أخبار وتقارير

الفن في العزلة: فنانون عرب يصورون المشاعر التي أثارها كوفيد -19

قام مركز الفنون والثقافة التابع لمعهد الشرق الأوسط بجمع أعمال 39 فنانًا من الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في معرض بعنوان “فن في العزلة: الإبداع في زمن كوفيد-19” بهدف استكشاف تأثير أزمة فيروس كورونا المستجد على الفن.

قالت ليلى عبد الهادي جاد الله، أمينة المعرض، إن المعرض يسلط الضوء على التجارب العالمية ويضفي عليها طابع إنساني من خلال عدسات الفنانين. وأضافت أنه، وخلال عمليات الإغلاق الناجمة عن فيروس كورونا، “كان العالم بأسره يمر بما يختبره بعض الفنانين يوميًا في أماكن مثل غزة أو اليمن من قبيل الحبس، والخسارة، وعدم القدرة على الوصول إلى التجهيزات الفنية.”

يتألف المعرض من مكونات مادية وافتراضية، مع 38 قطعة من أصل 54 قطعة معلقة في معرض معهد الشرق الأوسط للفنون في واشنطن العاصمة، فضلاً عن المعرض الكامل المعروض على الإنترنت، وهو نابع من دعوة مفتوحة وجّهت إلى فنانين من جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لتقديم الأعمال التي تم إنجازها أثناء الوباء.

كانت الرسالة الساحقة للفنانين واحدة متمثلة في الوحدة والتشابه، من خلال استكشاف التأثير العاطفي والجسدي للحبس على الممارسة الفنية.

تأثير الصمت داخل الأقنعة

تعرض هيلين زغيب، رسامة وفنانة الوسائط المتعددة المولودة في لبنان والمقيمة الآن في واشنطن، عملين فنيّين.

في أحد العَملين، بعنوان مُكمّم Muffled، تظهر مجموعة من الوجوه النسائية مرتدية الحجاب والأقنعة. ويحمل قناع إحدى الشخصيات عبارة “لا أستطيع التنفس”، ملامسة تأثير ما تسميه زغيب بـ “الوباء الثاني”، أي الظلم العنصري الذي أبرزته حركة حياة السود مهمة.

وأوضحت “في لوحة مُكمّم Muffled، استخدمت الأقنعة الإلزامية أثناء هذا الوباء كعامل موحّد. يعمل القناع أيضًا على الإشارة إلى الظلم على مستوى العالم، وعدم سماع أصوات الناس، وكتمها، واغراقها، وخنقها – الصعوبة التي واجهناها جميعًا خلال هذا الوقت من وباء كوفيد-19 في محاولة سماع ما يقوله الناس خلف أقنعتهم، وكذلك محاولة جعل أنفسنا نفهم ما يتجاوز ذواتنا.”

وفي عملها الثاني، يا طارق، تشير أيضًا إلى دور أغطية الوجه في إسكات أولئك الذين نادرًا ما تُسمع أصواتهم. يعرض العمل صورة على غرار الرسوم المتحركة لوجه امرأة خلف نافذة مزخرفة بجوار فقاعة فكرية مع عبارة، “يا طارق! أنت لا ترتدي قناعك! “

العمل مأخوذ من سلسلة “المشربية” لزغيب، حيث تستخدم الفكاهة للتعامل مع قلقها وشعورها بالحبس أثناء عمليات الإغلاق الناجمة عن وباء فيروس كورونا. يثير العمل أيضًا الجدل الدائر حول ارتداء الأقنعة، والقدرة على الاختباء خلف القناع، وما تمثله المشربية، وهي غطاء نافذة خشبية محفورة بشكل معقد، “تمنع رؤية المرأة من الشارع الواقع أسفلها وتشكل حاجزًا ماديًا بين شخصٍ وآخر.”

الفن كمخرج علاجي

ومن الفنانين الآخرين في المعرض، سينا عطا، وهو عراقي مولود في الولايات المتحدة لكنه يعيش الآن في عمّان. درس عطا ليكون مهندسًا مدنيًا، وتم تجنيده في الحرب العراقية الإيرانية في الثمانينيات وخدم لمدة خمس سنوات تقريبًا. بكونه فنان ذاتي التعليم، وجد في الفن منفذًا علاجيًا للمساعدة في التعامل مع فظائع الحرب. قال عطا “لقد ساعدني الانغماس في الفن في معالجة الأهوال التي كنا نمر بها جميعًا.”

معرض صور: الإبداع في زمن كوفيد -19

يرمز عمله في المعرض، بعنوان #796، هو عمل متعدد الوسائط يتضمن صفوف من المربعات الصغيرة المحفورة في لوحة خشبية مطلية، إلى فقدان الهوية عندما تختزل الأرواح إلى أرقام. العمل جزء من مجموعة تسمى أرقام، وهو موضوع عمل عليه عطا في وقت قريب من الاضطرابات الأهلية في العراق في الفترة ما بين 2005-2007 عندما تصدّرت أعداد القتلى كل يوم عناوين الأخبار.

قال “في وضعنا الحالي، بدا هذا النهج أكثر ملاءمة من أي وقت آخر، خاصة أنه كان عالميًا. جعلني هذا أعيد النظر في الفكرة مرة أخرى مع وضع الوباء في الاعتبار، وحيث يتم اعتبارنا مرة أخرى بمثابة إحصائية مع القليل جدًا من الإنسانية المرتبطة بها.”

قال عطا “لقد كان عامًا غريبًا بالنسبة لنا جميعًا، ونحاول جميعًا التعامل مع الموقف بأفضل ما نستطيع. بصفتي فنانًا، فقد منحني ذلك الكثير من المواد للتعبير عن هذا الإحساس بالعزلة، والخسارة، والوحدة، والشوق، وما إلى ذلك … هناك الكثير مما يجب قوله والتعبير عنه، وبهذه الطريقة، كان الفن ملاذي ومنقذي.”

“نوعا من العلاج لما مررنا به”.

يتطرق عملا معاذ العوفي، وهو مصور وفنان فيديو من المملكة العربية السعودية، ورئيس البرامج الثقافية بهيئة تطوير المدينة المنورة، إلى إحساسه بالعزلة والشوق للسفر. قال “لقد اعتدتُ السفر والاستكشاف كثيرًا، لكن منذ بدء عمليات الإغلاق، لم يعد بإمكاني التجول.”

في أحد العملين، بعنوان التحالف، عبر عن هذه المشاعر من خلال استخدام السيارات الخردة، المنتشرة على نطاق واسع عبر منحدر تل صحراوي. وفي عمله الآخر، الطوافة، تظهر سجادة صلاة منفردة وغير مشغولة ملقاة وسط الصحراء الواسعة.

كما هو حال عطا، قال العوفي أيضًا أن القدرة على التعبير عن إحساسه بالقيود من خلال الفن كانت علاجية. قال “إنه بالتأكيد نوع من العلاج لما مررنا به.” ويأمل أن يشارك أولئك الذين يشاهدون العرض مشاعر الفنانين من خلال التعاطف والتواصل.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

قالت زغيب أيضًا إنها وجدت المساهمة في المعرض بمثابة عملية تشافي، مما يسمح لها بالشعور بأنها مرئية ومسموعة. قالت، “مع إغلاق أو تأجيل أو إلغاء العديد من عروض المعارض والمتاحف، فإن مجرد وضع لوحاتنا على الحائط في هذا المعرض الرائع، حيث يمكن للناس رؤية أعمالنا، كان أمرًا يبعث على الارتياح.” وأضافت أن التجربة منحتها شعورًا بـ “وجود الغد”.

وقالت إن عرض فنها إلى جانب أعمال فنانين من أماكن مثل العراق والسودان وغزة، عزز الشعور بالمجتمع والتعاطف. قالت، أينما كان استوديو الفنان، “فإن قدرة الفنانين على إنشاء عمل، سواء أكان منطوقًا أو مكتوبًا أو مؤدىً أو مرسومًا بالطبع، يعني أن لديهم القدرة على تجاوز عالمنا المادي والقيود التي نجد أنفسنا فيها في هذه اللحظة.”

أكدت جاد الله، أمينة المعرض، على قوة الفن لمساعدة الناس على معالجة المواقف الصعبة. وقالت، “بعودتنا للنظر إلى هذا الوقت في المستقبل، يمكننا استخدام العمل الفني لفهم تأثير الوباء في المنطقة والعالم.”

يستمر عرض فن في العزلة” عبر الإنترنت وبحسب مواعيد في غاليري معهد الشرق الأوسط للفنون، في واشنطن العاصمة، حتى 29 كانون الثاني/ يناير2021.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى