أخبار وتقارير

أساتذة الجامعات المغربية يحتجون على مشروع قانون جديد للترقي والأجور

يثير التعديل الحكومي الأخير لنظام التعاقد مع أساتذة الجامعات المغربية غضب الكثيرين. إذ يمنح التعديل وزارة التعليم العالي صلاحيات كبيرة للتحكم في امتيازات الأساتذة المادية والمعنوية الأمر الذي يرفضه عدد كبير من الأساتذة ويدفعهم لتنظيم عدة وقفات احتجاجية أمام مقر الوزارة.

قال جواد الرباع، عضو المكتب الوطني لتنسيقية الكرامة المستقلة للأساتذة الباحثين، في اتصال هاتفي “يؤسس القانون الجديد لنظام تعاقد كأساس للعلاقة بين الأستاذ والجامعة، وإخضاعه لمنطق السوق والخصخصة؛ مما يضرب مبدأ الحرية الأكاديمية واستقلالية الأستاذ الباحث.”

وأوضح الرباع، الذي يعمل أستاذاً للعلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة إبن زهر أكادير أن مسودة القانون منحت سلطة “فوقية” للهيئة الإدارية في الجامعة والوزارة للتحكم في امتيازات الأساتذة المادية والمعنوية، ليصبج  الأساتذة “مستخدمين تحت وصاية رئيس الجامعة” دون أن يكون هذا الرئيس منتخباً، ولا محاسباً أمام مجلس الجامعة.

تمنح مسودة القانون الجديد الصلاحيات لوزارة التعليم العالي في إدخال تعديلات في المناهج الدراسية وطبيعة عمل الأستاذ الباحث، بحسب الرباع، الذي يعتقد أن تصميم المناهج هو اختصاص “حصري” للأستاذ الباحث، والقبول بهذا القانون يحد من صلاحيات الأستاذ وحريته الأكاديمية. كما استحدث مشروع القانون الجديد نظام التعاقد كشكل قانوني للعلاقة بين الأستاذ والجامعة بمدة زمنية تصل لعامٍ واحد قابل للتجديد. ونقل، أيضاً، تبعية لجنة ترقية الأساتذة من هيئة تابعة للجامعة يختارها رؤساء المؤسسات الجامعية إلى وزارة التعليم العالي.

لم تصدر وزارة التعليم العالي أي بيانات رسمية للرد على احتجاجات الأساتذة، لكن بيانات سابقة للاحتجاجات ذكرت أن تعديل القانون هدفه تحسين الأوضاع المادية للأساتذة.

بدورها، أصدرت تنسيقية الكرامة للأساتذة الباحثين المغربيين، بياناً، حصلت الفنار للإعلام على نسخة منه، أكدت خلاله على الرفض “التام” لمشروع النظام الجديد، مطالبة بنظام أساسي “عادل ومحفز” يحقق زيادة حقيقية لأجور الأساتذة الباحثين، ويحفزهم على القيام بالأدوار الإيجابية داخل منظومة التعليم العالي والبحث العلمي.

تغييرات مجحفة

يتفق العديد من أساتذة الجامعات المغربية على ضرورة إضفاء تعديلات على النظام الذي ينظم علاقاتهم مع الجامعة والذي تم وضعه قبل 25 عامٍ، لكنهم يعتقدون أن التعديلات الأخيرة تضفي قيوداً جديدة على حريتهم الأكاديمية، ولا تفي باحتياجاتهم الحقيقية خصوصاً فيما يتعلق بأجورهم.

يبلغ الحد الأدني لأجر الأستاذ في الجامعات الحكومية المغربية لنحو  1500 دولارأميركي تقريباً، ولا يتجاوز الحد الأعلى 3000 الآف دولار، بينما يبلغ متوسط دخل الفرد سنوياً في المغرب نحو 3000 آلاف دولار أميركي تقريباً، بحسب أحدث إحصاء للبنك الدولي.

وتعتبر أجور أساتذة الجامعات في المغرب من الأقل بين نظرائهم في المنطقة العربية منذ سنوات، بحسب استبيان أعدته الفنار للإعلام قبل ست سنوات. (اقرأ التقرير ذو الصلة: حصرياً: الفنار للإعلام تجري مسحاً حول أجور أساتذة الجامعات الحكومية العربية).

“يتحمل الأستاذ الجامعي أعباء عمل كبيرة جدا بين التدريس والبحث والعمل الإداري وما يحصل عليه لا يناسب الجهد الذي يقوم به ولا متطلبات الحياة اللائقة.”

نور الدين الفقيه
أستاذ بكلية الحقوق جامعة تطوان

وكانت المغرب قد شهدت احتجاجات عديدة خلال العامين الماضيينن نظمها أساتذة للمطالبة بتحسين أوضاعهم، لكنها لم تلق إستجابة مناسبة حتى الآن بحسب قولهم. (اقرأ التقرير ذو الصلة: المغرب: تغييرات نظام التعليم الجامعي لا تلقى قبولاً كافياً).

قال نور الدين الفقيه، أستاذ بكلية الحقوق في جامعة عبد المالك السعدي في تطوان، في اتصال هاتفي إن النظام  الأساسي الحالي “غير عادل”حيث “يتحمل الأستاذ الجامعي أعباء عمل كبيرة جداً بين التدريس والبحث والعمل الإداري وما يحصل عليه لا يناسب الجهد الذي يقوم به ولا متطلبات الحياة اللائقة.”

زيادة متواضعة

تتراوح نسبة الزيادة الجديدة من 165 دولار إلى 385 دولار بحسب الدرجة الوظيفية للأستاذ الجامعي وهي تشمل فئة “أساتذة التعليم العالي” فقط، وهي الدرجة التي يصل لها الباحث قبل نهاية خدمته بسنوات محدودة، وتستثني الأساتذة المساعدين والأساتذة المؤهلين” الذين تقع عليهم المسؤولية الأكبر في عدد ساعات التدريس عند تنفيذ النظام التعليمي الجديد بداية من العام المقبل.

بينما يتمسك الأساتذة بخيار التصعيد وتوسيع نطاق الاحتجاجات في الجامعات كوسيلة للضغط لتحقيق مطالبهم، تسعى النقابة الرسمية لأساتذة التعليم العالي التمهل لحين الحصول على رد نهائي من جانب وزارة التعليم العالي على المطالب التي نقلتها للمسؤولين الحكوميين.

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

إذ أصدر المجلس الوطني للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي بياناً، الشهر الماضي، أكد خلاله على إرسال مجموعة من المقترحات والتحفظات والملاحظات حول مسودة القانون الجديد لوزارة التعليم العالي، وطالبها بالتعجيل بإخراج الصيغة النهائية للنظام الأساسي مشتملاً على هذه التعديلات.

شملت أبرز هذه المتطلبات العدول عن  نظام التعاقد، وإبقاء نظام الترقية الساري في القانون الحالي، واعتبار التعليم عن بعد وسيلة تكميلية للتعليم الحضوري ويلجأ إليها عند الضرورة. واختتمت النقابة البيان باستعدادها لتنفيذ برنامج “نضالي” لدعم احتجاجات الأساتذة، حال تأخر الوزارة عن الاستجابة للمطالب “العادلة” لأساتذة الجامعات.

قال عبدالقادر لشقر، عضو المجلس الوطني للنقابة المغربية للتعليم العالي والبحث العلمي،  في اتصال هاتفي “نأمل في الحصول على رد إيجابي من الوزارة بعد نقلنا ملاحظات وانتقادات الأساتذة لهم خلال اجتماعات سابقة،” موضحاً أنه لمس حرصاً من جانبهم للاستماع لمختلف الأراء.

لكن لشقر أكد أحقية الوزارة في إصدار القانون حتى لو رفضته النقابة.

قال “لو تم ذلك، لا يوجد فرصة قانونية لإيقافه.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى