أخبار وتقارير

علي راشد النعيمي يقترح نموذج جديد للتعليم العربي

أبوظبي – يعتبر التعليم السبيل الوحيد لكسب الحرب ضد التطرف الإسلامي وزيادة الفرص أمام الشباب في العالم العربي، بحسب علي راشد النعيمي، المعلم المخضرم، وعضو المجلس الوطني الاتحادي عن إمارة أبو ظبي ورئيس مركز أبحاث “هداية” لمكافحة التطرف.

يشتهر النعيمي بكونه رائدًا في مجال التعليم منذ أكثر من عقدين وبطل للتعايش السلمي العالمي، كما أنه شخصية معروفة في دولة الإمارات العربية المتحدة. شغل النعيمي سابقًا منصب رئاسة دائرة التعليم والمعرفة بأبوظبي ومدير جامعة الإمارات العربية المتحدة، وتدور مهمته الآن حول إحداث ثورة في التعليم في العالم العربي.

يقول النعيمي “لن تتطور مجتمعاتنا ما لم يدرك التربويون أن التعليم عملية موجهة نحو المستقبل، وليس مجرد وسيلة لإعادة إنشاء التاريخ والضغط على أنفسنا بخصوص أمجاد الماضي التي لم يعُد بإمكاننا تكرارها.”

ويضيف أن من واجب أنظمة التعليم بالتالي الابتعاد عن المنهجيات القديمة مثل الحفظ عن ظهر قلب، التي لا تشجع التفكير المستقل المطلوب في عصرنا الجديد.

يعتقد النعيمي أن على مؤسسات التعليم العالي وغيرها من المرافق التعليمية الحديثة تبنّي أساليب تدريس أكثر حداثة، وذلك بتقديم الموارد والمساعدات التدريبية ليس للطلاب فحسب بل وللمعلمين أيضًا، بالإضافة لاعتماد أدوات اختبار وتقييم أفضل.

قال النعيمي، الذي شغل أيضًا منصب الأمين العام السابق لمجلس حكماء المسلمين والرئيس الحالي للمجلس العالمي للمجتمعات المسلمة، “يتطلب تحقيق هذا القيام بثورة تعليمية في العالمين العربي والإسلامي؛ حركة إصلاحية تعيد هيبة ومكانة وجاذبية التعليم في المجتمع، وتضع المعلم في المراتب العليا للنخبة الاجتماعية.”

“الحصن الأكبر”

تقع مهمة التعايش، في صميم كل ما يقوم به النعيمي، وهو مفهوم رئيسي في جهوده لتعزيز الحوار بين الأديان في الإمارات والعالم.

يعتقد النعيمي أن التعليم يمثل خط الدفاع الأول ضد أي تهديد، في منطقة لا تزال تعاني من الفكر المتطرف، ويطلق عليه وصف “الحصن الأكبر”، موضحا أنه وفقط من خلال تخصيص تمويل أفضل، والاستفادة من خبرة العلماء المسلمين والمربين وعلماء الاجتماع وعلماء النفس، يمكن أن يتم ذلك بشكل جيد.

قال “يجب أن يكون التعليم الأولوية الرئيسية في ميزانيات الدولة”. وأضاف أن دولة الإمارات العربية المتحدة خصصت 17 بالمئة من الميزانية الاتحادية للأعوام 2019-2021 للتعليم، ويجب على الدول الأخرى القيام بذات الشيء.

“ستساعدنا ثورة تعليمية حقيقية على تحقيق نقلة نوعية في أنظمة التعليم من شأنها أن تمكّن المجتمعات والدول من كسر دائرة التخلف.”

علي راشد النعيمي  

قال “ستساعدنا ثورة تعليمية حقيقية على تحقيق نقلة نوعية في أنظمة التعليم من شأنها أن تمكّن المجتمعات والدول من كسر دائرة التخلف.”

يَعرف نصر عارف، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، النعيمي منذ 15 عامًا. قال مستشار النعيمي في منصبه في المجلس العالمي للمجتمعات المُسلمة والذي تشمل اختصاصاته تطوير المناهج والفكر السياسي الإسلامي، “تمكن الدكتور علي من نقل خطاب التعايش من النظرية إلى التطبيق.”

وأضاف عارف أن النعيمي شخصية مشهورة في الساحة العالمية لجهوده في مكافحة التطرف والإرهاب. وقال عارف “لقد أخذ زمام المبادرة في إنشاء معظم المؤسسات التي تعمل في مجالات التسامح والتعايش، مثل مجلس حكماء المسلمين.”

اكتساب وجهات نظر في أوقات عصيبة

ولدت فلسفة النعيمي من تجربته الشخصية. فبينما كان يدرس للحصول على درجة البكالوريوس في جامعة ولاية بورتلاند، في ولاية أوريغون، حدثت ثلاثة تحولات كبرى انقسامية في العالم الإسلامي؛ إذ اندلعت الثورة الإيرانية عام 1979، وغزا الاتحاد السوفيتي أفغانستان، وحاصر جهيمان العتيبي المسجد الحرام في مكة المكرمة، أحد أقدس الأماكن الإسلامية. وقد كانت هذه الأحداث بمثابة بداية لما يسمى بحركة الصحوة في الشرق الأوسط.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.

في تلك الأثناء، انجذب الشاب النعيمي لبعض الوقت إلى أجنحة الإخوان المسلمين. يقول إنه بحماس وطاقة شاب يعيش في عالم مختلف تمامًا عن وطنه، تم إغراؤه وأعجب بتعاليم الإخوان “للدفاع عن قضايا العرب والمسلمين باستخدام بيانات ومعايير تلك المرحلة بالذات.”

في ذلك الوقت، شهِد الانقسامات بين المسلمين، مع بروز جماعات “متنافسة”، بما في ذلك التيار السلفي وجماعة التبليغ، تتنافس جميعها على جذب انتباه الشباب من أمثاله. بعد أن نشأ على الاعتقاد بأن المسلمين يجب أن يقفوا جميعًا معًا، اهتزت معتقداته وترك الحركة.

قال “في تلك اللحظة، وضعتُ مسافة بيني وبين جميع الأشخاص الذين يحاولون تعيين أو تقديم أنفسهم كأوصياء أو متحدثين باسم الإسلام. قررتُ أن أكون مستقلاً في تفكيري ورفضتُ أي نوع من الوصاية أو السيطرة على ذهني أو إرادتي باسم الإسلام.”

وبالعودة إلى الوطن العربي لنيل درجة الدكتوراه، وليكون أقرب إلى أسرته، درس النعيمي في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية في المملكة العربية السعودية. مثلت تلك التجربة تناقضًا صارخًا مع تجربته في بورتلاند وأوريغون وأميركا الإنجيلية البيضاء، وأحدثت تغييرًا في تفكيره، ليس أقله، اختباره تأثير حركة الصحوة، وهي جماعة يهيمن عليها الإخوان المسلمون. وبعد ذلك بقليل، عاد إلى الإمارات العربية المتحدة بمهمة واضحة تتمثل في بناء مجتمع أكثر شمولية، وخالٍ من تأثيرات الأيديولوجية الإسلامية الراديكالية التي تتخذها أمثال هذه الجماعات.

“إنه واقعي للغاية ويتفهم احتياجات السياق والرؤية في الإمارات العربية المتحدة. يتمتع دكتور علي بكاريزما خاصة جدًا تجمع بين المعرفة الميدانية والمعرفة النظرية والشخصية القوية.”

كريمة المزروعي  
مستشارة رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في أبوظبي

تأثير عميق على الزملاء

عرفت كريمة المزروعي، مستشارة رئيس جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، في أبوظبي، النعيمي منذ أكثر من 25 عامًا، وهي طالبته وزميلته في وقتٍ لاحق في جامعة الإمارات العربية المتحدة. تقول المزروعي إن تأثيره على المشهد التعليمي وعلى الأساتذة من أمثالها كان عميقًا. قالت “إنه واقعي للغاية ويتفهم احتياجات السياق والرؤية في الإمارات العربية المتحدة. يتمتع دكتور علي بكاريزما خاصة جدًا تجمع بين المعرفة الميدانية والمعرفة النظرية والشخصية القوية.”

يتفق عارف على ذلك ويصف النعيمي بأنه فريد في نزاهته والتزامه. قال “إنه يمارس ما يعظ به ويتحدث من قلبه دائمًا. بسبب كل ذلك، فهو ناجح جدًا في توصيل رسالته أينما ذهب.”

يريد النعيمي ببساطة المساعدة في بناء مستقبل أفضل للشباب المسلم حول العالم. قال “أدعو الله تعالى أن يحقق هذا الجهد أهدافه النهائية ويقدم رؤية مستقبلية للأجيال الشابة والأجيال القادمة. يجب أن نتأكد من عدم تكرار أخطاء الماضي التي ارتكبتها الأجيال السابقة مرة أخرى. وفقنا الله جميعا لتحقيق مستقبل أفضل للجميع.”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى