أخبار وتقارير

الجامعات السودانية مغلقة حتى إشعار آخر

في الوقت الذي يعود فيه معظم طلاب جامعات المنطقة لمقاعد الدراسة مع بدء الفصل الدراسي الثاني، يستمر إغلاق الجامعات الحكومية والخاصة في السودان على خلفية تصاعد الإحتجاجات ضد نظام الرئيس عمر البشير إلى أجل غير مسمى.

إذ أعلن الصادق الهادي المهدي، وزير التعليم العالي، تعليق الدراسة في 38 جامعة حكومية ونحو 100 مؤسسة خاصة للتعليم العالي في جميع أنحاء السودان بالتزامن مع تصاعد الاحتجاجات الشعبية ضد سوء الأوضاع الاقتصادية وغلاء المعيشة في البلاد، التي فقدت ثلاثة أرباع إنتاجها النفطي منذ انفصال الجنوب عام 2011.

قرار المهدي أكده محمد الخير عبد الرحمن، مدير جامعة سنار، الذي أوضح في بيان لطلاب الجامعة أن التعطيل جاء ” لتخفيف معاناة الطلاب في الظروف الحالية،” بحسب وكالة الأنباء الحكومية (سونا).

لكن محمد يوسف، الأستاذ في كلية الإقتصاد بجامعة الخرطوم والمتحدث باسم تجمع المهنيين السودانيين، وهو تجمع نقابي غير حكومي تأسس بصورة سرية بعد الاحتجاجات التي عمت البلاد في سبتمبر/أيلول عام 2013 ثم تم الإعلان عنه رسمياً في آب/أغسطس 2018،  يرجع إغلاق الجامعات إلى مخاوف النظام من اشتعال الثورة. قال “سيكون من الصعب قمع احتجاجات الطلاب بواسطة الحرس الجامعي، كما سيصعب على الحرس الجامعي ضبط أو منع وقوع حوادث عنف بسبب ضعف إمكانياتهم.” مشيرا إلى أن قرار الإغلاق هو “قرار سياسي بالدرجة الأولى ويعكس خوف النظام من انخراط الشباب الجامعي في الحراك.”

في عام 1964، تصاعدت الصدامات بين الشرطة والطلاب في جامعة الخرطوم ونتج عنها في نهاية المطاف سقوط  إبراهيم عبود، الرئيس السوداني في ذلك الوقت.

واليوم، يعاني السودانيون من تضخم حاد نتج عنه وقف الحكومة لدعم السلع الأساسية من خبز ووقود وغاز. وبالرغم من رفع الولايات المتحدة للعقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان، فإنها لا تزال تدرج البلد كدولة راعية للإرهاب، مما يزيد من عزلة وضعف الاقتصاد المحلي وغضب المواطنين من تردي الأحوال المعيشية، بحسب ما يقول مراقبون.

تتفق نهى الزين محمد، الأستاذة بكلية البترول والثروات المعدنية بجامعة النيلين والمتحدثة بأسم تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا السودانية ، تجمع مستقل، مع يوسف حول السبب السياسي وراء إغلاق الجامعات. قالت “هدف النظام هو تثبيط الثورة، لا يخفى على أحد دور الجامعات السودانية وطلابها فى دعم التغيير والشرارة الاولي لأي ثورة علي مر التاريخ السوداني.”

وبحسب الزين محمد، فإن قرار الحكومة إغلاق الجامعات ليس بجديد. إذ سبق وأن صدرت قرارات مماثلة نتيجة لاندلاع أزمات اقتصادية حرجة مثل إنعدام الوقود في أيلول/ سبتمبر 2013.

من احتجاج الأساتذة في الخرطوم. (الصورة: تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا السودانية)

يعتبر السودان من الدول الشابة، حيث تبلغ نسبة الشباب نحو 55.6 في المئة من مجموع سكانه البالغ نحو 40 مليون نسمة بحسب تقديرات الجهاز المركزي للإحصاء في السودان لعام 2017. لكن وعلى الرغم من افتتاح أكثر من 88 مؤسسة تعليم عالي خلال حكم الرئيس البشير، إلا أن سوق العمل لم يكن مؤهلاً لاستيعاب أعداد الخريجين الكبيرة، إذ تخطى معدل البطالة بين الشباب السودانيين 20 بالمئة في 2017، بحسب بيانات صندوق النقد الدولي.

حتى اليوم، لم تتعرض أي مؤسسة تعليمية في البلاد لأي خسارة مادية في بنيتها التحتية ، بحسب تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا السودانية. لكن تم اعتقال مئات الطلاب وعشرات الأساتذة منذ بداية الاحتجاجات في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

قال أحمد الطيب، الطالب في السنة الرابعة كلية الصيدلة بجامعة النيلين الحكومية في الخرطوم،  “تم اعتقالي من منزلي وتعرضت لتعذيب ممنهج على أيدي عناصر الأمن.” مضيفاً أن 6 معتقلين قتلوا تحت التعذيب من بينهم 3 طلاب جامعات.

يشير تقرير هيومن رايتس ووتش عن السودان لعام 2018 إلى استخدام الحكومة للاحتجاز التعسفي والتعقب وحظر السفر والعنف ضد المتظاهرين، بما في ذلك الطلاب. إذ استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية ضد المتظاهرين الطلاب، وفقاً لما ذكره مراقبون لحقوق الإنسان.

وفي 12 شباط/ فبراير الحالي، تم اعتقال 17 أستاذ على خلفية وقفتهم الاحتجاجية السلمية أمام دار الأساتذة بجامعة الخرطوم ولازال بعضهم فى السجون حتي الآن.

لا ينفي الكثير من الأساتذة انخراط الطلاب وكوادر الجامعات في الحراك، لكنهم يرفضون تعليق الدراسة نتيجة لذلك.

إذ تعتقد نهى حسب الرسول، عميدة كلية علوم الاتصال بجامعة السودان للعلوم والتكنولوجيا الحكومية أن إغلاق الجامعات يؤثر سلباً على التعليم ومستقبل الطلاب.

قالت “أنا ضد تجميد الدراسة، هذا إهدار للوقت وإضاعة لمستقبل الشباب.” مشيرة إلى أن استئناف الدراسة لاحقا سيربك التقويم الدراسي وسيزيد من العبء على الأساتذة والطلاب على حد سواء.

وكان قرار إغلاق الجامعات قد تسبب في تشريد مئات الطلاب والطالبات، الذين اضطروا لمغادرة السكن الجامعي.

قال عباس الخير، الطالب بالسنة الرابعة بكلية علوم الغابات وممثل تنسيقية طلاب جامعة الخرطوم، “نقوم بمساندة الحراك الطلابي ونسعى لتوفير مساكن ومعيشة لطالبات الجامعة أو تدبير ما يلزم من مال ليعودوا إلى مدنهم لحين عودة الدراسة من جديد.”

وبينما تعتقد شهد أمجد، الطالبة بالسنة الرابعة بكلية الطب جامعة السودان العالمية الخاصة في الخرطوم أن “الثورة حاليا هي كل ما يشغل الشعب السوداني فلا تعليم في وضع أليم.” يعتقد طلاب أخرون أن تعطيل الدراسة نتيجة للأوضاع السياسية أمر مجحف بحقهم.

قال محمد عبد الهادي، طالب بالسنة الثالثة بكلية القانون في جامعة النيلين، “أصبنا أنا وزملائي بحالة من الإحباط، فلا شأن لنا بالسياسة وكل هدفنا هو إستكمال دراستنا الجامعية لنبدأ في بناء حياتنا المستقلة والتخفيف من العبء على عائلتنا.” مشيراً إلى أن استمرار تعطيل الدراسة، يعني خسارة سنة دراسة كاملة.

لكن الزين محمد، الأستاذة بجامعة النيلين والمتحدثة بأسم تجمع أساتذة الجامعات والكليات والمعاهد العليا السودانية، تعتقد أن العودة للدراسة حالياً لن يعود بالفائدة على أحد.

قالت “لن تستأنف العملية التعليمية بالمستوى اللازم إلا بزوال منظومة الحزب الحاكم من إدارة لإقتصاد البلاد والتعليم والصحة. هذا مايجب تحقيقه الآن.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى