مقالات رأي

البطالة والإحباط يطاردان شابة فلسطينية متفوقة

لطالما اعتزمتُ مواصلة مسيرتي الأكاديمية والحصول على درجة الماجستير في لندن.

أخيرًا، حققتُ حلمي بالدراسة في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية بجامعة لندن في عام 2019.

حصلتُ على درجة الماجستير في الإعلام النقدي والدراسات الثقافية عن رسالتي حول السينما الفلسطينية. طبقّتُ مفهوم عالم الأدب الروسي ميخائيل باختين المعروف باسم الكرونوتوب، والذي يشير إلى الصلة بين الزمان والمكان، في تحليل فيلمي: عرس الجليل، (1987) الذي يحكي قصة قرية فلسطينية في ظل حكم حاكم عسكري إسرائيلي، وفيلم بَر بحر، (2016) الذي يحكي قصة ثلاث شابات عربيات يعشن في تل أبيب. لقد بحثت في العلاقة بين سلوك وحركة الشخصيات النسائية الرئيسية في الفيلمين والأنظمة الاجتماعية الأبوية التي تقيد حرية المرأة.

اعتقدتُ أن شهادتي س تفتح الأبواب أمامي للحصول على فرصة عمل وتقدم لي طوق النجاة.

لكنني كنتُ مخطئة.

بالعودة إلى فلسطين في شهر أيار/ مايو، في البداية، انهمكتُ في التحضير لحفل زفافي.

بعد ذلك، حان وقت البحث عن وظيفة. لقد جعلتني مسؤوليتي عن أسرة الآن يائسة في هذا البحث. يعمل زوجي كسكرتير في مدرسة حكومية في شمال الخليل. لا يكفي راتبٌ واحد لنعيش حياة كريمة في فلسطين. كل شيء باهظ التكاليف للغاية. ومما زاد الطين بلة أن فلسطين تشهد أزمة مالية منذ أوائل العام الماضي بسبب انخفاض المساعدات الدولية وحجب إسرائيل لعائدات الضرائب.

عندما بدأت بالبحث، تقدمت بالعديد من الطلبات على وظائف في الجامعات الفلسطينية. كما تقدمتُ للحصول على وظيفة تدريس مرغوبة وقيل لي إنها مخصصة لي، على الرغم من أن المسؤولين لم يكونوا يعلمون ما إذا كانت هذه الوظيفة بدوام كامل أو جزئي. انتظرتُ لمدة أسبوع، ومن ثم لأسبوعٍ آخر، في انتظار التأكيد الرسمي، لكني لم أسمع شيئًا. لذلك اتصلتُ بهم، ليخبروني بأنهم يوظفون أساتذة أميركيين فقط. جعلني هذا أشعر بنوع معين من عقدة النقص؛ فحتى لو درست وعملت في كلية الفنون المتحررة الأميركية (كلية القدس بارد) وحصلت على درجة الماجستير في بريطانيا، إلا أنهم أخبروني بأنني لستُ مؤهلة مقارنة بالأكاديميين الأجانب.

أصبح موقع وظائف فلسطين Jobs.ps أكثر المواقع الإلكترونية التي ارتادها. هناك، وجدتُ الكثير من الوظائف الشاغرة في الضفة الغربية وقطاع غزة. أكد لي عدد الفرص المتاحة في رام الله (أكثر من 10,000) مقابل حوالي 1,300 في الخليل، حيث أعيش، أنني بحاجة إلى اتباع نهج مختلف. في رام الله، العاصمة الإدارية للسلطة الفلسطينية، يمكنك العثور على العديد من الوظائف في المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأخرى. أصيبت صديقتي التي تزوجت مؤخرًا وانتقلت إلى الخليل، أكبر مدن فلسطين، بصدمة مماثلة. ترتبط كل فرص التوظيف تقريبًا بالحكومة، ويقوم الشخص بشراء الوظائف الحكومية من خلال “الواسطة”. لكن واسطتي محدودة، والأسوأ من ذلك أن الواسطة تمحو الشفافية. بغياب الشفافية، لا يمكنك التخطيط للمستقبل.

أخبروني بأنهم يوظفون أساتذة أميركيين فقط. جعلني هذا أشعر بنوع معين من عقدة النقص؛ فحتى لو درست وعملت في كلية الفنون المتحررة الأميركية (كلية القدس بارد) وحصلت على درجة الماجستير في بريطانيا، إلا أنهم أخبروني بأنني لستُ مؤهلة مقارنة بالأكاديميين الأجانب.”

بعد عدة أشهر من إرسال السير الذاتية، حصلت على وظيفة محاضرة في الكتابة بدوام جزئي في جامعة فلسطين التقنية – خضوري فرع العروب. كان النمط التربوي تقليدي للغاية. يحفظ الطلاب دروسهم ويرددونها. أحاولُ تنمية الفردية والتفكير النقدي، لكنها معركة شاقة. وخوفي الأكبر هو أنني أقوم بالتدريس باللغة العربية. أخشى فقدان مهارات اللغة الإنجليزية التي قضيت أكثر من عشر سنوات في تطويرها.

أشعر بحزن شديد حيال واقع الطلاب. أسلوب التدريس لا يشحذ التفكير النقدي أو يشجع التفكير التحليلي أو حرية الفكر. لا يتمتع الطلاب بالثقة الكافية للتعبير عن أفكارهم أو آرائهم أو انتقاد أي مشكلة تحيط بهم. حاولتُ دفع الطلاب إلى التفكير والتعبير عن أفكارهم، لكن النمط التعليمي التقليدي بنى حواجز راسخة أمامهم. بالإضافة إلى ذلك، بالكاد يغطي راتبي حوالي ربع فواتيري.

ربما يكون البحث عن برنامج لنيل شهادة الدكتوراه أفضل سبيل للهروب. لستُ متأكدة عمّا سأبحث عنه مع ذلك.

في بعض الأحيان أعود إلى الكتب والشرائح والمحاضرات عندما كنت أدرس للحصول على شهادتي البكالوريوس والماجستير. تذكرني هذه الأشياء بأوقات مُفعمة بالأمل، أوقات واعدة بالمزيد. لقد أصبحت تلك الأشياء متنفسا لي للهروب من الواقع.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى