أخبار وتقارير

كوفيد-19 يرفع معدلات التسرب من الجامعات في غزة

تُهدد جائحة فيروس كورونا وعمليات الإغلاق، التي تم فرضها مرتين، بزيادة معدلات التسرب من الجامعات بشكل حاد في قطاع غزة حتى مع استئناف الدراسة في آب/ أغسطس.

بحسب تقرير جديد صادر عن جمعية اللاجئين الدولية Refugees International الخيرية، لم يدفع العديد من الطلاب الرسوم الدراسية للعام الدراسي المقبل، مما يشير إلى احتمالية عدم عودتهم إلى الدراسة.

قال نائب رئيس إحدى الجامعات في غزة للباحثين، “ثلاثون بالمئة من الطلاب تركوا الدراسة هذا الفصل، و10 بالمئة فقط دفعوا الرسوم الدراسية كاملة.”

في الفترة من آذار/ مارس وحتى أيار/ مايو، شهدت غزة إغلاقًا شبه كامل، شمل الشركات والمدارس ومعظم المرافق الاقتصادية. وفي أوائل آب/ أغسطس، عندما بدأ الطلاب الدوام في الفصول الدراسية بأنفسهم في الجامعات، حصل ارتفاع في حالات الإصابة بفيروس كورونا ممّا دفع الحكومة لفرض إغلاق شامل آخر في 24 آب/ أغسطس – مع إعفاء المتاجر الكبرى فقط.

وبينما يبدو من السابق لأوانه الحصول على بيانات ملموسة، إلاّ أن شهادات ومقابلات مع مسؤولي الجامعة والطلاب والباحثين تشير إلى انخفاض في معدلات الالتحاق بسبب الإغلاقين وتدهور الأوضاع الاقتصادية في القطاع، مما أدى إلى تزايد حالات الانقطاع عن الدراسة على مدى السنوات القليلة الماضية.

يقول مسؤولون إن الأسباب الرئيسية مالية وتقنية.

قال عدنان أبو عامر، رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأمة بغزة، “الوضع في الجامعات يزداد سوءًا وكذلك معدل التسرب الذي سيستمر في التصاعد إذا ما بقي الوضع على حاله، في ظل ارتفاع مستويات الفقر والبطالة بالإضافة إلى الحصار الإسرائيلي و(عدم كفاءة) السلطة الفلسطينية.”

40 في المئة معدل التسرب

يقول أحمد كردية، رئيس قسم تنمية الموارد في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة، إن جامعته تشهد بالفعل معدل تسرب بلغ حوالي 40 بالمئة في فصل الخريف.

قال أحمد كردية “لا يمتلك العديد من الطلاب أجهزة كمبيوتر محمولة ولديهم اتصال ضعيف بالإنترنت. يعتمد البعض على ثلاثة جيغابايتات 3G (للوصول إلى الفصول الدراسية)، والتي يشترونها بدولار واحد بهدف استخدمها لبضع ساعات.”

عندما ضرب الوباء في وقت سابق من هذا العام، حاولت الجامعات في جميع أنحاء العالم بما في ذلك تلك الموجودة في غزة الانتقال إلى دروس عبر الإنترنت لمنع تعطيل التعليم. لكن طلاب غزة واجهوا عقبات في مثل هذه الفصول مثل انقطاع

العديد من الطلاب لا يمتلكون أجهزة كمبيوتر محمولة ولديهم اتصال ضعيف بالإنترنت. ويعتمد البعض على ثلاثة جيغابايتات 3G (للوصول إلى الفصول الدراسية)، والتي يشترونها بدولار واحد بهدف استخدمها لبضع ساعات.”

أحمد كردية
 رئيس قسم تنمية الموارد في الكلية الجامعية للعلوم التطبيقية في غزة

التيار الكهربائي، ونقص الوصول إلى أجهزة الكمبيوتر المحمولة أو الهواتف الذكية، وغياب وجود الإنترنت في المنزل.

في الوقت ذاته، كان مسؤولو الجامعة والمعلمون والطلاب حديثي العهد بالتعليم الإلكتروني، بحسب المسؤولين، ولم يُؤسس سوى عدد قليل من الفصول التجريبية في الربيع عندما حدث الإغلاق لأول مرة. ومع ذلك، في أواخر آب/ أغسطس، كان من المتوقع أن تمتلك 17 جامعة في غزة مؤسسات خدمة كاملة للتعلم الإلكتروني. لكنها لم يكونوا مستعدين، كما يقول المسؤولون. (اقرأ التقرير ذو الصلة: الجامعات الفلسطينية تتسابق لاستخدام التعليم الإلكتروني لمواجهة وباء كورونا).

يعترف كردية بأن نظام التعلم الإلكتروني تجربة جديدة للمحاضرين والجامعات التي لا تزال تفتقر إلى الخبرة والتدريب فيها، مضيفًا أن الجامعات تقدم للمحاضرين دورات تدريبية حول كيفية استخدام المنصات الإلكترونية.

في غضون ذلك، تعمل السياسة أيضًا على تفاقم الوضع.

في عام 2007، فرضت إسرائيل حصارًا بريًا وبحريًا وجويًا بعد سيطرة حماس على قطاع غزة في أعقاب صراع عسكري مع فتح، إحدى الفصائل الفلسطينية الرئيسية. أدى الحصار إلى تدمير الاقتصاد في غزة مما تسبب في دمار واسع النطاق وارتفاع معدلات البطالة.

في آب/ أغسطس، شددت إسرائيل من حصارها على القطاع. والآن، يتزايد الفقر في غزة بسبب مجموعة من الآثار المستمرة للحصار والخسائر الفادحة في الوظائف بسبب الإغلاق الذي دام ثلاثة أشهر هذا الربيع. وأشار البنك الدولي إلى ارتفاع معدل الفقر بنسبة 10 في المئة في القطاع حيث يعيش 80 في المئة من السكان تحت خط الفقر قبل تفشي الوباء.

في ذات الوقت، أعلنت إسرائيل أيضًا عن خطة لضم أجزاء من الضفة الغربية. نتيجة لذلك، رفضت السلطة الفلسطينية، التي تحكم الضفة الغربية، تحويل عائدات الضرائب، مما ترك السلطة تعاني. أفاد تقرير منظمة اللاجئين الدولية إنها توقفت بعد ذلك عن دفع تكاليف الكهرباء لغزة، مما أدى إلى تفاقم النقص الحاد في الكهرباء هناك.

شبح السياسة 

حتى قبل تفشي الوباء في وقت سابق من هذا العام، كانت هذه الظروف الاقتصادية المتدهورة والسياسات الداخلية تلحق الضرر بالفعل بطلاب الدراسات العليا في قطاع غزة وتؤدي إلى تسربهم بأعداد كبيرة قبل إكمال دراستهم، وهو وضع ساء بشكل كبير خلال السنوات القليلة الماضية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: غزة: الأوضاع الاقتصادية تجبر طلاب الماجستير على ترك دراستهم).

اليوم، يقول طلاب الجامعات الذين ما زالوا مسجلين إنهم يشعرون بأنهم محاصرون بسبب الوضع ويشكّون في قدرتهم على إكمال شهاداتهم.

قال عبد الله أبو زيادة، طالب الإعلام والاتصال الجماهيري في جامعة الأزهر، إنه لا خيار أمامه سوى ترك الدراسة على الرغم من أنه لم يتبق أمامه سوى عام واحد لإنهاء دراسته.

قال “أنا طالب في السنة الرابعة مما يعني أنني بحاجة إلى 18 ساعة دراسية فقط للتخرج. ولكن في ظل الوباء الحالي، لن أتمكن من التسجيل لأنني لا أستطيع دفع تكاليف الدراسة.” مضيفاً أنه، في الفصل الصيفي، كافح كثيرًا لعدم امتلاكه جهاز كمبيوتر محمول وبالتالي عدم تمكنه من أداء مهامه واختباراته.

“أنا طالب في السنة الرابعة مما يعني أنني بحاجة إلى 18 ساعة دراسية فقط للتخرج. ولكن في ظل الوباء الحالي، لن أتمكن من التسجيل لأنني لا أستطيع دفع تكاليف الدراسة.”

عبد الله أبو زيادة
 طالب الإعلام والاتصال الجماهيري في جامعة الأزهر

ومن المشاكل الأخرى المشاركة في الفصول، إذ يقول الطلاب إنه لا جدوى من الدفع للجامعة إذا كان كل ما سيحصلون عليه عبارة عن دروس في اتجاه واحد، وغالبًا ما يتم تقديمها كمقاطع فيديو يمكنهم مشاهدتها بشكل سلبي فقط. قالت سجى رفيع، الطالبة في الصف الثالث في كلية الصحافة والاتصالات والتكنولوجيا بجامعة الإسراء، “ليس لدينا جلسات زووم ممّا يجعل الفصول الدراسية مملة بغياب التفاعل والمشاركة. كل ما نفعله هو مشاهدة المحاضرين يتحدثون.”

توقف الدروس العملية

يؤثر الوباء بشكل خاص على الطلاب الذين يحتاجون لحضور دروس في المختبرات وفصول عملية أخرى. ويقول الطلاب والمسؤولون إن ذلك يؤثر أيضًا على معدلات الالتحاق بالكليات. قال عبد الله “تعتمد العديد من فصول الصحافة على المعامل والمعدات التي تم إلغاؤها بسبب الوباء.”

قال كردية أن هذا أضرّ بجامعته بشدة.

قال “80 في المئة من دورات الجامعة عملية – فهي تعتمد على العمل المخبري وورش العمل. لذلك أجلت الجامعة عدة مساقات حتى ينتهي الوباء أو تتم السيطرة عليه.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وفي الوقت ذاته، حتى الطلاب الذين يمتلكون أجهزة كمبيوتر محمولة وتتوافر لديهم إمكانية وصول ثابتة إلى الإنترنت يعانون من الدراسة في المنزل.

قالت سمر داوود، الطالبة في السنة الثالثة بالأزهر، “المشكلة الأخرى المحبطة تتمثل في مستوى التركيز العالي المطلوب للفصول الدراسية عبر الإنترنت، وهو أمر مستحيل في المنزل. لا يمكنني الهروب من أصوات أفراد عائلتي في منزلنا الصغير. لا يمكنني أيضًا أن أبقى وحدي في الغرفة لعدم وجود مكان آخر يذهب إليه أشقائي.”

يقول المسؤولون إن كل هذا يثبط الطلاب عن دفع الرسوم الدراسية والبقاء في المدرسة. في الوقت نفسه، يشعر المسؤولون الأكاديميون بالقلق من أن الجامعات لم تفعل ما يكفي. قال عامر “لا تمتلك الجامعات رؤية واضحة أو أي خطط للتعامل مع الوضع. لهذا السبب لا يتم تشجيع الطلاب على دفع الرسوم الدراسية.”

يعتقد كردية إن هناك أملًا في أن تعود الأمور إلى طبيعتها إلى حد ما في تشرين الأول/ أكتوبر مع إعادة فتح الجامعات، وهو أمر قيد الدراسة حاليًا.

يأمل الطلاب ذلك أيضًا، خاصة أولئك الذين لم يتركوا الدراسة بعد.

قالت داوود “علينا أن نتعلم كيف نتعايش مع كوفيد-19. إنها الطريقة الوحيدة لبقائنا مسجلين في الجامعات.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى