أخبار وتقارير

“السيدة القائد” نموذج ملهم للمرأة العربية العاملة

القاهرة- تعتقد نعمت شفيق، رئيسة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة لندن ونائب محافظ بنك انجلترا المركزي السابق، أن النجاح المهني مزيج من الحظ والاجتهاد معا. إذ يلعب المكان الذي يولد فيه الشخص، وليس فقط الاجتهاد، وما تتوفر له من رعاية وفرص دوراً كبيرا في تحقيق التقدم المهني.

وقالت شفيق، خلال محاضرة لها بعنوان “القيادة العالمية في عالم متغير” في الجامعة الأميركية في القاهرة، “أؤمن أن الموهبة موجودة في كًل مكان؛ لكن الفرصة لا،” مضيفة أن “مكانك وماتتعرض له في البيئة يساعدك بشكل كبير في حياتك العملية؛ ففي مصر يوجد ملايين الأشخاص من ذوي القدرات والمواهب؛ لكن لم يُتاح لهم الفرصة،” مشيرة إلى أن هذه المشكلة تواجه النساء على وجه الخصوص. قالت “هناك العديد من الفتيات المصريات اللائي للأسف لم يحصلن على نفس فرصة التعليم التي حظيت انا بها.”

وأضافت “هناك فرق بين أن تكون مولودًا في مدينة أو في الريف، لم أذهب إلى مدارس عظيمة، لكن كان لدي معلمين رائعين وكنت محظوظًة بما يكفي للعمل في مؤسسات لا تعترف بالمحسوبية.”

دفع اعتقاد شفيق بدور الحظ والفرصة في تقدم الإنسان للتخصص في مجالات التنمية الدولية، والتركيز في عملها على سبل تقديم دعم مالي للدول الفقيرة ومساعدة الأشخاص ممن لم تتح لهم فرصة للتعليم الجيد.

إذ تولت شفيق، الملقبة بـ “ديم مينوش” والتي تحمل الجنسيتين الأميركية والبريطانية بالإضافة إلى المصرية، منصب نائب رئيس البنك الدولي في عام 2004، واعتبرت في حينها أصغر من تولى المنصب بعمر 36 عامًا، حيث ساهمت في إعداد برنامجي إنقاذ اليونان والبرتغال، كما أسهمت في مشاركة رأس المال الخاص في مشروعات البنية التحتية، وكانت مسؤولة في صندوق النقد عن عمل البلدان في أوروبا والشرق الأوسط، وأشرفت على ميزانية إدارية للصندوق تقدر بمليار دولار، وفقا لمجلة “فوربس”. كما ترأست عدة مجموعات استشارية دولية مهتمة بالعمل الخيري، من بينها المجموعة الاستشارية لمساعدة الفقراء، وبرنامج المساعدة على إدارة قطاع الطاقة، وبرنامج مياه الصرف الصحي العالمي، وتحالف المدن والمنتدى العالمي لحوكمة الشركات.

وتعد شفيق أول إمرأة تشغل منصب رئيس كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، إحدى أهم جامعات العالم في هذا التخصص. كما كانت مرشحة محتملة لرئاسة بنك إنجلترا.

قالت “لولا فرص التعليم الجيد التي أتاحتها لي عائلتي؛ ماكُنت وصلت لهذه المكانة.”

في ذات الوقت، تؤمن شفيق بدور الجامعات كمؤسسات مستقلة في بناء المجتمعات. إذ سبق لها وأن قالت في لقاء صحفي “أعتقد في هذه اللحظة أن للجامعات دور خاص للغاية، حيث السياسة والمجتمع منقسمان جدًا في الوقت الحالي ، والجامعات لديها القدرة على أن تكون مكانًا يمكن فيه مناقشة بعض هذه الانقسامات وإمكانية حلها.”

ولدت شفيق في مدينة الإسكندرية في مصر عام 1962، ثم سافرت مع عائلتها وهي طفلة إلى الولايات المتحدة الأميركية، حيث حصلت على البكالوريوس في السياسة والإقتصاد من جامعة ماساتشوستس، ثم حصلت على الماجستير في الاقتصاد من كلية لندن للاقتصاد، وعلى دبلوم في الاقتصاد من كلية سانت أنتوني في جامعة أوكسفورد.

شغلت شفيق العديد من المناصب الأكاديمية، في كلية وارتون لإدارة الأعمال بجامعة بنسلفانيا، وكلية الاقتصاد بجامعة جورج تاون، وشغلت منصب الأمين العام لوزارة التنمية الدولية البريطانية، في الفترة من مارس 2008 حتى عام 2011. كما اختارتها مجلة فوربس الأميركية واحدة من أكثر النساء تأثيرا في العالم لعامين على التوالي.

مع ذلك، لم يكن مسار شفيق المهني سهلاً بحسب ماتقول. “واجهت نفس التحديات التي واجهتها العديد من السيدات العاملات، فجميعهن-وبخاصة عندما يكن أصغر سناً- يواجهن مشاكل في أن يجدن من يستمع إليهن ويأخذ كل آرائهن في الاعتبار، في حين يحصل زملاؤهن من الرجال على فرص أكبر في أن يجدوا من يستمع إليهم. لقد واجهت كل هذه الأشياء، لكنني أرى أن الأمور آخذة في التغير.” مضيفة “عأتقد حقا أننا على أعتاب تحول كبير في ما يتعلق بالأدوار الاقتصادية والسياسية للمرأة، لذلك لدي حماسة شديدة لرؤية ما يمكن أن يفعلن.”

لكنها تشير إلى استمرار غياب السياسات الداعمة لعمل المرأة. قالت “لا تواكب أالسياسات الخاصة بمكان العمل حتى الآن مع احتياجات النساء العاملات مثل الحصول على رعاية جيدة لأطفالهن والتمكن من الحصول على إجازة وضع كافية حتى يتمكن من تكوين أسر وفي نفس الوقت يحافظن على وظائفهن.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: المرأة العربية مازالت بعيدة عن قيادة المؤسسات الأكاديمية).

يصف كريم ويصا، الدبلوماسي المصري، شفيق زميلته السابقة بجامعة أكسفورد بكونها “إنسانة مجتهدة، دؤوبة في عملها، شديدة التواضع مع المحيطين بها، هادئة، وراغبة في التعرف على كُل ماهو جديد.”

وعلى الرغم من كون استقرار شفيق في مصر مستحيلاً نظرا لكون حياتها المهنية والعائلية في بريطانيا، فإنها تحرص على زيارة مصر عدة مرات سنوياً وزيارة قرية أسرتها طحانوب  للقاء السيدات العاملات في الريف وتشجيعهن على الاستمرار في العمل بحسب والدتها ميسا كمال حمزة.

قالت “أنا فخورة بها دوماً في كُل مراحلها لتعليمية والمهنية؛ ومازلت أتذكر قول معلمتها لها وهي في سن الرابعة ستكونين شخصاً فاعلاً ومؤثراً في المستقبل.”

دعت شفيق، في ختام حديثها بالجامعة الأميركية في القاهرة، الحكومات لزيادة الاستثمار في التعليم. قالت “العائدات أعلى بكثير مما يمكن إنفاقه، هذا أفضل نوع من الاستثمارات على الإطلاق.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى