مقالات رأي

عندما يكون الحل الوحيد هو التعليم الإلكتروني: ماهو وضع لبنان؟

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

في منتصف آذار/ مارس، بدأتُ بشكل غير رسمي في توثيق استيعاب التعلم الإلكتروني بالتزامن مع إغلاق المدارس والجامعات في لبنان بسبب تفشي وباء Covid-19. في الغالب، تحدثت إلى أشخاص مختلفين تأثروا بالأمر واستمعتُ إلى تجربتهم. فيما يلي بعض النتائج والأفكار الأولية التي توصلت إليها، مع إمكانية الحصول على المزيد في المستقبل حيث يستمر الوضع في التكشّف ومع جمعي المزيد من المعلومات. يرجى التواصل من خلال قسم التعليقات أدناه إذا وجدت أيًا مما يلي غير دقيق أو إذا كان لديك المزيد من التعليقات والمعلومات لمشاركتها.

تبذل الحكومة قصارى جهدها، ولكن هل سيكون ذلك كافيًا “عن بعد”؟

في الأسبوعين الماضيين، أطلقت وزارة التعليم والتعليم العالي مشروعًا وطنيًا للتعلم عن بعد لتوفير دعم التعلم الإلكتروني للمدارس الحكومية. كما أعلنت، في أحدث منشور لها، عن خطط لاستخدام قناتنا التلفزيونية الوطنية القديمة الجيدة لبث الدروس العامة على الهواء، مع استكمال ذلك ببثها عبر الإنترنت حيث يمكن للطلاب إرسال أسئلتهم. يتم الآن تطوير المحتوى بالشراكة مع المركز التربوي للبحوث والإنماء (CERD) وهو متاح أيضًا على موقع YouTube. مُنحت الأولوية لتطوير محتوى يستهدف الطلاب المتوقع أن يخوضوا الاختبارات الوطنية في الصفوف المنتهية قريبًا جدًا. لا يوجد قرار حتى الآن بشأن ما إذا كانت هذه الاختبارات والامتحانات ستجري بشكل عام أو الكيفية التي سيتم إجراؤها بها.

دعت الوزارة معلمين من المدارس الخاصة والحكومية للتطوع بوقتهم لتسجيل الدروس. علاوة على ذلك، دعت موفري التعليم للاستفادة من عرض برنامج مايكروسوفت لاستخدام Microsoft Teams مجانًا كأداة لإشراك طلابهم. لقد وجدتُ أن الأمر غريب بعض الشيء لأن مايكروسوفت تيمز ليست نظام إدارة تعلم مصممة خصيصًا لمساعدة المعلمين والطلاب على التفاعل في الدورات التدريبية. ومع ذلك، فهي أداة تعاون فعالة للتواصل مع الطلاب وتحميل المستندات والملفات ذات الصلة وربما جعل المعلمين يتعاونون فيما بينهم.

تدور بعض الأسئلة التي تلوح في الأفق حول الامتحانات والتخرج وما يجب فرضه على المدارس الحكومية. والأكثر من ذلك، في بلد يوفر القطاع الخاص فيه غالبية فرص التعليم، تواجه الوزارة قرارات حاسمة حول كيفية ومدى تنظيم سلوك مقدمي التعليم الخاص. من المقرر أن ينتهي إغلاق المدارس في 12 نيسان/ أبريل، لكن يبدو أن التمديد لا مفر منه. ستكون هناك حاجة إلى قرارات سياسية مهمة لتوجيه القطاع وتزويد كل من يتأثر بمزيد من الوضوح بشأن الخطوات التالية.

في بلد يوفر القطاع الخاص فيه غالبية فرص التعليم، تواجه الوزارة قرارات حاسمة حول كيفية ومدى تنظيم سلوك مقدمي التعليم الخاص.

المدارس والجامعات – معظمهم يتعلّم من خلال الممارسة

يبدو أن الاستراتيجيات التي يستخدمها مزودو التعليم تشمل مجموعة كاملة من الأشياء: إرسال المحتوى عبر الواتساب، واستخدام الإصدار المجاني من زووم Zoom لعقد 40 دقيقة دراسية (المهلة الزمنية لحزمة Zoom المجانية)، وإرسال القراءات والمهام الموصى بها عبر البريد الإلكتروني ونقل المحتوى إلى نظام إدارة التعلم المناسب (لمن هم أكثر حظًا). كما هو متوقع، فإن قدرات مقدمي التعليم على الإنترنت غير متكافئة للغاية. هناك فرصة لتعلم المزيد من بعضهم البعض والاستفادة من الكم الهائل من المحتوى والأدوات التي يتم تقديمها الآن مجانًا على مستوى العالم. قام بعض المزودين العالميين، مثل بيرسون للتعليم ماكغرو هيل، بإتاحة العديد من أدواتهم التدريبية الرقمية وتدريباتهم مجانًا. إذا استطاعت الجامعات منح الطلاب الاعتماد في الدورات الجامعية المجانية التي تقدمها إدكس Edx وكورسيرا، فقد يوفر ذلك أيضًا بعض الموارد. أدرك أن الحاجة إلى قيام الجامعات بجمع الرسوم الدراسية تعقد هذه الجهود دائمًا.

بدأت الأزمة المالية والمصرفية في لبنان في الضغط على المؤسسات الأكاديمية قبل أشهر من تفشي مرض كوفيد-19. اليوم، قد يعني إغلاق المؤسسات التعليمية أن أولياء الأمور والطلاب سيضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم بقوة أكبر. لقد سمعتُ حكايات عن إغلاق المدارس الخاصة ذات الموارد المحدودة أو عجزها عن دفع الرواتب لأن الآباء غير قادرين على دفع الرسوم الدراسية. لقد صادفتُ أيضًا عريضة موقعة من 1,721 من طلاب الجامعة الأميركية في بيروت (حتى الآن) تطالب الجامعة بتخفيض رسوم الفصل الدراسي الربيعي في ضوء الأزمة المالية و”عدم الكفاءة وانخفاض جودة التعليم عبر الإنترنت مقارنة بعملية التعلم العادية.” وبمعرفتنا أن الجامعة الأميركية في بيروت توفر على الأرجح تجربة تعليمية إلكترونية تفوق قدرة معظم مقدمي الخدمات الآخرين، أتساءل عن الكيفية التي ستتم من خلالها إدارة هذه الكارثة بأكملها في جميع أنحاء البلاد.

المعلمون والطلاب وأولياء الأمور – مشاعر مختلطة ولكنهم يتعلمون قبول ذلك، مع أن الطريق الصعب.

على الرغم من مضاعفة السرعة والقدرة الاستهلاكية لخدمات الإنترنت السكنية، فقد اشتكى كل من المعلمين والطلاب الذين تحدثت معهم عن جودة الاتصال خلال الفصول الدراسية التي تُعقد عبر الإنترنت. لسوء الحظ، يبدو أن مجرد توقع مشكلات الاتصال يدفع بعض المعلمين والطلاب إلى إلغاء الاشتراك في العملية تمامًا. من الممكن أيضًا أن يستخدم البعض ذلك كعذر.

بدأت الأزمة المالية والمصرفية في لبنان في الضغط على المؤسسات الأكاديمية قبل أشهر من تفشي مرض كوفيد-19. اليوم، قد يعني إغلاق المؤسسات التعليمية أن أولياء الأمور والطلاب سيضطرون إلى الدفاع عن أنفسهم بقوة أكبر.

على أي حال، بالنسبة للمعلمين والطلاب على حد سواء، من غير الواقعي توقع أن تكون التجربة ممتعة للغاية في هذه المرحلة. تمثّل الشعور العام بين المعلمين الذين تحدثت إليهم في أنه أمر مرهق للغاية، ولكنه قابل للتنفيذ. يذكر أولئك الذين ينفذون دروسًا مناسبة عبر الإنترنت أو يطورون مهام منزلية جديدة أن الوقت اللازم للتحضير أطول بكثير من المتوقع. كما أنهم يجدون صعوبة بالغة في تحديد الأولويات وتحديد عدد المناهج المتبقية أو منهج الوحدة الدراسية التي يمكن استكمالها بشكل واقعي. من الناحية الإيجابية، يولد ذلك مجتمع للممارسة بشكل واضح. إذ يتشارك العديد من المعلمين الخبرات مع بعضهم البعض ومع المجتمع الأوسع.

من جانب الطلاب، تبدو الملاحظات تمامًا ذاتها ملاحظات الطلاب حول الدراسة بشكل عام. البعض يحبها، والبعض يكرهها والبعض الآخر يبدو غير آبه. يركّز التعلم الإلكتروني بشكل كبير على أن يكون المتعلم منضبطًا واستباقيًا ومنظمًا. كما تُحدث العوامل الخارجية مثل وجود مكان مثمر للدراسة في المنزل فرقًا كبيرًا. إن الوعد بتعلم إلكتروني مصمم جيدًا هو أنه يمكن أن يساعد بالفعل أولئك الذين يجدون صعوبة في المشاركة أو مواصلة التركيز في الفصل الدراسي التقليدي. سأكون سعيدة حقًا لسماع هذه التعليقات! ولكن قد يجد العديد من الطلاب أن العمل عبر الإنترنت أكثر تشتيتًا، وليس أقل تشتيتًا، مع إغراء تصفح الويب أو الدردشة مع الأصدقاء الموجودين دائمًا.

أخيرًا، تحدثتُ مع عدد قليل من الآباء الذين يدرس أطفالهم عبر الإنترنت وفوجئت بأن بعض الآباء يجدون الأمر كابوسًا بينما يستمتع الآخرون حقًا بالعمل جنبًا إلى جنب مع أطفالهم. يمكن أن يرتبط هذا كثيرًا بعمر أطفالهم، ونوع أطفالهم كمتعلمين ومستوى مشاركتهم الأصلي في تعليم أطفالهم. أنا لست أمًا، ولكن النصيحة التي سمعتها بشكل متكرر هي إشراك الأطفال في التخطيط، وخلق البيئة الأكثر صحة لأطفالهم كي يدرسوا في فترات زمنية بدلًا من يدرسوا كل شيء في وقت واحد، وأخيرًا، لطمأنة الأطفال أنه أمر طبيعي تمامًا الشعور بالإحباط.

هل ستأتي المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الاجتماعية في مجال التعليم للإنقاذ؟

أردت أن أشرك المنظمات غير الحكومية أو المؤسسات الاجتماعية العاملة في مجال التعليم في هذه المحادثة لأن البعض كانوا يقدمون برامج على الإنترنت ومختلطة قبل أن يفرض هذا الموقف نفسه. على سبيل المثال، تعتبر طبشورة منصة تم تطويرها بواسطة التعلم اللبناني البديل وتقدم التعليم المجاني عبر الإنترنت (باللغات العربية والإنجليزية والفرنسية) بما يتوافق مع المنهج اللبناني. ويعمل القائمون عليها الآن مع الوزارة لتسجيل أكثر من 100,000 من طلاب المدارس الحكومية على منصتهم. أعتقد أن محتواها عالي الجودة ومناسب حقًا للجميع. كما تقوم بعض المؤسسات الاجتماعية بتعديل تقنياتها ونماذج أعمالها. على سبيل المثال، قام تطبيق سينكرز Synkers، وهو تطبيق يساعد الطلاب في العثور على معلمين من الأقران المؤهلين وحجزهم، بإطلاق منصة التدريس الخاصة به عبر الإنترنت. في الأسابيع القادمة، سأكون سعيدة للغاية لرؤية المزيد وتعاون المزيد من هذه المنظمات غير الحكومية الذكية والمؤسسات الاجتماعية مع مقدمي التعليم التقليديين في هذه الرحلة ودعمهم.

مي وزان مستشارة مستقلة، تركز على تطوير وتنفيذ البرامج في قطاعي التعليم والمجتمع. شغلت سابقاً منصب مديرة البرامج بمؤسسة عبدالله الغرير للتعليم وعملت كمستشارة للعديد من الحكومات وللبنك الدولي.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى