أخبار وتقارير

الاحتجاجات تعطل الدراسة في جامعات الجزائر وتونس

في الوقت الذي يشارف فيه طلاب معظم الجامعات العربية على الانتهاء من امتحانات نهاية العام، يستمر آلاف الطلاب والأساتذة في تونس والجزائر بالاحتجاج والإضراب ضد سياسات التعليم في بلدانهم مما تسبب في تعطيل السنة الدراسية الحالية والامتحانات الجامعية النهائية.

إذ تشهد الجزائر، منذ تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، إضرابا شاملاً عن العمل والدراسة، من قبل الأطباء المقيمين الذين يقضون فترة التخصص للمطالبة بتعديل نظام الخدمة المدنية، بالتوازي مع إضراب أساتذة كليات الطب الذي بدء مع نهاية نيسان/ أبريل الماضي للمطالبة بتعديل القانون وزيادة الأجور. كما تشهد 32 مؤسسة للتعليم العالي في تونس حالة من التوتر لنفس السبب، حيث أضرب نحو ألفي أستاذ جامعي عن العمل وامتنعوا عن تقديم الامتحانات منذ كانون الثاني/ يناير الماضي.

قالت سعاد هشامي، طبيبة مقيمة في الجزائر، “الوضع سئ وخطير، الدروس في الكلية متوقفة منذ أكثر من ستة أشهر مما يهدد بإلغاء سنة دراسية كاملة.”

يحتاج طلاب الطب للدراسة 7 سنوات، تليها 4 أو 5 سنوات للتخصص وتتضمن خدمة إلزامية بأجور رمزية في مستشفيات حكومية في المدن النائية. ولا يحصل الطالب على شهادة التخصص إلا بعد قضاء مدة الخدمة وهو مايعترض عليه الطلاب ويطالبون بإلغائه.

قالت مريم حجاب، ممثلة تنسيقية الاطباء المقيمين في الجزائر، وهو تجمع مستقل، “يحمل إضرابنا مطالب مشروعة تخص تحسين المنظومة الصحية والتدريب الطبي وفي إطار القانون لصالح المواطن الجزائري.” لكن الوزارات والجهات المعنية لم ترد على مطالب المحتجين حتى الآن بحسب حجاب. قالت “بدانا بإضراب دوري لمدة يومين في الأسبوع لمدة شهر ونصف، إلى أن وصلنا لإضراب نهائي للوصول إلى حل جذري. لكن حتى الآن لا رد.”

امتنع الطلاب عن التقدم للامتحان مرتين متتاليتين للتعبير عن إصرارهم على مطالبهم وعدم تحفزهم لإستكمال مسيرتهم بخدمة مدنية إجبارية غير فعالة، على حد قولهم.

ووفقا لتنسيقية الأطباء المقيمين، انضم للإضراب 9 جامعات بما يقارب 15 ألف مقيم في العلوم الطبية، من بينهم 8 آلاف بالعاصمة الجزائرية و2400 في مدينة وهران وألف طبيب في قسنطينة في تخصصات جراحة الأسنان والصيدلة والطب.

قالت حجاب “نحن طلاب ولسنا موظفين وليس هناك ما يجبرنا على ممارسة العمل كأطباء مقيمين لأننا في مرحلة الدراسة.” مشيرة إلى أن هناك حقوق تتعلق بالطبيبات حيث لا يحصلن حالياً على إجازة أمومة كما هو حال باقي العاملات في قطاعات أخرى.

تعاني الجزائر من نقص حاد في عدد الأطباء، فوفقا لتقديرات البنك الدولي يصل عدد الأطباء إلى 1.2 طبيب لكل ألف شخص، ويصل معدل التغطية الصحية في البلاد إلى 10 في المئة وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، بينما يبلغ تعداد سكان الجزائر في 2016 ما يقارب 40 مليون مواطن. كما دخل أساتذة كليات الطب في الجزائر بدورهم في إضراب تسبب في توقف 75 في المئة من كليات الطب عن التدريس، مطالبين بتحسين ظروف عملهم وتقاعدهم.

قالت وهيبة وحيون، رئيسة النقابة الوطنية للأساتذة الاستشفائيين والجامعيين وهي نقابة مستقلة غير حكومية تضم مدرسي وأساتذة الطب في الجزائر، “وضع الأستاذ الجامعي في الجزائر مزري، فلا هو يتمتع بحقوق الأستاذ الجامعي، ولا هو بنفس رتبة الطبيب الممارس في وزارة الصحة”. (اقرأ التقرير ذو الصلة: أساتذة الجامعات الحكومية يناضلون لتأمين لقمة العيش).

ومما يزيد الأمور تعقيداً هو تجاهل الحكومة ووزارة التعليم التام لمطالب المحتجين وعدم إصدارها لأي بيان للرد على المطالب أو حتى توضيح خطتها لضمان استمرار العملية التعليمية في حال استمر الإضراب. حاولت الفنار للإعلام التواصل مع الوزارة والحصول على تعليق منها، لكنها أيضا لم تتلق أي رد حتى الآن.

هجرة الأدمغة التونسية:

في تونس، لا يبدو الحال مختلفاً. إذ ينفذ مئات أساتذة الجامعات احتجاجية شبه يومية وإضرابات عن العمل منذ كانون الثاني/ يناير الماضي للمطالبة بإصلاح منظومة التعليم العالي وتحسين الأجور وإيقاف نزيف هجرة الأدمغة إلى الخارج.

قال زياد بن عمر، الأستاذ بكلية الآداب بجامعة سوسة ورئيس اتحاد الأساتذة الجامعيين الباحثين التونسيين المعروفة اختصاراً باسم إجابة، وهي تجمع مستقل لأساتذة الجامعات، “إضرابنا من أجل حماية التعليم العالي في تونس واستعادته لمكانته، ومنح الأساتذة أجور عادلة.”

يبلغ عدد الحاصلين على شهادة الدكتوراة في تونس، بحسب إجابة، أكثر من 5 آلاف بالإضافة إلى 12 ألف طالب دكتوراه مسجل لا يوجد أمامهم فرصة للالتحاق بالعمل في الجامعات الحكومية التي غادرها بالفعل 4500 أستاذ خلال السنوات الماضية. (اقرأ القصة ذات الصلة: جامعات تونس بلا أساتذة).

نتيجة للإضراب، لم يجتز الطلبة في العديد من الجامعات الامتحانات خلال العام الجامعي الحالي، فيما امتحن البعض منهم في عدد من المواد ومازال ينتظر اجتياز بقية المواد وتحديد مواعيد جديدة لإجراء امتحاناتهم.

في بداية الاحتجاجات، رفضت وزارة التعليم العالي التونسية التواصل مع الأساتذة المضربين وأعلنت عدم موافقتها على التواصل مع إجابة باعتبارها جهة غير رسمية. لكن استمرار الاحتجاجات وتوسعها لتشمل نحو 15 في المئة من مؤسسات التعليم العالي دفع الوزارة مؤخراً لتغيير موقفها.  حيث بدأت مؤخراً في التواصل مع الأساتذة المحتجين ودعوتهم لاستئناف عملهم وإتمام إجراء الامتحانات مع وعد بحل مشكلاتهم.

قال إدريس السايح مستشار وزير التعليم العالي في تصريح صحفي، “لن تكون السنة الحالية سنة جامعية بيضاء وهذا قرار مجلس الجامعات أعلى سلطة في التعليم العالي في تونس″. موضحاً بأنه في حال تم إجراء الامتحانات متأخرة عن موعدها العادي فستتخذ وزارة التعليم العالي إجراءات استثنائية في هذا الشأن فيما يتعلق بتسجيل الطلاب في الجامعات بالسنة الجامعية القادمة، بالإضافة إلى التسجيل في المدن الجامعية وغيرها من المسائل والإجراءات الأخرى.

مؤخراً، تعهّدت الوزارة بالعمل لزيادة ميزانيتها السنوية بما يسمح لاحقاً بتحسين ظروف عمل الأساتذة. كما بدأت بمحادثات مع ممثلي إجابة حول سبل إصلاح منظومة التعليم العالي والبحث العلمي. وهو ما دفع الأساتذة المضربين لإيقاف احتجاجاتهم مطلع الشهر الحالي.

 بدورهم، يأمل الأساتذة والطلاب في الجزائر بتغيير مماثل في تعاطي الجهات الحكومية مع مطالبهم.

قال حمزة بوطالب، المتحدث باسم تنسيقية الأطباء، “يعاني التعليم العالي من تدني المستوى في كل الأحوال، واستمرار الإضرابات يزيد من تردي الوضع بالتأكيد ويهدد بوقف التعليم وهو أمر لا نرغب بحدوثه. لكن عدم الاكتراث بمطالبنا يزيد من غضبنا ويدفعنا للاستمرار في الاحتجاج لتغيير الوضع.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى