أخبار وتقارير

إذاعات مجتمعية تمنح اللاجئين صوتاً في المهجر

غالبًا ما تطغى الصور النمطية العنصرية والإيحاءات السلبية على تغطية الإعلام الأوروبي لموضوع الاجئين الذين وصلوا إلى القارة بعد الفرار من سوريا ومناطق النزاع الأخرى في السنوات الأخيرة.

لكن، وبفضل دور وسائل الإعلام المجتمعية، مثل البرامج الإذاعية والبودكاست، وجد المهاجرون منفذاً لتبادل المعلومات وتثقيف زملائهم اللاجئين والمجتمعات المضيفة، ومواكبة التطورات في اوطانهم، وإيجاد فترة راحة من الصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.

قالت كلوي شاستيل، العضوة في “ميكرو كامب”، وهي جمعية فرنسية تنظم ورش عمل لتعليم مهارات أساسية في الإذاعة والصحافة للمهاجرين في فرنسا وأماكن أخرى تصل حتى إقليم كردستان وجورجيا، “تعتبر الإذاعة وسيلة تسمح للمهاجرين بالتعبير عن أنفسهم، والعثور على صوتهم، بل وحتى الاستمتاع بلحظات بهيجة، لا سيما إذا ما كانوا يمرون بظروف عصيبة.”

وأضافت شاستيل “لدينا حالات رغب فيها المشاركون بمناقشة الوضع السياسي في بلدهم أو مشاكلهم الشخصية. لكنهم غالباً ما يخبروننا بأنهم يرغبون في استخدام الوسيلة الإذاعية للقيام بشيء أكثر متعة، مثل تشغيل الموسيقى أو مشاركة وصفات الطعام، لإبعاد أذهانهم عن القضايا الخطيرة.”

تميل البرامج الإذاعية المجتمعية للمهاجرين في فرنسا إلى التركيز على مواضيع عملية أو حل مشكلات مثل الإجراءات الإدارية والحصول على الرعاية الاجتماعية.

ومن بين هذه البرامج برنامج ارتباط ستالينغراد Stalingrad Connection، الذي يحمل اسم الحي الباريسي الذي أصبح معسكرًا مؤقتًا لآلاف الأشخاص في ذروة أزمة اللاجئين في أوروبا عام 2016. يُبث البرنامج بأربع لغات من Fréquence Paris Plurielle، وهي محطة إذاعية مجتمعية تبث عبر البودكاست.

قال موسى، أحد مستمعي إذاعة Stalingrad Connection الدائمين، والذي فر إلى فرنسا من السودان، حيث تم سجنه عدة مرات بسبب عمله في الصحافة المطبوعة وطالب بعدم الكشف عن اسمه كاملاً، “أعتقد بأن هذا البرنامج وسيلة لإعطاء صوت لجميع المهاجرين الذين يعيشون في فرنسا.”

حياة اللاجئين تحت الضوء

مع بث البرنامج عبر الإذاعة لمدة ساعة في الأسبوع بأربع لغات (الإنجليزية والفرنسية والعربية والدَرية، إحدى اللغتين الرسميتين في أفغانستان)، فقد وُلد هذا البرنامج نتيجة للرغبة في الحفاظ على شبكة مجتمع ستالينغراد بعد أن قامت السلطات بتفكيك المخيم. لكن المتطوعين واللاجئين المحليين هم من يقدمون العرض هذه المرة.

تهدف الفقرات الإذاعية إلى مشاركة خبرات اللاجئين بالإضافة إلى تقديم معلومات عملية، مثل العناوين المفيدة والنصائح للوافدين الجدد.

قال حسن بيغي، طالب اللجوء الأفغاني البالغ من العمر 25 عاماً والمساهم في البرنامج، “نحن نسأل، ما هي مشاكلك؟ وكيف تتعامل مع الطعام أو النظافة الشخصية؟ لكننا لا نهدف إلى إظهار”الجانب المظلم” للاجئين الذين يعيشون في الشارع. نريد أن نسلط الضوء على مزاياهم وأن نتحدث عن حياتهم السابقة كمعلمين أو طلاب في بلدانهم، ونبين كيف يمكنهم المساهمة في المجتمع الفرنسي.”

كما تعتبر إذاعة Stalingrad Connection مصدرًا للأفكار بالنسبة إلى اللاجئين في سعيهم للتعامل مع البيروقراطية الفرنسية وتعقيدات عملية طلب اللجوء. فبحسب المكتب الفرنسي لحماية اللاجئين والأشخاص عديمي الجنسية (Ofpra)، لم يحصل سوى 27 في المئة فقط من المتقدمين على حق اللجوء، وغالباً ما يكون ذلك بسبب عدم اكتمال الأوراق أو إكمالها بشكل غير صحيح.

قالت مارغوت كولنيه، العضوة في مجموعة اتصال ستالينغراد والبالغة من العمر 34 عامًا، ” قمنا بالتعاون مع موظفي جمعيات اللاجئين بهدف إنتاج برامج تعلم كيفية ملء النماذج بشكل صحيح – على سبيل المثال، إبراز الفرق بين الأسماء الشخصية والألقاب – وتقديم المشورة التي لا تتوفر في الغالب على المواقع الإلكترونية الحكومية. نقدم نوعا من النصائح التي تعرفها فقط عندما تعمل في المجال.”

ينتج المتطوعون واللاجئون المحليون برنامجًا يبث على شبكة مجتمع ستالينغراد. (الصورة: صفحة الفيسبوك الخاصة بالراديو).

أصبح هذا النهج التعليمي أكثر أهمية مع سعي الحكومة الفرنسية إلى تشديد قانون اللجوء من خلال تقليص مواعيد تقديم الطلبات. فبموجب مشروع قانون الهجرة الجديد الذي قدمه الرئيس إيمانويل ماكرون، سيكون أمام المهاجرين الذين يسعون للحصول على حق اللجوء في فرنسا 90 يومًا فقط، بدلا من 120 يوماً في السابق، لتقديم طلباتهم.

قالت نادية بيلاردي، مستشارة وسائل الإعلام العابرة للثقافات والتي عملت مع محطة إذاعة لورا، وهي إذاعة مجتمعية مقرها زيوريخ، “يمكن أن تساعد المشاركة المباشرة للمهاجرين في البرامج المجتمعية على الاندماج في السياق الاجتماعي الذي تعمل فيه محطات الراديو. إنه أمر مهم للغاية بالنسبة لأولئك الذين وصلوا للتو، وليس لديهم أي أصدقاء ولا يعرفون كيفية التعامل مع بيروقراطية الدولة المضيفة.”

وأشارت بيلاردي إلى الدور التعليمي الذي تلعبه هذه المنافذ الإذاعية بالنسبة لأولئك الذين يشاركون في البرامج لأن الفصل التقليدي بين مستمعي الراديو والمساهمين غير واضح.

قالت “يتلقى المهاجرون التدريب الإذاعي ويصبحون على دراية بالتخطيط والمسؤوليات التحريرية.”

مساحة آمنة للتعبير عن الذات

في جنوب إيطاليا، حيث يُستغل المهاجرون في كثير من الأحيان للعمل في جمع الفاكهة والخضار، يبث مشروع الإذاعة المجتمعية المحلية من سقيفة مؤقتة أصبحت مكانًا آمنًا يمكن أن يأتي الناس إليه بعد قضاء يوم طويل في العمل في الحقول للتحدث عن الصعوبات التي يواجهونها.

بتأسيسها في عام 2012 واستمرار عملها، تهدف العديد من المحطات الإذاعية الغرب أفريقية وإذاعة غيتو وإذاعة أصوات حرة Voci Libere، إلى إعطاء صوت لسكان غران غيتو بالقرب من فوجيا في جنوب إيطاليا.

تضم غران غيتو، وهي مدينة من الصفيح، المئات – والآلاف خلال موسم الصيف – من عمال المزارع من المهاجرين القانونيين وغير الشرعيين من جميع أنحاء العالم، ومعظمهم من غرب أفريقيا. يستأجر مُلاك الأراضي رؤساء عصابات في الغالب ويستخدمونهم في تجنيد عمال في نظام استغلالي يسمى “caporalato” يتم فرضه بواسطة المافيا المحلية.

لا تلبي الظروف المعيشية لمعظم المهاجرين وعائلاتهم معايير السلامة أو الإنسانية الأساسية. فبينما يتقاضى العمال 35 دولارًا في المتوسط يوميًا في المنطقة، فإن من المتوقع منهم انفاق نصف هذا المبلغ على الطعام والنقل والماء ودفع استقطاع لرئيس العصابة.

أصبح راديو غيتو، منذ تأسيسه، مساحة حرة للنقاش والترفيه والاسترخاء والجدال أحيانًا، بحسب المتطوعين المحليين الذين ساهموا في تأسيسه. أثناء البث، يناقش العمال قضايا وصعوبات حياتهم وعملهم، ويشغلون الموسيقى، ويعلقون على الأخبار الإيطالية والدولية، ويقومون بتنظيم مسابقات الراب.

قال رافائيل أورسيلي، العضو في جماعة “راديو غيتو” والبالغ من العمر 32 عاماً والذي يعمل أيضًا كباحث مستقل في مكتب مؤسسة روزا لوكسمبورغ في أثينا، “نحن نقدم المعدات والمخطط العام للبرنامج، لكننا نطلق العنان، بعد ذلك، للناس الذين يعيشون في مدن الصفيح لكي يصبحوا “صناع البرنامج”.”

يقول أورسيلي إن ردود الفعل من المستمعين الإيطاليين والمهاجرين كانت إيجابية للغاية.”ننظم استقبال المكالمات الهاتفية وقد تلقينا ذات مرة مكالمة هاتفية من معسكر المهاجرين في كاليه. لقد كان شخصًا عاش في الغيتو قبل أن ينتقل إلى فرنسا. كان لا يزال يحتفظ برقم الهاتف الخاص بنا وقرر الاتصال للدردشة معنا.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى