أخبار وتقارير

هيفاء رضا جمل الليل: قيادية جامعية وقدوة للشابات

جدة – يمثل ترأُس جامعة عفّت، وهي أول مؤسسة تعليم عالي للنساء في المملكة العربية السعودية، تحمّل أعباء ثقيلة من المسؤولية، لكنه يعني أيضاً تتويجًا لحلمٍ طال انتظاره بالنسبة إلى هيفاء رضا جمل الليل، رئيسة الجامعة.

لم تتصور جمل الليل، الخبيرة في السياسة العامة، نفسها أبدًا تربوية عندما كانت تدرس في الثمانينيات. لكنها تعتقد الآن، وهي تقود الشابات السعوديات إلى وظائفهن المستقبلية، أن ذلك كان انتقالًا طبيعيًا نحو تحقيق حلمها بإحداث فرق في حياة المرأة السعودية.

بدأت الليل دراستها بنيل درجة البكالوريوس في إدارة الأعمال من جامعة الملك عبد العزيز في المملكة العربية السعودية قبل أن تسافر إلى الولايات المتحدة حيث حصلت على درجة الماجستير في الإدارة العامة والدكتوراه في السياسة العامة في جامعة جنوب كاليفورنيا.

مكنها السفر بدعم ووجود زوجها بجانبها من المغامرة في عالم جديد، حيث كانت تحلم بإحداث تغيير اجتماعي طال انتظاره في واقع المرأة السعودية.

قالت “في ذلك الوقت، كانت هناك خيارات محدودة أمام الفتيات في المملكة العربية السعودية وكان هدفي حقًا أن أكون عامل تغيير.”

أرادت جمل الليل رؤية تغييرات مثل السماح للمرأة “بفتح مشروعها التجاري الخاص دون الاضطرار إلى العمل تحت رعاية ولي الأمر، أي والدها أو شقيقها،” على سبيل المثال. كما رغبت في أن تكون المرأة “قادرة على مغادرة البلاد دون الحاجة لإذن ولي الأمر.”

تمكين المرأة من خلال التعليم

لكن الرغبة في تمكين المرأة من خلال التعليم  كانت في صميم هذه الرغبات، كما تقول، وهو ما “حررّها حقًا”.

قالت “نحن بحاجة إلى التعليم لتحرير الإنسان من نفسه، وليس من سلطة الآخرين ومن القوانين والشرائع “اللوائح” فحسب، لا بد من تحريره من نفسه أيضًا، لأن التغيير يصبح سهلاً بمجرد حصولك على التعليم في يدك وعقلك. إذا كنت لا تفهم الأفكار الجديدة، فأنت حقًا أسير للأفكار القديمة. لذا يجب أن يكون التعليم تعلمًا مدى الحياة. إنه حقًا هدف مهم في حياتي وهذا ما أردت دائمًا غرسه في طالباتي.”

“نحن بحاجة إلى التعليم لتحرير الإنسان من نفسه، وليس من سلطة الآخرين ومن القوانين والشرائع “اللوائح” فحسب، لا بد من تحريره من نفسه أيضًا، لأن التغيير يصبح سهلاً بمجرد حصولك على التعليم في يدك وعقلك.”

هيفاء رضا جمل الليل  

بدأت جمل الليل حياتها المهنية أستاذة مساعدة في جامعة الملك عبد العزيز وترقت حتى أصبحت رئيسة قسم الإدارة العامة وعميدة قسم النساء، وهي تجارب منحتها فهمًا مباشرًا لنظام التعليم العالي وتحدياته.

في أواخر التسعينيات فقط، تم إنشاء أول كلية للبنات وانضمت جمل الليل بصفتها مستشارة، وبدأت في تحقيق حلمها وشعرت أنها جزء من حدث “تاريخي ضخم”.

بهدف تحفيز النساء على الالتحاق، قدمت الحكومة رواتب لا تزال مستمرة حتى اليوم تتلقى الطالبات بموجبها 300 دولار شهريًا أثناء دراستهن. وساعد ذلك في التغلب على مقاومة العائلات المترددة في إرسال بناتها إلى التعليم، كما تتذكر جمل الليل، بخلاف اليوم، حيث تتعاظم المنافسة على المقاعد، وتتلقى كثير من المؤسسات الحكومية طلبات تفوق طاقاتها بكثير.

توسعت جامعة عفّت، من كلية تضم قسمين و37 طالبة فقط، لتصبح الآن جامعة تضم حوالي 1,000 طالبة تدرسن مجموعة من التخصصات المتنوعة مثل الهندسة والهندسة المعمارية.

فتحت جامعة عفت أبوابها أمام النساء اللواتي لم يكن بمقدورهن الوصول إلى التعليم العالي قبل ذلك، بحسب جمل الليل، والآن تعمل 70 في المئة من خريجاتها في شركات دولية مثل فورد وسيمنز، في أماكن عمل مختلطة.

التوسع التدريجي في حقوق المرأة

تولت جمل الليل عمادة كلية عفت عام 2000 ثم رئاسة الجامعة عام 2009.

لم يكن الطريق سهلاً، ففي البداية، مثّل وضع الطالبات في برامج تدريبية تحديًا بسبب القوانين التي تحظر وجود النساء في أماكن العمل. قالت جمل الليل “كان من الصعب جدًا بالنسبة لي فتح أبواب التدريب هذه الأبواب” لتمكين الطالبات من الحصول على بعض التدريب. لم يكن المجتمع مستعدًا حقًا للقيام بذلك.”

لكن الإصلاحات التي بدأت في عهد الملك عبد الله وتسارعت عندما أمر الملك سلمان بمراجعة القوانين التي تقيد حركة المرأة وحرياتها، تسببت في تغييرات كبيرة في وضع المرأة السعودية، على حد قولها. (اقرأ التقرير ذو الصلة: هل تغير رؤية 2030 وجه التعليم العالي السعودي).

لكن الأمور تغيرت خطوة فخطوة. عندما بدأت النساء العمل لأول مرة، كانت لديهن مساحات عمل منفصلة في الشركات واستخدمن مداخل مختلفة للحفاظ على الفصل بين الجنسين. الآن، أصبح العمل المشترك القاعدة العامة.

“لم يعُد سقف المرأة كما كان. للنساء صوت في بعض المجالس الحاكمة الرئيسية، وحوالي 30 في المئة من أعضاء البرلمان من النساء.”

هيفاء رضا جمل الليل  

قالت جمل الليل “المهم هنا أن تراهُن يعملن حقًا جنبًا إلى جنب مع الرجال، وهذا مريح للغاية. … يمكنك أن تجد الكثير من النساء اللاتي يعملن حقًا مع الرجال، دون خوف من تعرضهن لأي شيء. لذلك يدعم القانون هذا بطريقة أو بأخرى.

عادةً ما يُساء تمثيل المملكة العربية السعودية غالبًا دوليًا، بحسب جمل الليل. تشارك النساء في مجالات العمل والسياسة أكثر بكثير مما يدركه الكثيرون، كونهن حاضرات في مجالس الإدارة، ولديهن فرص أكبر بكثير مما يعتقده الكثيرون.

قالت “لم يعُد سقف المرأة كما كان. للنساء صوت في بعض المجالس الحاكمة الرئيسية، وحوالي 30 في المئة من أعضاء البرلمان من النساء.”

قيادية بأدوارٍ عديدة

تدرك جمل الليل أن دورها في هذه العملية التي تتكشف ببطء لمنح المزيد من الحرية للمرأة أمرٌ بالغ الأهمية.

تعتبر جمل الليل نفسها أمًا راعية لجميع من تشرف عليهم، بما يتجاوز كونها مجرد رئيسة جامعة، لتقوم بدور المستشارة والمربيّة على حدٍ سواء. كما تعمل كصوت للمرأة السعودية، بحديثها في الأحداث الإقليمية والعالمية مثل المنتدى الاقتصادي العالمي.

على الرغم من أن دورها لا يمثل التغيير الذي تخيلته ذات يوم في السياسة العامة، فإن دورها الآن أكثر أهمية بكثير. 

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

قالت “أنا أم لكل طالبة، وأي شابة تريد التواجد هنا. إذا ما كنتِ قائدة تربوية، فلا يمكنكِ حقًا الاكتفاء بكونكِ أكاديمية وباحثة. عليكِ أن تكوني مستعدة لتقديم بعض النصائح.”

توافق الطالبة هيفاء مُسلّم على أن جمل الليل، بصفتها مستشارة وأم وقدوة يحتذى بها، تؤدي دورًا حيويًا للشابات السعوديات.

قالت مُسلّم “الدكتورة هيفاء بالتأكيد نموذج أقتدي بها، ولا يعود ذلك فقط لدورها في الابتكار ورؤاها بعيدة المدى للجامعة فحسب، بل لمدى اهتمامها بطلابها. إنها تعامل كل واحدة منا وكأنها تخصّها، وهو أمرٌ نادرًا ما تدركه النساء في موقع قوي كوضعها. إنها مثال المرأة التي أتطلع إليها، بسبب اتزانها وذكائها وعدالتها في التعامل.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى