مقالات رأي

متحف نجيب محفوظ في القاهرة: تكريم يفتقر للإلهام

القاهرة – يقع المتحف الجديد المكرّس لتكريم الروائي المصري نجيب محفوظ في شارع جانبي مزدحم على الطرف المقابل لجامع الأزهر، في قلب الجزء الذي ولِد فيه محفوظ في القاهرة ومثّل مصدر إلهامه خلال حياته.

ولد محفوظ، أشهر كاتب حديث في مصر، في حي الجمّالية المجاور في عام 1911. تزخر هذه المنطقة بالعديد من المساجد الأيقونية والبوابات والأسواق والأزقة المتعرجة التي ترجع بتاريخها إلى قاهرة العصور الوسطى. على الرغم من انتقال محفوظ إلى مكان آخر في فترة المراهقة، إلا أن أحداث العديد من كتبه، بدءًا من ثلاثيته الشهيرة، دارت هنا.

يقع متحف نجيب محفوظ في تكيّة تم تجديدها – وهو مبنى يمكن للصوفيين الإقامة والدراسة فيه – وهي ملحقة بمسجد من العهد العثماني.

في مقابلة تلفزيونية، شرح محفوظ ذات مرة أنه لطالما اعتبر التكيّة في عالمه القصصي، الذي استخدم فيه في كثير من الأحيان الحارة أو الزقاق كوقفة تعبّر عن المجتمع المصري عمومًا، كطريقة ترمز إلى “المركز الروحي”.

قام المهندس المعماري كريم الشابوري، الذي صمّم المتحف وقام بتنظيم جزء كبير من المعرض فيه، بعرض هذا الاقتباس على إحدى لوحات العرض في المتحف، لأنه وجد هذا النص الموازي مثيرًا للغاية.

قال الشابوري إن التكية كانت في الأصل “مبنى للجمهور يخدم جمهورًا معينًا”، وتتوافق هذه الوظيفة الأصلية مع “فكرة المتحف والمركز الثقافي”.

مع ذلك، لا يزال يتعين رؤية مدى نجاح المتحف كمساحة للاكتشاف والنقاش الثقافي، بدلاً من المزار الرسمي الذي لا يزال ماثلاً.

 تأخير وخيبة أمل

بعد وفاة محفوظ في عام 2006، تبرعت ابنته التي لا تزال على قيد الحياة بمجموعة من أمتعته الشخصية وكتبه وجوائزه للدولة. دافع صديق محفوظ القديم الكاتب يوسف القعيد عن فكرة المتحف. ومع ذلك، فقد استغرق تأسيس المتحف 12 عامًا. وقد بدأ الشابوري بالعمل في المشروع قبل افتتاح المتحف فحسب.

يبدو أن التأخير الطويل كان نتيجة للاقتتال البيروقراطي بين وزارتي الثقافة والآثار على الموقع الذي سيتم تجديده، وسوء التخطيط والميزانية التي ستُرصد لعمليات التجديد نفسها.

“بإمكان متحف نجيب محفوظ أن يكون مؤسسة مكرسة للأدب والسينما.”

كريم الشابوري
 مهندس معماري ومصمم متحف نجيب محفوظ

عندما افتتح المتحف أخيرًا، وسط الكثير من الضجة، من قبل وزيري الثقافة والآثار في تموز/ يوليو 2019، خاب أمل بعض الزوار برؤية المجموعة المعروضة، حيث قالوا إن بعض العناصر التي تبرعت بها عائلة محفوظ لم تكن مدرجة في المعرض.

كما أشار بعض النقاد إلى أن المتحف قدم عددًا قليلاً جدًا من أوراق المؤلف، واستخدم نسخًا غير معنونة من أغلفة الكتب والصور الفوتوغرافية بدلاً من المصادر الأصلية.

واشتكى آخرون من أن مدخل المتحف يجب أن يكون من خلال الباب الرئيسي للمُجمع في شارع الأزهر، مما يجعله أكثر ترحيبًا بالجمهور، وليس من خلال الباب الخلفي الحالي، الذي يتطلب المزيد من الجهد للعثور عليه.

شخصيًا، أتفق بأن مسألة الوصول أمرٌ مهم، لكنني أجد انتقادات للمدخل الحالي لأنه يأخذ الناس عبر شارع شعبي، أو من خلال شارع تسكنه الطبقة العاملة، مسألة تعالي في غير محلها. فهذه هي بالضبط طبيعة المناطق التي دارت فيها أعمال محفوظ، وهي ساحرة في نهاية المطاف.

قال الشابوري إن تصميم المتحف “كان تحديًا لأنه مبنى تاريخي، لذا لا يمكننا التدخل في المبنى.” إذ واجهت خطط وضع مصعد في المبنى عقبة عندما كشف الحفر عن وجود صهريج قديم، كما توجّب على المهندس المعماري الحفاظ على التصميم الأصلي المؤلف من غرف منفردة مرتبة حول فناء مستطيل ضيق.

جولة داخل متحف نجيب محفوظ في القاهرة

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى