أخبار وتقارير

صور الفنانة الإماراتية فرح القاسمي انعكاس لعالمها

تشكل الصقور، والفراشات الواقفة على شريحة من البرتقال، وصور ذاتية تحت شجرة مانجو مزدانة بفواكه ناضجة كاملة معلقة عليها جزءًا من الموضوعات التي تتناولها أعمال التصوير الفوتوغرافي للفنانة الإماراتية المقيمة في نيويورك فرح القاسمي.

ليست هناك ظلال ضبابية أو ألوان صامتة هنا، لكن الموضوعات التي تم التقاطها بتركيز شديد جعل من صورها تبدو وكأنها عازمة على تعطيل تفاهة اللقاءات المرئية اليومية للعالم. تعتبر صورها مزيج من البورتريه والطبيعة الصامتة، فيما تجعل جمالية تصويرها الفوتوغرافي المواضيع التي تم التقاطها تبدو مفعمة بالحيوية ومنعشة، وقد أجرؤ على القول بأنها لطيفة.

حاليًا، تُعرض بعض أعمالها خلال الأسبوع الأول من شهر حزيران/ يونيو في مركز جميل للفنون بدبي. المعرض مأخوذ إلى حد كبير من مجموعة جميل للفنون ويتم عرضه في إطار سلسلة “غُرف الفنانين”. وُصفت سلسلة “غرف الفنانين” على أنها “عروض صغيرة تعاونية”، إذ تكرس معرضًا لأعمال فنان واحد ينظر إليه باعتباره فنان مؤثر أو مبتكر. يولي المركز اهتمامًا خاصًا بالفنانين من الشرق الأوسط أو آسيا أو إفريقيا – المناطق التي أثرت أو استمرت في التأثير على الإمارات وفنانيها والمجتمع بشكل أوسع.

يستحق المعرض الزيارة للإطلاع على كيفية خلق الفنانين الإماراتيين الشباب لروايات فريدة وتصريحات قوية للهوية الثقافية المعاصرة. تركز أعمال القاسمي على استكشاف الأماكن العامة والخاصة التي تسكنها النساء، مثل المنازل وغرف النوم. بالإضافة إلى ذلك، غالبًا ما تحيك بشكل ناقد الكيفية التي تغري من خلالها ثقافة المستهلك الناس، ولاسيما النساء، بوعود الجمال أو تحسين الذات. يشمل عملها أيضًا الفيديو والأعمال المستندة إلى الأداء.

بتخرجها من برنامج ماجستير الفنون الجميلة المرموق في جامعة ييل عام 2017 مع تركيز على التصوير الفوتوغرافي، عززت القاسمي مهاراتها في التصوير الفوتوغرافي لتحقق جمالية فريدة من نوعها. وبظهور أعمالها على شاكلة مجلات الأزياء اللامعة جزئيا وأحلام الهلوسة في جزئها الآخر، ترتبط أعمالها بواقع من بنائها الخاص.

اكتشفت القاسمي إمكانات التصوير بعد التسجيل في بعض فصول الفنون خلال سنوات الدراسة الجامعية، وكذلك في جامعة ييل، عندما كانت تدرس الموسيقى. قالت “لقد التحقت بمدرسة ثانوية لم يكن فيها الفن أو الموسيقى من المواضيع المتاحة لدراستها. لذلك، وعندما التحقت بدراسة الفنون في الكلية، فتح ذلك لي عالماً جديداً من التواصل غير اللفظي.”

بعد سنوات قليلة من العمل بدوام كامل وإنتاج الفن في أوقات فراغها، حصلت على منحة دراسية من مؤسسة سلامة بنت حمدان آل نهيان للالتحاق بكلية الدراسات العليا.

قالت “في المؤسسة وفي جامعة ييل، وجدت مجموعة رائعة من الفنانين الذين يعملون بجد. لا توفر لك برامج الدراسات العليا أو برامج الإقامة المؤسسية أي شيء لا يمكنك الحصول عليه من تجربة حقيقية، لكنها يمكن أن تكون مسارًا سريعًا لتشكيل مجتمعات ذات معنى – وبوابات إلى أشكال جديدة من الإنتاج.”

بمرور الوقت، وصلت القاسمي لتحقيق أسلوبها الحالي. قالت “كلما ألتقطت المزيد من الصور، كلما شعرت بنفسي وكأنني أصبح مرشّح عدسة كاميرا أكثر وضوحًا للعالم المحيط بي، وهو عالم من صنعي أنا على وجه التحديد.”

موضوعات القاسمي تتمثل في أصدقائها المقربين في الغالب، أو الأشياء التي تخلق كإمتدادات ليست لها أهمية فوتوغرافية. وبإلقائها نظرة على دراغون مارت Dragon Mart، وهو مركز تجاري ضخم يقع على مشارف وسط مدينة دبي مع منافذ تبيع منتجات ضخمة من معدات البستنة إلى الأثاث الفاخر على الطراز القديم، تعتبر القاسمي مجمع البيع بالتجزئة مثالًا رئيسيًا على العبثية وانتشار السلع الصينية ذات الأسعار المنخفضة في الأسواق الناشئة.

بهدف التقاط الإغراء الرخيص لهذه السلع، تجبر القاسمي المشاهدين على إعادة النظر في الأشياء التي يُنظر إليها غالبًا على أنها “فن هابط”، لتشرّب موضوعات الإثارة الرخيصة هذه بإحساس إبداع احتفالي في عصر تركت فيه العلامات التجارية المصممة علامة مميزة من الأناقة البسيطة على كل شيء بدءًا من الديكورات الداخلية للفنادق والمطاعم في الإمارات وحتى الأزياء الأنيقة المستوردة من دور الأزياء في أوروبا.

قالت القاسمي موضحة “من خلال أعمالي، أحاول أن أنقل معرفة أكبر عن كيفية عمل العالم، وإحساس أكثر وضوحًا بالفضول والتساؤل، وأحيانًا طريقة لاستخدام إغراء الجمال كذريعة للناس لكي ينتبهوا إلى شيء أؤمن بأنه “يستحق أن ننظر إليه.”

بالتزامن مع عملها الفني في الاستوديو الخاص بها، تعمل القاسمي أستاذة مساعدة للتصوير الفوتوغرافي في معهد برات الفنون. وقالت، مستشهدة بالصعوبة المالية التي تواجهها للبقاء في العمل المستقل في الإمارات، إن مدينة نيويورك تسمح بإمكانية تطوير العديد من جوانب حياتها المهنية في الوقت ذاته “كمعلمة، أحاول دائمًا التأثير على طلابي وابعادهم عن الأفكار القهرية المتمثلة في الصقل والإصرار، وعوضا عن ذلك، أفتح لهم إمكانيات محيطهم المباشر، وإمكانية الرؤية بتعجب، وإيلاء اهتمام وثيق والعمل مع ما هو في متناول أيديهم.”

مما لا شك فيه، يعني هذا التشكيك في عبثية واعتيادية الحياة اليومية، سواء في نيويورك أو في مسقط رأسها في الشارقة.

يستمر معرض غرف الفنانين: فرح القاسمي في العرض حتى 8 حزيران/ يونيو في مركز جميل للفنون بدبي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى