدون فى حرم الجامعات اليونانية في غضون ثلاث سنوات عندما يبدأ اللاجئون الأصغر سناً الذين يتمتعون بميزة تعلم اللغة اليونانية في وقت مبكر بالالتحاق بالجامعة.

وأشارت أيضاً إلى فرص أخرى، مثل الدراسة عن بعد في الجامعة الهيلينية المفتوحة التي تقدم برامج لمنح شهادتي البكالوريوس والماجستير وجامعة أثينا التي تقدم العشرات من ندوات التعلم الإلكتروني باللغة الإنجليزية لمدة ثلاثة أشهر. كما يستطيع اللاجئون الذين حصلوا على درجات علمية بالفعل الحصول على الاعتراف بها من قبل الوكالة اليونانية التي تقيم أوراق الاعتماد الأكاديمية وتخبرهم عمّا يمكن القيام به بخصوص شهاداتهم.

كما توفر المدارس المهنية دروساً تحضيرية للأشخاص من غير المتحدثين باليونانية. ويمكن للبالغين الذين أنهوا المرحلة الابتدائية فقط التقديم إلى مدارس الفرصة الثانية للحصول على شهادة الثانوية العامة. وقد أعلنت وزارة التعليم مؤخراً بأن الجامعات الحكومية اليونانية ستدرس اللغتين اليونانية والانجليزية لحوالي خمسة ألاف لاجئ من البالغين والمراهقين من غير الملتحقين بالمدارس حالياً.

كما سمحت الجامعات الحكومية لبعض اللاجئين بالالتحاق بالدراسة بصفة مستمعين. قالت أندروسو، “يتواجد في كلية أثينا للفنون الجميلة عدد قليل من اللاجئين بصفة زائرين.” وقالت بأنها تأمل فى أن تخصص وزارة التعليم أيضاً نسبة صغيرة من طلبات الالتحاق بالجامعات للاجئين، كما هو الحال بالنسبة للطلاب المسلمين فى تراقيا الغربية.

يأمل رامين يوسفزاي، 24 عاماً، أحد طلاب برنامج التعليم يوحدنا، في دراسة العلاقات الدولية في كلية للدراسات العليا يوماً ما.

كان يوسفزاي يدير شبكة تلفزيون أفغانستان 24 قبل أن يهرب من وطنه، وهو حاصل على درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة كاردان في كابول. لكنه هرب من أفغانستان عندما هددته حركة طالبان بسبب عمله كمترجم فوري للغة الانجليزية لصالح الجيش اليوناني هناك. قال “بعيداً عن هذا البرنامج في الكلية الاميركية، ليس لدي أي شيء آخر لأقوم به.”

وأضاف ” الكلية الأميركية مكان جيد بالنسبة لنا. لقد تم فتح باب واحد، ونحن الآن في انتظار أن تفتح الأبواب الأخرى أيضاً. نحن بحاجة إلى المزيد من الفرص. أود أن أدرس العلاقات الدولية لأن أفغانستان بحاجة إلى دبلوماسيين جيدين وأود أن أعود يوماً ما الى هناك بهدف المساعدة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى