أخبار وتقارير

غياب الهواتف المحمولة يعيق وصول الفتيات العربيات إلى التعليم

مع إغلاق المدارس في الأردن في منتصف شهر آذار/ مارس كجزء من إجراءات الإغلاق في البلاد، اتبع اللاجئون السوريون جدولًا صارمًا للوصول إلى منصة التعلم الإلكتروني التي أنشأتها الحكومة الأردنية.

كان الأمر صراعًا مريرًا، بحسب ما ذكرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في تقرير جديد بعنوان “معاً من أجل تعليم اللاجئين“.

إذ يتشارك الأطفال نور، 15 سنة؛ وفادية، 14 سنة؛ ونادية، 12 سنة؛ ومحمد، 10 سنوات؛  وعبد، 5 سنوات غرفة النوم نفسها، مما يجعل من الصعب عليهم إيجاد الصمت والعزلة اللازمين للتركيز. كما يزداد الأمر إشكالية بسبب إمتلاك الأسرة لهاتف محمول واحد فقط. في الوقت ذاته، لا تتوفر خدمة الإنترنت بشكل موثوق دائمًا وغالباً ما يتم استنفاذ الحزم بمقاطع الفيديو التي يرسلها المعلمون بسرعة. لذلك، اضطرت الأسرة، التي تعتاش من عمل غير رسمي و200 دولار أميركي كمعونة شهرية من الأمم المتحدة، إلى تقليص نفقاتها لتحمّل ذلك.

قال نور للمفوضية “بالأمس، كان لدي اختبار عبر الإنترنت. لكنني لم أتمكن من الوصول إلى شبكة الإنترنت.”

مع ذلك، يقول البعض إن نور وشقيقاتها أكثر حظًا من العديد من الطالبات الأخريات في العالم العربي. فمن بين العقبات الكبيرة التي تعترض طريق تعليم الإناث وتوظيفهن حتى قبل الوباء عدم المساواة في الوصول إلى تكنولوجيا الهاتف المحمول. وجد التقرير العالمي لرصد التعليم لعام 2020 الصادر عن منظمة اليونسكو أن الوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول في جميع أنحاء العالم أقل بنسبة 26 في المئة بالنسبة للنساء والفتيات بشكل عام مقارنة بأقرانهن من الذكور، وأقل من ذلك بالنسبة للاجئين. بعبارة أخرى يقل عدد النساء اللاتي يمتلكن هواتف ذكية بمقدار 327 مليون عن الرجال، بحسب ماتياس إيك، الباحث في التقرير العالمي لرصد التعليم.

قال إيك “حتى عندما تتوفر للنساء إمكانية الوصول إلى الإنترنت، فقد يكُنّ أقل قدرة على استخدامه – ويمكن أن يكون ذلك لأسباب مختلفة تتعلق بالجنس. لذلك، على سبيل المثال، عندما يكون لديك العديد من أفراد الأسرة الذين يحتاجون إلى الوصول إلى موارد الحوسبة التي يمكن أن تكون محدودة في المنزل – قد يكون هناك جهاز كمبيوتر واحد وهاتف ذكي واحد فقط – عندها تميل النساء والفتيات إلى الوصول بدرجة أقل إلى هذه الأجهزة.”

وأضاف “وقد إزداد هذا الأمر الآن مع كوفيد-19.”

تستخدم غزل، 11 سنة، لاجئة سورية في الأردن، الهاتف المحمول للدراسة في منزل عائلتها. يظهر في الصورة والديها سلوى ونعيم وأخويها عمر، 9 أعوام، ومحمد، 4 أعوام. (الصورة: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين / ليلي كارلايل).
تستخدم غزل، 11 سنة، لاجئة سورية في الأردن، الهاتف المحمول للدراسة في منزل عائلتها. يظهر في الصورة والديها سلوى ونعيم وأخويها عمر، 9 أعوام، ومحمد، 4 أعوام. (الصورة: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين / ليلي كارلايل).

من المتوقع أن يؤدي الوباء، بأثره على التوظيف، إلى توسيع “الفجوة بين الجنسين المتنامية بالفعل”.

أما في الأسر التي تعاني ماليًا في جميع أنحاء المنطقة، عندما لا تتمكن الفتيات من الوصول إلى الأدوات لمواصلة تعليمهن، يرتفع خطر تسرّبهن من المدرسة بشكل دائم لأن البديل – المتمثل في زواج القاصرات – يوفر لعائلاتهن مصدر مالي للحياة. (اقرأ المقالات ذات الصلة، “الوباء يدفع آلاف الفتيات اللاجئات للزواج وترك الدراسة” و”لماذا يُرجح أولياء الأمور كفة الزواج المبكر على كفة التعليم؟“)

فجوة صارخة بين الجنسين

تنتشر الفجوة الرقمية بين الجنسين في الهاتف المحمول، والتي تُعزى على نطاق واسع إلى عدم المساواة بين الجنسين الموجودة بالفعل في محو الأمية والتعليم والدخل والعمل، في جميع مستويات دخل الأسرة.

في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تمتلك 82 في المئة من النساء هاتفا محمولا مع احتمال أن يكون لدى النساء هاتف محمول بنسبة تقل بمقدار 9 في المئة عن الرجال، وفقا لتقرير الفجوة بين الجنسين لعام 2020 الصادر عن GSMA، وهي جمعية دولية لمقدمي خدمات الإنترنت. في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا – أي كل دول المنطقة باستثناء دول الخليج – تستخدم 47 في المئة فقط من النساء الإنترنت عبر الهاتف المحمول، مخلفين 66 مليون امرأة بدون إنترنت على الهاتف المحمول.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

وجد تقرير آخر يقيس “التطور الرقمي” في عام 2019 من قبل الاتحاد الدولي للاتصالات معدلات مماثلة لوصول الإنترنت للنساء في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفاد بأن الفجوة آخذة في الاتساع.

أثار ذلك القلق بين مسؤولي المساعدات. قال إيك “إلى جانب معرفة القراءة والكتابة الأساسية والحساب، فإنه يُنظر إلى مهارات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بالطبع، على نحوٍ متزايد على أنها ضرورية حقًا للعمل في العالم القائم على المعرفة الذي نعيش فيه اليوم.”

العائلات ترفض

تقول جمعية GSMA إن الأسباب الرئيسية التي تم ذكرها في الاستطلاعات الخاصة بقلة إمتلاك النساء للهاتف المحمول في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل حول العالم تشمل القدرة على تحمل التكاليف ومحو الأمية والمهارات، و”عدم موافقة الأسرة”، والسلامة والأمن.

تقول كلير سيبثورب، رئيسة برنامج المرأة المتصلة والمجتمع المتصل والتكنولوجيا المساعدة في رابطة GSMA، إن تراكب هذه العوامل يمثل المعايير الجنسانية التي تخلق هذا التفاوت.

قالت “هناك عدم مساواة بنيوية على صُعُد مختلفة من الدخل والتوظيف والتعليم للرجال والنساء، ولكن بعد ذلك توجد أعراف اجتماعية فوق ذلك.” وأضافت “لكن حتى لو حافظت على كل هذه العوامل نفسها ثابتة، فإن العوامل التي نعرفها جميعًا تساهم في الفجوة بين الجنسين، فلا تزال هناك فجوة بين الجنسين في ملكية الهاتف المحمول والإنترنت عبر الهاتف المحمول. ويبرز هذا بوضوح أن أشياء مثل الأعراف الاجتماعية والتمييز تلعب دورًا رئيسيًا.”

تشعر العائلات العربية الأكثر تحفظًا بعدم الارتياح للسماح لبناتها بالوصول إلى الهواتف بسبب إمكانية تعرضهن للذكور من غير الأقارب أو المضايقات المحتملة عبر الإنترنت. فضلاً عن إن النساء قد تضطر، بهدف شراء الهواتف أو بطاقات تعبئة الرصيد، إلى التعامل مع الرجال في المتاجر.

تشير سيبثورب إلى أن بعض هذه القضايا يتم تناولها من قبل أعضاء المنظمة – على سبيل المثال، من خلال توظيف النساء لبيع بطاقات الرصيد.

سكان الريف الأقل اتصالاً 

تُظهر البيانات المتاحة أن معدلات إمتلاك الهواتف المحمولة والوصول إلى الإنترنت عبر الهاتف المحمول في المناطق الريفية وبين السكان اللاجئين – لا سيما في الأسر التي تترأسها نساء وهي الأكثر فقرًا – أقل مما هي عليه في المناطق الحضرية. وجدت دراسة أجريت عام 2019 حول الحياة الرقمية للاجئين من قبل GSMA ، بما في ذلك اللاجئون الحضر في الأردن، أن 72 في المئة من النساء يمتلكن هواتف ذكية.

لا يمتلك حوالي 23 بالمئة من اللاجئين السوريين في الأردن اتصال بالإنترنت في المنزل (35 بالمئة بين الأسر التي تعولها سيدات)، في حين يمتلك ثلثيهم بيانات هاتفية محدودة. قال 46 بالمئة ممن شملهم الاستطلاع إن أطفالهم لم يتمكنوا من الوصول إلى منصة درسك التي أنشأتها وزارة التعليم الأردنية للتعلم عن بعد أثناء الوباء. ومع ذلك، ترتفع هذه النسبة إلى 60 في المئة بين الأسر التي تعيلها نساء، وفقًا لتقييم سريع للاحتياجات في الأردن تم إجراؤه في أيّار/ مايو.

تحاول بعض الأسر تحقيق الأفضل بالقليل الذي يتوفر لهم. تتاح لنور وشقيقاتها إمكانية الوصول إلى الهاتف المحمول في المنزل.

كل مساء، تنظر الأسرة في جداول الفصول الدراسية للأطفال في اليوم التالي لمحاولة ترتيب طريقة مناوبات بشأن من يمكنه استخدام الهاتف ووقت استخدامه. قالت شيرين، والدة الأطفال، “يمكن لكل طفل أن يحاول حضور فصوله الدراسية. إنه أمر صعب للغاية … للفتيات الأكبر سنًا الأولوية، مع ذلك، لأن لديهن امتحانات مهمة لاجتيازها.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى