أخبار وتقارير

باحثة عُمانية تدرس أسباب زيادة إصابة النساء بأمراض القلب

مسقط – يعتبر مرض القلب السبب الأول لوفاة النساء بعد انقطاع الطمث في جميع أنحاء العالم وتسعى باحثة في سلطنة عُمان لمعرفة أسباب ذلك.

قالت جمانة صالح، الأستاذة في قسم الكيمياء الحيوية بجامعة السلطان قابوس، “إنه يتسبب في موت الكثير من النساء. وبينما أعرف أنه قد لا يكون هناك سبب واحد لذلك، إلا أنني أريد أن أساعد في معرفة ما يحدث كيميائيًا.”

وبحسب جمعية القلب الأميركية، تقتل أمراض القلب امرأة واحدة من كل ثلاث نساء في جميع أنحاء العالم كل عام، أي ما يعادل امرأة واحدة تقريبًا كل دقيقة.

أمراض القلب عبارة عن مصطلح يستخدم لوصف عدد من المشاكل المتعلقة بالأوعية الدموية، بما في ذلك أمراض الأوعية الدموية، ومشاكل عدم انتظام ضربات القلب وعيوب القلب الخلقية. ويمكن أن تسبب أمراض القلب في حدوث السكتات الدماغية والأزمات القلبية وتتأثر بعوامل نمط الحياة مثل التدخين وممارسة الرياضة والنظام الغذائي. (اقرأ التقرير ذو الصلة:اختلاف الأمراض المسببة للوفاة في المنطقة العربية).

لعقود من الزمن، تقبّل العاملون في مجال الطب والباحثون فكرة كون النساء بعد انقطاع الطمث أكثر عرضة للإصابة بأمراض القلب من النساء قبل انقطاع الدورة. لكن تحديد سبب هذا النمط بالضبط أمرٌ صعب.

قالت إيفون فان دير شيو، أستاذة علم الأوبئة للأمراض المزمنة في المركز الطبي بجامعة أوتريخت في هولندا، “تم دمج الرجال في الدراسات بشكلٍ دائم، ولذلك نعرف الكثير عن الرجال، لكن النساء أقل عرضة للإنخراط في الدراسات. ويعود هذا جزئيًا إلى عدم الرغبة في اختبار العقاقير على شخص يمكن أن يصبح حاملاً أثناء التجارب.”

تركز أبحاث فان دير شيو على الارتباط بين انقطاع الطمث وخطر الإصابة بأمراض القلب. وتقول إن أحد نتائج انخفاض نسبة مشاركة النساء في الدراسات الطبية مقارنة بالرجال تتمثل في أننا نعرف القليل عن ظاهرة أمراض ما بعد انقطاع الطمث مقارنة بما ينبغي لنا أن نعرفه.

لكن صالح تطمح لاستخدام علمها لتغيير هذا.

قامت صالح بأخذ عينات دم من 413 امرأة عُمانية تتراوح أعمارهن ما بين 18 و80 عامًا. وقامت بتقسيم العينات إلى الثلثين تقريبًا، حيث كانت ثلث المشاركات في أعمار قبل انقطاع الطمث، وثلث آخر يمر بفترة انقطاع الطمث والثلث الأخير بعد انقطاعه.

تم أخذ عينات دم من المشاركات في أعمار ما قبل انقطاع الطمث خلال ثلاثة أيام من بدايته. قالت صالح “أظهرت الدراسات السابقة أن هذا هو الوقت الذي تكون فيه النساء على الأرجح أكثر تشابهاً كيميائيا مع النساء بعد انقطاع الطمث. وهذا يعني أننا نقارن التفاح مع التفاح، وليس بين التفاح والأجاص.”

[هل أنت مهتم بمواضيع الصحة والعلوم والبحوث في العالم العربي؟ إشترك في نشرتنا الآن]

بعد ذلك، أجرت صالح تحليلًا لعينات الدم، بحثًا عن إشارات كيميائية لعوامل خطر الإصابة بأمراض القلب – مثل الحمض الأميني المعروف باسم الهوموسيستين، والبروتينات الرابطة للريتينول ومستويات الدهون بشكل عام. وتشير المستويات العالية من هذه الجزيئات المختلفة إلى ارتفاع خطر الإصابة بأمراض القلب.

بالإضافة إلى ذلك، حصلت صالح على تصنيفات مؤشر كتلة الجسم (BMI) وقامت بقياس أحجام الخصر ونسب الخصر إلى الورك للمشاركات. تُستخدم هذه التدابير عادة كمؤشرات على مقدار الدهون الحشوية – ذلك النسيج الدهني الأعمق في الجسم بدلاً من الدهون التي تقع تحت مستوى الجلد مباشرة.

أظهرت النتائج، كما هو متوقع، أن النساء بعد انقطاع الطمث أظهرن مستويات أعلى من الحمض الاميني الهوموسيستين والبروتين الرابط للريتينول والدهون. لكن بالإضافة إلى ذلك، أظهرت البيانات أن هناك علاقة عالية بين عوامل الخطر هذه ونسبة الدهون الحشوية.

قالت “إنها أول دراسة توضح ذلك في الشرق الأوسط. وهذا يدل على أن الدهون الحشوية هي المشكلة الأكبر.”

للهرمونات الأنثوية، مثل الاستروجين، تأثير وقائي على توزيع الدهون. تنتج النساء بعد انقطاع الطمث مستويات أقل من هذه الهرمونات، ويمكن أن يقدم هذا تفسيرا لنتائج صالح. قالت “لن أوصي بمكملات الهرمونات لأن ذلك يمكن أن يزيد من مخاطر الإصابة بالسرطان. دعونا نستهدف الدهون الحشوية بالتمرينات والنظام الغذائي المتوازن والتقليل من الوجبات السريعة.”

لا تعتبر هذه النتائج الجواب النهائي والأكيد للسؤال المتعلق بأسباب وفاة الكثير من النساء نتيجة لأمراض القلب بعد انقطاع الطمث، لكن البحث يضيف إلى مجموعة متزايدة من الأبحاث، والتي يمكن أن تساعد الباحثين بشكل جماعي يومًا ما على شرح هذه الظاهرة بشكل أفضل.

في هذه الأثناء، تقول فان دير شيو إن الأبحاث مثل تلك التي تجريها صالح مهمة وتستحق المتابعة.

قالت “من المهم معرفة السبب المؤدي لحصول ذلك لأنه إذا ما تعرفنا على الآلية البيولوجية، فقد نتوصل من معرفة كيفية التدخل. سيستغرق الأمر بعض الوقت، لكنني أعتقد أننا سنتوصل في النهاية إلى معرفة ذلك. نحن بحاجة لإجراء المزيد من دراسات أكبر.”

ومع ذلك، فإن بحثًا من هذا النوع لا يخلو من محددات. فمن الصعب للغاية إلغاء تأثير العمر بشكل صحيح من نتائج دراسات مثل هذه التي تعمل صالح على إجرائها. ومن المحتمل أن يصل سن انقطاع الطمث إلى 50 عامًا فما فوق، ولذلك ربما يكون العمر وحده المسؤول عن ارتفاع مخاطر الإصابة بأمراض القلب.

قامت صالح بإجراء تفصيل إحصائي لذلك مع أخذ مسألة العُمر في الاعتبار. ومن المؤكد أن فارق العمر للمشاركات سيساعد في ذلك، لكن لن يكون ممكنًا أبدًا القضاء على تأثير الشيخوخة بشكل تام. وهذا هو السبب في تأييد فان دير شيو لإجراء دراسات أكبر – كتلك التي تشارك فيها عشرات الآلاف من المشاركات – لأنه سيجعل من السهل تقليل التأثير المربك للعمر.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى