أخبار وتقارير

الجامعات الخاصة في مصر تبدأ بتقديم برامج الدراسات العليا

بدأت 8 جامعات مصرية خاصة من أصل 25 تقديم برنامج الدراسات العليا لمنح درجات الدبلوم والماجستير والدكتوراه لأول مرة بعد أن كان ذلك محصوراً بالجامعات الحكومية فقط، وفقا لقرار المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، وهي هيئة حكومية تتبع وزارة التعليم العالي. يبشر هذا التغيير بفرص أكبر للطلاب الطامحين باستكمال دراستهم العليا، لكنهم يشكون من ارتفاع التكلفة. كما أن البعض يبدي قلقاً حيال جودة التعليم المقدم وإمكانية زيادة نسب العاطلين عن العمل في صفوف حملة الشهادات العليا.

سجل أشرف محمد سيد، بجامعة 6 اكتوبر الخاصة للحصول على درجة الماجستير بقسم إدارة الأعمال هذا العام، عقب حصوله على درجة البكالوريوس من ذات الجامعة. إذ يطمح في الحصول على فرصة عمل أكاديمية في جامعته، التي تشترط الحصول على درجة الماجستير للتعيين في كوادرها التدريسية.

قال “التقدم للحصول على الماجستير من جامعتي سيكون أفضل ودون تعقيدات إدارية للانتقال لاستكمال الدراسة في جامعة حكومية، كما أنني سأتمكن من مواصلة الدراسة تحت إشراف أساتذة أعرفهم لسنوات.”

سابقاً، كان على طلاب الجامعات الخاصة الراغبين باستكمال تعليمهم العالي الانتقال للجامعات الحكومية والخضوع لمنافسة قوية مع طلاب هذه الجامعات للعثور على مقعد دراسي وفق معايير تشترط أولا الحصول على تقدير جيد ومافوق للتقديم.

قال ماجد نجم، رئيس جامعة حلوان الخاصة وعضو المجلس الأعلى للجامعات الخاصة، “هذه الخطوة ستخفف العبء على الجامعات الحكومية، التي تستقبل سنوياً ملايين الطلاب الراغبين باستكمال دراستهم العليا.”

لا تشترط الجامعات الخاصة التي بدأت اليوم بتقديم برامج الماجستير والدكتوراه الحصول على تقديرات دراسية متقدمة وهو أمر يرحب به الكثير من الطلاب.

قال محمد منصور، خريج كلية طب الأسنان بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا الخاصة عام 2013 والذي يعمل بمستشفيات وزارة الصحة، ” قضيت خمس سنوات للحصول على الماجستير من جامعة الأزهر فرع أسيوط، بسبب عدم إتاحة هذه الفرصة في جامعتي. كانت شروط القبول صعبة جداً لأنني خريج جامعة خاصة، لكن الطلاب الجدد يمتلكون فرصة رائعة اليوم.”

https://www.bue.edu.eg/

رسوم مرتفعة

في مقابل الترحيب الواسع للطلاب بالقرار الجديد، إلا أنهم يشكون من ارتفاع الرسوم الدراسية في الجامعات الخاصة. إذ ترتفع رسوم التسجيل للحصول على الماجستير والدكتوراه بشكل كبير في الجامعات الخاصة مقارنة بنظيرتها الحكومية، حيث تصل رسوم التسجيل في الكليات النظرية في جامعتي 6 أكتوبر ومصر للعلوم والتكنولوجيا الى 32 ألف جنية مصري “2000 دولار أميركي” للماجستير، و48 الف جنيه للدكتوراه “3000 دولار أميركي”. بينما تبلغ في الكليات العملية، ما يقارب 60 ألف جنيه “3750 دولار أميركي” للماجستير و 80 الف جنيه “5000 دولار أميركي” للدكتوراه. أما رسوم الماجستير في الجامعات الحكومية للكليات النظرية فتقارب 2000 جنية مصري “125 دولار أميركي”، و3000 جنيه للدكتوراه “187 دولار أميركي”. (اقرأ التقريرين ذي الصلة: ارتفاع تكاليف الماجستير يبعد الطلاب المصريين عن دراستهم و ارتفاع مفاجئ في تكاليف الدراسات العليا في مصر).

يعتقد منصور أن رسوم الحصول على درجتي الماجستير والدكتوراه مرتفعة جداً ولا تتناسب مع غالبية الخريجين، الذين يصرفون غالبية مدخرات أسرهم على التعليم في الجامعات الخاصة. قال “الدراسات العليا لا يجب أن تكون بوابة للربح. لا يستطيع معظم الطلاب سداد مثل هذه الرسوم عقب التخرج ولابد من تخفيضها.”

” على الرغم من ارتفاع مصروفات الماجستير في الجامعات الخاصة، إلا أنني اعتقد أن المقابل العلمي سيكون جيداً”

جيهان عبد المنعم  
طالبة ماجستير بكلية التجارة قسم المحاسبة المالية جامعة أسيوط

مع ذلك، يعتقد البعض أن الفرصة الجديدة تستحق.

قالت جيهان عبد المنعم، طالبة ماجستير بكلية التجارة قسم المحاسبة المالية جامعة أسيوط، ” على الرغم من ارتفاع مصروفات الماجستير في الجامعات الخاصة، إلا أنني اعتقد أن المقابل العلمي سيكون جيداً.”

تعتقد عبد المنعم، أن الدراسة في الجامعات الحكومية أصبحت لا تقارن من حيث المستوى العلمي مع الجامعات الخاصة من ناحية التطبيق وحجم الاستفادة العلمية، وأن المصروفات في الجامعات الحكومية قد تكون بسيطة كرسوم لكن في المقابل هناك مصروفات تقدر بالآلاف خلال فترة الدراسة والمناقشة، لا يتم إضافتها إلى هذه الرسوم.

مخاوف على الجودة

يبدي بعض الأساتذة تخوفهم من مستوى الجودة في برامج الدراسات العليا الجديد في الجامعات الخاصة. إذ يطالب محمد السيد، أستاذ العلاقات العامة بكلية الإعلام في جامعة القاهرة بوضع قواعد صارمة حتى لا تتأثر سمعة العملية التعليمية في مصر. قال “القرار يثير القلق حول مدى جاهزية هذه الجامعات لبدء الدراسات العليا خاصة أن معظم كوادرها التدريسية من المنتدبين من جامعات حكومية.”

يتمنى السيد لو أنه تم في البداية السماح فقط بتقديم برامج الماجستير كمرحلة أولى وإذا ما ثبت نجاحها يتم السماح بعدها بدرجة الدكتوراه مع التأكد بتوفر أساتذة معينين وليس منتدبين ووضع خطة لإدارة الدراسات العليا بها بشفافية تامة لمنع تحويلها إلى عملية ربحية.

قال “عوائد الإستثمار في التعليم الجامعي فاقت كل التوقعات ولا بد من مواجهة تحولها إلى حوانيت لبيع شهادات الماجستير والدكتوراه.”

مع ذلك يعتقد نجم أن زيادة عدد طلاب الماجستير والدكتوراة يثري العملية التعليمية. قال “سيتضاعف عدد الأبحاث التي يقدمها طلاب الدراسات العليا سنويا بما يساعد في النهوض بمنظومة البحث العلمي والتعليم العالي في مصر.”

شبح البطالة

يعتقد سيد، الطالب في جامعة 6 أكتوبر، وغيره الكثير من الطلاب أن الحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه يخولهم الحصول على فرص عمل بمزايا أفضل، إضافة إلى تحسين وضعهم الاجتماعي. قال سيد “أطمح للتعيين لاحقاً كأستاذ جامعي، هذه حلمي منذ التحاقي بالجامعة.”

“سوق العمل في مصر لا يتحمل كل هؤلاء الخريجين، لدينا اكثر من نصف مليون شاب حاصل على الماجستير والدكتوراة والدبلومة خلال 4 سنوات فقط. نسبة البطالة في صفوفهم مرتفعة جداً خاصة في ظل القوانين التي تقيد تعيين الكوادر التدريسية في الجامعات.”

أحمد مجدي
 أستاذ الإدارة العامة بكلية التجارة جامعة الإسكندرية

لكن مؤشرات البطالة لا تبشر بذلك. إذ يأتي فتح باب الدراسات العليا في الجامعات الخاصة في الوقت الذي ترتفع فيه نسب البطالة بين حاملي الشهادات الأكاديمية العليا في البلاد، حيث تصل لنحو 48.8 في المئة من إجمالي المتعطلين في الربع الأول من العام الجاري مقابل 47 في المئة في الربع السابق ومقابل  36.8في المئة من الربع المماثل من العام السابق بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.  (اقرأ التقرير ذو الصلة: مستقبل قلق يواجه حملة الماجستير والدكتوراه في مصر).

لا يبدي أحمد مجدي، أستاذ الإدارة العامة بكلية التجارة جامعة الإسكندرية، حماساً للقرار الجديد لاعتقاده أنه يفتح الباب أمام خريجين بلا فرص وظيفية حقيقية.

 قال “سوق العمل في مصر لا يتحمل كل هؤلاء الخريجين، لدينا اكثر من نصف مليون شاب حاصل على الماجستير والدكتوراة والدبلومة خلال 4 سنوات فقط. نسبة البطالة في صفوفهم مرتفعة جداً خاصة في ظل القوانين التي تقيد تعيين الكوادر التدريسية في الجامعات.”

تقوم كل كلية في الجامعات الخاصة بتحديد احتياجاتها من الكوادر التدريسية لكل ثلاث سنوات بحيث يوافق عليها مجلس الكلية أولاً، ويُرسلها بعد ذلك إلى المجلس الأعلى للجامعات الذي يُقرها بحسب توفر الميزانية المالية، بحسب مجدي. أما الجامعات الخاصة فغالباً ما تعتمد نظام العمل ودفع الأجور بحسب ساعات التدريس.

قال سيد “أنا قلق حول قلة فرص العمل الأكاديمي، لكنني اليوم منصب على استكمال دراسيت على أمل أن أجد فرصة جيدة بعد التخرج.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى