مقالات رأي

دور علم التعلم في تحسين المساقات الإلكترونية

ملاحظة المحرر: تم نشر المقال أدناه قبل نحو عام، لكننا نعيد تسليط الضوء عليه لاعتقادنا بأهميته في ظل التحول الحاصل حالياً نحو التعليم الإلكتروني. يأتي المقال ضمن سلسلة من جزأين تركز على تحسين المساقات الإلكترونية التي تم إعدادها. المقال الأول يتحدث عن “ثلاثة دروس أساسية لتعليم إلكتروني أفضل“.

يمكن للجامعات التي تُعِد برامج إلكترونية أن تتحول إلى مكانٍ واعد  للأبحاث حول ما يصلح تدريسه عند اعتماد النهج الرقمي. ومن بين النتائج المهمة للبحوث معرفة أن عملية تصميم الدورات لم تنته حقًا. ففي الإمكان تحسين الدورات الإلكترونية تدريجيًا بمرور الوقت بناءً على مدى عمل كل مكون مع كل دفعة جديدة من الطلاب.

بمعنى آخر، في الإمكان أن ننظر لكل مساق إلكتروني بإعتباره تجربة تعليمية، حيث يتم جمع البيانات (مثل مقدار الوقت الذي يقضيه الطلاب على كل مقطع فيديو أو قراءة أو مدى جودة أدائهم في الاختبارات والامتحانات) ويمكن إجراء التعديلات مع تزايد كم البيانات التي تم جمعها عن الطلاب بمرور الوقت.

بينما يحدث هذا النوع من التطوير “التكراري” بالفعل في الفصول الدراسية على أرض الواقع، يمكن أن يوفّر الاتجاه نحو التدريس الإلكتروني مجموعات أكثر ثراءً من البيانات، بحسب مايكل فيلدشتاين، مستشار تكنولوجيا التعليم ومدير مشروع التعليم التجريبي، الذي يسعى إلى تشجيع مثل هذه الأساليب. قال فيلدشتاين “إنه يعمل بشكل جيد بشكل خاص مع الدورات الإلكترونية لأن كل ما يحدث في الفصل متوافر في البيئة”، وهذا يعني أنه يحدث رقميًا وفي الإمكان قياسه. وأضاف “لديك بيانات عن كل تفاعل هناك،” وهو ما يجادل فيلدشتاين وخبراء يشاطرونه الرأي بأن في إمكان التدريس أن يصبح أكثر علمية وأقل فنية كنتيجة لدراسة التعليم عبر الإنترنت.

وفيما يلي بعض الدروس المُستفادة من الباحثين والأساتذة الذين يعملون لساعاتٍ إضافية لصياغة دوراتهم عبر الإنترنت بهدف تحقيق أقصى تأثير ممكن:

تصميم الوسائط المتعددة بعناية

يُعد ريتشارد ماير من النجوم البارزين فيما يتعلق بعلم التعلم، فقد صنفته مجلة علم النفس التربوي المعاصر على أنه من أكثر علماء النفس التربوي إنتاجًا في العالم قبل بضعة أعوام. مؤخرًا، قام بنشر ورقة بحثية تتحدث عن 30 عامًا من النتائج، وتسلط الضوء على سلسلة من المبادئ الأساسية في كيفية تصميم الوسائط المتعددة للدورات التدريبية عبر الإنترنت:

  • مبدأ التماسك: وذلك بالتخلص من المواد غير الضرورية
  • مبدأ التكرار: عدم إضافة نصوص على الشاشة بجوار الرسومات المسرودة
  • مبدأ التجزئة: تقسيم الدروس إلى أجزاء تسير على خطى المستخدم
  • مبدأ ما قبل التدريب: تقديم أسماء وتعريفات للمفاهيم الأساسية قبل الدرس

في حين أن معظم هذه المبادئ تبدو من المسلّمات، إلا أن الالتزام الصارم بها يمكن أن يحسن من جودة التعلم بشكل كبير، بحسب ماير. على سبيل المثال، ينصح ماير “بالتخلص من المواد غير الضرورية” من الرسوم البيانية أو مقاطع الفيديو، بموجب مبدأ التماسك. لكنه يشدد على أن هذا النوع من التحرير الدقيق ليس مجرد دقة – فقد ثبت أنه يساعد المتعلمين على الوصول إلى التفاصيل الأساسية التي ستبقى في الأذهان. مستشهدًا بما أطلق عليه علماء النفس نظرية الحمل المعرفي، يشير ماير إلى أن الذاكرة العاملة لأي متعلم محدودة، ولذلك يجب على المدربين أن يخففوا من الضغط الذي يمكن أن ينجم عن المعلومات غير الضرورية والتي تشتت التركيز.

في الكتاب الكلاسيكي الذي شارك ماير في تأليفه مع روث سي. كلارك بعنوان “التعليم الإلكتروني وعلم التدريس“، يعترف بأن التدريس عملية إبداعية وأن الدراسات البحثية لوحدها لا يمكنها إخبار أي مدرب بالضبط عمّا يجب القيام به. لكنه يشدد على أن هناك نتائج عملية أساسية تستند إلى أدلة تُظهر، على سبيل المثال، أن استخدام مزيج من الكلمات والصور يؤدي إلى نتائج أفضل من اعتماد الكلمات وحدها، شريطة أن تكون الرسوم التوضيحية ذات صلة بالمواد وليست مجرد عملية زخرفية.

الاختبارات كلحظات رئيسية في التدريس

أظهرت الأبحاث والممارسة أيضًا أن مشاهدة مقاطع الفيديو أو قراءة المواد عبر الإنترنت – حتى لو كانت مصممة بشكل جيد – لا تكفي لإتقان المواد الأكاديمية.

يقول ماير وآخرون إن هناك إجماعًا متزايدًا على أن ما يسمى بـ “التعلم النشط” أمر ضروري، وهذا يعني أنه يتوجب على الطلاب ممارسة ما تعلموه ومحاولة إظهاره. لا يجب أن يكون التعليم النشط عبارة عن أنشطة عملية، حيث يكفي في بعض الأحيان إيقاف درس الفيديو وتوجيه سؤال قصير للطلاب حول ما شاهدوه للتو.

يعتبر جاي باركس، أستاذ علم النفس التربوي في جامعة نيو مكسيكو في البوكيرك، من بين أولئك الذين يرون بأن على المعلمين التوقف عن التفكير في الاختبارات والامتحانات باعتبارها أشياء يتم تقديمها بعد حدوث التعلم – كوسيلة لقياس ما إذا كانت المعلومات قد تم استيعابها أو لا. عوضًا عن ذلك، يعتقد باركس بأن التعلم يحدث أيضًا أثناء الاختبار، حيث يفكر الطلاب في الإجابات، أو حتى عندما يخطئون ويتعرفون على الإجابة الصحيحة وشرحها. لقد وضع فكرته هذه في كتاب شارك في تأليفه، بعنوان التعلم والتقييم من خلال أسئلة الاختيار من متعدد في فصول الكلية.

وفي مقابلة مع EdSurge، قال باركس إن أسئلة الاختيارات المتعددة المكتوبة بعناية يمكن أن تعطي الأساتذة إحساسًا واضحًا عن نقاط فهم الطلاب. على سبيل المثال، يمكن للأساتذة تضمين “المشتت” عن قصد، وهي إجابات خاطئة غير صحيحة ولكنها تتضمّن بعض الأساس المنطقي على أساس المادة. ليس الهدف من ذلك دفع الطلاب للوقوع في الخطأ، وإنما للتحقق من إتقانهم الحقيقي للمواد.

دور “لوحات المعلومات” في إرشاد تصميم المساقات

عندما يدرّس الأساتذة في الفصول الدراسية، يعتادون على “قراءة الغرفة” ومشاهدة ردود أفعال الطلاب لمعرفة ما إذا كانوا قادرين على فهم ما يتم تدريسه أو لا. في الدورات الإلكترونية، يتعين على الأساتذة إيجاد وسائل أخرى لقياس انتباه الطلاب.

تمنح أنظمة إدارة التعلم التي تستخدمها معظم الجامعات في الدورات الإلكترونية الأساتذة بشكل متزايد القدرة على رؤية تصورات سريعة للوقت الذي يقضيه الطلاب في مشاهدة مواد الدورة، وعدد المرات التي شاركوا فيها في المناقشات عبر الإنترنت، وتفاصيل مماثلة .

تعد جامعة ولاية يوتا مثالاً على مؤسسة جربت تصميم لوحات معلومات للأساتذة يمكنها أن تقدم لهم رؤىً محدثة باستمرار حول تقدم الطلاب في مواد الدورة التدريبية. وجد أساتذة ولاية يوتا أن رؤية كيفية استخدام الطلاب للمواد يساعدهم أيضًا على تحسين تصميم الدورات. على سبيل المثال، عندما اطلع كورتني ستيوارت، الأستاذ المساعد في تدريس التعليم والقيادة، على البيانات الموجودة في دورة تدريبية إلكترونية قام بتدريسها حول استراتيجيات التعلم، لاحظ أن حوالي نصف الطلاب فقط زاروا الصفحة الرئيسية للدورة التدريبية. بدلاً من ذلك، انتقل الكثير منهم مباشرة إلى الواجبات المنزلية. فيما نقر الطلاب على روابط مهام القراءة أو محاضرات الفيديو عندما تعثروا وأرادوا البحث عن إجابة فقط. قادته تلك المعلومة إلى التفكير في نقل بعض المواد التعليمية إلى صفحات الواجب المنزلي.

في كل هذه الأمثلة، يتمثل الهدف في استخدام عقلية العلوم والهندسة لإنشاء الدورات التدريبية. يمكن أن يمثّل ذلك تحولًا ثقافيًا كبيرًا لبعض الأساتذة ومسؤولي المساقات ويمكن أن يجعل الانتقال إلى الإنترنت أكثر تعقيدًا من مجرد نقل المحاضرات من الفصل الدراسي إلى كاميرا الويب.

على الرغم من أن التحول إلى التدريس عبر الإنترنت قد يكون معقدًا، إلا أنه وبمرور الوقت يفتح المجال أمام إمكانية أن يؤدي جمع ومشاركة بيانات تعلم الطلاب إلى جعل التدريس عملية أكثر فاعلية – في أي جزء من العالم.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى