أخبار وتقارير

الطلاب السوريون مازالوا يبحثون عن منح دراسية

تأتي هذه القصة ضمن سلسلة من القصص حول المنح الدراسية للاجئين السوريين، بالإضافة إلى تقرير يظهر تراجع اهتمام المانحين الدوليين بتقديم المزيد من المنح الدراسية للاجئين، وملف للمعلومات يستعرض برامج المنح الدراسية الرئيسية المتوفرة حالياً للاجئين.

ربما تضاءل اهتمام المؤسسات المانحة بدعم تعليم الطلاب السوريين مؤخراً، لكن رغبة الطلاب باستكمال تعليمهم العالي لم تتراجع. إذ يقول كثيرون من الطلاب إنهم بحاجة إلى مزيد من الدعم – الأكاديمي والمالي – لتجاوز التحديات التي تعيق وصولهم للجامعات.

قبل 4 سنوات ومع تردي الأوضاع الأمنية والمعيشية، اضطرت روان أغا إلى مغادرة مدينتها حمص مع عائلتها إلى لبنان. كانت قد أنهت للتو دراستها في المرحلة الإعدادية في سوريا لتبدأ رحلة الدراسة الثانوية في مدرسة خيرية في مدينة طرابلس وتثبت تفوقها لعامين متتاليين قبل وصولها لامتحان الثانوية العامة وتغير كل شئ.

قالت “كانت اللغة العربية هي لغة التدريس في مدرسة طرابلس، وهي اللغة التي اعتدت الدراسة بها في سوريا. لكن عند وصولي للثانوية العامة قيل لي أنه علي الدراسة بالإنجليزية في حال رغبت لاحقاً باستكمال تعليمي الجامعي في كلية علمية. كان تغيير لغة الدراسة في السنة الاخيرة أمراً صعباً للغاية ولم يمكنني ذلك من تحقيق نتائج نهائية جيدة.”

تسببت نتيجة روان الضعيفة في امتحانات الثانوية العامة بعدم قبولها في العديد من المنح الدراسية التي تقدمها مؤسسات دولية للاجئين في لبنان.

قالت “الحصول على معدل مرتفع في امتحان الثانوية العامة وإتقان اللغة الإنجليزية أمر أساسي للقبول في الكليات العلمية هنا. أحلم بدراسة طب الأسنان وتقدمت لمعظم المنح الدراسية المتوفرة لدى مؤسسات كدافي وليزر وسبارك، لكن لم يتم قبولي. أشعر أنني خسرت مستقبلي.”

يتشابه حال روان مع المئات من اللاجئين السوريين في الدول المجاورة المضيفة لهم. فعلى الرغم من ارتفاع أعداد المنح الدراسية التي تقدمها المؤسسات الدولية للشباب اللاجئين، فإن كثيرين منهم مازالوا بعيدين جداً عن مقاعد الدراسة الجامعية لأسباب عديدة.

قالت هبة حمادة، المديرة الإقليمية لمؤسسة سبارك الهولندية في لبنان، “مازال عدد المنح المتوفرة أقل من عدد الطلاب المحتاجين، خاصة وأن تكاليف المنحة الدراسية الواحدة ليس بقليل لكون التعليم في لبنان ليس مجانياً سواء في الجامعات الخاصة أو الحكومية.” مشيرة إلى أهمية توفير منح دراسية في جامعات ذات مستوى جيد ومعترف به مع تغطية بعض من مصاريف الطلاب الدراسية والشخصية لضمان التزامهم بالدراسة.

في أيلول/ سبتمبر الماضي، ومع بداية العام الدراسي في لبنان، أطلقت رابطة الطلاب الجامعيين في لبنان، وهي مجموعة أهلية تضم طلاباً سوريين يدرسون في لبنان، حملة على موقع آفاز بعنوان “حقي في التعليم العالي” بهدف إيصال صوت اللاجئين السوريين إلى الجهات المعنية مطالبة منظمة الأمم المتحدة وصندوق الاتحاد الأوروبي وغيره من الجهات الداعمة لقطاع التعليم العالي الخاص باللاجئين لزيادة أعداد المقبولين في المنح الجامعية باختصاصات مختلف كالطب والهندسة لأهميتهم في مرحلة إعادة إعمار سوريا. إذ تقدم أكثر من 4 آلاف طالب وطالبة هذا العام للحصول على منحة دراسية في لبنان  لدى مؤسسات  كسبارك ودافي وليزر وجسور وآمال، لكن لم يتم قبول سوى 150 طالباً في الجامعات اللبنانية، بحسب بيان الحملة. قالت مزنة الزهوري، طالبة سورية وإحدى القائمين على الحملة، “المنح المتوفرة لا تشمل  كل الاختصاصات، إضافة إلى شروطها التعجيزية، فالطالب الذي هرب من الحرب وكان في الثانية والعشرين من عمره في آخر سنة جامعية مثلاً من دون أن يكملها ويحصل على الشهادات ضاعت عليه فرصة الالتحاق بالمنحة اليوم لأنه تجاوز سن القبول المحدد غالباً بـ 24 عام في شروط المنحة ولم يعد بإمكانه استكمال دراسته أبداً إلا لو على حسابه الخاص وهذا أمر مكلف جداً لا يتوفر لدى الغالبية.”

في عام 2013 ، غادرت الزهوري مدينتها القصير جنوب حمص وعمرها 20 عاماً ليستقر بها الحال مع والدتها وشقيقتها على بعد 7 كم من نقطة المصنع بمنطقة البقاع الغربي على طريق راشيا. وفي عام 2016، تمكنت أخيراً من الحصول على منحة دراسية من مؤسسة سبارك الهولندية لدراسة البرمجة.

قالت “تغطي المنحة الأقساط الجامعية وجزء من مصاريف الدراسة الأخرى، لكنها لا تشمل تخصصات تزيد عن 4 أعوام لذلك لم أتمكن من استئناف دراسة الهندسة التي أحب والتحقت ببرنامج أخر.” مشيرة إلى أنها محظوظة لكون منحتها الدراسية تغطي جزءاً أيضاً من مصروفها الشخصي، في حين أن باقي المنح الدراسية لا تتكفل إلا بالأقساط الجامعية.

لايختلف الوضع لدى الشباب اللاجئين في الاردن.

قال رائد صوالحه، مدير مشروع الشباب بالمجلس النرويجي لللاجئين في الأردن، “في العام الأول من الأزمة السورية، لم يكن هناك أي طالب ثانوية في مخيم الزعتري وكانت الغالبية من النساء والأطفال. اليوم، كبر هؤلاء الأطفال وأصبحوا شباباً بسن التعليم الجامعي وهو ما يجب أن تأخذه الجهات المانحة في الحسبان، فأطفال اليوم هم شباب الغد.”

يتفق صوالحه أيضاً مع الزهوري حول صعوبة استكمال شروط المنح الدراسية لدى الكثيرين من اللاجئين ليس فقط في لبنان ولكن في الأردن أيضاَ فضلاً عن قلة عدد المنح المتوفرة مقارنة بعدد الطلاب المحتاجين. ويرجع صوالحه ذلك إلى ثلاثة أسباب هي: عدم كفاية الوقت المعلن عنه للتقديم لهذه المنح والتي تتطلب توفير العديد من الأوراق الرسمية، وتوجه العديد من المنح الجامعية للطلاب لفئة معينة من الطلاب المتميزين.

قال “تشترط غالبية المنح الدراسية الحصول على معدلات مرتفعة في الثانوية العامة وهو أمر يبدو شديد الصعوبة لطلاب لاجئين يعيشيون حياة معيشية قاسية داخل المخيم حيث لا تتوفر الكهرباء إلا لساعات محدودة خلال اليوم أو حتى للطلاب الذين يسكنون خارج المخيمات. لايمكن تقييم طالب يعيش ظروف معيشية قاسية كطالب يعيش وسط ظروف معيشية طبيعية ومعقولة.”

أما السبب الثالث، بحسب صوالحه، فيتثمل باشتراط إتقان اللغة الإنجليزية وعدم وجود سنة تحضيرية داعمة للطلاب الذين يحتاجون لدعم كبير في هذا المجال.

لا يختلف الوضع في تركيا كثيراً، حيث تشير دراسة حديثة نشرت في تموز/ يوليو الماضي بعنوان  منطقة التعليم العالي الأوروبية: أثر السياسات الماضية والمستقبلية أن نحو 51 في المئة من الشباب اللاجئين في تركيا تقدموا بطلب للحصول على منحة دراسية لكن تم رفضهم.

قال محمد سلو، شاب سوري من الرقة حاصل على منحة دراسية من مؤسسة سبارك ومقيم حالياً في ولاية كهرمان مرعش في تركيا، “المنحة حلم كل الشباب لتغيير حياتهم، فأنا على سبيل المثال، كنت أعمل في ورشة ألمنيوم في ظروف شديدة القسوة لتأمين قوت يومي. مع ذلك، فإن الحصول على المنحة ليس أمراً ممكناً للكثيرين.”

لاجئون سوريون يدرسون اللغة التركية في أحد مراكز اللغة في اسطنبول (الصورة: فاليري ميلنيكوف ، أ ب)

يحتاج الطلاب في تركيا، بحسب سلو، إلى امتلاك بطاقة لاجئ كشرط أولي وأساسي للتقدم للمنح وهو أمر لايتوفر لدى الكثيرين اليوم خاصة مع توقف المفوضية العامة لشؤون اللاجئين عن تسجيل السوريين كلاجئين في العديد من الدول العربية المضيفة كالأردن ولبنان وتركيا.

وعلى الرغم من توقف الأردن وتركيا التام عن استقبال المزيد من اللاجئين، فإن أعداد الشباب السوري في سن التعليم الجامعي لا يزال في ازدياد.

أما في لبنان، ورغم الحديث عن عودة بعض السوريين إلى سوريا طواعية، فإن العديد من الشباب مازالوا يتوافدون للبلاد.

قالت الزهوري “معظمهم من الذكور الذين يرغبون بتفادي خدمة العلم الإلزامية ويبحثون عن فرصة للعمل،” مؤكدة أن التعليم هو مطلب وحلم الألاف من الشباب السوري رغم كل الظروف المعيشية التي يعيشونها في لبنان. قالت “لايبدو أن فرص العمل هنا ممكنة، لكن هذا لا يعني التخلي عن الحق في التعليم الذي يشكل وسيلتنا الوحيدة كشباب لبناء حياتنا القادمة سواء عدنا إلى سوريا أو غادرنا إلى بلد أخر.”

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى