أخبار وتقارير

دراسات تكشف تلوث المياه بالمعادن الثقيلة في العراق

دهوك، العراق – مع تراجع حدة الصراع في العراق، تزداد أهمية القضايا البيئية التي تؤثر على الحياة اليومية. يعمل الباحثون على إجراء دراسة فاحصة لمشاكل مثل تلوث المجاري المائية في البلاد وسوء جودة مياه الشرب.

قال دلشاد محمد، الباحث في مديرية دائرة البيئة في دهوك، “يفكر الناس في النجاة في زمن الحرب، ولا يتوفر لديهم الوقت للقلق بشأن القضايا طويلة الأمد. تحتاج القضايا البيئية مثل تلك المتعلقة بنوعية المياه إلى تمويل ثابت ودراسة على مدار فترة زمنية طويلة.”

في دراسة نشرت مؤخرًا، جمع محمد عينات من المياه في ستة مواقع على طول شبكة النهر الممتدة من مجرى سد دهوك وصولا إلى سد الموصل. كما أخذ عينات من بحيرة سد الموصل نفسها، والتي توفر مياه الصنبور لكل من دهوك ومدينة الموصل الكبرى.

قام محمد بتحليل هذه العينات لوجود عشرة معادن ثقيلة مختلفة.

 معادن ثقيلة في المياه

كانت بعض المعادن التي اختبرها محمد، مثل الزنك والنحاس، ضمن مستويات التركيز الموصى بها من قبل الحكومة العراقية. لكن مستويات المعادن الأخرى، مثل الكروم والمنغنيز، كانت في أغلب الأحيان أعلى من معايير السلامة الحكومية. مع ذلك، كان الألومنيوم الأسوأ، إذ تجاوزت تركيزاته باستمرار المعايير في كل المواقع فيما عدا بحيرة سد الموصل.

لحسن الحظ، لم يتم العثور على أي معدن حتى الآن تفوق مستوياته العتبة المسموح بها حكوميًا في بحيرة سد الموصل، لكن الألومنيوم يقترب جدًا من ذلك، كما يحذر محمد. إذا استمرت مستويات المعادن الثقيلة بتجاوز التراكيز الموصى بها في الأنهار التي تغذي البحيرة، فستصبح البحيرة في النهاية ملوثة.

قال زكي غوكالب، الأستاذ المشارك في هندسة النظم الحيوية بجامعة إرجييس في تركيا، والذي تعاون مع محمد، “لم تتخذ الحكومة العراقية أي اجراءات ولم تجرِ أية دراسات خلال السنوات السبع الماضية بسبب النزاعات في المنطقة. لقد اعتقدنا أنه سيكون من الجيد تحليل تراكيز المعادن الثقيلة بسبب وجود بعض الأنشطة الصناعية على طول مجرى النهر.”

 مخاطر صحية محتملة

يقول خبراء آخرون إنه قد تكون هناك مخاطر صحية في المستقبل إذا لم تتم معالجة هذه المشكلة بشكل صحيح. قال محمد عيسى، الأستاذ المشارك في مجموعة أبحاث الشيخوخة والخرف بجامعة السلطان قابوس في عُمان، “هناك علاقة بين الألومنيوم والأمراض التنكسية العصبية مثل مرض الزهايمر.”

أظهرت كل من التجارب التي أجريت على الحيوانات والدراسات التي أجريت على الإنسان وجود علاقة إيجابية بين خطر الإصابة بمرض الزهايمر والتعرض للمعادن السامة مثل الألومنيوم.

عندما يتم امتصاص المعادن السامة وتصل إلى الدم، فإنها قد تصل إلى الجهاز العصبي المركزي عن طريق عبور الحاجز الدموي الدماغي، بحسب عيسى. بمجرد دخول المخ، يتم الإبلاغ عن وجود معادن سامة بما في ذلك الألومنيوم لتحفيز إنتاج مركبات مختلفة يمكن أن تتداخل مع كيفية توصيل المواد الغذائية إلى الخلايا في الدماغ، مما يمكن أن يؤدي للإصابة بمرض الزهايمر.

“يفكر الناس في النجاة في زمن الحرب، ولا يتوفر لديهم الوقت للقلق بشأن القضايا طويلة الأمد. تحتاج القضايا البيئية مثل تلك المتعلقة بنوعية المياه إلى تمويل ثابت ودراسة على مدار فترة زمنية طويلة.”

دلشاد محمد-
الباحث في مديرية دائرة البيئة في دهوك  

إذا ما ارتفعت مستويات الألمنيوم في بحيرة سد الموصل، فقد تشكل في النهاية تهديدًا لصحة الإنسان، بحسب عيسى. قال “يجب أن يعتبر التعرض للمعادن السامة في أي مصدرٍ كان مصدر  قلقٍ بالغ.”

على الرغم من أن تراكيز المعادن الثقيلة في البحيرة لا تزال منخفضة بما يكفي لاستخدام المياه بأمان لتجهيز إمدادات المياه المحلية، إلا أن هذا لا يعني أنه لا يوجد هناك شيء يدعو للقلق في الوقت الراهن.

قال غوكالب موضحًا “إذا ما تم استخدام المياه لأغراض الري، فإن المعادن ستُمتص من قبل النباتات، وقد تأكلها الحيوانات، وتصل في نهاية الأمر إلى البشر. تُعرف هذه العملية بالتراكم الأحيائي.”

وهذا سبب محتمل للقلق لأنه في كل مرحلة من مراحل السلسلة الغذائية، تصبح كمية المعادن الثقيلة مركزة أكثر فأكثر.

قال “لهذا السبب يجب التعامل مع هذا الأمر على اعتباره خطر محتمل على صحة الإنسان.”

 تقييم نطاق التحدي

يقول محمد من مديرية البيئة في دهوك، إن الحكومة المحلية تدرك هذه المشاكل، ولهذا السبب أجرى هو وغوكالب هذه الاختبارات، وهي بمثابة مرحلة أولى في جهد مستمر لضمان إمكانية استمرار السكان في استخدام مياه الصنبور بشكل آمن.

https://www.bue.edu.eg/

ويؤكد محمد “تأخذ الحكومة الأمر على محمل الجد. لكننا نواجه مشاكل عديدة من بينها مسألة تكلفة الحلول المحتملة.”

يقترب محمد وغوكالب من نشر المزيد من النتائج البحثية.

قال محمد “بالإضافة إلى الدراسات المتعلقة بالمعادن الثقيلة، قمتُ بدراسة معايير أخرى مثل درجة الحرارة ومستويات الحموضة.”

يهدف عملهم إلى إيجاد تدقيق كامل لجودة المياه للتأكد من أن الحكومة المحلية تتفهم تمامًا التحدي الذي تواجهه لتتخذ بعد ذلك الإجراءات اللازمة بناءً على الأدلة.

مع ذلك، فمن الواضح بالفعل لمحمد وغوكالب أن هناك حاجة لمزيد من السيطرة على النفايات التي تدخل النظام البيئي النهري. في الوقت الحالي، تتدفق النفايات المنزلية والصناعية مباشرة إلى النهر دون أي معالجة.

قال غوكالب “إنهم يقومون بتصريف النفايات السائلة إلى النهر. يتوجب عليهم معالجة مياه الصرف الصحي على وجه السرعة قبل السماح بتصريفها في النهر.”

أما محمد فقال إن “تركيب أنظمة الصرف الصحي السليمة ليس رخيصًا. لكنه مسعى يستحق التكلفة. قد لا يشكل الأمر خطرًا على الفور، لكنه سيصبح كذلك على المدى الطويل إذا لم نتصرف.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى