أخبار وتقارير

باحثون يواجهون مشكلة هدر الغذاء في سلطنة عمان

مسقط – يمثل هدر الطعام أكثر من ربع القمامة في عُمان. ففي عام 2016، ألقى العُمانيون نفايات من المواد الغذائية بقيمة تقارُب الـ 300 مليون دولار، بحسب شركة بيئة، وهي شركة مملوكة للحكومة مُكلفة بمعالجة المشكلة.

يمكن تحويل نفايات الطعام إلى غاز الميثان الحيوي، والذي ينتج من تحلل الطعام بغياب الأكسجين. قال مُهاب علي الهنائي، رئيس مركز التميز البيئي في شركة بيئة، “نريد أن نعرف ما إذا كان في الإمكان بناء محطات للغاز الحيوي. ستتمثل الفكرة في إعادة توجيه الطعام المهدور هناك بدلاً من مواقع المكبّات.”

يمكن استخدام الغاز الحيوي كوقود يشبه الغاز الطبيعي إلى حدٍ كبير. مع ذلك، وبخلاف الغاز الطبيعي، يعتبر الغاز الحيوي متجددًا، حيث أن ثاني أكسيد الكربون الناتج عند الاحتراق يساوي ثاني أكسيد الكربون الذي تم سحبه من الجو بواسطة المحاصيل المستخدمة لإنتاج الغذاء في المقام الأول.

وبهدف معرفة أفضل مكان لبناء مصانع الغاز الحيوي، يحتاج الهنائي وفريقه أولاً إلى فهم دقيق لإمدادات نفايات الطعام. فهم بحاجة إلى فَهم كيفية اختلاف نفايات الطعام في عطلة نهاية الأسبوع مقارنة ببقية أيام الأسبوع، ومن أين تأتي معظم النفايات. ولهذا السبب، يتعاونون مع علماء الزراعة في جامعة السلطان قابوس.

قال أحمد البوسعيدي، الباحث في قسم التربة والمياه والهندسة الزراعية بجامعة السلطان قابوس، “نقوم بزيارة المزارع والمسالخ والسوبرماركت بهدف معرفة حجم مخلفاتها اليومية والأسبوعية والشهرية.”

ستسمح النتيجة النهائية لدراسة البوسعيدي لشركة بيئة باعتماد نهج قائم على البيانات فيما يتعلق بالمصانع الأربعة التي يأملون في بنائها في شمال البلاد، والتي ستُستخدم لإنتاج الغاز الحيوي وحرقه على حد سواء لتوليد الكهرباء.

يعتقد البوسعيدي أن الفوائد المترتبة على متابعة هذا المشروع تعادل ثلاثة أضعاف. فبالإضافة إلى توفير مصدر بديل للطاقة، من شأن مصانع الغاز الحيوي أن تقلل من عبء المكبات، وتجعل الأسمدة العضوية مناسبة للزرع، كناتج ثانوي.

قال “إنها فرصة لإنتاج شيء من لا شيء – سوف نتخلص من الطعام المهدور ونصنع شيئين مفيدين. من الواضح أن الحل طويل الأمد يتمثل في عدم إنشاء المزيد من المكبّات.”

يقول خبراء آخرون إن سلطنة عُمان ليست الدولة الوحيدة في المنطقة، أو في العالم في واقع الأمر، التي تعاني من مشكلة مكبّات النفايات التي تمتليء بنفايات الأطعمة السريعة والمتزايدة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: لبنان: اقتراحات أكاديمية لأزمة النفايات).

قال غوبالاكريشنان كومار، الأستاذ في قسم الكيمياء والعلوم الحيوية والهندسة البيئية في جامعة ستافنجر في النرويج، “تشكل النفايات مشكلة كبيرة في الشرق الأوسط كما هو الحال في مناطق أخرى من العالم، ويرجع ذلك أساسًا إلى الزيادة المستمرة في عدد السكان. عادة ما تعمل مكبّات النفايات بقدرة فائضة في الشرق الأوسط.”

درس كومار إمكانات إنتاج الطاقة من مخلفات الطعام ويقول بأن مصانع الغاز الحيوي يمكن أن تكون حلاً مولدًا للثروة في المنطقة، إذا ما تمت إدارتها بشكلٍ جيد.

يقول الهنائي إن من الصعب تحديد أسباب زيادة هدر الغذاء في عُمان والمنطقة بشكلٍ أوسع، لأن البيانات التاريخية غير متوفرة. لكن استنادًا إلى ارتفاع مستويات السكان والتوسع الحضري، تعمل شركة بيئة على افتراض أن المشكلة من المحتمل أن ترتفع.

ومع ذلك، يمثّل الوضع الحالي بالفعل مصدر قلق كبير للمنطقة، بحسب ميرزا بيك، أستاذ علوم الأغذية والزراعة بجامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية. إذ يقول بيك إن مستوى هدر الغذاء في الشرق الأوسط اليوم يمثل مشكلة للأمن الغذائي بالإضافة إلى مشكلة لوجستيات طمر النفايات.

قال “تستطيع المملكة العربية السعودية تلبية 30 في المئة فقط من احتياجاتها الغذائية فيما تقوم بإستيراد الباقي. كل قضمة طعام تُهدر تهدد أمننا الغذائي.”

تدعم الإحصاءات وجهة نظر بيك.

فوفقًا لبيانات مؤشر استدامة الأغذية، تمثّل نفايات الطعام عند قياسها كنسبة مئوية مقارنة بالإنتاج الغذائي الوطني أعلى بكثير في العالم العربي من أي مكان آخر. (يقيس هذا المؤشر – الذي أعده قسم الأبحاث في مجموعة الإيكونوميست، وهي شركة إعلامية بريطانية – فقدان الغذاء والزراعة المستدامة والتحديات الغذائية في ما يقرُب من 70 دولة).

يعادل إجمالي نفايات الغذاء في المملكة العربية السعودية 11.7 في المئة من إجمالي الناتج الزراعي للمملكة. في السودان، تبلغ هذه النسبة 11 في المئة وفي الأردن يرتفع هذا الرقم قليلاً إلى 12.7 في المئة، لكنه أعلى بكثير في الإمارات العربية المتحدة حيث بلغ 59.1 في المئة. لا يضم الفهرس البيانات الخاصة بسلطنة عُمان.

وبالمقارنة، فإن هذا الرقم يمثل 0.8 في المائة فقط في الولايات المتحدة و1.7 في المئة في المملكة المتحدة.

قال بيك “لقد وصلت منطقة الشرق الأوسط إلى حدودها لاستيعاب النفايات وتحتاج إلى بناء المزيد من مكبّات النفايات للتغلب على البدائل أو التوصل إليها. وأنا أرحب بشيء يماثل جهود عُمان هنا في المملكة العربية السعودية.”

في مسقط، لا تخلو مبادرة الغاز الحيوي من مشاكلٍ محتملة أيضًا.

يحذر كومار من أن نجاح النظام يعتمد أيضًا على تغيير السلوك. قال “تتمثل الصعوبة الرئيسية في طريقة الجمع. يجب إقناع المتاجر الكبرى والمزارع والمسالخ بأن الأمر يستحق الوقت اللازم لتغيير طريقة التخلص من النفايات.”

في الوقت الراهن، ليست هناك خطط لدى شركة بيئة لتقديم حوافز مالية لتشجيع الشركات على التسجيل، لكنها تأمل في تشجيعهم على القيام بذلك من خلال التعليم وجعل عملية جمع النفايات ممكنة في أسرع وقت.

بالإضافة إلى ذلك، يعترف الهنائي بأن سعر الكهرباء التي تنتجها محطات الغاز الحيوي لن يكون منافسًا في السوق المفتوحة في جزء من العالم يتوافر على مخزون كبير من الوقود الأحفوري.

لكن الهنائي يرى أنه في الإمكان تبرير المشروع بطرق تتجاوز سعر الكهرباء. قال “على سبيل المثال، تستورد عُمان الكثير من الأسمدة الكيماوية، لكن مصانع الغاز الحيوي ستوفّر سمادًا عضويًا كمنتج ثانوي. إنه أكثر أمانًا من المواد الكيميائية وقد يسمح لبعض المزارع بالانتقال إلى الزراعة العضوية، مما يعني أن منتجاتها ستكون ذات قيمة سوقية أعلى.”

كما أن إنتاج الغاز الحيوي سيوفرّ المزيد من احتياطي الغاز الطبيعي والنفط العُماني للتصدير.

قال البوسعيدي “في النهاية، هذا قرار استراتيجي لسلطنة عُمان لتكون أكثر فاعلية.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى