أخبار وتقارير

كليات إدارة الأعمال العربية ما بين الواقع والطموح

دبي – خلال اجتماع إقليمي لأكاديميين في مجال إدارة الأعمال عُقد في دبي الشهر الماضي، كان هناك إجماع على أن التعليم والبحث في مجال إدارة الأعمال في المنطقة العربية يواجهان مشكلة تتمثل في الحاجة للحصول على مزيد من القيمة لقاء المال المدفوع. إذ أن خريجي كليات إدارة الأعمال ليسوا موضع ترحيب من قبل أرباب العمل، ولم يكن لبحوث إدارة الأعمال تأثير يذكر على ممارسات الشركات.

قال جورج خليل نجار، نائب رئيس الجامعة اللبنانية الأميركية لشؤون التقدم الأكاديمي، خلال عرض تقديمي لقمة الشرق الأوسط لهيئة تطوير كليات الإدارة الجامعية، “على مدار العقود القليلة الماضية، مثّل تعليم إدارة الأعمال صناعة مزدهرة في منطقتنا. لكن السؤال الآن هو: هل حققنا تأثيرًا يتناسب مع هذه الجهود؟ هذا كلام خطابي لأنني أؤكد أن الأمر ليس كذلك.”

منذ عام 2015، ارتفع عدد كليات إدارة الأعمال المعتمدة من قبل الهيئة في الشرق الأوسط بنسبة 54 في المئة من 13 إلى 20 كلية.

يتفق آخرون مع تعليقات نجار. إذ أشار كريم الصغير، رئيس جامعة عجمان في الإمارات العربية المتحدة، إلى أن خريجي كليات إدارة الأعمال في المنطقة، مثلهم مثل العديد من الخريجين الآخرين، لا يلقون التقدير في سوق العمل. قال “البطالة هي القضية الأكثر تهديدًا في المنطقة، وأكثر من ذلك عندما تعرف أن 38 في المئة من العاطلين عن العمل هم من خريجي الجامعات،” موضحًا أنه يشعر بأن هذا الرقم يشمل خريجي كليات إدارة الأعمال.

وفقا لبيانات تصنيف الجامعات العالمي QS، فقد ارتفع توظيف أرباب العمل للطلاب الذين يحملون درجة الماجستير في إدارة الأعمال في الشرق الأوسط وأفريقيا بنسبة 2 في المئة فقط في عام 2019، مقارنة بعام 2018. وهذا يتناقض مع نمو تقدر نسبته بـ 18 في المئة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ و12 في المئة في أوروبا الشرقية.

حدث انخفاض في التوظيف في الشرق الأوسط على الرغم من حقيقة أن أرباب العمل كانوا أكثر استعدادًا لتوظيف الخريجين من ذوي الخبرة القليلة في العمل أو الذين لا يتمتعون بأي خبرة مقارنة بأصحاب العمل في المناطق الأخرى.

ليست إحصاءات التوظيف هذه سوى واحدة من أعراض ما وصفه نجار بأنه “عجز في التأثير”، حيث تابع ليوضح أنه يعتقد أن أسباب هذا العجز متنوعة، لكنه أكد أنه يعتقد أن الأساتذة كانوا منهكين بمسؤوليات أخرى لدرجة أعاقت إنتاجهم لبحوث رائدة. وتساءل في هذا المؤتمر، “كم من الناس هنا يأتون من مؤسسات تفرض عبء تعليمي كبير على منتسبيها؟” فرفعت الغالبية العظمى من الحاضرين أيديهم.

يبدو أن البيانات الأخرى تدعم ذلك. ففي دراسة استقصائية أجرتها الفنار للإعلام مؤخرًا شملت 650 باحثًا من جميع المجالات من جميع أنحاء العالم العربي قال أكثر من ثلث الذين شملهم الاستطلاع، بمن فيهم أساتذة كليات إدارة الأعمال، إنهم لا يملكون وقتًا كافيًا لإجراء أبحاثهم بشكل صحيح. فيما كان التدريس الواجب الأكثر شيوعًا في الأجوبة بالإضافة إلى البحث. (اقرأ التقرير ذو الصلة: مشكلات الباحثين في المنطقة العربية تتجاوز مسألة التمويل).

“البطالة هي القضية الأكثر تهديدًا في المنطقة، وأكثر من ذلك عندما تعرف أن 38 في المئة من العاطلين عن العمل هم من خريجي الجامعات”

كريم الصغير
 رئيس جامعة عجمان في الإمارات العربية المتحدة

على الرغم من المخاوف من كون كليات إدارة الأعمال لا تنتج حتى الآن التأثير الذي ترغب في تحقيقه، إلا أن المشاركين في القمة لم يبدوا محبطين. عوضًا عن ذلك، قال الحاضرون إن قبول المشكلة وقياسها وفهمها هو الطريقة الوحيدة لحلها.

يبدو أن الحاضرين في المؤتمر متفقين على أن التأثير ليس مقياسًا واحدًا يمكن قياسه بسهولة، ولكنه مزيج من عدد من العوامل المختلفة. إذ أوضح تيم ميسكون، نائب الرئيس التنفيذي وكبير المسؤولين في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا في هيئة تطوير كليات الإدارة الجامعية، التي نظمت القمة، قائلاً، “المقياس كمي ونوعي. من الناحية التاريخية، نحن حريصون على الحديث عن تأثير البحث وهناك تحليلات كبيرة للقيام بذلك مثل فهارس الاستشهادات أو تكرار البحوث، لكننا نعتقد أننا تجاوزنا ذلك للنظر في التأثير في مجموعة متنوعة من المجالات.”

على سبيل المثال، لا يريد أساتذة دراسات إدارة الأعمال نشر أعمالهم في المجلات عالية التأثير فحسب، وفقًا لميسكون، بل يرغبون في أن يشعروا أن السوق يصغي لما يقولون. لقياس ذلك، تنظم الهيئة التي يرأسها ميسكون اجتماعات بين الأكاديميين البارزين وقادة الأعمال والمسؤولين الحكوميين. تمثّل التدخلات مثل هذه إحدى الطرق لمعالجة العجز في التأثير، بحسب ميسكون.

وبينما دعا نجار إلى إجراء المزيد من البحوث متعددة التخصصات وتشجيع الطلاب والأساتذة على إنشاء شركات ناشئة تنطلق من كليات إدارة الأعمال، بدأت بعض الجامعات في المنطقة في تحقيق نجاح في جهود زيادة تأثيرها. كانت عائشة عبد الله، العميدة التنفيذية لبرنامج إدارة الأعمال في كليات التقنية العليا، التي تضم 17 فرعًا في جميع أنحاء الإمارات العربية المتحدة، حاضرة في الاجتماع. وقالت إن مؤسستها قد بدأت في تشجيع الشركات الناشئة في الحرم الجامعي وأنها تقوم حاليًا بإنشاء 23 شركة جديدة في المتوسط كل عام.

قالت “نهدف لإنشاء 60 شركة سنويًا تنبثق من كليات التقنية العليا سنويًا. إنه هدفٌ طموح.”

مهما تكن الحلول، يرى ميسكون إن هناك حاجة للتأكد من أن الأوساط الأكاديمية تفكر في العالم خارج أسوار الجامعة.

قال “لا يمكن أن تكون مؤسستك كلية إدارة أعمال رائعة من دون أن تكون مرتبطة بالصناعة والحكومة. نحن لا نرغب في الانخراط بعمق في عالم التعليم العالي دون أن نرتكز على عالم الأعمال.”

تعليق واحد

  1. المشاكل التي تواجها كليات إدارة الأعمال. في الدول العربية لا تختلف كثيرًا عن المشكلة التي يواجهها التعليم العالي في المنطقة والمتمثلة بقلة التركيز على البحث العلمي التطبيقى والاهتمام بالعملية التدريسية وعلى سبيل المثال في فلسطين لا تخصص ادارة الجامعات الا النذر اليسير لدعم البحث العلمي ماليا وفنيا وغالبية الأساتذة الباحثين ينفقوا من مواردهم الخاصة لعمل ونشر الأبحاث كما انه اذا توفرت في جامعة معينه موارد مالية للبحث العلمي فعادة ما يخضع الباحث الى رقابة وتدقيق مشدد بصاحبه تقديم فواتير عن كل دولار بصرفه في البحث مما يعكس شك وعدم ثقة في نزاهة الباحث اما عن الترقيات الأكاديمية فحدث ولا حرج حيث غالبا ما ترتبط الترقية بمعايير بعيدة عن الأكاديميات وتعتمد على الولاء المطلق للمتنفذين والقائمين على الادارة .والعلاقات الاجتماعية وحتى انتماءاته السياسية اننا بحاجة الى تغيير شامل في مفهوم التعليم الجامعي والبحث العلمي وعلاقة الجامعة بالمجتمع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى