أخبار وتقارير

الجامعات السورية تصارع من أجل البقاء بعد عقد من الحرب

بيروت – بعد عقد من الحرب التي أجبرت أكثر من نصف سكان سوريا على ترك ديارهم، يبدو نظام التعليم العالي في البلاد منهارًا. إذ تكافح الجامعات السورية من أجل البقاء، بحسب أكاديميين وخبراء تعليم سوريين.

تحدث الأكاديميون في ورشة عمل عقدت على الإنترنت  في 15 نيسان/ أبريل بعنوان “التعليم العالي في سوريا بعد عقد من الحرب” بتنظيم من برنامج EDU-Syria الممول من الاتحاد الأوروبي والهيئة الألمانية للتبادل العلمي (DAAD). وقال المشاركون إن الجامعات السورية تواجه عددًا لا يحصى من التحديات؛ بما فيها البنى التحتية المتهالكة، والمناهج القديمة، والأساتذة غير المؤهلين، بالإضافة إلى غياب موارد البحث والحرية الأكاديمية، وانعدام الأمن ونقص التمويل والتبادل الدولي. (اقرأ التقرير ذو الصلة: التعليم العالي السوري يحتاج لسنوات من الإنعاش).

بلغ عدد الطلاب الجامعيين نحو نصف مليون طالب، بالإضافة إلى 8,800 من أعضاء هيئة التدريس، بما في ذلك الإداريين، في عام 2017، بحسب سليمان موصلي، أستاذ التمويل في الجامعة العربية الدولية في درعا، جنوب سوريا.

قال موصلي “هذه الأرقام مؤشر على الصمود. سببت الحرب الكثير من التحديات في الجامعات الحكومية والخاصة. يشمل ذلك الرقمنة الضعيفة للبنية التحتية، وتدني جودة التعليم، وأساليب التدريس القديمة، ونقص المهارات الرقمية، وهجرة العقول من أعضاء هيئة التدريس بسبب الدخل المنخفض وعدم الاستقرار وضعف التمويل.” وأضاف موصلي “أجبر الوضع المتدهور العديد من الطلاب على محاولة اللحاق بالركب والتعلم بأنفسهم بالإعتماد على المصادر المفتوحة والدورات التدريبية المجانية عبر الإنترنت.”

بدورها، تحدثت ناهد غزول، أستاذة اللسانيات المساعدة في جامعة باريس نانتير، عن الوضع “الكارثي” للتعليم في إدلب وشمال سوريا؛ حيث تنقسم السيطرة على تلك المنطقة بين حكومة الإنقاذ بقيادة جبهة النصرة الجهادية والائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة.

المدارس والجامعات مستهدفة من قبل الجميع

قالت غزول “استهدفت جميع أطراف النزاع المدارس والجامعات بشكل منهجي. لم تعد أماكنًا آمنة، وفضّل الآباء إبقاء أطفالهم خارج المدارس. لكن هذا جعل الأطفال أهدافًا سهلة للتجنيد من قبل الجماعات المتحاربة، أو دفعهم للإنخراط في سوق العمل.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: مستقبل مجهول في انتظار طلاب الجامعات في مناطق المعارضة).

وأضافت “لا يمتلك جيل الحرب مدارس أو معلمين أو أي معدات للعملية التعليمية. وبالتأكيد، ليس في إمكانهم الوصول إلى الجامعة.”

تقول أرقام الأمم المتحدة إن جيلاً كاملاً من الأطفال السوريين، الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و10 سنوات، أصبحوا أميين تمامًا.

“لا يمتلك جيل الحرب مدارس أو معلمين أو أي معدات للعملية التعليمية. وبالتأكيد، ليس في إمكانهم الوصول إلى الجامعة.”

ناهد غزول
أستاذة اللسانيات المساعدة في جامعة باريس نانتير

تكمُن العقبة الرئيسية التي تواجه التعليم في شمال سوريا في حصول طلاب الثانوية على شهادات غير المعترف بها من قبل الجامعات.

قالت غزول “يعتبر الافتقار إلى الاعتراف عقبة كبيرة تواجه التعليم العالي لأنه يثني الطلاب عن مواصلة تعليمهم؛ حيث يتساءلون: ما فائدة القيام بذلك إذا لم يعترف به أحد؟”

بينما كان التعليم المدرسي والجامعي في سوريا مجانيًا تمامًا قبل عام 2011، تفرض الجامعات السبع الحكومية والخاصة في إدلب وشمال سوريا حاليًا رسومًا لا يستطيع معظم الطلاب تحملها.

آلاف المعلمين بدون رواتب منذ عام 

تقول غزّول إن حوالي خمسة آلاف معلم سيتوقفون عن التدريس لعدم تقاضيهم رواتبهم منذ أكثر من عام. قالت “هذا يعني بقاء أكثر من 450,000 طالب بدون تعليم في جميع المراحل الدراسية.”

كشف مسح، جرى العام الماضي وشمل 245 من خريجي وحاملي المنح الدراسية التي تقدمها الهيئة الألمانية للتبادل العلمي DAAD، أن 51 في المئة من المشاركين يعتقدون أن البنية التحتية التعليمية في مؤسسات التعليم العالي في سوريا سيئة للغاية أو غير كافية، فيما اعتبر أكثر من 80 في المئة منهم البحث الأكاديمي سيئًا للغاية أو غير كافٍ.

قال أحد المشاركين في الجلسة “لا يتمكن المرء من نشر النتائج الحقيقية للأوراق البحثية إذا ما سلطت الضوء على مشكلة.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: الرقابة الذاتية مشكلة شائعة لكن مسكوت عنها في الأوساط الأكاديمية العربية).

شملت التحديات التي ذكرها المُستطلعة آراؤهم الافتقار إلى حرية البحث والمخاوف المتعلقة بأمن أعضاء هيئة التدريس والفساد ونقص أعضاء هيئة التدريس المؤهلين وضعف التمويل وصعوبة الوصول إلى المؤلفات البحثية والأوراق العلمية الحديثة.

“لا يكمُن هدف التعليم العالي في توفير المهارات المهنية أو إجراء البحوث فحسب، بل في السماح للطلاب بأن يكونوا ناقدين ومبدعين وقادرين على التفكير خارج الصندوق.”

سلام سعيد
المحاضرة في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في جامعة كارلسروه في ألمانيا

دور التعليم العالي في بناء السلام

تعتقد  سلام سعيد، المحاضرة في الاقتصاد والعلوم الاجتماعية في جامعة كارلسروه في ألمانيا، بأهمية التعليم العالي في جهود بناء السلام والمصالحة.

قالت “لا يكمُن هدف التعليم العالي في توفير المهارات المهنية أو إجراء البحوث فحسب، بل في السماح للطلاب بأن يكونوا ناقدين ومبدعين وقادرين على التفكير خارج الصندوق.” وأضافت “يساعد التعليم العالي على إبعاد الشباب عن المشاركة في النزاع المسلح ويسمح لهم بتبادل قيم السلام والديمقراطية والتضامن. ومع ذلك، يجب أن تكون الجامعات مستقلة تمامًا، وهو شرط يصعب تطبيقه في المجتمعات الأبوية والسياقات السياسية القمعية.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

شدد جميع المتحدثين على الحاجة إلى تدخلات عاجلة لإنقاذ نظام التعليم العالي. وشملت تلك التدخلات تعزيز البنية التحتية الرقمية، وتعزيز كفاءة أعضاء هيئة التدريس من خلال بناء القدرات، وتحسين أساليب التدريس والمهارات الرقمية، وتحديث المختبرات، وتسهيل التبادل الأكاديمي الدولي وإمكانية الوصول إلى المواد البحثية الدولية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى