أخبار وتقارير

باحث يجد حلاً لمشكلة شح المياه في الأردن

عمان، الأردن- لا يركّز الباحث محسن أبو هيفا في أبحاثه على إيجاد مصادر جديدة للمياه، إنما يعمل على ابتكار أنظمة فلترة تقلل من هدر المياه المتوفرة وتتيح إعادة استخدامها مرة أخرى.

قال “هناك مصادر ضخمة للمياه لكنها مهملة على الدوام.” موضحاً أنه لكل واحد ليتر مياه معالجة، يُقابلها 3 ليتر مياه تذهب للصرف الصحي، ولا يُستفاد منها. “عملياً، النسبة تكاد تتضاعف في بعض (الفلاتر) بحسب الجودة.”

دفع الكم الكبير من المياه المهدورة أبو هيفا، وهو مهندس تعدين وتجهيز خامات معدنيّة تخرج من كلية الحصن في محافظة اربد شمال عمان في نهاية التسعينات، إلى البحث عن حلول مناسبة. ففي عام 2011، قام بابتكار جهاز يمكن تركيبه مع فلاتر بهدف إعادة المياه المالحة الناجمة عن عملية الفلترة إلى الخط الرئيسيّ لإعادة استخدامها في الأحواض أو لغايات الشرب.

يعد الأردن من أفقر أربعة دول مائيّاً على المستوى العالم، إذ تبلغ حصة الفرد الأردنيّ أقل من 150 متر مكعب من المياه، بينما يعد خط الفقر المائيّ حول العالم 500 متر مكعب سنوياً وفقاً لتقديرات الجمعية العلميّة الملكيّة. إذ تصل المياه الى البيوت في الأردن بمعدل مرة في الأسبوع كحد أقصى، ليقوم السكان بتخزينها في خزانات أو أبار أرضية. تضاعفت أزمة شح المياه في المملكة منذ عقد اتفاقية وادي عربة للسلام مع إسرائيل، إذ يحصل الأردن على 50 مليون متر مكعب سنوياً مقابل عشرات الأضعاف لإسرائيل. كما تسبب تدفق اللاجئين السوريين في زيادة الطلب على المياه في المملكة مما يستدعي إيجاد مصادر إضافية لتأمين المزيد من المياه وهو ما يعمل جهاز أبو هيفا على تحقيقه بحسب قوله.

يقوم عمل الجهاز المكوّن من ثلاث قطع على ابتكار وحدة تغذية وتصريف وهي المسؤولة عن وقف الهدر في الفلاتر، بالإضافة إلى وضع قاعدة اهتزاز ميكانيكيّة على الأغشية، وقطعة ثالثة تسمى حاصر التصريف تكون مهمتها تمرير المياه العذبة وطرد المياه ذات الأملاح العالية. تستخدم بعض الفلاتر تقنية تصريف المياه المالحة إلى الخزان الرئيسي، لكن هذا النوع لا يعمل في العمارات التي تتكون من أكثر من طابق، بالإضافة إلى أن ضخّ المياه للخزان في الأعلى يحتاج لضغط كبير مما يقلص العمر التشغيلي للمضخات.

قال “توصلت إلى عدة طرق أخرى لوقف الهدر خلال العمل على تطوير الجهاز، لكن هذه الطرق كانت بحاجة إلى تقنيات معقدة، وكُلف تشغيليّة عالية، فعملت على تطوير الجهاز ليكون أقلّ تكلفة، بالإضافة إلى العمل على رفع كفاءة إنتاج المياه المعالجة الناجمة عنه من 50 جالون إلى 180 جالون يومياً.”

عمل أبو هيفا على تطوير الجهاز في بيته في البداية. لاحقاً تبنت الشركة الأردنية للإبداع، وهي شركة غير ربحية تهدف إلى دعم المشاريع الناشئة، الجهاز وقامت بعرضه على جامعة العلوم والتكنولوجيا لدراسته والتأكد من فعاليته. وبحسب الدراسة التي قامت بها الجامعة، فإن جهاز أبو هيفا يوفر نحو 18.2 مليون متر مكعب من المياه سنويّاً.

قال شرف عبيدات، أحد أعضاء لجنة تقييم الجهاز، “تم إخضاع النموذج الأوليّ للجهاز لاختبارات صعبة، وتحت ظروف قاسيّة، وكانت المفاجئة أن الجهاز بالفعل لا يقوم بهدر المياه على غرار فلاتر المياه المستخدمة في المنازل في العالم.”

أبو هيفا خلال مقابلته مع مراسل الفنار للإعلام.(تصوير: عمار فارس)

يعتقد ياسر الشريف، مديرمؤسسة ديمومة للاستشارات البيئيّة وعضو اتحاد الجمعيات البيئيّة في الأردن، أن لهذا الجهاز فائدة أخرى تتعلّق الأمر بتخفيف العبء على خدمات الصرف الصحي. قال “أجهزة الفلترة العادية تتخلص من المياه غير المعالجة في شبكة الصرف الصحيّ، لكن هذا الجهاز يقلل من حجم المياه وبالتالي يقلل الضغط على شبكة الصرف الصحي.”

حصل الجهاز على براءة اختراع مسجلة، بالإضافة إلى قرض بقيمة 626 ألف دينار أردني في عام 2014 (نحو 890 ألف دولار أميركي) من صندوق تنمية المحافظات  ليتم وضعه للاستخدام في السوق المحلي. مع ذلك، مازال انتشار الجهاز محدوداً.

قال أبو هيفا “تم تصنيع بعض قطع الجهاز بالاستعانة بمصانع أردنية، لكن الهدف بعيد المدى هو إنتاجه بصورة كاملة في مصانع أردنية إلا أنه ونظراً لكون المنتج صديق للبيئة فلابد من تصنيعه وفق معايير تراعي البيئة من استخدام قليل للطاقة وبدون هدر للمياه وعمر تشغيلي طويل.”

سعى أبو هيفا لتشييد المصنع الخاص بهذا الجهاز بطاقة الرياح كأول مصنع أردني يعمل على طاقة الرياح، لكن واجهته مشكلات تتعلق بالحصول على أراض في منطقة ذات رياح تكفي لتشغيل المصنع. لكن مؤخراً، حصل أبو هيفا على التراخيص اللازمة للتحول إلى الطاقة الشمسيّة لبناء مصنع في شمال الأردن بجانب جامعة العلوم والتكنولوجيا الأردنيّة حيث يُتوقع أن يُفتتح المصنع قريباً.

قال “أتمنى أن يوفر المصنع الأرضية اللازمة للمزيد من البحوث والابتكارات لوقف هدر المياه.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى