أخبار وتقارير

تقرير جديد يقترح خارطة طريق لتعليم إلكتروني أكثر فاعلية

على الرغم من مرور نحو عام على التحول، الذي فرضه وباء كوفيد-19، إلى التعليم الإلكتروني، فإن الكثير من الجامعات في المنطقة العربية مازالت تكافح لتحقيق تحول ناجح وفعال. إذ مازال النقاش دائراً حول الأسلوب الأفضل للتدريس عبر الإنترنت سواء من خلال دروس مصورة بشكل مسبق أو دروس تبث مباشرة عبر الإنترنت وكيفية التحقق من التواصل الفعال مع الطلاب خلال كل ذلك. لكن دراسة حديثة تحاول تقديم إجابات تساعد في تصميم دروس إلكترونية فعالة.

تهدف الدراسة، التي حملت عنوان”سبيل المضي قدماً: تعاون بين أصحاب مصلحة متعددين لتعزيز التعلم المدمج في العالم العربي“، إلى تعزيز الوعي بفرص التعليم المعتمد عبر الإنترنت، وكيفية تصميم أو إعادة تصميم المساقات الدراسية لتدريسها عن بعد، مع مواصلة تطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس ومصممي أنظمة التعليم في العالم العربي، وتشجيع التعاون بين الجامعات والمؤسسات والحكومات في مجال التعلم عبر الإنترنت.

قالت سونيا بن جعفر، المدير التنفيذي لمؤسسة عبد الله الغريرالتي قامت بالمشاركة في إجراء الدراسة، “جاءت الدراسة في الوقت المناسب، قبل عام من الأن لم يكن يهتم الكثير بالتعلم عن بعد، حاليا تعطي الجامعات الأولوية للاستثمار في البرامج عبر الإنترنت والبرامج المختلطة، من المهم ضمان هذا التحول بطريقة مرنة استنادا إلى الإرشادات التي تمت مشاركتها في الدراسة.”

تهدف الدراسة، إلى تطوير مساقات خاصة بالتعلم المدمج في الجامعات بجودة عالية عبر الإنترنت، وإرشاد صانعي السياسات ومؤسسات التعليم العالي لكيفية تقديم مثل هذه المساقات وتطوير قدرات أعضاء هيئة التدريس ومصممي أنظمة التعليم، وتشجيع التعاون بين الجامعات في هذا المجال.

كما توصي الدراسة بتصميم مشاريع التعلم المدمج بمشاركة المعنيين جميعاً من أساتذة وطلاب وقيادات تعليمية ومصممي برامج دراسية، مع أهمية تحديد الأدوار والمسؤوليات الخاصة بكل أعضاء الفريق، واعتماد قنوات تواصل واضحة للمشروع لتبادل المعلومات ومعالجة المخاوف، واعتبار الطلاب من أصحاب المصلحة عند تصميم جهود مماثلة في المستقبل، واستخدام التغذية الراجعة من الفريق كأدلة لفهم التجربة، مع ضرورة الحصول على دعم قيادة الجامعات وضرورة الوصول إلى حلول واضحة لمنح الاعتماد للشهادات.

قالت بن جعفر “لن يساهم التعلم المدمج وحده في تلبية الطلب المتزايد على التعليم العالي في المنطقة، ولكن التعلم عبر الإنترنت يمكن أن يحدث. من خلال تقديم الدرجات العلمية عبر الإنترنت، لن يحتاج بعض الشباب إلى الالتحاق فعليًا بمؤسسات التعليم العالي، والتي يعاني الكثير منها فوق طاقتها إضافة إلى نقص الموارد.” مشيرة إلى أن توفر البرامج على الإنترنت سيجعل التعليم العالي أكثر سهولة لأنه سيوفر المزيد من المرونة، لا سيما بالنسبة لبعض السكان مثل الإناث أو اللاجئين أو الفئات المحرومة الأخرى. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التحول إلى التعليم عبر الإنترنت يفاقم عدم المساواة في المنطقة العربية).

“لن يساهم التعلم المدمج وحده في تلبية الطلب المتزايد على التعليم العالي في المنطقة، ولكن التعلم عبر الإنترنت يمكن أن يحدث.”

سونيا بن جعفر
 المدير التنفيذي لمؤسسة عبد الله الغرير

دعوات للتطوير والتغيير

أجريت الدراسة، على مدى عامين قبل بدء الجائحة، من قبل فريق مكون من 18 عضوا من أعضاء هيئة التدريس فالجامعة الأميركية في القاهرة، والجامعة الأميركية في بيروت وخبراء في محتوى وتصميم المساقات الدراسية عبر الإنترنت من مؤسسة عبد الله الغرير للتعليم ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا. إذ تم إعادة تصميم ثلاث مساقات دراسية بحيث تعتمد على المقررات الدراسية المفتوحة التي يقدمها ماساتشوستس عبر الإنترنت، ويمكن تدريسها في نمط تعليم مدمج، وهي مساقات تمهيدية لعلم الأحياء والمعادلات التفاضلية وعلوم الكمبيوتر.

قام فريق العمل بإعادة تصميم المساقات الدراسية بمزج مواد الدورة مع أنشطة التعلم النشط، معتمدين على التعليم المعكوس حيث يتعين على الطالب استخدام المواد الدراسية الموجودة عبر الإنترنت وحل التمارين عليها قبل القدوم لمناقشتها في الصف.

لاحقاً قدمت الجامعة الأميركية في بيروت والجامعة الأميركية في القاهرة المقررات الدراسية الثلاثة مدمجة باستخدام مواد مساقات معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا خلال اربعة فصول دراسية ل1196 طالب وطالبة.

قالت بن جعفر “تتفاوت قدرة الجامعات على توفير التكنولوجيا، لكن الأساس يكمن في التصميم التعليمي، لذلك لابد من دعم أعضاء هيئة التدريس للحصول على المهارات والمعارف اللازمة قبل أي شئ.”

واجه أعضاء هيئة التدريس مقاومة من الطلاب بسبب التغيرات التي نشأت عن إعادة تصميم الدورات التدريبية المكثفة، كما أظهرت تقييمات نهاية الفصل الدراسي الاول المعاد تصميمه أنها كانت أدنى من السابق. مع ذلك قال أعضاء هيئة التدريس إنهم لاحظوا أثار إيجابية على طلابهم بعد إعادة تصميم المساق، بحلول نهاية الفصل الدراسي أصبح الطلاب أكثر استقلالية من ناحية التعلم وأصبح بإمكانهم تطبيق معرفتهم لحل المشكلات الصعبة التي تواجههم.

قالت مها بالي، أستاذ مساعد بمركز التعلم والتدريس بالجامعة الأميركية في القاهرة “كان هناك بعض الاحتجاج، في البداية توقع الطلاب محاضرات مباشرة وليس التعلم النشط، أساء البعض فهمها على أنها استبدال للمعلم، ولكن واقعيا كانت استبدال للكتاب بتجربة أكثر تفاعلية متعددة الوسائط خارج الفصل.”

تؤكد جيهان عثمان، أستاذ مساعد في تصميم التعليم والتكنولوجيا بالجامعة الأميركية في القاهرة، على تغيير موقف الطلاب. قالت “ساعد  كوفيد-19 على كسر جدار رفض التعلم عبر الإنترنت. إذ يبدو اليوم أفضل خيار لمواصلة التدريس في الجامعات. لاحظنا جميعاً تغييراً في المواقف.”

“ساعد كوفيد-19 على كسر جدار رفض التعلم عبر الإنترنت. إذ يبدو اليوم أفضل خيار لمواصلة التدريس في الجامعات. لاحظنا جميعاً تغييراً في المواقف.”

جيهان عثمان
 أستاذ مساعد في تصميم التعليم والتكنولوجيا بالجامعة الأميركية في القاهرة

تعتقد بن جعفر أن الجامعات العربية جاهزة لتطبيق التعلم المدمج. قالت “يستطيعون ذلك، يمكن البدء في ذلك دون الحاجة إلى الكثير من البنية التحتية، على سبيل المثال يمكن وضع بعض فصول الدورة التدريبية او بعض مكوناتها مرورا بوضع أكثر من نصف الشهادة على الإنترنت. المهم هو تصميم المواد بجودة عالية تناسب الإنترنت ثم تطبيق الأنشطة الرقمية لا العكس.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

مع ذلك، يبقى التحدي الأكبر هو في تغيير السياسات وإقرار قوانين تعترف بالتعليم الإلكتروني وهو ما يوصي به التقرير. إذ تمنح الحكومات في المنطقة، بنسب متفاوتة، الموافقة للجامعات التي ترغب في تقديم التعلم المدمج أو عدد محدود من المساقات على الانترنت (كجزء من برنامج الحصول على الشهادة من مكان الإقامة)، لكن لم يتم حتى الان منح الاعتمادات لبرامج شهادات كاملة على الانترنت.

قالت بن جعفر “لا بدّ من التوصل إلى خطوات واضحة حول استحداث عملية من هذا القبيل وتحديد مؤشرات الجودة التي يجب معالجتها لتحقيق ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى