أخبار وتقارير

آلاف الأطفال يواجهون خطر عدم الالتحاق بالمدارس في إدلب

يواجه آلاف الأطفال في محافظة إدلب السورية خطر عدم الالتحاق بالعام الدراسي الجديد نتيجة لاستمرار التصعيد العسكري في المنطقة. فعلى الرغم من بدء العام الدراسي في البلاد، إلا أن نحو نصف مدارس شمال غرب سوريا باتت خارجة عن الخدمة، بحسب ما تقول منظمة “إنقاذ الطفولة” في بيان نشر مطلع الشهر الحالي.

قالت جولي باسول، الناطقة باسم المنظمة في الشرق الأوسط ، “الوضع في إدلب مأساوي لآلاف الأطفال الذين تشردوا مؤخراً، ربما يعجزون عن الانخراط في المدارس عند بدء العام الدراسي الجديد.”

أما الجامعات، فتبدو أحسن حالاً حتى الأن. إذ أعلنت جامعة إدلب عن انطلاق العام الدراسي الجديد في موعده خاصة وأن موقع الجامعة بعيد عن أماكن القصف.

خلال الأشهر الأربعة الماضية، أجبر القتال والغارات الجوية الناس على ترك 17 بلدة في شمال غربي سوريا، ونزح قرابة نصف مليون شخص إلى المنطقة الحدودية مع تركيا شمال إدلب. ومع بدء السنة الدراسية الجديدة، يمكن للمدارس المتبقية استيعاب ما يصل إلى 300 ألف طالب فقط، من بين 650 ألف طفل في سن المدرسة بحسب بيان المنظمة. فمن بين المدارس البالغ عددها 1193 مدرسة في مناطق إدلب، ما زالت 635 مدرسة تعمل، في حين أن 353 مدرسة متروكة أو مدمرة، بينما تستخدم 205 مدارس للإيواء الجماعي.

قالت باسول “في حال اشتد التصعيد العسكري سيرتفع هذا العدد مع إغلاق أو تدمير مدارس أخرى.”

قلق أولياء الأمور

بالطبع، يخشى الكثير من الأهالي اليوم إرسال أطفالهم إلى المدارس.

قالت سونيا كوش، مسؤولة الملف السوري في المنظمة “أبلغنا الأساتذة أن الأهالي يطلبون منهم إغلاق المدارس خشية من تعرضها لهجوم.” مضيفة أن الكثير من الأطفال يتعاملون حاليا مع خسارتهم لمنازلهم، ولا يجدر بهم أن يواجهوا خوفا آخر حول احتمال أن يخسروا حياتهم إن سعوا وراء تعليمهم.

تتفهم أحلام الرشيد، مدرسة لغة عربية بريف إدلب، خوف أولياء الأمور وعزوف الكثيرين عن إرسال أولادهم للمدرسة. قالت “يخاف أولياء الأمور على أولادهم من الخطف والقصف، كما أنهم غير قادرين على توفير نفقات الطعام ومسلتزمات الدراسة.”

طالب في مدرسة مدمرة في ادلب. (الصورة: جمعية إنقاذ الطفولة في سوريا ، شبكة حورس).
طالب في مدرسة مدمرة في ادلب. (الصورة: جمعية إنقاذ الطفولة في سوريا ، شبكة حورس).

من جهة أخرى، يبدو وضع المدارس سيء جدا. إذ يدرس الطلاب غالباً في الأقبية ويحتاجون إلى مقاعد دراسية وكتب وتدفئة خلال الشتاء فضلاً عن غياب الدعم النفسي.

قالت الرشيد”غالبية الأبنية متصدعة ولا تستوعب كل الطلاب. الوضع سئ للغاية.”

العام الماضي، أطلقت الرشيد حملة “ساعدني كي أتعلم” بهدف توفير كتب للطلاب في المراحل الدراسية المختلفة من زملائهم المنقولين لصفوف أعلى. وتمكنت من توفير كتاب واحد لكل ثلاثة أطفال.

قالت “لا يتم تأمين كتب للأطفال بسبب عدم وجود مطابع وعانينا العام الماضي وسنعاني مجددا هذا العام.”

نقص في عدد الأساتذة

تواجه مدارس الشمال مشكلة نقص عدد المدرسين المؤهلين.

قالت باسول “تعاني المنطقة من تراجع في الكادر التعليمي الموجود. فإما أن المعلمون قد نزحوا بحثا عن الأمان لهم و لعائلاتهم أو قتلوا او أصيبوا. بالاضافة إلى ذلك، نزحت عائلات كثيرة أكثر من مرة، والبعض منها مرات متكررة، مما يجعل الإستمرارية في التعلم والمثابرة أمرين مستحيلين للاطفال.”

وكان شمال غرب سوريا قد شهد تضاعفاً في عدد سكانه من 1.5 إلى 3 ملايين شخص بما في ذلك أكثر من مليون طفل و 750.000 امرأة  في غضون السنوات الثلاث الماضية، حيث تم تهجير المدنيين من أجزاء أخرى من سوريا التي مزقتها الحرب. في الوقت نفسه، تأثرت بنيتها التحتية وخدماتها بأكثر من ثماني سنوات من القتال، مما ترك الآلاف دون إمكانية الوصول إلى التعليم والرعاية الصحية بشكل صحيح.

يعتقد يوسف شعبان، ناشط إغاثي مهجر من ريف دمشق ويقطن حاليا بريف ادلب، أن الهجمات الأخيرة من قبل قوات النظام السوري وسيطرته على مدن اللطامنة وكفر زيت وخان شيخون تسببت في موجة نزوح كبيرة على الحدود التركية إضافة إلى النازحين الموجودين من الأساس مما يزيد من الضغوط على مدارس المخيمات.

قال “كثير من القرى والمدن التي صارت حاليا على خطوط المواجهة، أهلها يخافون من القصف لذا يلجأون للمخيمات، لكن كثيرون يبقون بدون تعليم.” مشيراً إلى أنه لا يوجد مدارس بالمعنى الفعلي للكلمة في المخيمات ولكن خيم يقوم معلمون بجمع طلاب بداخلها وتدريسهم.

قال “كثيراً ما يتم تدريس الطلاب في العراء ومن قبل متطوعين.”

تبنى شعبان، وزملائه من الناشطين فكرة إقامة مدرسة بالجهود التطوعية، بعد استهداف سيارة توزيع الخبز الخاصة بهم بعبوة ناسفة، وإصابة أحد زملائه حيث تم جمع مبالغ مالية لعلاجه لكنه توفي فتم توجيه المال لبناء المدرسة وسط 11 مخيم في ريف إدلب الشمالي، لتكون قريبة لأطفال المخيمات.

قال “من خلال عملي أدركت أن كارثة إنعدام التعليم أشد بكثير من كارثة نقص الطعام والشراب. لكن ربما نتائجها لم تظهر بعد.”

لاتعتقد باسول بإمكانية توفير تعليم جيد ومستمر للأطفال في إدلب إلا من خلال وقف النزاع.

قالت “أي تصعيد جديد او نزوح كبير للعائلات والاطفال قد يزيد من خطر التسيّب وتفويت الأمل في عام دراسي كامل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى