أخبار وتقارير

دعوات لتحسين خدمات الصحة النفسية للطلاب في الإمارات

دبي – تعيش صابرين السبيعي، البالغة من العمر 22 عامًا، في سكن جامعي في جامعة الإمارات العربية المتحدة وتدرس عبر الإنترنت. ولكونها بعيدة عن عائلتها في المملكة العربية السعودية، يمكن أن تمضي سبعة أيام دون مقابلة أي شخص على أرض الواقع.

دفع العيش في تلك البيئة الانفرادية بسبب كوفيد-19 طالبة علم النفس لإطلاق حملة من أجل إنشاء مركز استشاري متكامل للطلاب. حاليًا، تقول إن مستشارَين فقط يخدمان طلاب الجامعة البالغ عددهم 15,000 طالب. وترى وجوب أن تزيد الجامعة من الدعم الاستشاري وأن يتماشى ذلك مع المعايير الدولية.

تقول لويز لامبرت، التي تدرّس علم النفس في الجامعة، إن الصعوبات التي واجهها الطلاب من أمثال السبيعي منتشرة على نطاق واسع. قالت “لا أعتقد أن اللوم يقع على كوفيد-19، على الرغم من أنه قد فاقم الأمر سوءًا. أعتقد أن الجامعات لم تقم بعمل جيد بشكل عام فيما يتعلق بالصحة العقلية واحتياجات رفاهية الطلاب. لا يتعلق الأمر فقط بمساعدة أولئك الذين لا يقومون بعمل جيد، بل بمساعدة الجميع على القيام بأداء أفضل.”

أصبحت الصحة العقلية أولوية رئيسية في جميع أنحاء الإمارات هذا العام مع مبادرات بقيادة وزارة الصحة وهيئة تنمية المجتمع لزيادة الوعي بدعم الصحة النفسية. لكن يبدو أن هناك عدم تكافؤ في الجهود المبذولة لدعم الصحة العقلية للطلاب. إذ تمتلك كليات التقنية العليا، وهي شبكة من الكليات الحكومية الوطنية تضم 16 فرعًا جامعيًا، مستشار واحد في كل حرم جامعي.

يقول أحمد الملا، مدير الشؤون الطلاب في الكليات العليا، إنهم لعبوا دورًا حيويًا في دعم انتقال الطلاب إلى الحياة عبر الإنترنت. حيث تم تقديم جلسات الاستشارة من خلال تقديم المشورة عبر الإنترنت، والاستشارة عن بعد، والجلسات الحية والموائد المستديرة السريرية عبر الإنترنت. أضاف “لقد كان المستشارون فعالين للغاية في مساعدة الطلاب على تحقيق الإنجاز الأكاديمي من خلال مساعدتهم على التعامل مع المواقف الاجتماعية والعاطفية الصعبة.”

الجامعات الخاصة تستجيب

أنشأت بعض الجامعات الخاصة في البلاد، بما في ذلك جامعة أبوظبي والجامعة الأميركية في الشارقة، مراكز استشارية. يضم حرم جامعة نيويورك أبو ظبي ثلاثة مستشارين في مركزها الصحي الذي يستوعب حوالي 1,350 طالبًا.

تدرس زُها نقوي في حرم جامعة برمنغهام البريطانية بدبي، والتي أنشأت “فريقًا للرفاهية” هذا العام يضم ثلاثة سفراء لجودة الحياة الطلابية، وهي واحدة منهم. قالت “نتواصل مع الطلاب من خلال الأنشطة ووسائل التواصل الاجتماعي في جوانب مختلفة بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الشمولية والتمكين والرفاهية الأكاديمية والجسدية.”

“نتواصل مع الطلاب من خلال الأنشطة ووسائل التواصل الاجتماعي في جوانب مختلفة بما في ذلك، على سبيل المثال لا الحصر، الشمولية والتمكين والرفاهية الأكاديمية والجسدية.”

زُها نقوي  
طالبة في جامعة برمنغهام البريطانية بدبي

كما أنشأت الجامعة أيضًا غرفة أمطار، مفروشة بالنباتات، تمنح الطلاب فرصة لأخذ قسط من الراحة والاسترخاء من أي نوع من الإجهاد، بحسب نقوي. كما يمكن لطلاب الجامعة التواصل مع شبكة من خبراء الصحة العقلية في حرم الجامعة في المملكة المتحدة.

https://www.bue.edu.eg/

في جامعة الإمارات العربية المتحدة وغيرها من الجامعات، يبذل الطلاب من أمثال السبيعي قصارى جهدهم للتعامل مع الوضع. قد تعيش السبيعي منعزلة لكنها في ذات الوقت محاطة بالآخرين. إذ يعيش الطلاب الأجانب في جامعة الإمارات العربية المتحدة عادةً في مساكن الطلبة.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

تعمل السبيعي الآن على مشروع بحثي ولذلك هي بحاجة إلى التواجد في الحرم الجامعي، لتتمكن من الوصول إلى المرافق مثل المكتبة، وعقد اجتماعات شخصية من حين لآخر مع أساتذتها. قالت، “في العادة، كنتُ أذهب إلى الفصول الدراسية قبل أن أعود للعمل على الواجبات المدرسية. الآن، فصولي وواجباتي المنزلية في ذات المكان.”

تخوض السبيعي الآن مهمة لإحداث التغيير؛ حيث تعمل مع أحد المتخصصين الاستشاريين بالجامعة للبحث عن مركز استشاري وتطويره بما يوافق المعايير الأميركية. في استطلاع حديث عبر الإنترنت شمل 215 طالبًا، وجدت أنه من الواضح أن العديد منهم بحاجة ماسة لتلقي استشارات الصحة العقلية.

قالت “لا أشعر أن هناك الكثير من الدعم في الجامعة، على الرغم من محاولتهم.” عندما بدأ الوباء، تم إرسال تفاصيل عن خطوط المساعدة الإماراتية للطلاب، لكنها تقول إنه يجب القيام بالمزيد، خاصة بالنسبة لأولئك القادمين من الخارج. حتى قبل كوفيد، تقول إن الجامعة كانت تفتقر إلى الأحداث أو الرحلات أو الارتباطات الثقافية للسماح للطلاب الدوليين الذين يعيشون في مساكن الطلبة بتكوين صداقات. وتقول إنه بعد الوباء، يجب أن يكون للجامعة مركز مخصص للتواصل الاجتماعي والأنشطة الطلابية. وتضيف إن للوباء تأثير إيجابي واحد، “أشعر الآن أن الجامعة أكثر وعيًا بوجود مشكلة.”

عزلة التعلم عن بعد

بحسب السبيعي، يؤدي التعلم عبر الإنترنت إلى تفاقم مشاعر القلق والوحدة. قالت “الفصول الدراسية عبر الإنترنت غير تفاعلية. يشعر الطلاب أنه ليس في إمكانهم المشاركة بذات القدر أو حتى طلب المساعدة.” وتضيف أنه يمكن أن يتواجد ما يصل إلى 30 إلى 60 طالبًا في فصل دراسي لموضوعات الدراسات العامة في وقت واحد.

“الفصول الدراسية عبر الإنترنت غير تفاعلية. يشعر الطلاب أنه ليس في إمكانهم المشاركة بذات القدر أو حتى طلب المساعدة.”

صابرين السبيعي  
طالبة علم نفس بجامعة الإمارات العربية المتحدة

تقول لامبرت، مدرسة علم النفس، إن العديد من الطلاب يعانون في الدراسة عبر الإنترنت، ويشكون من الملل والشعور بالحصار.

قالت “أشعر أن الحياة متوقفة مؤقتًا وأنهم ينتظرون حدوث شيءٍ ما.”

بينما يتم تقديم بعض الندوات الإلكترونية في الجامعات حول الرفاهية والصحة العقلية، تقول لامبرت إن المؤسسة بحاجة إلى بنية تحتية للصحة العقلية. قالت “لا تمثّل الندوات عبر الإنترنت الدعم الشخصي الذي يحتاجه الطلاب، ونحتاجه جميعًا.” وتقول إن العديد من الطلاب خجولون جدًا أو خائفون من التحدث في بيئة جماعية عندما تسنح لهم الفرصة.

وتقترح أن يقوم شخص ما بالتواصل مع الطلاب على أساس فردي وشخصي عبر الهاتف أو من خلال مكالمات الفيديو، أو على الأقل إتاحة مثل هذه المكالمات. قالت “يُعد الأمر بمثابة فشل حقيقي للمؤسسات التعليمية في هذا البلد. لا تدرك الجامعات أنه جزء من دورها أيضًا.”

تقول ديكشا لاونغاني، وهي طبيبة نفسانية للأطفال والمراهقين مولودة في دبي وتلقت تعليمها في المملكة المتحدة وتعمل في إحدى الجامعات في الإمارات، أن الجامعات يجب أن تكون أكثر استباقية ووقائية بدلاً من الإكتفاء بمجرد الاستجابة لمشاكل الطلاب.

بالإضافة إلى ذلك، تقول ديكشا إن الطلاب أنفسهم، مثل صابرينا السبيعي، يمكن أن يكونوا قوة للتغيير. يمكنهم إنشاء مجموعات دعم، على سبيل المثال، والعمل بشكل تعاوني مع الجامعات.

وتضيف بأن المعلمين والأسرة والأصدقاء بحاجة إلى البحث عن علامات الصراع النفسي. يمكن أن تكون الصعوبات في أداء الأنشطة اليومية، وفقدان النوم، والتغيرات المفاجئة في المزاج أو الشهية، وصعوبات التركيز، وفقدان الاهتمام بالأنشطة، علامات على أن الشاب يحتاج إلى مزيد من الاهتمام.

على المستوى المؤسسي، كما تقول، “يجب تطبيع لغة الصحة العقلية والرفاهية بين أعضاء هيئة التدريس والطلاب.”

ثانيًا، بحسب ديكشا، يجب الاعتراف بتأثير الصحة العقلية على الأداء الأكاديمي، بدلاً من التعامل مع الأمرين على أنهما كيانين منفصلين.

واختتمت قائلة “إن أقسام التطوير الأكاديمي والرفاهية والوظائف بحاجة إلى العمل معًا لتعزيز تنمية الطلاب – ليكون هدفًا موحدًا.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى