أخبار وتقارير

أملاً في التغيير: الشباب العراقي يُقبل على برنامج دراسات السلام

دهوك – لطالما أرادت زهيان عبد الرحمن، التي ترعرعت في كردستان، أن تصبح مهندسة معمارية مثل شقيقها الأكبر. لكن مجموعة جديدة من الأصدقاء قادتها إلى مسار مختلف. قالت “كانوا جميعًا أشخاصًا نشطين في منطقتنا ويتحدثون دائمًا عما نريده في المستقبل. اعتقدتُ دائمًا أن مجتمعنا لن يتغير أبدًا … لكنهم جعلوني أكثر انفتاحًا.”

وبدلاً من دراسة الهندسة المعمارية، التحقت الشابة البالغة من العمر 21 عامًا بقسم دراسات السلام وحقوق الإنسان بجامعة دهوك، في إقليم كردستان بشمال العراق. أثناء تصفح عبد الرحمن للبرنامج، وجدت محاضرات التعددية الثقافية وحل النزاعات وحقوق الإنسان مثيرة للإهتمام.

قالت “إنه طريق لتغيير مجتمعاتنا. يمكنني الآن العمل كمتطوعة. وعندما أتخرج، يمكنني العمل مع المنظمات الكبرى لإحداث تأثير.”

يعتبر قسم عبدالرحمن الذي تستمر الدراسة فيه لمدة أربع سنوات في دراسات السلام وحل النزاعات البرنامج الوحيد بدرجة أكاديمية في العراق الذي يعلم الطلاب حول النظرية الناشئة وممارسة بناء السلام. يُعد هذا القسم، الذي تم تأسيسه في عام 2016، الأول من نوعه في المنطقة، مما يشكل سابقة للدراسات في هذا الموضوع على المستوى الجامعي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: هندسة السلام: تخصص جديد يشق طريقه إلى الشرق الأوسط).

في العام المقبل، ستتخرج الدفعة الأولى من خريجي البرنامج الجديد في دهوك إلى المجتمع، وتقدم نظرة ثاقبة حول تأثير تعليم دراسات السلام لطلاب الجامعات في كردستان.

بالفعل، أعربت جامعات أخرى في جميع أنحاء العراق عن اهتمامها بإطلاق برامج دراسات السلام، بما في ذلك جامعتي الموصل وبغداد.

قال فهيل جبار، منسق البرنامج في دهوك، “واجه العراق العديد من المشاكل، من لحظة تأسيسه إلى يومنا هذا. من المهم أن يعرف مجتمعنا كيفية التعامل مع الصراعات.”

أورنينا هنري، 21 عامًا، طالبة في بقسم دراسات السلام وحقوق الإنسان بجامعة دهوك، في إقليم كردستان بشمال العراق. (الصورة:أوليفيا كوثبرت)
أورنينا هنري، 21 عامًا، طالبة في بقسم دراسات السلام وحقوق الإنسان بجامعة دهوك، في إقليم كردستان بشمال العراق. (الصورة:أوليفيا كوثبرت)

طلب متزايد على دراسات السلام

أثبت المساق شعبيته، حيث اجتذب ما يقرب من ثلاثة أضعاف العدد المتوقع للطلاب في السنة الأولى وازدادت الأعداد باطراد منذ ذلك الحين. قال جبار إن هناك 242 طالبًا وطالبة في القسم في الوقت الراهن، لكنه يأمل في إنشاء مساحات جديدة لتلبية الطلب المتزايد.

يقتصر مبنى القسم حاليًا على الطابق الأول من كلية العلوم الإنسانية، وبين المحاضرات، تكتظ الممرات بالطلاب.

غالبًا ما تُستخدم الموارد في بناء وتجهيز المختبرات في الجامعات العراقية، حيث يختار الطلاب الحاصلين على أعلى الدرجات في العادة دراسة طب الأسنان والطب، لأن هذه المجالات هي التي يُحتمل أن تؤدي إلى الحصول على وظائف، الأمر الذي يأتي في الاعتبار أول بالنسبة للكثير من الطلاب المعنيين بمستقبلهم في بلد تبلغ نسبة بطالة الشباب فيه حوالي 33 في المئة.

تلقى العلوم الاجتماعية والإنسانية إقبالاً أقل، لكن بعض الطلاب ينجذبون إلى دراسات السلام وحل النزاعات من خلال الإمكانات التي يمكن أن توفرها.

يقول العديد من الطلاب في المساق الدراسي إنهم يخططون للتدريس في مدارس إقليم كردستان، حيث تشكل دراسات السلام وحقوق الإنسان جزءًا من المنهج الدراسي. هناك نقص في المعلمين المؤهلين وغالبًا ما ينتهي الأمر بتدريس هذه الحصص من قبل مدرسين مختصين في مجالات أخرى مثل التاريخ والاقتصاد، بحسب جوتيار صدّيق، الذي أنشأ القسم في دهوك، جزئيًا لسد هذه الفجوة. قال “يحتاج السوق إلى مثل هذه المؤهلات.”

واجه العراق العديد من المشاكل، من لحظة تأسيسه إلى يومنا هذا. من المهم أن يعرف مجتمعنا كيفية التعامل مع الصراعات.”

فهيل جبار
 منسق برنامج دراسات السلام في جامعة دهوك

كما سيعمل الخريجون الآخرون مع المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية، أو بإطلاق مبادراتهم الخاصة لمواجهة التحديات التي يواجهها المجتمع العراقي.

 تراجع الفوارق الدينية والعرقية

قال توماس هيل، مدير برنامج تعليم وبحوث السلام في كلية الدراسات المهنية بجامعة نيويورك، “أعتقد أن هناك عددًا معينًا من الطلاب الذين يجذبهم هذا المجال لأنهم يفهمون أن تاريخ منطقتهم محفوف بالنزاعات، وهذا شيء يمكنهم القيام به لتمييز أنفسهم عن الأجيال السابقة.”

يواصل شباب اليوم إيجاد طرق لتجاوز الحواجز الدينية والعرقية التي تفصل المجتمع العراقي. قال “يخرج الشباب الآن ويقومون بإنشاء منظمات تركز على المجتمع، في محاولة لمساعدة اللاجئين والنازحين العراقيين في منطقتهم والتفكير في كيفية استخدام وسائل الإعلام والتكنولوجيا الاجتماعية لتقليص الفجوة بينهما.”

أضاف هيل، الذي ساعد في تطوير المفهوم والمناهج الدراسية للقسم في دهوك، “يزخر هذا الجيل بالنشطاء الشباب المؤهلين الذين لا تشتريهم الأحزاب السياسية ولا تدفع لهم أجورهم.”

يعتقد أحمد ميرخان، 21 عامًا طالب في السنة الرابعة في قسم دراسات السلام وحل النزاعات، أن المساق علمه كيفية مساعدة المجتمعات الأخرى بشكل أكثر فعالية. (الصورة:أوليفيا كوثبرت )
يعتقد أحمد ميرخان، 21 عامًا طالب في السنة الرابعة في قسم دراسات السلام وحل النزاعات، أن المساق علمه كيفية مساعدة المجتمعات الأخرى بشكل أكثر فعالية. (الصورة:أوليفيا كوثبرت )

شهدت الاحتجاجات التي اجتاحت وسط وجنوب العراق منذ تشرين الأول/ أكتوبر حضور العراقيين من جميع الخلفيات – السُنة والشيعة، الأغنياء والفقراء، رجالا ونساء – حيث تجمعوا في الشوارع للدعوة إلى وضع حد للفساد، وإلى توفير خدمات عامة أفضل واتخاذ خطوات للحد من ارتفاع معدلات البطالة. قاطع الطلاب في بغداد والمدن الأخرى الفصول الدراسية لشهور، حيث واجهوا الغاز المسيل للدموع والذخيرة الحية من قوات الأمن بسبب انضمامهم إلى المظاهرات. (اقرأ التقرير ذو الصلة: العراق: ضغوط حكومية على طلاب الجامعات لإنهاء الإضراب).

قال هيل “هناك مشكلة بطالة كبيرة في جميع أنحاء العراق، وإذا لم يقوموا ببناء مستقبلهم، فلن يقوم أحد بذلك من أجلهم.”

آمال الطلاب في المستقبل

بالنسبة للعديد من الطلاب الجامعيين في البرنامج الجديد في دهوك، فإن هذا يعني العمل جنبًا إلى جنب بهدف خلق مجتمع أكثر شمولية.

يعتقد أحمد ميرخان، 21 عامًا، الطالب في الصف الرابع في قسم دراسات السلام وحل النزاعات، أن المساق علمه كيفية مساعدة المجتمعات الأخرى بشكل أكثر فعالية. قال “لدينا الكثير من الأديان في العراق وعلينا أن نعرف كيفية التعامل مع هذه القضايا دون الإضرار بأي شخص، واحترام ما يعتقد به الجميع وعدم الإساءة إليهم.”

لكن الخطوة الأولى، بحسب ميرخان، هي أن تكون في سلام مع ذاتك وتتقبل الآراء الأخرى.

بالنسبة لأورنينا هنري، البالغة من العمر 21 عامًا، كان عدم تقبلها وهي ترعرع في المجتمع العراقي ما شجعها على الالتحاق في هذا المساق. قالت “كمسيحية لا يمكنني أن أكون ذاتي فقط هنا بسبب الطائفية في مجتمعنا”.

خلال السنتين اللتين قضتهما في الدراسة في القسم، لاحظت هنري كيف أصبح زملاء الدراسة أكثر ميلًا لتقبّل الآراء والمعتقدات المختلفة. قالت “أعتقد أن هذا القسم سيُساعد … في النهاية الكثير من الناس يغيرون آراءهم.”

Countries

‫2 تعليقات

  1. مرحبا اني طالب في جامعة دهوك قسم علوم الرياضيات كيف يمكنني دراسه هذا القسم و هل استطيغ دراسه الماجستير في هذا القسم اذا اتممت دراسه البكلوريوس في علوم الرياضيات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى