أخبار وتقارير

الفوضى تخيّم على العام الدراسي الجديد في الجزائر

في 15 أيلول/ سبتمبر الماضي، بدأت السنة الأكاديمية الجديدة في الجامعات الجزائرية وسط أجواء من الارتباك وانعدام اليقين.

تتسابق الكليات والأقسام لإعادة جدولة الامتحانات والإجراءات الإدارية التي تم تأجيلها بالقوة في الربيع الماضي بسبب حركة الاحتجاج التي اجتاحت كامل البلاد، والمعروفة باسم الحراك.

شارك الآلاف من طلاب الجامعات الجزائرية في مسيرة هذا الأسبوع للمرة الثانية والثلاثين، لدعم الحركة الشعبية للإصلاح الديمقراطي للحكومة، والمطالبة بتحسين الأوضاع في الجامعات الجزائرية. (اقرأ االتقرير ذو الصلة: الإضراب يشل الجامعات الجزائرية).

ولكن، نتيجة للارتباك في الجامعات، يخوض بعض الطلاب الآن امتحاناتهم التي لم يحصلوا على فرصة لأدائها في الربيع الماضي؛ فيما يحاول الطلاب الجدد بدء الفصل الدراسي في الخريف، وينتظر بعض الطلاب معرفة ما إذا كانوا قد اجتازوا الاختبارات التي خاضوها في الربيع أو لا، بسبب التأخير الإداري في نشر نتائج الامتحانات. كما تعطلت بداية البرامج الجديدة لنيل درجة الدكتوراه.

قال أمير عمّوش، أحد قادة اتحاد الطلاب، “التقينا بالطلاب الجدد للمساعدة في إرشادهم في إجراءات التسجيل، لكننا واجهنا مشاكل متكررة مع إدارة الجامعة، بسبب ترتيبات القبول غير المكتملة، فضلا عن إجراء امتحانات الفصل الدراسي السابق.”

يرجع تخبّط التقويم الأكاديمي إلى 9 آذار/ مارس، عندما لعب مئات الآلاف من طلاب الجامعات في الجزائر دورًا رئيسيًا في مظاهرة مناهضة للحكومة، وهي أكبر مظاهرة شهدتها العاصمة منذ عقود. ردًا على ذلك، أصدرت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي قرارًا مفاجئًا بأن تبدأ الإجازة الربيعية في الجامعة في اليوم التالي، 10 آذار/ مارس، بدلاً من الموعد المقرر في 20 آذار/ مارس، وأن تستمر لمدة أسبوعين أكثر من المعتاد.

وصفت وكالة رويترز العطلة المفاجئة بأنها “محاولة واضحة لإضعاف المظاهرات التي يقودها الطلاب“، وأنها مقصودة بهدف تثبيط الطلاب عن الذهاب إلى الحرم الجامعي حيث يمكنهم تنظيم المظاهرات.

فصول دراسية متداخلة 

نتيجة لهذا الاضطراب، أصبحت الفصول الدراسية القديمة “تتداخل الآن مع بداية الفصل الدراسي الجديد ودخول طلاب جدد”، بحسب سليم حجام، أستاذ القانون بجامعة وهران، غرب الجزائر العاصمة.

قال حجام “لم تؤثر التغييرات في التقويم على الطلاب الذين قضوا إجازاتهم في الاستعداد لامتحانات الفصل الدراسي الثاني، والتي تم تأجيلها إلى ما بعد العطلة، فحسب، بل إنها تسببت أيضًا في حدوث فوضى كبيرة للمسؤولين الذين يعملون على القبول بالجامعة الجديدة.”

إن حقيقة مشاركة الطلاب في مسيرات الثلاثاء وإضرابهم دعماً للحركة كان خطأ جسيما ندفعه جميعاً اليوم.

سلاف سياح
أستاذ علوم المواد بجامعة قسنطينة 

قال حجام إنه كان يفضل تأجيل الالتحاق بالجامعة الجديدة إلى ما بعد تشرين الأول/ أكتوبر 2019، لتمكين الكليات الجامعية والطلاب من إكمال أعمال السنة السابقة.

يدرس عموش، زعيم اتحاد الطلاب الذي كان يحاول مساعدة الطلاب الجدد للتسجيل، في السنة الأولى لنيل درجة الماجستير ويرأس فرع اتحاد الطلاب الأحرار بجامعة سطيف. وقال إن الطلاب الجدد هم الأكثر تضررا من الاضطراب الإداري.

قال “يمثل هذا ضربة لمعنويات الطلاب الجدد الذين وضعوا آمالهم في المستقبل في هذه الجامعة.”

يعتبر عموش أحد الناشطين البارزين في الحركة الطلابية. وقال إنه يأمل أن يواصل الطلاب دراستهم، وأن يواصلوا المشاركة في الحركة السياسية. قال، “لكن لنجعل منها حركة مدروسة لتفيدك أنت وبلدك من دون أن تضر أحدًا.”

في جامعة باجي مختار في عنابة، شرق الجزائر، بدأ الفصل الدراسي لطلاب الطب قبل أن تعلن الجامعة عن وقت بدء الدراسة لبقية الطلاب. كان طلاب كلية العلوم الاجتماعية وكلية الاقتصاد في طور خوض امتحانات الفصل الثاني، في حين انهمك الطلاب الجدد في إكمال إجراءات التسجيل.

طفل يحمل ملصقًا بمناسبة الأسبوع الثاني والثلاثين على التوالي من احتجاجات الجزائريين ضد الحكومة (تصوير: وكالة فرانس برس/فاتح جيدوم)
طفل يحمل ملصقًا بمناسبة الأسبوع الثاني والثلاثين على التوالي من احتجاجات الجزائريين ضد الحكومة (تصوير: وكالة فرانس برس/فاتح جيدوم)

التخبّط  سيد الموقف

فوجئ محمد العربي قاسي، أستاذ التاريخ بجامعة عنابة، بقرار الحكومة بدء الفصول الدراسية الجامعية بالامتحانات. وأعرب عن أسفه الشديد حيال سياسة وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، التي قال إنها “خلطت جميع الترتيبات الخاصة بالإداريين والمدرسين والطلاب.”

قال العربي قاسي ” اقترحتُ أنا ومجموعة من زملائي من جامعة عنابة وعدد من الجامعات الأخرى في السابق تمديد الفصل الدراسي لمدة شهر، حتى نهاية فترة الاختبارات ونشر قوائم الطلاب الذين اجتازوا اختباراتهم، لكن هذا لم يلقَ الاستجابة المطلوبة من قبل رئاسات الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي.”

حمّل سلاف سياح، أستاذ علوم المواد بجامعة قسنطينة 1، الطلاب والأساتذة المشاركين في حركة الاحتجاج الشعبية مسؤولية ما يحدث في الجامعات الجزائرية. قال سياح في اشارة الى الاضطراب الأكاديمي الحالي، ” إن حقيقة مشاركة الطلاب في مسيرات الثلاثاء وإضرابهم دعماً للحركة كان خطأ جسيما ندفعه جميعاً اليوم.”

تم استبدال الطاهر حجار، وزير التعليم العالي في حينها مرسومًا بتقدم عطلة الجامعة فجأة، بالطيب بوزيد  الذي شغل منصب الوزير في الأول من نيسان/ أبريل في تعديل وزاري واسع النطاق. (كما استقال عبد العزيز بوتفليقة، الرئيس الجزائري الذي أمر بالتعديل، في اليوم التالي، 2 نيسان/ أبريل).

في شهر أيار/ مايو، أثناء حديثه في أحد المؤتمرات، أقر بوزيد بأن الوقت الضائع بسبب مرسوم 9 آذار/ مارس يجب تعويضه من خلال “إجراءات سيتم اختبارها على المستوى الجامعي”.

تأثرت مواعيد التسجيل في برامج الدكتوراه أيضًا بسبب الارتباك في التقويم. إذ اعتبرت نقابة أساتذة التعليم العالي أن تنفيذ برامج الدكتوراه الجديدة أمر مستحيل، بسبب الفصل الدراسي السابق غير المكتمل، وتأخير الفصول الجامعية التي أصابها الخلل في وقت سابق من العام، وما نتج عن ذلك من انعدام اليقين الذي يؤثر على دخل الجامعة.

كانت مريم عراج، طالبة الماجستير في السنة الثانية في علم الأحياء، تأمل في الالتحاق ببرنامج الدكتوراه. قالت عراج في مقابلة أجريت معها، ” ذهبت جميع خططي أدراج الرياح بسبب الفوضى في الجامعة.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى