أخبار وتقارير

جامعات مصرية تؤسس وحدات “المرأة الآمنة” لمكافحة العنف المنزلي

القاهرة- خارج غرفة بمستشفى القصر العيني التابع لجامعة القاهرة الحكومية،  تنتظر (س.ص)، وهي إمرأة في الأربعينات من العمر، على كرسي أمام باب تعلوه لافتة رخامية مثبتة ومدون عليها  “وحدة المرآة الآمنة”، دورها للدخول للعيادة للمرة الثانية للتعافي من آثار العنف الجسدي الذي تعرضت له على يد زوجها بشكل متكرر مؤخرًا بسبب تردي أوضاعه المالية.

تعرفت س.ص على هذه الوحدة العلاجية الجديدة من خلال ممرضة صديقة لها تعمل داخل المستشفى، حيث نصحتها بزيارة العيادة في محاولة للتعافي من آثار العنف الجسدي والجنسي التي وقع عليها، وانعكس في صورة اضطرابات نفسية ومشاكل جسدية باتت تعاني منها مؤخراً.

خضعت خلال زيارتها الأولى للوحدة العلاجية للكشف عن آثار العنف على جسدها عبر أجهزة سونار وأشعة، قبل أن تجلس مع طبيبة متخصصة في النساء والتوليد وأخرى متخصصة في الصحة النفسية لتتحدث بحرّية عن مشكلتها.

قالت “شعرت بتغير كبير في نفسيتي وتحسن في صحتي الجسدية بعد زيارتي الأولى، يكفي أنني تخلصت من الخوف الذي كان يسيطر علي بشكل كبير.”

العيادة “ضرورة ملحة”

تأسست وحدة المرأة الآمنة التابعة لجامعة القاهرة نهاية العام الماضي ضمن مبادرة مشتركة بين عدد من الجامعات والمجلس القومي للمرأة– مؤسسة حكومية ذات استقلالية- مع الأمم المتحدة، شملت تأسيس عيادات استجابة طبية متخصصة لحالات العنف القائم على النوع الاجتماعي في مستشفيات جامعات عين شمس، المنصورة، و أسيوط الجامعي الحكومية.

قال إيهاب سليمان، أستاذ ورئيس قسم النساء والتوليد بمستشفى قصر العيني”صممنا برتوكول طبي لإدارة ضحايا العنف المترددين على العيادة، ومعالجة العواقب الجسدية والطبية والنفسية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.”

تستقبل العيادة يومياً منذ افتتاحها عشرات الحالات من مستويات اجتماعية متباينة، بحسب سليمان، وبما يمكن اعتباره مؤشراً على  زيادة معدل العنف بأشكاله المختلفة تجاه النساء، وتقبل  السيدات لفكرة الذهاب للطبيب  للتعافي من آثار “العنف المنزلي” اللاتي يتعرضن له.

غرفة مراجعة  في وحدة المرأة الآمنة الجديدة بجامعة عين شمس/ القاهرة. (الصورة: صفحة المجلس القومي للمرأة على الفيسبوك).
غرفة مراجعة في وحدة المرأة الآمنة الجديدة بجامعة عين شمس/ القاهرة. (الصورة: صفحة المجلس القومي للمرأة على الفيسبوك).

تضم الوحدة التابعة لجامعة القاهرة أطباء من تخصصات طب الأسرة، والصحة النفسية، والطب الشرعي، والنساء والتوليد. كما تشمل الوحدة فريق قانونى لتقديم المشورة القانونية بجانب الطبية، وفقاً لسليمان، الذي يوضح مراعاة السرية التامة عند الاستماع للنساء اللاتي يزرن العيادة.

ملايين النساء تأثرن بالعنف

تعاني نحو ٧،٨ مليون امرأة في مصر من جميع أشكال العنف سنويًا، سواء ارتكب هذا العنف على يد الزوج أو الخطيب أو أفراد في دائرتها المقربة أو من غرباء في الأماكن العامة، بحسب نتائج مسح أجراه صندوق الأمم المتحدة للسكان والمجلس القومي للمرأة والجهـاز المركـزي للتعبئـة العامـة والإحصـاء في عام ٢٠١٥ حول  التكلفة الاقتصادية للعنف القائم على النوع الاجتماعي.

تعمل العيادات على مدار 24 ساعة، حيث تم تخصيص خط ساخن لاستقبال شكاوى اللاتي يتعرضن للعنف، بحسب مها شاهين رئيس لجنة الدعم الطبي والإنساني بجامعة المنصورة وإحدى الطبيبات داخل وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع المعنفات.

قالت “نستمع للمعنفة باهتمام بالغ في الجلسة الأولى لنتعرف على طبيعة مشكلتها، قبل أن نبدأ معها العلاج وتوجييها للطبيب المختص بحالتها في الجلسات المقبلة، مع تخييرها إذا ما كانت تود السير في المسار القانوني مع العلاج حال استدعت الحالة ذلك.”

تظهر آثار العنف على معظم الحالات اللاتي تعرضن للعنف المنزلي في شكل اضطرابات نفسية وانحرافات سلوكية مستقبلية، بحسب شاهين، التي توضح أنه تم تدريب جميع الطبيبات والممرضات العاملات في العيادات على  كيفية التعامل مع الحالات نفسياً وجسدياً وحتى في الحالات اللاتي تتطلب طبيبة شرعية في الحالات اللاتي تتعرضن للعنف من أجل  الحفاظ على الأدلة الموجودة على جسد الضحية المعنفة.

لايقتصر متابعة الحالة داخل العيادة فقط، حيث يواصل الفريق الطبي التواصل معها وإدارة الحالة  خارج المستشفي لتسهيل الحصول على الخدمات الشاملة، وتذليل أي صعوبات في حياة الحالات اليومية، وفقاً لشاهين.

الجامعات تتحرك ولكن

تشهد الجامعات المصرية مؤخراً حراكاً شبه مستمر على مستوى المبادرات التي تكافح العنف المنزلي، حيث أطلقت خلال الأعوام الأخيرة نحو ٢٢ وحدة لمكافحة التحرش داخل الجامعات تختص بالبت في بلاغات الطلاب والطالبات بجرائم التحرش الجنسي في المؤسسة التعليمية، إلى جانب وحدة الاستجابة الطبية للتعامل مع النساء المعرضات للعنف في المستشفيات الجامعية وتوفير سبل الدعم والحماية والاحالة.

غير أن هذه الأنشطة المختلفة داخل الجامعات المصرية سواء عبر تأسيس وحدات لمكافحة العنف أو عيادات للمرآة الآمنة لا تراها عزة سليمان، الناشطة الحقوقية، ومدير مركز قضايا المرة المصرية، تلعب دوراً ملموساً في قضية العنف التي يواجه المرأة سواء داخل الجامعة أو خارجها. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التحرش الجنسي بالجامعات.. صمت وإنكار وخوف من الفضيحة).

“غالبية النساء اللاتي أعرفهن ويتعرضن لعنف لم يسمعن عن هذه العيادات. من غير الوصول الفعلي للمعنفات لايبدو أن هذه المبادرات مجدية بصورة حقيقية.”

عزة سليمان  
الناشطة الحقوقية، ومدير مركز قضايا المرة المصرية

قالت في اتصال هاتفي مع الفنار للإعلام “عادة لا يتمتع الأطباء العاملون داخل هذه الوحدات بالتدريب الكافي للتعامل مع هذه الحالات،  فضلاً عن الجهل بالأدوات المستخدمة في العلاج والتعامل مع الحالات كما يفعلون مع باقي المرضى.”

تعتقد عزة، الناشطة الحقوقية والمتخصصة في تصميم برامج مكافحة العنف المنزلي، أن كثيرات مازلن لا يعلمن بوجود مثل هذه العيادات مما يجعل من تأسيسها أمراً شكلياً بصورة ما.

قالت “غالبية النساء اللاتي أعرفهن ويتعرضن لعنف لم يسمعن عن هذه العيادات. من غير الوصول الفعلي للمعنفات لايبدو أن هذه المبادرات مجدية بصورة حقيقية.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

وتؤكد عزة، الفائزة بالجائزة الألمانية الفرنسية لحقوق الإنسان وسيادة القانون لعام 2020، أن  التطور الذي تلاحظه  في مواجهة ملف العنف المنزلي داخل الجامعات يتجلى أكثر في المجهودات الشخصية والمبارات الفردية للطالبات اللاتي يطلقن مدونات إلكترونية تشتبك مع الخطاب المحافظ ضد المرأة، وتشجع الجميع للتحدث عما تعرضن له، ومتابعة حقيقية لطرق العلاج بالتنسيق مع مراكز حقوقية مستقلة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: حملات إلكترونية تكشف ضعف سياسات حماية النساء من التحرش في الجامعات المصرية)

مع ذلك، لا تنكر عزة أهمية الدور الذي يمكن للجامعات القيام به من خلال هذه الوحدات خاصة مع وجود آلاف الطالبات فيها، لكنها تدعو لتبني سياسات تواصل أوسع بحيث تتحول الجامعات فعلا لمكان آمناً للنساء سواء كن طالبات أو موظفات فيها أو من خارجها.

Countries

تعليق واحد

  1. يمكن ما تعرضت له امي من اذي لفظي وجسدي وكنت ادافع عنها فكنت اتعرض للاذي ايضا. غير اني تعرضت للتنمر قي مدرسة فكل هذا كان يؤثر علي كطفل صغير عندما كبرت تعلمت انه ليس لاني فتاة اتعرض لهذا العنف ليس لاني شعري هكذا اتعرض للتنمر وبدات احب حالي اكثر عندما دخلت مجال العملي تعرضت للأذي النفسي كنت تقريبا ابكي يوميا لا اعرف مادا افعل فاكتشفت اني اسمح بذلك لهم ان يؤذوني اني لا اقول لا توقف لن اسمح بذلك .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى