أخبار وتقارير

«كل يصنع إيمانه بيده» معرض افتراضي لدعم الحياة الثقافية في لبنان

يسعى معرض، أقيم إحياءً لذكرى فنانة لقيت مصرعها خلال كارثة انفجار مرفأ بيروت العام الماضي، إلى بث رسالة أمل وصمود إلى اللبنانيين الذين تعصف بهم الأزمة الاقتصادية وجائحة فيروس كوفيد-19.

يقام معرض “كلٌ يصنع إيمانه بيده” في مبنى طبال التراثي بمنطقة الأشرفية، الذي تم اختياره بعد أن  طاله انفجار 4 أب/ أغسطس، حيث تسعى آني فارتيفاريان من خلاله إلى تخليد ذكرى ابنتها المصممة الشابة غايا فودوليان، التي قضت في الانفجار بينما كانت تحضر لإطلاق مشروعها الفني الافتراضي.

قالت فارتيفاريان، “المعرض مسعىً لاستكمال ما بدأته غايا ولم يمنحها القدر فرصة لإتمامه. من خلاله ستبقى غايا بروحها حاضرة، كانت تحلم بأن يكون لديها معرض افتراضي بلا جدران، وهو مشروع بدأته في عام 2019 عندما كان العالم ما يزال بعيداً عن الاعتماد بالكامل على الإنترنت في العمل.”

يعد المعرض باكورة فعاليات مشروع “أرت ديزاين ليبانون” الفني؛ المنصة الرقمية والمعرض الفني المتنقل الذي كانت فودوليان تسعى إلى تنفيذه خلال حياتها القصيرة.

معرض فني متنقل

قال الأم المكلومة “لم ترغب غايا في إقامة معرض دائم ولكنها خططت لاستغلال مساحات وأماكن مختلفة. وإن انتهت حياتها في هذه الأرض، إلا أن روحها حية بيننا. رغبتنا هي أن نكمل ما بدأته. وكان إصرارنا على إقامة المعرض وأن نعيش اللحظة لأن الغد مجهول في لبنان المتخبط في الأزمات”.

لا تعد فارتيفاريان غريبة على الوسط الفني، فهي خبيرة في الفن وإقامة المعارض. قالت “مشروع أرت ديزاين ليبانون داعم لأعمال الفنانين البصريين والمصممين في لبنان وأنحاء العالم، إنه بمثابة منصة ثقافية تشجع على الحوار وتسلط الضوء على التنوع الإبداعي في المنطقة.”

يجمع «كل يصنع إيمانه بيده» ثمانية فنانين ومصممين محليين، كان عليهم ابتكار أعمال مستوحاة من عنوان المعرض. وقد تجاوبوا مع الفكرة من خلال مجموعة من الوسائط؛ تنوعت بين الرسم التوضيحي والتصوير الفوتوغرافي والأعمال الفنية بالنيون والنحت وقطع الأثاث.

مشاهد من المعرض

في المعرض قطعتان فنيتان كانت غايا فودوليان قد وضعت تصاميمهما قبل رحيلها، وهما كناية عن قطعتي أثاث خشبيتين. وسيعود ريع المعرض إلى مؤسسة “غايا فودوليان”، التي ترعى الحيوانات المُحتاجة وترفق بها، وهي قضية لطالما اعتنت بها فودوليان.

دور الفنان في بلد مأزوم

من جهة أخرى، يطرح معرض «كل يصنع إيمانه بيده» سؤالاً حول الهدف من إنتاج الفن وعرضه في خضم ازدياد حالة عدم الاستقرار اليومية التي يرزح اللبنانيون تحت وطأتها؟ كيف يمكن للفن والتصميم أن يصيغ تجربة المرء في لحظته الراهنة؟ ما الدور الذي يلعبه في عالم افتراضي لا ينفك يتقلب، وهي طبيعة العالم الذي نعيش فيه اليوم؟ وإلى أي مدى يعد الإبداع الفني تعبيراً عن الإيمان؟

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

نتالي خياط فنانة تعمل على الخزف، وتقدم في هذا المعرض قطعاً فنية تذكيراً بضحايا انفجار بيروت. فقد أبدعت 208 شمعدانات متميزة التصميم، لتهدي كل واحدة منها لأرواح ضحايا الانفجار. أطلقت على عملها مسمىً قريب من عنوان المعرض؛ “كلٌ يصنع شعلته بيده”.

قالت “ركزت على الشعلة الداخلية لكل منهم بالمعنى الفني والشعلة رمز للضوء وممارسة الطقوس. نضيء الشموع لأغراض شتى، سواءً في أماكن العبادة أو في وقفات احتجاجية أو على مائدة الطعام.” وأضافت ” الصلصال وسيلة تعبير وأداة للتعامل مع تحديات الحياة وتقلباتها. وكل قطعة تختلف عن الأخرى، ولكل منها لحظتها الخاصة وحكايتها المتفردة.”

أهمية صون الإرث المعماري في بيروت

تعرض المصورة كارولين تابت من خلال سلسلة بولارويد صورًا ضبابية للمناظر الطبيعية في لبنان ومشاهد بيروت.

قالت “هذه صور شبحية لتعكس ما كانت عليه حياتنا قبل أن تلتبس ويغلفها الشك في السنوات الأخيرة، وهو وضع ازداد فداحةً بعد الانفجار. صور بيروت أشبه بقطع من الأماكن العديدة التي تغيرت ولم نعد نتعرف عليها.” مضيفة أن إقامة المعرض بعد أشهر قليلة من الكارثة “هو عمل شجاع بحق. كما أن من المهم أن نعاود التواصل مع الحياة وأن نمتلك منصة تفاعل بعدما أجبرتنا الجائحة على العزلة.” (اقرأ التقرير ذو الصلة: بيروت ما بعد الانفجار: خسائر فنية وثقافية فادحة).

تؤكد فارتيفاريان أن إقامة المعرض في مبنى طبّال لم يكن بمحض الصدفة، وهو أحد المباني التّراثيّة المُعرّضة للخطر والذي يرجع عهد بنائه إلى أواخر القرن التاسع عشر.

قالت “استلهم اختيار المكان شغف غايا بالمباني ذات الشخصية المتفردة”، موضحة أن المعرض يسعى إلى الكشف عن الندبات والجماليات التي تخبئها بيروت وتجسدها الهندسة المعمارية في هذا المبنى.

يستمر معرض «كل يصنع إيمانه بيده» لغاية 29 نيسان/ أبريل. وعلى المسار ذاته، تتعاون أرت ديزاين ليبانون مع “صلات للثقافة”، المؤسسة غير الربحية المعنية بحفظ التراث، على تنظيم جولات لزيارة المبنى بغرض التوعية بأهمية الحفاظ على ذاكرة بيروت المعمارية.

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى