مقالات رأي

أساسيات محو الأمية الرقمية للمعلمين خلال وباء كوفيد-19

(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

ما هي أولويات المعلمين خلال وباء كوفيد-19 العالمي الذي أجبر العالم بأسره تقريبًا على إغلاق المؤسسات التعليمية والانتقال إلى أساليب التدريس الطارئة عن بعد/ عبر الإنترنت؟

فكرّتُ في معالجة هذه المسألة من منظور شخص يعمل في مجال التعليم الإلكتروني والتعليم الممزوج منذ أكثر من 18 عامًا حتى الآن، خاصة وأنني قمت بمساعدة مؤسستي، الجامعة الأميركية في القاهرة، في جهودها لنقل التدريس إلى الإنترنت خلال الأزمة (للتفاصيل يمكن الضفغط هنا)، ولكوني أم تراقب طفتلها البالغة من العمر 8 سنوات وهي تتعلم عبر الإنترنت للمرة الأولى.

يحتاج المعلمون إلى محو الأمية الرقمية، وليس اكتساب المهارات الرقمية فحسب. لا يتعلق الأمر بتعلم جميع الأدوات، بل بضرورة الانتباه إلى كيفية استخدام كل أداة للغرض الصحيح في الوقت المناسب، ومعرفة الوقت الذي لا يتوجب فيه استخدام التكنولوجيا الأكثر تعقيدًا والاكتفاء بمجرد إرسال رسالة عبر البريد الإلكتروني أو إجراء مكالمة هاتفية.

أودّ هنا القول أننا بحاجة إلى تجاوز التركيز على كيفية تحقيق نتائج التعلم الخاصة بنا باستخدام التكنولوجيا وتعديل تقييمنا لبيئة الإنترنت. ربما يتوجب علينا التركيز على الفوائد غير الملموسة بشكل أكبر، وهي الفوائد الأكثر أهمية.

5 أشياء يُمكننا جميعًا القيام بها …

محو أمية رعاية الطلاب

بصفتنا مدرسين، نحتاج إلى الاهتمام بوضع طلابنا: سيتأثر البعض بشكل مباشر بالمرض، أو سيتأثر أحبائهم به. كما سيتضرر البعض اقتصادياً على المدى القصير أو الطويل. سيكون لدى البعض مسؤوليات عائلية إضافية. كما سيتأثر الجميع تقريبًا بتدابير العزل الصحي ونقص الاتصال البشري. وقد ينتاب الكثير منا القلق بسبب الأخبار وخطر الفيروس.

قد يواجه المعلمون أيضًا مسؤوليات منزلية إضافية ويحتاجون للإعتناء بأنفسهم من أجل الرعاية بالآخرين. من المحتمل أيضًا أن نكون غير قادرين على العمل بأفضل ما لدينا بسبب الحمل المعرفي لهذه الأزمة/ الصدمة. على الرغم من أنني أبدو نشيطة وفاعلة بشكل ممتاز في معظم الأيام (في العمل أو في المنزل)، إلا أنني لستُ بخير على الدوام من الداخل. من بين أكثر التجارب الحميمية التي مررتُ بها خلال هذه الأزمة اتصال أعضاء هيئة التدريس بي بعد ثلاثة أسابيع من الدعم المكثف الذي كنت أقدمه لهم؛ كما سامحني طلابي لأنني تأخرت في تقييم درجاتهم، عندما أخبرتهم أنني أشعر بالارتباك ولا يمكنني القيام بذلك. كانوا يتبادلون معي فهمي لظروفهم المختلفة. كنت ممتنة لذلك.

محو أمية رعاية الطلاب

بصفتنا مدرسين، نحتاج إلى الاهتمام بوضع طلابنا: سيتأثر البعض بشكل مباشر بالمرض، أو سيتأثر أحبائهم به. كما سيتضرر البعض اقتصادياً على المدى القصير أو الطويل. سيكون لدى البعض مسؤوليات عائلية إضافية. كما سيتأثر الجميع تقريبًا بتدابير العزل الصحي ونقص الاتصال البشري. وقد ينتاب الكثير منا القلق بسبب الأخبار وخطر الفيروس.

بصفتنا مدرسين، نحتاج إلى الاهتمام بوضع طلابنا: سيتأثر البعض بشكل مباشر بالمرض، أو سيتأثر أحبائهم به.

قد يواجه المعلمون أيضًا مسؤوليات منزلية إضافية ويحتاجون للإعتناء بأنفسهم من أجل الرعاية بالآخرين. من المحتمل أيضًا أن نكون غير قادرين على العمل بأفضل ما لدينا بسبب الحمل المعرفي لهذه الأزمة/ الصدمة. على الرغم من أنني أبدو نشيطة وفاعلة بشكل ممتاز في معظم الأيام (في العمل أو في المنزل)، إلا أنني لستُ بخير على الدوام من الداخل. من بين أكثر التجارب الحميمية التي مررتُ بها خلال هذه الأزمة اتصال أعضاء هيئة التدريس بي بعد ثلاثة أسابيع من الدعم المكثف الذي كنت أقدمه لهم؛ كما سامحني طلابي لأنني تأخرت في تقييم درجاتهم، عندما أخبرتهم أنني أشعر بالارتباك ولا يمكنني القيام بذلك. كانوا يتبادلون معي فهمي لظروفهم المختلفة. كنت ممتنة لذلك.

محو  أمية العدالة

نحتاج لتذكير أنفسنا بأن معاملة الجميع على قدم المساواة سعيًا للإنصاف لا يحقق العدالة للجميع. يمكن أن تُميّز إحدى طرق التدريس أو التقييم مجموعة واحدة من المتعلمين وتساهم في حرمان مجموعة أخرى. من بين الطرق التي تساعدنا على التفكير في ذلك هي إعطاء خيارات ومسارات المختلفة للطلاب. لمزيد من المعلومات حول معنى ذلك، يمكنك الإطلاع على إرشادات التصميم   للتعلم التي طورتها منظمة CAST غير الربحية.

محو الأمية الاجتماعية العاطفية عبر الإنترنت

يعني التباعد الجسدي الذي تم فرضه لوقف انتشار فيروس كورونا الجديد أن للعديد منا احتياجات اجتماعية نفسية أعلى من المعتاد، وبصِفتنا معلمين، نحتاج إلى تعلم كيفية استخدام فضاءات  الإنترنت بما يتجاوز التواصل فحسب، بهدف إنشاء مساحات اجتماعية – محو الأمية الاجتماعية النفسية. من بين الطرق التي أجدها مهمة في القيام بذلك إنشاء مساحات شبه رسمية للتواصل شبه المتزامن، مثل هاشتاغات ومجموعات الواتساب أو سلاك أو تويتر. لأنها بمثابة أماكن يمكن أن يطرح فيها أحد الأشخاص سؤالًا أو تعليقًا، وربما يمكن لشخص في المجموعة أن يستجيب بسرعة فضلاً عن قدرة الآخرين على رؤيته لاحقًا والانضمام إليه. كما إنها مساحات يمكننا فيها مشاركة النكات أو الميمات أو مشاركة لحظة حزينة أو سعيدة مع الآخرين. تبدو هذه الأماكن وكأنها مقهى في الحرم الجامعي حيث نلتقي أحيانًا بشخص ونجلس معه لبضع دقائق. نحتاج إلى إيجاد طرق لبناء مجتمع بين المتعلمين وبناء علاقات شخصية مع الطلاب على المستوى الفردي حتى لو لم نتمكن من رؤيتهم. أو على الأقل تشجيع الشباب على إنشاء مسَاحاتهم الخاصة بهم.

محو أمية عبء العمل

يبدو هذا الأمر صعبًا بعض الشيء. كيف يمكن للمدرسين البقاء على إدراك الطلاب بحجم عبء العمل بالنسبة لشيء يبدو لهم وكأنه عمل يتم عبر الإنترنت؟ جعلتني حاسبة عبء العمل هذه أدرك حاجتنا إلى أن نسأل أنفسنا كثيرًا عندما نتخيل عبء العمل. لا يقتصر الأمر على عدد الصفحات في واجب القراءة، ولكن اعتبارات مثل المحتوى الجديد للطلاب، والذي يمثل تحديًا إدراكيًا، فماذا نتوقع منهم أن يفعلوا حياله؟ بالإضافة إلى ذلك، نحتاج إلى التفكير في ما قد يتعامل الطلاب معه أيضًا هذا الأسبوع وكيف يمكننا مساعدتهم على تعلم إدارة وقتهم أثناء فترات الضغط.

محو أمية الانفتاح/ المشاركة 

سيجد المعلمون الذين يجيدون هذا الأمر الانتقال إلى الإنترنت أسهل بكثير. أعني بمصطلح محو أمية الانفتاح القدرة والرغبة في:

  • استخدام أو تكييف المواد المتاحة مجانًا بالفعل بواسطة معلمين آخرين بدلاً من البدء من نقطة الصفر (أي الموارد التعليمية المفتوحة).
  • إنشاء ومشاركة المواد التعليمية الخاصة بهم مع الآخرين داخل مؤسساتهم أو خارجها.
  • التواصل مع الآخرين للمساعدة عبر الإنترنت، سواء داخل دوائرهم أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي.
  • مشاركة أعمالهم وإخفاقاتهم ونجاحاتهم على الإنترنت، مثل وسائل التواصل الاجتماعي أو مدونة أو حتى قائمة بريدية على مستوى الأقسام أو مجموعات واتساب.

ثلاثة أشياء يمكن للبعض منا القيام بها

محو أمية الأنسنة/ الأصالة

هل يمكنك أن تكون ذات الإنسان بأصالتك على الإنترنت وأن تساعد طلابك في أن يكونوا كذلك؟ أكثر من أي شيء آخر، عندما نجعل أنفسنا غير محصنين على الإنترنت، ونكون بشرًا بالكامل،

نحتاج إلى التفكير في ما قد يتعامل الطلاب معه أيضًا هذا الأسبوع وكيف يمكننا مساعدتهم على تعلم إدارة وقتهم أثناء فترات الضغط.

سيساعد هذا طلابنا على أن يكونوا بالمثل معنا. لا يمكننا نمذجة الكمال أو إظهار جانب واحد فقط من ذواتنا المهنية ونتوقع أن يشعر الطلاب بالراحة معنا. في بعض الأحيان، يسمع الطلاب طفلتي أو يرونها خلال الفصول الدراسية أو الندوات عبر الإنترنت. يمكن أن يكون ذلك مشتتًا، ولكن الجميع في المنزل، ويمكن أن يحدث هذا لأي شخص، ولا بأس في الأمر. أعلم أن الجميع لا يشعرون بالإرتياح حيال  ذلك. مهما كان مستوى راحتك، عند التدريس عبر الإنترنت، حاول أن تخطو خطوة صغيرة أبعد من ذلك لتكون في متناول الطلاب كإنسان.

الاستجابة الثقافية

أود عمومًا أن أقول الاستجابة للطلاب، وهذا يشمل مواصلة جس نبض شعور الطلاب، وما يفكرون فيه، وكيف يرتبط ذلك بما يحدث في العالم الحقيقي، ومن ثم إيجاد طرق لدمجها في التدريس بطرق أصيلة. هناك حاجة لإيجاد طرق لتشجيع الطلاب على جلب ثقافاتهم المنزلية إلى الفصل الدراسي ودمجها وتقديرها ونقدها أثناء التعرف على الثقافات الأخرى أيضًا.

يعود العمل الأصلي حول الاستجابة الثقافية لمعلمين أميركيين من أصل أفريقي مثل كتاب  علم التعليم المتجاوب ثقافيا لغلوريا لادسونبيلينغز.

محو أمية الصورة الأكبر

نحتاج إلى إيجاد طرق لجلب الصورة الأشمل لما يحدث في العالم من حولنا إلى الفصل الدراسي. قد يكون هذا أسهل بالنسبة لبعض الدورات من غيرها بالطبع. ولكن حتى إذا لم نتمكن من القيام بذلك بطرق ذات صلة بالدورة نفسها، فلا يزال بإمكاننا تخصيص بضع دقائق لإجراء محادثات صريحة مع الطلاب حول ما يحدث في حياتهم إلى جانب التعليم.

لا جديد هنا

ترتبط هذه الأفكار ببعضها البعض بالطبع. والكثير منها جزء من علم أصول التربية الناقدة، والتي تركز على العدالة الاجتماعية، والتعاطف، وأهمية النظر إلى التعليم كطريقة للتواجد في العالم وليس مجرد رياضة للمتفرجين … كل هذه المعارف ذات صلة بالتدريس على أرض الواقع وتتجاوز وباء كوفيد-19، لكنها مهمة للغاية لتحديد الأولويات الآن، ولم نقم بإعداد المعلمين لكل هذا. ليس هذا هو “العمل المُعتاد” ولا يجب أن نتظاهر وكأنه كذلك.

هل يمكنك التفكير في طرائق محو أمية أخرى يحتاج المعلمون للعيش معها وتعلمها في هذه الأوقات؟ يرجى إضافة اقتراحاتكم في حقل التعليقات أدناه.

مها بالي، أستاذ مساعد مشارك في مركز التعلم والتدريس بالجامعة الأميركية بالقاهرة. فضلاً عن كونها مؤسسة مشاركة لـ Virtuallyconnecting.org ومنسقة مشاركة لـ Equity Unbound. نُشرت نسخة سابقة من عمودها هذا على مدونتها الشخصية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى