مقالات رأي

السؤال المتكرر: ماذا بعد التخرج؟

“(الآراء الواردة في هذا المقال هي آراء شخصية للكاتب ولا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الفنار للإعلام).

ما هي خططكِ بعد التخرج؟” قد يكون هذا السؤال على الدوام أول سؤال يطرحه شخصٌ ما بأدب على طالب جامعي على وشك التخرج. لم أجد هذا السؤال مهذبًا أبدًا، لكن عندما طُلب مني كتابة مقال يتأمل هذا السؤال، أعترف بأن ذهني بدأ يعمل.

منذ الصغر، اعتبرتُ نفسي مولودة لكي أصبح أكاديمية. كنتُ أعلم الأقارب الأصغر سنًا كيفية العد باللغتين الإنجليزية والعربية وأضع سبورة لعب بيضاء لإعطاء درس كل يوم، مستخدمة ما تعلمته في المدرسة الابتدائية لتطبيقه في المنزل. كنتُ أطلب منهم أن ينادوني بالآنسة هيفاء، كما لو كنتُ مُدرستهم. لكن، ولكي أصبح أكاديمية بالمعنى الحقيقي للكلمة، فأنا بحاجة إلى مواصلة تعليمي بعد درجة البكالوريوس.

بينما تسبّبت جائحة فيروس كورونا في إغلاق الحدود، إلا أنها فتحت في ذات الوقت، بشكلٍ يدعو للاستغراب، أبواباً أخرى للطلاب والأكاديميين. بوجود مواقع إلكترونية مثل كورسيرا، وهي منصة للدورات عبر الإنترنت طورها أستاذان في جامعة ستانفورد، وقامت جامعتي بتقديمها للطالبات في هذا الفصل الدراسي، أصبح بإمكان الطلاب في جميع أنحاء العالم حضور المحاضرات التي تقدمها مؤسسات أميركية مرموقة مثل جامعة هارفارد، وجامعة جونز هوبكنز وجامعة بوسطن وجامعة نيويورك. (اقرأ المصدر ذو الصلة: دليل موجز لأبرز منصات التعلم عبر الإنترنت).

على الرغم من تفضيلي للتعلم وجهًا لوجه، إلا أنني أرى فرصًا لا تتطلب مني السفر للحصول على تعليم جيد. يخفف هذا من وطأة عدم القدرة على السفر إلى الخارج لمتابعة شغفي بالكتابة، لأنه، ومما يثير استيائي، لا توجد درجات علمية في البرامج المتخصصة بالكتابة الإبداعية حتى الآن في المملكة العربية السعودية.

تمثلت خطتي الأصلية بعد التخرج في الانتقال إلى أوروبا لمتابعة درجة الماجستير في الكتابة الإبداعية. أخطط الآن للبقاء في الوطن بسبب حالة عدم اليقين الناجمة عن الوباء. سأشعر براحة أكبر لكوني في مسقط رأسي ووسط عائلتي، على الأقل حتى تستأنف الحياة مسارها الطبيعي إلى حد ما. بينما أدرك أن الوضع لن يكون تمامًا كما كان قبل كوفيد-19، أشعر بالراحة تجاه الفرص المقدّمة لي عن بُعد.

عرضت عليّ العديد من أستاذاتي في جامعة عفت في قسم اللغة الإنجليزية والترجمة شغل منصب مساعدة مدرس، للعمل بجانبهن والتعلم منهن بعد التخرج. أنا ممتنة للغاية لهذا الاهتمام والدعم ويمكنني رؤية نفسي عائدة للمساهمة في خدمة جامعتي بطريقة أو بأخرى. كنتُ أتأمل فكرة الالتحاق ببرنامج لنيل درجة الماجستير في جامعة الملك عبد العزيز المرموقة، في جدة، فور حصولي على درجة البكالوريوس. ربما يمكنني القيام بالأمرين معًا في ذات الوقت، إذا شعرت بأنني قادرة على تحمل مسؤوليات وظيفة مدفوعة الأجر والدراسة لنيل شهادة عليا.

أشعر أنني محظوظة لحصولي على هذه الفرص قبل التخرج، مما يعني أن من واجبي القيام بشيءٍ صحيح في مجالي، بصفتي طالبة وأكاديمية مستقبلية كما آمل.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

لقد كانت رحلة طويلة للوصول إلى إتمام مرحلة البكالوريوس من تعليمي، حيث مثّل تبديلي للتخصصات والجامعات عقبة في طريقي. لكنني لا أشعر بأي ندم على الإطلاق، فقد كونت صداقات على طول الطريق والتقيت أيضًا بأكثر الأساتذة إلهامًا.

مع اقتراب الأيام والأشهر من لحظة التخرج، أجد نفسي راغبة في التباطؤ. يبدو هذا مثيرًا للسخرية، نظرًا لأننا كطلاب، ومنذ الفصل الدراسي الأول لنا في الجامعة، نقوم بالعد التنازلي للأيام التي تفصلنا عن ارتداء عباءة التخرج، وسماع إعلان الأسماء، والسير على المسرح حاملين شهاداتنا العلمية. لكن الآن، بمجرد اقتراب اليوم المنتظر، كل ما أريد فعله هو الابتعاد عنه.

هيفاء مسلم، 23 عامًا، شاعرة شابة ستتخرج قريبًا من كلية الأدب الإنجليزي من جامعة عفت في جدة، السعودية.

Countries

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى