مقالات رأي

أستاذ جامعي يدعو لدعم الطلاب نفسياً في اليمن

تعتبر اللجنة الدولية للصليب الأحمر الأزمة الإنسانية في اليمن الأكبر في العالم، خاصة مع ازدياد أعداد المتضررين نتيجة الحرب. إذ وصل عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية إلى 24 مليون شخص.

كما يمكن اعتبار الشباب اليمني هم الفئة الأكثر تضرراً من استمرار الحرب خاصة في ظل تأثيرها المباشر على تعليمهم ومستقبلهم الدراسي والمهني مما ينعكس سلباً ايضاً على حالتهم النفسية والعصبية نتيجة انعدام الأمن الشخصي والغذائي.

فعلى سبيل المثال، يواجه طلاب جامعة صعدة الحكومية، الواقعة أقصى شمال اليمن وهي منطقة حدودية مجاورة للمملكة العربية السعودية وتعتبر من أكثر المحافظات اليمنية تضرراً بالحرب، مشكلات متزايدة. إذ تضررت مباني الجامعة، التي تأسست عام 2010 وتضم اليوم نحو 11 ألف طالب وطالبة، بصورة كبيرة وسويت معظم المباني بالأرض ومنها السكن الخاص بالطلاب والمكتبة المركزية وقاعات المحاضرات والمعامل بما تحتويه من أجهزة وأدوات ووسائل ايضاحية.

مع كل هذا الضرر البالغ الذي لحق بالجامعة، لكنها لازالت مفتوحة تؤدي رسالتها وإن كان بصورة جزئية ويداوم عشوائي غير منتظم، إضافة إلى تخفيض عدد المحاضرات واختصار المنهج الدراسي بسبب قلة القاعات الدراسية التي يمكن استخدامها وشح الميزانية التشغيلية للجامعة وانقطاع الكهرباء والانترنت والاتصالات .

بالطبع، يتسبب الوضع الأمني العام ووضع الجامعة بصورة خاصة إلى تغييرات كبيرة في سلوك الطلاب. إذ بات ملاحظا لنا كأساتذة حجم التغيب الكبير للطلاب وعزوفهم عن حضور المحاضرات وانقطاع عدد منهم عن الدراسة بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة لذويهم وعدم قدرتهم على مساعدتهم ماليا لتأمين مستلزمات الدراسة.

من جهة أخرى، اضطرت العديد من الأسر إلى النزوح لمناطق أخرى بعيدة عن الجامعة مما زاد من صعوبة وصول الكثير من الطلاب إليها، خاصة مع عدم وجود وسائل نقل وانعدام الوقود، ناهيك عن تعرض العديد منهم لإصابات جراء القصف وإصابتهم بإعاقات حركية تمنعهم من الاستمرار في الدراسة في مباني جامعية غير مؤهلة لاستقبالهم.

أما البقية الباقية من الطلاب، الذين مازالوا يرتادون الجامعة، فقد فقدوا الكثير من حماسهم للدراسة بجدية لفقدانهم الأمل بغد أفضل وانشغالهم بمتابعة أخبار القتال.

وهنا لابد من الإشارة إلى أن كل الظروف المذكورة أعلاه تساهم بشكل ملحوظ في زيادة الضغوط النفسية على الطلاب، إذ تلازمهم مشاعر القلق على مستقبلهم والخوف والحزن لاستمرار الحرب. لقد شهدت بعيني حالات هروب جماعي من قاعات الدراسة حال سماع هدير الطائرات خوفا من الضرب العشوائي على الاماكن التي يتواجدون بها أثناء التدريس، كما يلاحظ عدم قدرة معظم الطلاب على التركيز وتشتت الانتباه أثناء الشرح والمذاكرة.

لقد شهدت بعيني حالات هروب جماعي من قاعات الدراسة حال سماع هدير الطائرات خوفا من الضرب العشوائي على الاماكن التي يتواجدون بها أثناء التدريس.

منصور جُبارة
أستاذ علم النفس المساعد في كلية التربية في جامعة صعدة

لذلك يحتاج طلاب الجامعات اليمنية الى الرعاية والدعم النفسي للتخفيف من آثار الحرب على حياتهم. إن بقاء هذا الأمر دون علاج سيؤثر بشكل خطير على مستقبلهم، بل ومستقبل الأجيال اللاحقة من اليمنين.

بالطبع، تلعب الجامعات دوراً أساسيا في  مساعدة الطلاب ودعمهم نفسياً أثناء الحرب لمساعدتهم على التكيف مع واقعهم، وهو الأمر الذي تفتقده جامعتنا اليوم مع الأسف. لذلك أدعو القائمين على الجامعات اليمنية الخاصة منها والحكومية للتعاون والعمل معاً على عدة نقاط:

  • انشاء مراكز إرشاد ودعم نفسي يقدم التأهيل والتدريب والانشطة اللازمة لذلك .
  • دعم مشاريع عاجلة لتعويض المتضررين من الطلبة حتى يتمكنوا من مواصلة العملية التعليمية للمرحلة الجامعية .
  • إعداد برامج توعية بالصحة النفسية على نطاق واسع .
  • تنظيم ورش عمل وعقد دورات تعني بتوضيح الآثار النفسية المترتبة على الحروب .

إن قضية الصحة النفسية للطلاب في اليمن تتعرض لإهمال بالغ من قبل السلطة المحلية والمجتمع الدولي، وتحتاج لاهتمام كبير اليوم قبل الغد لإنقاذ ثروة البلاد الحقيقية من الضياع لكونهم أساس أي مشروع لإعادة الإعمار.

منصور ناصر صالح جُبارة، أستاذ علم النفس المساعد ورئيس قسم العلوم التربوية والنفسية في كلية التربية في جامعة صعدة.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى