أخبار وتقارير

العلاج بالفن وسيلة فنانة لدعم النساء في الأزمات

دبي- وجدت زاهرة موثي، وهي فنانة من موريشيوس تمثّل جزءًا من المشهد الفني في دبي منذ 10 سنوات، العزاء في إبداعها خلال أصعب أوقات حياتها. الآن، تشارك هذه التجربة مع نساء أخريات من خلال ورش عمل تسعى لمساعدة النساء على الالتقاء والتعبير عن المشاعر المكبوتة والتحديات من خلال العلاج بالفن.

قالت موثي “أنا من أشد المؤمنين بأن الفن بوابة تقص الحكايا؛ إنه يجلب الراحة والعزاء لقلوبنا. بعد الطلاق في عام 2008 وتجربة تحديات الحياة المختلفة في الماضي، ساعدني الفن حقًا في تشكيل ما أنا عليه اليوم وجعلني أرى الحياة بشكل مختلف.”

تعتقد موثي، مؤسّسة منظمة ZeeArts، وهي منظمة عالمية تربط الفنانين، أن الفن وسيلة لتأريخ الأحداث في حياتها، ليس أقلها ما مرّت به خلال جائحة فيروس كورونا. حفز الإغلاق المفروض لوقف انتشار الفيروس إبداعها، وهو أحد الأسباب التي دفعتها إلى تنظيم دورة العلاج بالفن النسائي، التي عقدت لأول مرة في أيلول/ سبتمبر في الرابطة الثقافية الفرنسية “أليانس فرانسيز” في دبي.

قالت “خلال فترة الإغلاق، قمتُ بتجميع مجموعة كاملة من 40 عملاً فنيًا. لقد كنتُ متوترة ومذعورة مثل الجميع.” كانت موثي لوحدها في دبي برفقة أطفالها، بعد أن علق زوجها في قطر ووالدتها في الحجر الصحي في طريق عودتها من دبي إلى موريشيوس. قالت “كان هناك الكثير من الضغط عليّ حتى عدتُ مرة أخرى إلى عالمي الإبداعي. وبهدف الخروج منه، أطلقتُ معرضي الفردي السادس في أليانس فرانسيز دبي في آب/ أغسطس.”

مع تباطؤ الفعاليات والمعارض، كان ذلك إنجازًا كبيرًا بالنسبة لها، حيث ألهمها ذلك تنظيم ورش عمل للنساء الأخريات اللاتي يعانين من تحديات مماثلة. قالت “عندما تكون مبدعًا، تتدفق الحياة من خلالك. ليس هناك ضغط ويمكن للنساء أن يقضين “وقتهن الخاص” بينما يرسمن ويستمعن إلى قلوبهن.”

طريقة لمعالجة المشاعر

جاءت النساء الست اللواتي شاركن في ورشة العمل الأولى من خلفيات مختلفة، بما في ذلك متعافية من مرض السرطان ومحامية. قالت موثي، التي تتدرب الآن للحصول على دبلوم في العلاج بالفن، “كُنّ جميعًا مخلصات وجادات جدًا في هذا الأمر، ولكن في ذات الوقت، استيقظت الطفولة في داخلهن.”

تقول لويز لامبرت، أستاذة علم النفس في جامعة الإمارات العربية المتحدة والتي تدرس وتطور برامج التدخل النفسي الإيجابي، إن الفن يمكن أن يقدم العلاج لأسباب عديدة. قالت “يسمح الفن بدرجة من المعالجة العاطفية التي لا تكون ممكنة دائمًا من خلال الكلمات، وبذلك يمكنه معالجة الإدراك والأفكار والعبارات والعواطف بطريقة مختلفة.”

“يسمح الفن بدرجة من المعالجة العاطفية التي لا تكون ممكنة دائمًا من خلال الكلمات، وبذلك يمكنه معالجة الإدراك والأفكار والعبارات والعواطف بطريقة مختلفة.”

تقول لويز لامبرت
 أستاذة علم النفس في جامعة الإمارات العربية المتحدة

أوضحت لامبرت أن الفن مفيد لمعالجة الجانب العاطفي للحالة العقلية للفرد، على عكس الجانب المعرفي، والذي يمكن أن يكون فيه التحدث إلى الأصدقاء أو الذهاب في نزهة أكثر ملاءمة.

قالت “بإمكان الفن العمل على مستوى اللاوعي والعودة إلى الطفولة. عندما يلعب الأطفال، فإنهم يعالجون العواطف. لذا فإننا كبالغين نعود إلى ذلك بهذه الطريقة، والتي تعود إلى ذات الحلقة.”

قالت لامبرت إن العلاج بالفن يمكن أن يكون فعالًا للغاية بالنسبة لبعض الناس، بينما قد يفضل البعض الآخر نهجًا معرفيًا أكثر. يوفر الفن طريقًا آمنًا آخر للناس لاستخدامه أثناء الوباء، وهو الوقت الذي يمكن أن تصبح فيه الإشارات المتكررة لكلمات مثل “الموت” و”الكارثة” مربكة للناس.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

تُصر موثي على أن بإمكان أي شخص المشاركة والاستفادة من العلاج بالفن. قالت “لستَ بحاجة إلى أن تكون فنانًا لكي ترسم، فنحن جميعًا مبدعون على طريقتنا الخاصة. لن يحكم عليك أحد ولا توجد فنون جيدة أو سيئة. إنها مجرد تفسيرات لرؤيتك للحياة.”

الفن يعبر عندما تعجز الكلمات

شاركت ماريانا ميساكيان في ورشة العمل العام الماضي. قالت “أنا امرأة كلمات، واستخدم القواعد وعلامات الترقيم للتعبير عن نفسي ورواية قصصي. ولكن الفن يتحدث حيث تفشل الكلمات، وأردت تجربة أداة جديدة وعملية إبداعية مختلفة لاكتشاف نفسي من زاوية مختلفة والتعبير عن كلامي بشكل فني وبِوعي جديد.”

لا تمتلك ميساكيان أي خلفية فنية ولم يكن لديها خطط لتصبح فنانة، لكن الفضول فقط هو ما دعاها لاستكشاف طريقة جديدة للتعامل مع العالم من حولها. قالت “كان هدفي السماح للألوان والأشكال بالظهور من الداخل، وكنت متحمسة للغاية لرؤية كيف ستقدم لي أحلامي ومشاعري، وما الذي سيظهرونه لي.”

“أعرف القدر الذي يمكن أن يكون الفن فيه بشكل عام مفيدًا للغاية للتخلص من الضغط ومساعدتنا على الانفصال والتعبير عن مشاعرنا العميقة أو حالتنا الذهنية.”

مريم لارا درويش  

اشترت ميساكيان الآن قماشًا وأصباغًا وفرشًا وخصصت مساحة للفن في مكتبها المنزلي. قالت “يساعدني هذا على التواجد في اللحظة الراهنة، لإسكات الضوضاء الخارجية، والمتطفلين، والاستسلام لحواسي، والنظر إلى الداخل، والتعرف على صوتي والسماح له بتوجيه الفرشاة. لقد قمتُ بالفعل برسم قطعة فنية واحدة وأنا فخور بها للغاية، ليس بسبب الفن نفسه، ولكن لأنني تعلمت أن أكون متقبلة للعملية والأدوات.”

اشتركت مريم لارا درويش في ورشة العمل في أيلول/ سبتمبر حيث كانت تمرّ بضغوط شديدة في مرحلة صعبة من حياتها. قالت “أعرف القدر الذي يمكن أن يكون الفن فيه بشكل عام مفيدًا للغاية للتخلص من الضغط ومساعدتنا على الانفصال والتعبير عن مشاعرنا العميقة أو حالتنا الذهنية.”

نظرًا لانجذابها إلى الفن والموسيقى منذ الطفولة، درست درويش الفنون الجميلة والتصميم الداخلي، لكنها وجدت أن ورشة العمل ساعدت في إطلاق المزيد من التعبير العاطفي، وإطلاق العواطف الخفية. قالت “عندما ترسم، تكون نفسك بتجرّد. يمكنك الانفتاح على عملك الفني، فلن يطلق الأحكام عليك.”

كما وفّرت التجربة لها بعض الإدراك أيضًا. قالت درويش “كان النظر إلى أعمالي الفنية بمثابة درسٍ كبير. كانت رؤيتي لكيفية رسم والديّ على مسافة بعيدة مني ملفتة للانتباه إلى مدى بعدي عنهم خلال السنوات الماضية، وأدركت فجأة الحاجة الملحة لإعادة الاتصال بهم. من ناحية أخرى، رسمتُ نفسي وأخي كسمكتين صغيرتين تسبحان معًا في المحيط، وهذا بالضبط ما يربطنا. يمكننا العيش في قارات منفصلة لكننا دائمًا معًا في قلوبنا.”

ساعدت الفصول ميساكيان على إدراك ما يجب عليها فعله لتحقيق التوازن في حياتها. قالت “يجلب الفن بالتأكيد مساعدة قيمة في التعبير عن أعمق مشاعرنا ومخاوفنا الخفية، مما يوفر إحساسًا رائعًا بالهدوء والاسترخاء. إنه ملاذ رائع نحتاجه جميعًا.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى