أخبار وتقارير

ارتفاع نسب الالتحاق في مدارس بونتلاند

غارو، الصومال – مع بزوغ الفجر في هذه المدينة، عاصمة منطقة بونتلاند والمعروفة باسم أرض البنط أيضاً، يملأ المئات من تلاميذ المدارس الطرق وهم يحملون الحقائب والكتب أثناء توجههم إلى الصفوف الدراسية لتلقي التعليم الذي تغيّب عنه العديد من آبائهم خلال عقود من الحرب الأهلية.

قال حسن علي، 16 عاماً، والذي يدرس في مدرسة درويش الابتدائية في غارو، “عليّ الإسراع إلى المدرسة الآن. يجب أن أكون هناك في حدود السابعة صباحاً. أريد أن أدرس بجد لأتفوق في الحياة مثل الآخرين لأنني أعلم بأن التعليم هو مفتاح النجاح.”

تختلف الاوضاع في بونتلاند، وهي منطقة تتمتع بالحكم الذاتي إلى حد كبير وتحتفظ بحكومتها الخاصة، عن الظروف السائدة في جنوب ووسط الصومال، بما في ذلك العاصمة مقديشيو، حيث يخشى الأطفال أحياناً من الذهاب إلى المدارس بسبب الهجمات المتكررة التي تشنها جماعة الشباب، وهي جماعة متطرفة مرتبطة بتنظيم القاعدة قامت بقتل آلاف المدنيين في المنطقة.

أدى اندلاع الحرب الأهلية في الصومال في أوائل التسعينات إلى حدوث شلل في الخدمات التعليمية. وبحلول عام 1994، دمر القتال معظم المدارس وأجبر المدرسين والطلاب على الفرار من البلاد.

لكن بونتلاند تمكنت من إعادة بناء جزء كبير من نظامها التعليمي في السنوات الأخيرة.

تبدو الخدمات التعليمية في بونتلاند أفضل عمومًا من جنوب الصومال ووسطه بسبب استقرار أوضاعه مؤخراً، بحسب نازلين عمر راجبوت، رئيسة المجلس القومي الإسلامي في كينيا.

قالت نازلين عمر راجبوت، رئيسة المجلس القومي الإسلامي في كينيا والمدافعة عن حقوق الإنسان والأقليات في جميع أنحاء شرق أفريقيا، “خلال الحرب الأهلية، تدمرت جميع البنى التحتية تماماً، ولم ينج منها شيء. لكن قطاع التعليم في بونتلاند تقدم بشكل منهجي على الرغم من فترات الحرب الأهلية والاضطرابات والجفاف التي أسفرت عن مصرع آلاف الاشخاص.”

تقوم وزارة التعليم الإقليمية بتطوير المناهج الدراسية وإدارة المدارس الحكومية. في حين أن معظم المدارس في أماكن أخرى من الصومال، بما في ذلك العاصمة الاتحادية مقديشو، خاصة. وتعمل المدارس بشكل مستقل وتتبع مناهج مختلفة وتحمّل رسوم للدراسة.

قالت راجبوت “بإمكان كل طفل تقريباً في بونتلاند الحصول على التعليم. وبخلاف المناطق الأخرى في البلاد، نسقت بونتلاند مناهجها وجعلت امتحاناتها مركزية.”

في السنوات الأخيرة، ارتفع عدد التسجيل في المدارس في بونتلاند، حيث قامت الحكومة ببناء المزيد من المدارس والمكتبات ومشاريع المياه وغيرها من المرافق. وتضم المنطقة الآن أكثر من 500 مدرسة وأكثر من 100,000 طالب وطالبة. كما تم تسجيل أكثر من 5000 معلم هنا، على الرغم من أنهم لا يمتلكون جميعاً أوراق اعتماد رسمية. وتبلغ نسبة المعلمين إلى الطلاب حوالي معلم واحد لكل 20 طالب.

يواظب الطلاب على حضور سنتين من فصول تنمية الطفولة المبكرة، وثماني سنوات من التعليم الابتدائي، وأربع سنوات من التعليم الثانوي، بحسب وزارة التعليم. كما تضم المنطقة أكثر من 10 جامعات.

تعتقد راجبوت بأن نظام التعليم في بونتلاند قد جذب الوكالات الدولية والتي تعمل الآن على مساعدة الآباء والأمهات والمدرسين ووزارة التعليم على توفير تعليم جيد لجميع الأطفال مما جعل المنطقة نموذجاً يحتذى به من قبل الآخرين الذين خرجوا من صراعات.

وفي الآونة الأخيرة، على سبيل المثال، تعهّدت منظمة الشراكة العالمية من أجل التعليم، وهي منظمة دولية تعمل على ضمان حصول الأطفال الفقراء في البلدان النامية على تعليم أساسي جيد، بتخصيص مبلغ قدره 5.6 مليون دولار أميركي على شكل منحة مالية لمساعدة جهود بونتلاند. ومن شأن هذه الأموال أن تجعل التعليم ممكنا بالنسبة لأكثر من 2,500 طفل من أفقر الأسر في المنطقة والذين يُرجّح ألا يكونوا قادرين على الالتحاق بالمدرسة لأسباب مالية، كأن يقوم أولياء أمورهم بإبعادهم عن الدراسة من أجل العمل.

قالت أليس أولبرايت، الرئيسة التنفيذية للشراكة في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما تم الإعلان عن المنحة، “ستساعد هذه المنحة آلاف الأطفال في بونتلاند على الذهاب إلى المدرسة والبقاء في المدارس والتعلم بوجود معلمين مؤهلين. بإمكان الدول الاخرى التي شهدت حرباً أهلية وجفافاً أن تتعلم من بونتلاند.”

يقول أبشير أو يوسف عيسى، الذي كان وزيراً للتعليم في بونتلاند في حينها، إن المنحة “ستساعدنا على تحقيق رؤيتنا لنظام التعليم الجيد الذي يضمن ويعزز النجاح للمتعلمين بغض النظر عن قدراتهم، ويستجيب ويعترف بإمكانات جميع المتعلمين.”

وذكرت أولبرايت بأن من الصعب على الجهات المانحة العمل في وسط وجنوب الصومال بسبب الأوضاع الامنية.

طفل صومالي يحضر دروساً في المسجد بعد انقطاعه عن المدرسة.

ففي تلك المناطق، غالباً ما يعيق الصراع والحرب الأهلية الأنشطة التعليمية.

وأضافت راجبوت بأن “الجماعات المتمردة هناك تسيطر على ما يتم تدريسه في المنهاج أيضاً لأنها تسيطر على تلك المناطق.”

يقول مسؤولو التعليم بأن ما لا يقل عن 200,000 طفل لا يزالون غير ملتحقين بالمدارس. مع ذلك، يشيد أولياء الأمور بما أنجزته وزارة التعليم والمانحون الدوليون هناك.

قالت زينب حسين، وهي أم لستة أطفال يدرس ثلاثة منهم في المدرسة، “نحن سعداء لأن أطفالنا يتمكنون الآن من الحصول على التعليم. لقد كان من الصعب الذهاب إلى المدرسة بسبب الحرب الأهلية والقضايا المتعلقة بالجنس. لكن اليوم، لا يمكن أن تسمح الحكومة لك بالجلوس مع ابنتك في المنزل من دون أن تأخذها إلى المدرسة.”

يرى علي، الذي يدرس في الصف العاشر، في هذا التقدم فرصة لتحقيق حلمه.

قال “أريد أن أصبح طبيباً لمساعدة شعبنا. ليس هناك ما يكفي من الأطباء في بلادنا والناس تموت كل يوم بسبب ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى