أخبار وتقارير

مجموعة أميركية تدعم توظيف اللاجئين الموهوبين

قبل سبع سنوات، كان محمد هـ. يدرس تقنيات الإنترنت عندما بدأت الحرب في سوريا. مع ذلك، حرص محمد على الاستمرار بدراسته إلى اليوم الذي انحرف فيه صاروخ ووقع في باحة الجامعة خلال امتحان لمادة الرياضيات.

قال متذكراً هذا اليوم “كانت ردة فعل غريزية. وقفت وبدأت أركض. ووجدت نفسي مختبئاً تحت طاولة مع بعض الطلاب الآخرين. انتظرت هناك لبعض ثوان وما إن أدركتُ أنّه لن يأتي صاروخ ثان، وقفت وركضت بعيداً”.

كحال مئات آلاف السوريين، لم يتوقف محمد الذي كان في التاسعة عشر من عمره، عن الركض حتى غادر البلاد. إذ توجه هو وأخوه الأكبر غرباً وانتهى بهما الأمر في لبنان حيث يعيش اليوم.

وليتمكن من متابعة دراسته في وطنه بالتبني، كان عليه أن يحسن لغته الانكليزية – حيث كان يتلقى الدروس في سوريا بالعربية – وأن يجمع المال لرسوم الجامعة، وأن يعتاد على النظام الجديد. لم يستسلم، بل أكمل دراسته وتخرج السنة الماضية.

لكن مع ما يقارب المليوني لاجئ محتشدين على حدود لبنان، كان محمد يعلم أيضاً أن فرصه هناك كانت محدودة.

قال محمد، والذي يبلغ من العمر اليوم 25 عاماً، “أعتقد أن فرصتي الأفضل ستكون في أن أنتقل إلى بلد آخر.”

لا يختلف اعتقاد محمد عن اعتقاد ملايين اللاجئين الآخرين حول العالم. وهنا يأتي دور مواهب بلا حدود، Talent Beyond Boundaries ، وهي مجموعة إغاثة مقرها الولايات المتحدة، تركز في عملها على مساعدة اللاجئين مثل محمد في إيجاد عمل في العالم المتقدم.

جلسة تعريفية بخدمات المنظمة في مقر منظمة سوريات عبر الحدود في عمان، الأردن.

تساعد المنظمة المعروفة تحت الاسم المختصر تي بي بي (TBB) اللاجئين في الحصول على فيزا وتحاول أن تجد للشركات عمالاً يمكنهم أن يلبوا حاجات معينة. تساعد أيضاً في مهمات أبسط، مثل مساعدة المرشحين في تطوير مهارات المقابلات وتنقيح سيرتهم الذاتية.

قالت نورا اسماعيل، 28 عاماً والتي ولدت في الولايات المتحدة ولكن والداها التقيا في سوريحيث ترعرعت وتشغل حالياً منصب مديرة الاستراتيجيات في تي بي بي لبنان، “لدينا أكثر من 10 آلاف مرشح في قاعدة بياناتنا، بينهم أشخاص وجدناهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو عبر أفراد آخرين، أو ببساطة عبر ذهابنا إلى القرى والمخيمات وتفسير ما نقوم به.”

وأضافت “إنها عملية طويلة وصعبة. علينا أن نجعل المرشحين يثقون بنا، وعلينا أن ندقق في أحوالهم القانونية. ثمّ يقومون بورش العمل ونطابق المرشحين مع الموظِفين المحتملين، ونتعاون مع الدولة من أجل الحصول على فيزا للعمل. هناك تحضيرات قبل أن ينتقلوا وبعد أن يصلوا. ليست العملية سهلة بتاتاً.”

أسست ماري لويز وبروس كوهين تي بي بي، وهما زوجان وكلاهما محامي ناجح في واشنطن. صرّحت ماري لويز كوهين في مقابلة أنها هي وزوجها قد “صُدما” حين اكتشفا أن من بين جميع الجمعيات غير الحكومية التي تساعد اللاجئين، لم تركز أي منها على القيام بصلة الوصل بين المحترفين الماهرين وموظِفين محتملين والاهتمام باللوجيستيات المتعلقة بالموضوع، مثل العملية الشائكة للحصول على الفيزا.

قالت “لم نكن ندرك في بادئ الأمر كم ستكون العملية معقدة. ولكننا كنا أيضاً مصممين جداً.”

وبحسب كوهين، فإنّ ولديها اللذين يبلغان من العمر اليوم 28 و32 سنة هما من أوحيا لها بالفكرة. قالت “كنتُ لأقوم بالمستحيل لأحرص على أن يحظى ولديّ بالفرص، ولكن ذلك ليس ممكن للأهل في هذه الأجزاء من العالم التي مزقتها الحرب”.

بدأت كوهين تطرح الأسئلة في العام 2013، وفي غضون 18 شهراً، كانا في بيروت كجزء مما أصبح لاحقاً مهمة حاسمة في تقصي الحقائق.

قالت “كان علينا أن نجد الأجوبة لأسئلة معينة قبل أن نقرر بأن نمضي قدماً. هل يوجد فعلاً محترفين ماهرين في المنطقة أم أنهم سبق وفرّوا منها؟ هل سيهتم النازحون بهذا النوع من المساعدات؟ كيف ستنظر الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى إلى عملنا هذا؟”

بعد ستة أشهر، في صيف العام 2015، تم تعيين أوّل موظفيهما: ساير نايس الذي أصبح اليوم المدير التنفيذي في تي بي بي، وباشروا بالعمل معاً.

من ورشة المنظمة حول كتابة السير الذاتية في بيروت، لبنان.

مع ذلك، مازال نجاحهم محدوداً حتى اليوم. فحتى شباط/فبراير لم تعثر المجموعة على وظائف سوى لثلاثة مرشحين ولم يبدأ أي منهم بالعمل بعد. كما صرّحت دولتان فقط – أستراليا وكندا – أنهما على استعداد للنظر في منح الفيزا لمرشحي تي بي بي. وفي الولايات المتحدة، صرح مكتب مصلحة السكان واللاجئين والهجرة في وزارة الخارجية الأميركي والمساهم الأكبر في ميزانية تي بي بي السنوية التي تقدر بحوالى 800 ألف دولار أميركي أنه لن يجدد هباته حين تنتهي في أيلول/سبتمبر.

إلا أن  ماري لويز كوهين لن تستسلم.

قالت “إننا نثبت أن هذا النوع من العمل يمكن أن ينجح، ونأمل ونؤمن أننا سنجذب الآخرين إلى هذا النوع من العمل. لا يهم إذا ما كانت تي بي بي لا تزال في هذا المجال بعد 10 سنوات. أعتقد أن مساهمتنا هي أن نطلق هذا النموذج الذي سيساعد في نهاية المطاف مئات الناس سنوياً، مع كلّ التأثيرات التي تتأتى من ذلك.”

بالنسبة للاجئين، إنّ الأمل الذي يزودهم به هذا الاحتمال أساسي جداً.

قالت منال، 42 عاماً مديرة تكنولوجيا الانترنت من اليمن والتي تعيش اليوم في الأردن، “حين سمعت للمرة الأولى عن تي بي بي، اعتقدت أنني لست بحاجة إلى إضافة اسمي إلى لائحة أخرى في مجموعة إغاثة أخرى. إلا أن المهارات التي أصقلها الآن بمساعدة تي بي بي ستساعدني مهما حصل. أشعر أنني جاهزة أكثر، وأن ثقتي بنفسي أكبر.”

يتفق محمد، الطالب السوري الذي فرّ من بلده بعدما استهدف صاروخ جامعته، مع منال. قال “استخدمت الحاسوب للمرة الأولى حين كنت في الثانية عشر من عمري، وكتبتُ أوّل شفرة برنامج حين كنت في الخامسة عشر أو السادسة عشر من عمري. لطالما كان حلمي أن أعمل في هذا المجال، ومع المساعدة التي أتلقاها أشعر أنني فعلاً أستعدّ لذلك. إن الشعور بالأمل جميل.”

Countries

تعليق واحد

  1. انا من ذوي الاحياجات الخاصة واعمل لدى جمعية خيرية للمعوقين لدمج الطفل المعاق بالمجتمع وممثل مسرحي موهوب
    واتس اب 00963934046152

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى