أخبار وتقارير

طلاب سعوديون يقعون ضحية نزاع دبلوماسي

لندن ـ بدأت عواقب الخلاف الدبلوماسي بين الرياض وأوتاوا بالظهور والتأثير على حرم الجامعات الكندية، حيث نفذ بعض الطلاب السعوديين أمرًا سعوديًا بمغادرة البلاد فيما يسعى أخرون للبحث عن فرص لتأجيل دراستهم.

تركت هذه الخطوة العديد من الطلاب غاضبين ومربكين حول كيفية مواصلة دراستهم، وتعيّن على خريجي الجامعات الطبية من السعوديين التخلي فجأة عن وظائف التدريب بعد التخرج حيث يتوجب عليهم معالجة المرضى أيضًا، ليتركوا المستشفيات الكندية في حالة من الترنح.

في الوقت ذاته، حذر محللون من أن هذا النوع من الدبلوماسية يمكن أن يصبح المعيار الجديد في السياسة الخارجية السعودية عند التعامل مع الانتقادات الموجهة من الدول الغربية. ويمكن أن يؤثر ذلك على دول أخرى تربطها صلات تعليمية بالمملكة، والتي اشتهرت منذ زمن طويل ببرامج دعم الطلاب بشكل جيد جعل الجامعات الغربية الأفضل تتنافس على جذبهم للدراسة فيها.

يعتقد ديفيد باتر، الزميل المشارك في برنامج تشاتام هاوس عن الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن هذا النزاع لم يكن ليأتي في وقت أسوأ بالنسبة للطلاب.

قال “هناك مشكلة هنا لأنها جاءت مباشرة مع بداية الفصل الدراسي، والبيروقراطيات السعودية تنام في هذا الوقت من العام بسبب الحج وعطلة العيد.”

بدأ الخلاف الدبلوماسي في الثاني من آب/ أغسطس، عندما انتقدت وزيرة الخارجية الكندية كريستيا فريلاند علناً سجل حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية في تغريدة على تويتر.

ردّت الحكومة السعودية بعد أربعة أيام بطرد السفير الكندي من المملكة. في ذات اليوم، أصدرت الحكومة السعودية بيانًا رسميًا عبر تويتر لإبلاغ جميع الطلاب السعوديين في كندا بمغادرة البلاد والعودة إلى وطنهم في غضون 30 يومًا. وقد تلقى العديد من هؤلاء الطلاب تمويلا حكوميًا سعوديًا ورواتب للدراسة في كندا. غير أن المغتربين السعوديين الآخرين في كندا ليسوا ملزمين قانونيًا بالرحيل، بحسب ما ذكرته شركة استشارية عالمية.

وبالإضافة إلى قطع العلاقات التعليمية، أعلنت الحكومة السعودية مقاطعة استيراد القمح الكندي، وإلغاء رحلات الخطوط الجوية السعودية المتجهة إلى تورنتو، ووقف أي تجارة أو استثمار جديد بين البلدين.

قال باتر “بإمكانك ملاحظة كل أنواع الأمثلة على هذا النوع من السلوك الخاطئ من المملكة العربية السعودية. خذ الاجراءات التي اتخذت ضد قطر على سبيل المثال. إنها سلسلة متعاقبة، شيء تلو الآخر.”

وأضاف “حتى لو كان ذلك يتسبب في حدوث مشاكل للطلاب السعوديين في كندا، إلا أن الأمر لا يعدو كونه حظاً عاثراً. هذه هي الطريقة التي تنظر بها الحكومة السعودية للأمر.”

اعتبر المسؤولون السعوديون تصريح وزيرة الخارجية الكندية تدخلاً في الشؤون الداخلية السعودية، وهو ما أيده بعض السعوديين. لكن العديد من الطلاب السعوديين في كندا يحاولون اليوم التكيف مع هذه الأخبار.

قال محمد، الطالب في جامعة كارلتون، والذي طالب بنشر باسمه الأول فقط، “لقد تركت المملكة العربية السعودية قبل خمس سنوات بهدف اتمام دراساتي العليا في كندا، وقد تكفلت الحكومة السعودية بمصاريفي. أنا أعمل على وضع اللمسات الأخيرة من أطروحة الدكتوراه وبقي لدي شهران حتى موعد المناقشة. الآن، يتوجب عليّ أن أعود إلى المملكة العربية السعودية. لا أصدق ذلك. إنه كابوس.”

في بيان مكتوب، أعربت لاريسا بيزو، الرئيسة المؤقتة للمكتب الكندي للتعليم الدولي، والتي تسعى إلى تعزيز التعليم الدولي في كندا، عن قلقها بخصوص ما سيحصل للطلاب.

كتبت “يجب السماح لهم بمتابعة دراستهم في كندا كما هو مخطط لها حيث أنهم سيبقون في موضع ترحيب.”

تتفق مجموعة من الطلاب السعوديين مع تعليقات بيزو، والذين نظموا انفسهم بشكل مجهول باسم “لجنة التنسيق”، وقد دعت في بيان لها الحكومة السعودية إلى مراجعة موقفها.

قال البيان “نرجو من خادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، وولي العهد أن يقوموا بتكليف الحكومة لللتراجع الفوري عن قرارها.”

لكن بعض الطلاب قد غادروا بالفعل – حيث ذكرت صحيفة “تورنتو غلوب آند ميل” في 13 آب/ أغسطس أن بعض خريجي الطب السعوديين، والذين كان من المتوقع أن يواصلوا تدريبهم في المستشفيات الكندية، قد تركوا وظائفهم.

كانت الحكومة السعودية تدفع حوالي 76,000 دولار أميركي لكل طبيب يتدرب في المستشفيات الكندية، وهو ما يعني بأن المتدربين يقدمون الرعاية الطبية دون أي تكلفة لدافعي الضرائب الكنديين.

وأفادت تقارير بأن مسؤولاً سعوديًا لم يذكر اسمه أبلغ الصحيفة الكندية بوجود أكثر من 15,000 طالب سعودي في كندا يدرسون ضمن منح دراسية تمولها الرياض. وقال المسؤول أيضا بأنه سيتم نقل الطلاب السعوديين إلى جامعات في دول أخرى مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة.

لكن البعض أعرب عن شكوكه في إمكانية تنظيم مثل هذه الانتقالات في الوقت المناسب مع اقتراب السنة الدراسية. قال باتر”لقد تقطعت السبل بهؤلاء الطلاب إلى حد كبير عند هذه النقطة.”

يخشى بندر، وهو طالب سعودي آخر في جامعة كارلتون، يستعد لمغادرة البلاد، من أن يضر الجدال الدبلوماسي بفرصه في غضون الوقت الذي سيبحث فيه عن مكان للدراسة في مكان آخر. قال “سيجعل النزاع الدبلوماسي بين البلدين الأساتذة في الجامعات الأميركية والغربية واليابانية يفكرون 1000 مرة قبل قبول الطلاب السعوديين في المستقبل.”

يجعل التمويل الحكومي الذي يجلبه الطلاب السعوديون منهم من بين أكثر الطلاب الدوليين طلباً. ويعتقد باتر بأن بلدان أخرى ستراقب وتلاحظ ما يحدث بين كندا والمملكة العربية السعودية.

قال “هناك مسألة الموازنة بين الحق في قول أشياء ضد الحكومة السعودية وبين العائدات التي تجنيها من الطلاب الأجانب السعوديون.”

* ساهم في إعداد التقرير: طارق عبد الجليل.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى