أخبار وتقارير

كوفيد-19 يمهد الطريق لإطلاق منصة إلكترونية للصحافة العلمية في مصر

لطالما يشتكي خريجو الجامعات من الفارق الكبير بين ما يدرسونه في قاعات المحاضرات وما يجدونه عند دخول سوق العمل. لكن عدداً قليلاً منهم فقط من يتوقف عن الشكوى ويتمكن من العثور على فرصة تجمع بين شغفه العلمي وما يحبه من العمل. علا الغزاوي، الصيدلانية المصرية الشابة ومؤسسة منصة بلاينت اكس الرقمية المختصة بمساعدة المهتمين بالكتابة العلمية، من هؤلاء الذين تمكنوا من شق طريقهم المهني الخاص نحو شغفهم العلمي.

عملت علا بعد تخرجها من كلية الصيدلة في جامعة القاهرة في عام 2014 لمدة ثلاث سنوات في صيدلية، لتجد عملها يقتصر على بيع الأدوية فقط بعيداً تماماً عن مادة الكيمياء التي طالما أحبت.

قالت “عملي كان منفصلاً بصورة شبه كاملة عن طبيعة الدراسة المرتبطة بتفاعلات الأدوية والتجارب المعملية في تصنيع الدواء، لم يكن هذا ما حلمت به على الإطلاق.”

في عام 2008، تركت علا عملها في الصيدلية وبدأت العمل كمعدة برامج صحية متخصصة في العلوم والأحياء بترشيح من أحد أصدقائها.

قالت “مثلت هذه الفرصة لي انفتاحاً على عالم جديد، وجدت فيها متعة كبيرة، وشغف دائم حول تفاصيل جديدة في المقالات العلمية كمادة رئيسية لمحاور الحلقات التي أعمل على إعدادها.”

شجعت تجربة الإعداد تلفزيوني علا للبدء في الكتابة في قضايا علمية في موقع “اسلام أونلاين”، خصوصاً مع اهتمام نادية العوضي،  مسؤولة الباب المتخصص في العلوم، على جذب صحافيين تتناسب خلفيتهم مع هذا النوع الجديد من الصحافة داخل مصر.

تعرفت علا، آنذاك، على الأسس العلمية لكتابة مقال علمي، وماهي “الصحافة العلمية” التي كانت تسمعها للمرة الأولى، مقارنةً بالأنواع الأخرى سواء سياسة، أو اقتصاد، أو رياضة، أو فنون.

قالت العوضي، رئيسة تحرير دورية نيتشر ميدل إيست، “إن ثقة علا في عملها مع  تقبلها الدائم للنقد والحوار مع المحرر المسؤول حول تطوير المقالات هي الميزة الكبرى التي آهلتها للتطور بشكل سريع، والتمرس في الصحافة العلمية.”

“إن ثقة علا في عملها مع تقبلها الدائم للنقد والحوار مع المحرر المسؤول حول تطوير المقالات هي الميزة الكبرى التي أهلتها للتطور بشكل سريع، والتمرس في الصحافة العلمية.”

نادية العوضي  
رئيسة تحرير دورية نيتشر ميدل إيست

الكتابة كأداة تعلم واكتشاف

تمكنت علا لاحقاً من الالتحاق ببرنامج دراسي خاص بالصحافة العلمية للاتحاد الدولي للصحفيين لمدة عامين، تنقلت خلاله بين عدد من البلدان لكتابة تقارير في قضايا علمية، وحضرت عدد من الورش التدريبية في الصحافة العلمية.

تعتقد علا أن القيمة الاكبر لهذا البرنامج تكمن في كسر الصورة النمطية المرتبطة بالمادة العلمية، واعتبارها مادة جافة غير متفاعلة مع إيقاع الحياة اليومي البسيط، والتعرف عن قرب للأسس العلمية لكتابة تقارير في مختلف قضايا العلوم بعدد من الدول حول العالم التي زارتها.

قالت “ساعدتني الصحافة العلمية على اكتشاف العالم والانفتاح على ثقافات دول مختلفة، والتعلم من كُل هذه الرحلات بعدما كنت داخل صيدلية لاتتجاوز مساحتها متر في متر.”

واحدة من أبرز هذه القضايا التي تركت أثراً كبيراً في ذاكرة علا هي “ختان الفتيات”، والتي كتبت عنها سلسلة تقارير من عدد من الدول الإفريقية، لتوثيق هذه الانتهاكات.

 قالت “سمعت قصصاً مؤذية نفسية، تعرفت خلالها على دور التفسيرات الدينية في تبرير هذه العادة، حتى أنها موصومة في دول “بالعادة المسيحية”، وآخرى “بالعادة الفرعونية، وأن الختان الإفريقي أسؤ من الختان المصري.”

استعرضت علا في مقالها الأخير “نموذج الأولوية العادلة” لمجلة “ساينتفك أمريكان” أبرز المخططات المطروحة لباحثين من أجل توزيع عادل للقاح كوفيد-19، وأبرز النماذج المعيبة في هذه المخططات التي لا تراعي الأبعاد كافة في عملية التوزيع.

إلى جانب اهتمامها الواضح بالصحافة العلمية، اكتسبت علا خبرات جديدة من العمل لنحو خمس سنوات داخل مدينة زويل للعلوم والتكنولوجيا، واحدة من أكبر المؤسسات الأكاديمية العلمية في مصر، كمسؤولة عن المحتوي العلمي للموقع الالكتروني، والبيانات الصادرة عن المؤسسة عن أبرز أنشطتها العلمية وأبحاثها.

تعتقد علا أن القيمة الاكبر من سنوات العمل داخل مدينة زويل هي الاقتراب من العالم المصري الراحل أحمد زويل، الذي كان حريصاً على أهمية التواصل العلمي، وخلو البيانات الصحفية الصادرة عن المؤسسة من أي أخطاء علمية أو مغالاة.

يعتقد أشرف أمين، رئيس القسم العلمي بصحيفة الأهرام الحكومية، أن تعرض علا لتجارب عمل مختلفة بين مؤسسات صحفية وأكاديمية أضاف لها ميزة هامة وهي رؤية الموضوع الذي تكتب عنه من أبعاد مختلفة.

قال “قربها من أوساط بحثية وأكاديمية وصحفية داخل وخارج مصر جعلها تكتب بحيوية عن مواضيع تبدو جامدة.”

ميزة مشروع ” بلانيت إكس” هو المرونة الكبيرة في المحتوى وطريقة عرضه على المنصات المختلفة بسبب خبرات علا في مجال الصحافة العلمية والتسويق الالكتروني، موضحاً أن كُل ذلك ساعدها في إنتاج محتوى جذاب للجمهور وعميق بلغة سلسلة، والأهم كيفية تحويل مخرجات البحث العلمي لخدمة.

أشرف أمين  
رئيس القسم العلمي بصحيفة الأهرام الرسمية

الوباء نقطة التحول

في أيار/مايو الماضي، وبالتزامن مع بدء جائحة كورونا وانتشار معلومات كثيرة مغلوطة حول الفيروس وطرق العلاج، شعرت علا بأهمية إيصال المعلومات العلمية بدقة للناس وقررت إطلاق منصة رقمية خاصة بمساعدة المهتمين بالصحافة العلمية، والكتابة، والتواصل، لتطوير مهاراتهم ومشاركة خبراتهم في تلك المجالات.

قالت “كان الوباء نقطة تحول للصحافة العلمية في المنطقة العربية، إذ شغل الفيروس العالم بأسره وبات الموضوع الأكثر طلباً في وسائل الإعلام المختلفة، حتى أن الصحافيين العامليين في مجال السياسة والاقتصاد أنتجوا تقارير صحافية حول الوباء.”

مع ذلك، توضح علا أن الدافع الرئيسي لإطلاق المنصة هو مساعدة صغار السن المهتمين بالتعرف على مباديء الصحافة العلمية، وغياب منصات تستوعب أعداد المهتميين من معدومي الخبرة، وتدريبهم على أسس الصحافة العلمية.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

تعتقد نادية العوضي، الرئيس السابق للاتحاد الدولي للإعلاميين العلميين، أن ما يميز منصة بلانيت إكس يكمن استخدام اللغة السلسة ومهارات الحكي في تناول القصة العلمية، والتفاعل مع أسئلة المتابعيين إلى جانب إيلاء اهتمام ببرامج التدريب المبتدئين .

قالت ” المنصة مصدر جيد للصحافيين الراغبين في تنمية مهاراتهم لتحسين فرص عملهم.”

بدوره، يعتقد أمين أن ميزة مشروع ” بلانيت إكس” هو المرونة الكبيرة في المحتوى وطريقة عرضه على المنصات المختلفة بسبب خبرات علا في مجال الصحافة العلمية والتسويق الالكتروني، موضحاً أن كُل ذلك ساعدها في إنتاج  محتوى جذاب للجمهور وعميق بلغة سلسلة، والأهم كيفية تحويل مخرجات البحث العلمي لخدمة.

مع ذلك، تعتقد علا أن المنصة مازالت في بدايتها وتحتاج للمزيد من الجهود لتقديم خدمة أفضل للمهتمين بالصحافة العلمية.

قالت “الطريق طويل لكنني سعيدة أنني أسير في الاتجاه الصحيح نحو ما أحب.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى