أخبار وتقارير

أزمة الوقود في سوريا تعلق الدراسة وتشل الحياة

أوقفت وزارة التعليم العالي السورية، مطلع الأسبوع الحالي، الدراسة والمحاضرات في الجامعات الحكومية والخاصة حتى منتصف نيسان/ أبريل، متذرعة بارتفاع أعداد حالات الإصابة بفيروس كوفيد-19. لكن الطلاب يقولون إن السبب الحقيقي وراء القرار يعود إلى أزمة الوقود التي تعاني منه البلاد منذ فترة وتسبب في صعوبة وارتفاع تكلفة وصول الأساتذة والطلاب إلى الحرم الجامعي.

قالت رهف، الطالبة في جامعة تشرين في اللاذقية، “أصبح الذهاب إلى الجامعات والمدارس شبه مستحيل بالنسبة للغالبية. لقد أثر نقص الوقود على جميع جوانب حياتنا. وسائل النقل العام نادرة وباهظة، ويفضل الكثيرون البقاء في المنزل.”

مع نقص مشتقات الوقود المدعوم مثل البنزين والديزل، أصبحت وسائل النقل العام ذات الأسعار المعقولة منعدمة تقريبًا، مما يدفع الطلاب لتشارك سيارات الأجرة لاقتسام أجرتها المرتفعة جدا، بحسب العديد من الطلاب الذين قابلتهم الفنار للإعلام.

لا تُعد أزمة الوقود جديدة في بلد عانى من صراع طويل منذ 2011 وعقوبات اقتصادية دولية. (اقرأ التقرير ذو الصلة: سوريا: العقوبات تزيد من مشكلات التعليم العالي). لكن الأزمة بلغت ذروتها في أواخر آذار/ مارس بعد أن أغلقت سفينة قناة السويس لنحو أسبوع، الأمر الذي تسبّب في منع ناقلات النفط من الوصول إلى الموانئ السورية بحسب تصريحات رسمية من وزارة النفط السورية.

قال عمار العلي، طالب الهندسة المدنية الدمشقي البالغ من العمر 21 عامًا، “أصبح تنقل الطلاب على متن شاحنات البيك أب مشهدًا اعتيادياً في دمشق.” موضحاً أن تعليق الدراسة لمدة أسبوعين يمنح الطلاب فترة راحة في خضم هذه الأزمة.

قرار مفاجئ بتعليق الفصول الدراسية

جاء قرار تعطيل الدراسة مفاجئًا لكنه كان متوقعا بشكلٍ ما، بحسب سحر الفاهوم، نائبة الوزير لشؤون البحث العلمي بوزارة التعليم العالي.

قالت  “فاقمت أزمة الغاز الوضع بالإضافة إلى التضخم، كما أن المعاناة تتزايد مع الموجة الثالثة من الإصابات بفيروس كوفيد-19.” موضحة أن هذه هي الأسباب المباشرة والبعيدة لإيقاف الدراسة. (اقرأ التقرير ذو الصلة: جامعات ومدارس سوريا تستعد لإعادة فتح أبوابها).

“أدت أزمة الغاز إلى تفاقم الوضع إلى جانب التضخم، كما أن المعاناة تتزايد مع الموجة الثالثة من الإصابات بفيروس كوفيد-19.”

سحر الفاهوم
نائبة الوزير لشؤون البحث العلمي بوزارة التعليم العالي السورية

رسميًا، يوجد حوالي 20,000 حالة إصابة بكوفيد-19 فقط في سوريا منذ بداية جائحة فيروس كورونا المستجد العام الماضي، لكن مع القدرة المنخفضة للغاية على إجراء الاختبارات، يقول الأطباء في أكبر مستشفيات البلاد إن العدد الحقيقي للحالات أعلى بكثير وأن الموجة الثالثة من العدوى قد تكون مستمرة.

قال طارق العبد، الطبيب في مستشفى ابن النفيس بدمشق، “الوضع متقلب. قبل أيام قليلة، كانت الأرقام تتناقص. اليوم، يقول زملائي إن الليلة الماضية كانت صعبة للغاية وكان عدد الحالات هائلا.”

يعتقد العبد إنه من السابق لأوانه الحديث عن كيفية تأثير إغلاق المدارس والجامعات على عدد الحالات، خاصة مع استمرار التجمعات العامة الكبيرة الأخرى.

قال “سيفتتح مهرجان ضخم للتسوق قريباً. حفلات الزفاف والجنائز جارية على قدمٍ وساق من دون أي قيود. لسوء الحظ، نحن على الأرجح على موعد مع ذروة رابعة ستضرب مدنًا أخرى.”

موعد استئناف الدراسة غير واضح

يستمر إغلاق المدارس والجامعات رسميًا حتى 17 نيسان/ أبريل، لكن من غير المؤكد ما إذا كانت الفصول ستُستأنف بالتأكيد بعد ذلك. إذ قالت وزارة التربية والتعليم إنها ستمدد الفصل الدراسي الثاني لمدة أسبوعين حتى الصيف لتعويض توقف الدراسة الحالي، وأنها ستضمن عدم خسارة الطلاب تعليمهم.

في المقابل، لايبدو طرح استمرار التعليم عبر الإنترنت مجدياً في ظل الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي والتي تصل أحياناً لعشرين ساعة يومياً.

يلجأ العديد من السوريين إلى سيارات الأجرة والشاحنات الصغيرة، مع توقف وسائل النقل العام تقريبًا. لكن الطلاب يقولون إن هذا خيار مكلف.
يلجأ العديد من السوريين إلى سيارات الأجرة والشاحنات الصغيرة، مع توقف وسائل النقل العام تقريبًا. لكن الطلاب يقولون إن هذا خيار مكلف.

تتباين ردود أفعال الطلاب حيال ذلك.

https://www.bue.edu.eg/

قالت ليلاس القيسي، طالبة الهندسة الطبية البالغة من العمر 18 عامًا في دمشق، “هناك نوعان من الطلاب، المجتهدون الذين عارضوا التعليق والعاديين الذين رحبوا بالأمر، وهم يستعدون للاستمتاع بوقتهم الآن.”

تتوقع القيسي استمرار تعليق الدراسة لما بعد منتصف نيسان/ أبريل.

في آذار/ مارس 2020، أغلقت الجامعات والمدارس السورية لمدة شهرين ونصف في إطار إغلاق عام لاحتواء انتشار الوباء. حينها، لجأت الجامعات إلى جدول محاضرات مكثف لتعويض الوقت الضائع. (اقرأ التقرير ذو الصلة: تباين إجراءات إعادة فتح الجامعات بعد فك حظر كوفيد-19).

أزمة الوقود

يقول الطلاب إن إغلاق المرافق التعليمية في ظل بقاء المطاعم والمتاجر وأماكن الترفيه مفتوحة لن يؤدي إلى خفض أعداد الإصابة بفيروس كورونا. ويقولون إن استئناف المحاضرات لن يتم إلا بعد توفر مواصلات عامة بصورة طبيعية وعودة توفر الوقود.

قالت راما الجردي، 24 عاما، الطالبة في كلية السياحة في مدينة حمص، “أنا مع تعليق الدراسة. ليس بسبب فيروس كورونا، لكن بسبب أزمة الوقود التي تدفع غالبية الطلاب للتغييب عن الدروس.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

يطرح البعض استخدام الدراجات الهوائية للوصول للجامعات. ففي عام 2015، أطلق معن الهمة، وهو محاضر في جامعة دمشق ترك التنقل بالسيارة، حملة روجت لركوب الدراجات كوسيلة لتجنب الاختناقات المرورية وارتفاع تكلفة النقل العام. اكتسبت الحملة شهرة واسعة وبدأ العديد من الطلاب حينها في استخدام الدراجات الهوائية للوصول إلى جامعاتهم. (اقرأ التقرير ذو الصلة: في دمشق: الدراجات الهوائية وسيلة الطلاب الجديدة للوصول إلى جامعاتهم).

https://www.bue.edu.eg/

لكن الهمة، الذي يعيش الآن في ألمانيا، لا يعتقد أن هذا البديل متاح على نطاق واسع وممكن في الأزمة الحالية.

قال “هذا حل فردي؛ العديد من الطلاب لا يستطيعون ركوب الدراجات بسبب المشاكل الصحية وبُعد وجهاتهم. يجب أن يكون هناك حل مسؤول بالكامل من قبل الحكومة لدعم شعبها.”

شارك عمرو التهامي من القاهرة في إعداد التقرير.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى