أخبار وتقارير

عيادة لحقوق الإنسان لتدريب طلاب القانون الفلسطينيين

تقوم عيادة القدس لحقوق الإنسان بتدريب الجيل القادم من المحامين لمواجهة القضايا القانونية العديدة والمعقدة التي تواجه الفلسطينيين في القدس والأراضي المحتلة.

تعمل العيادة كوحدة مستقلة في جامعة القدس الواقعة في حرم الجامعة في بلدة أبو ديس بالضفة الغربية، والتي يفصلها عن القدس جدار الفصل الإسرائيلي في الضفة الغربية.

تشهد البلدة والحرم الجامعي مداهمات متكررة، كان آخرها في 12 شباط/ فبراير من هذا العام، عندما حاصرت القوات الإسرائيلية الجامعة واشتبكت مع الطلاب، مما أسفر عن إصابة 17 شخصًا بجروح جراء استنشاق الغاز المسيل للدموع.

على خلفية مثل هذه الأحداث، يعمل منير نسيبة والطلاب في عيادة حقوق الإنسان لضمان حصول الفلسطينيين على التمثيل القانوني من خلال خدمتين أساسيتين توفرهما العيادة: توثيق انتهاكات حقوق الإنسان والإبلاغ عنها، وحملات الدفاع لزيادة الوعي.

يعتبر نسيبة، أستاذ القانون ومحامي حقوق الإنسان، أحد مؤسسي العيادة، التي تأسست عام 2006 ويعتقد أنها أول برنامج تعليمي قانوني عملي معتمد من نوعه في العالم العربي.

من خلال العيادة، يحصل الطلاب على تدريب نظري وعملي على حد سواء ويكتسبون الاعتماد للعمل الذي يقومون به تحت إشراف كلية الحقوق. وقد واصل الخريجون والمتدربون العمل في كل من منظمات حقوق الإنسان المحلية والدولية، بما في ذلك منظمة العفو الدولية.

ترأس نسيبة أيضًا مركز القدس للعمل المجتمعي، الذي أنشأته جامعة القدس في عام 1999، والذي يوفر مساعدة قانونية مجانية للفلسطينيين الذين يحتاجون إلى المساعدة في قضايا مثل حماية وضع إقامتهم والمطالبة بحقوقهم في الحصول على التعليم وخدمات الرعاية الصحية.

 “نقطة تحول”

تصف مرح نادر رشق، التي درست كطالبة في عيادة حقوق الإنسان من عام 2017 إلى عام 2018، البرنامج القانوني باعتباره نقطة تحول في مسيرتها الأكاديمية.

قالت، “كطلاب في كلية الحقوق، كان تعليمنا يعتمد في الغالب على الجانب النظري. عندما بدأنا في الدراسة في العيادة، أتيحت لنا الفرصة للتفاعل مع الآخرين في المجتمع والتعلم بينما كنا نقوم بدعمهم “.

تقول رشق إن البرنامج قد زودها بكل من المعرفة والمهارات العملية – بما في ذلك التوثيق والإبلاغ والبحث والعرض التقديمي.

وأضافت “تعلمنا مدى صعوبة إحداث التغيير والقيود المفروضة على الهيئات الرئيسية المسؤولة عن ضمان احترام حقوق الإنسان، مثل الأمم المتحدة، وقد وجدتُ أن التعرف على هذه القيود، وكذلك التجارب الأخرى مثل تلك الموجودة في رواندا ويوغوسلافيا السابقة، ملهمة من حيث قدرتها على أن تظهر لنا أن التغيير لا يتحقق إلا من خلال الجهود المنسقة والموحدة.”

 الدفاع عن حقوق الفلسطينيين

كما يساعد طلاب العيادة أحيانًا المحامين في مركز القدس للعمل المجتمعي، مكتسبين بذلك المعرفة العملية بانتهاكات حقوق الإنسان التي يواجهها الفلسطينيون يوميًا وموقعهم في سياق القانون الدولي.

ومن بين أهم القضايا التي يتناولها المركز المشكلات الناشئة عن وضع الإقامة غير المستقر للفلسطينيين الذين يعيشون في إسرائيل.

قال نسيبة “عندما احتلت القدس الشرقية عام 1967، قامت إسرائيل بضم المنطقة، وطبقت القانون الإسرائيلي، واعتبرت الفلسطينيين الذين يعيشون هناك مقيمين دائمين، وليسوا مواطنين. لقد سهّل ذلك، مع مرور الوقت، إلغاء وضع الإقامة للفلسطينيين، مما يعني إلغاء حقهم في العيش في المدينة، بالإضافة إلى فرض قيود إضافية على تسجيل الأطفال.”

ترك منع الآباء من تسجيل الأطفال كمقيمين العديد من الأطفال دون أي وضع قانوني، وأصبحوا غير قادرين على الاستفادة من حقوق مثل حرية السفر خارج المدينة، أو خدمات مثل التعليم والرعاية الصحية والرعاية الاجتماعية.

وضح نسيبة قائلا “إذا ما وصلوا إلى سن الرشد وما زالوا غير مسجلين، لن يكون لديهم أي وضع قانوني. بدون بطاقة هوية، لا يمكنهم فتح حساب مصرفي أو العمل. لذلك نساعد في تسجيل الأطفال وفقًا للإطار الإسرائيلي الحالي.”

يساعد طلاب العيادة أحيانًا المحامين في مركز القدس للعمل المجتمعي، (الصورة: عيادة القدس لحقوق الإنسان).

يمكن أن تؤدي قضايا الإقامة أيضًا إلى انفصال الأسرة والتشرد. بموجب قانون عام 2003، يُمنع الفلسطينيون من الضفة الغربية أو غزة أو غيرها من الدول ممّن يتزوجون من أزواج في القدس أو إسرائيل من الحصول على وضع إقامة دائم أو الجنسية. يمكنهم الحصول على تصريح مؤقت فقط يجب تجديده سنويًا.

قال نسيبة “لهذا السبب، هناك العديد من الأسر التي تواجه صعوبة في العيش تحت سقف واحد.” مضيفاً “إنهم يعاملون بشكل أساسي مثل المهاجرين غير المرغوب فيهم ممّن لا يمكنهم الحصول على وضع دائم. وجميعهم يعتمدون على تجديد التصريح.”

[هل أنت مهتم بقضايا التعليم والبحوث والثقافة في العالم العربي؟ اشترك بنشرتنا الآن.]

ظلم ممنهج

غالبًا ما يواجه المركز قضايا تكشف عن عقبات منهجية تمنع الفلسطينيين من المطالبة بحقوقهم.

يروي نسيبة قصة رجل رُفضت طلباته لجمع شمل الأسرة مع زوجته وتسجيل طفله لأن وزارة الداخلية خلصت خطأً إلى أنهم لم يكونوا يعيشون في القدس. إذ كانت العائلة قد بقيت مؤقتا في نابلس، المدينة التي تنحدر منها زوجته. بموجب القانون الإسرائيلي، فإن الإقامة طويلة الأمد خارج القدس، سواء للعلاج الطبي أو للدراسة، يمكن أن تعني فقدان الإقامة، حتى بالنسبة للسكان الدائمين في المدينة. بمجرد أن طالب المحامون في المركز بجلسة استماع، تم تسجيل ابن الرجل ومعالجة طلب لم شمل زوجته.

قال نسيبة “هذه واحدة من قصص نجاحنا. إنها ليست مجرد حالة من سوء الفهم البسيط. تتبنى سلطات الاحتلال هذه الطريقة في محاولة لإيجاد أي طريقة لحرمان الناس من حقوقهم.”

يمكن أن يكون لإلغاء الإقامة تداعيات مدمرة. يحاول المركز حاليًا مساعدة امرأة فلسطينية، في الستينيات من عمرها الآن، في محاولتها لاستعادة وضعها بصفتها مقيمة دائمة في القدس منذ أكثر من 20 عامًا.

على الرغم من أنها ولدت ونشأت في القدس، تم إلغاء وضع إقامتها بعد زيارتها إلى غزة.

قال نسيبة “لقد اعتبرت إسرائيل أنها وبذهابها إلى غزة، قد غادرت إسرائيل وعاشت في الخارج، وهذا سبب كاف لإلغاء وضعها”.

تعيش المرأة الآن في القدس من دون توثيق مناسب، وهذا يعني أنها ليست جزءًا من نظام الرعاية الاجتماعية ولا يمكنها الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الطبية.

بدأ المركز مؤخرًا في العمل في قضيتها. قال نسيبة “حتى الآن، ليست لدينا إجابة بخصوص وضعها.”

تشمل الحالات الأخرى التي يعمل عليها المركز قضايا الفلسطينيين الذين فقدوا وضع إقامتهم أو حتى منازلهم بموجب سياسات إسرائيلية تعاقب أسر بأكملها عندما يُدان أحد الأفراد بجريمة ما.

قال نسيبة “يمكن للدولة أن تقرر هدم منزل عائلة بأكملها لأن أحد الأعضاء انتهك قوانين الأمن الخاصة بإسرائيل. ويمكنهم القيام بذلك في كل مرة يحددون فيها تهديدًا أمنيًا بالقول إنهم يردعون إرهابيين محتملين في المستقبل.”

المزيد من جهود الدفاع عن الحقوق

على الرغم من العوائق وانعدام اليقين، يواصل نسيبة وزملاؤه المضي قدما. إذ بدأوا مع برنامج الدفاع الدولي الذي يعمل من خلال مؤسسات، مثل مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف، بمطالبة الدول بالضغط على إسرائيل لوقف انتهاكاتها لحقوق الإنسان.

كما أطلق نسيبة أيضًا موقع المرجع، الذي يوفر ترجمات للقانون الإسرائيلي وقرارات المحاكم من العبرية إلى العربية من أجل تسهيل إمكانية الوصول إليها.

قال “نحن نحاول مساعدة الناس على فهم القانون وتحدي النظام من الداخل.”

يشيد عمر شاكر، مدير مكتب إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش، بعمل عيادة حقوق الإنسان، قائلا “إن النموذج العملي لتعليم حقوق الإنسان وسيلة قيمة للغاية بالنسبة للطلاب للحصول على خبرة عملية في مجال حقوق الإنسان. كانت العيادة في طليعة الخطوط الأمامية للقيام بالتوثيق والدفاع على أساس الحقوق في قضايا حقوق الإنسان في القدس. إنها توفر للطلاب فرصة فريدة لتأسيس تعليمهم على تجربة عملية يمكن أن تساعدهم في أن يصبحوا مدافعين أفضل في المستقبل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى