أخبار وتقارير

الحكومة المصرية تسحب مشروع قانون جديد لامتحان الثانوية العامة

القاهرة- قررت الحكومة المصرية سحب مشروع تعديل في نظام الثانوية العامة من مجلس الشعب الأسبوع الماضي بعد الجدل الواسع الذي أثاره المشروع في مجلس الشيوخ مع وعد بتقديم مسودة جديدة قريباً.

يستهدف مشروع القانون الجديد تعديل أسلوب حساب نتائج إنهاء االدراسة الثانوية ليشمل ما يحصل عليه الطالب من درجات في نهاية كل سنة دراسية من السنوات الثلاث عوضاً عن احتساب نتيجة امتحان السنة النهائية منها فقط. كما يتيح مشروع التعديل للطالب إمكانية التقدم للامتحان أكثر من مرة في نهاية العام لكل سنة دراسية على أن تكون المرة الأولى فقط مجانية ويسدد رسوماً لباقي المحاولات، دون أن يحدد مشروع القانون قيمة الرسوم المقررة لدخول الامتحانات أكثر من مرة.

كتب طارق شوقي، وزير التربية والتعليم، على حسابه على موقع فيسبوك “نحن من عرضنا فكرة تعدد محاولات الامتحان رغم ما فيها من جهد وتكلفة للوزارة، لأنها تصب في مصلحة الطالب وندرس حالياً البدائل القانونية.” مشيراً إلى أن التعديلات التي طلبها مجلس الوزراء المصري تتعلق بمسألة حساب المجموع التراكمي في المرحلة الثانوية، وكذلك فكرة تعدد محاولات امتحان الثانوية العامة. وتعهد بإعادة عرض القانون من جديد بعد إجراء بعض التعديلات على مجلس الوزراء، ثم مجلس الشيوخ “خلال أسابيع”.

منذ توليه، تعرضت سياسات شوقي للانتقادات بدءاً من قراره بالتحول نحو استخدام الأجهزة اللوحية عوضاَ عن الكتب المدرسية التقليدية، (اقرأ التقرير ذو الصلة: جدل حول إدخال الكتب الإلكترونية إلى المدارس المصرية)، مروراً بقرار التحول نحو التعليم عن بعد وعقد الامتحانات إلكترونياً بسبب الوباء واخيراً مع قانون التعديل الأخير.

مع ذلك، لا يعد مشروع تعديل نظام الثانوية العامة بجديد. إذ سبق وأن أعلن عنه شوقي مع بداية توليه لمنصبه في عام 2017. (اقرأ التقرير ذو الصلة: نظام جديد للقبول الجامعي في مصر يثير المخاوف) لكن تطبيق التعديل أخذ وقتاً أكبر من المعلن عنه، كما تم تأجيله لعدة مرات خاصة مع التحول الأخير للتعليم الإلكتروني الذي فرضه انتشار وباء كوفيد-19. (اقرأ التقرير ذو الصلة: وباء كورونا يعيد الاعتبار للتعليم الإلكتروني).

اعتراضات رسمية وشعبية

لم يلق مشروع التعديل الجديد قبولاً من قبل الكثيرين رغم الاعتراضات المستمرة على نظام الشهادة الثانوية الحالي، والذي يعتمد على نتيجة الامتحان النهائي للشهادة الثانوية بشكل أساسي ووحيد للقبول الجامعي. إذ يعتقد خبراء في مجال التربية والتعليم أنه تطور شكلي وسطحي وغير جاد.

“تطوير الأنظمة التعليمية يجب أن يبدأ أولاً بتحديد هدف خطة التغيير، والانطلاق منها لمرحلة تحديث المناهج بخطة علمية، ثم رفع كفاءة المعلم وتطوير طرائق التدريس، واخيراً مسألة التقييمات والاختبارات في المرحلة الأخيرة وليس العكس.”

شبل بدران
 عميد كلية التربية الأسبق بجامعة الإسكندرية

قال شبل بدران، عميد كلية التربية الأسبق بجامعة الإسكندرية، في مقابلة هاتفية “تطوير الأنظمة التعليمية يجب أن يبدأ أولاً بتحديد هدف خطة التغيير، والانطلاق منها لمرحلة تحديث المناهج بخطة علمية، ثم رفع كفاءة المعلم وتطوير طرائق التدريس، وأخيراً مسألة التقييمات والاختبارات في المرحلة الأخيرة وليس العكس.”

وأضاف بدران، الذي شغل منصب عضوية اللجنة الاستشارية للتعليم قبل الجامعى بالهيئة القومية لضمان جودة التعليم والاعتماد، أن ترك الوزارة للخطوات الأولى الأساسية يرجع غالباً إلى “نقص التمويل”، مؤكداً أن الهدف الرئيسي من التعديل: “هو خفض أعداد المقبولين للجامعة كالتزام منها تجاه توصيات البنك الدولي الذي يمول تطبيق المشروع الجديد مع برنامجين آخرين.”

 أعجبتك القصة؟ اشترك مجاناً في نشرتنا البريدية للحصول على المزيد من القصص.  

يلتحق بالجامعات الحكومية نحو 200 ألف طالب سنوياً من أصل 500 ألف يدرسون في مرحلة الثانوية العامة، بحسب بدران، الذي يؤكد أن تطبيق مشروع التعديل يخل بمبدأ المساواة في التعليم، عبر إتاحة فرصة إعادة الامتحان للطلاب بمقابل مالي.

دافع وزير التربية والتعليم، عن مشروع القانون ضد الانتقادات السابقة، والتأكيد على أن مواد القانون خضعت للنقاش مع خبراء مختصين والتجريب. إذ قال في تصريحات صحافية أن “مجانية التعليم لم تعد موجودة منذ زمن، وأن النظام التراكمي موجود في العالم كله وأخذنا به حتى لا تكون الثانوية العامة شبح مخيف للطلاب. نحن نسعى لمكافأة جهد الطلاب على مدى ثلاث سنوات عوضاً عن سنة واحدة.”

مع ذلك، ينتقد العديد من الطلاب مشروع التعديل الجديد.

إذ يعتقد حمزة مصطفي دياب، 15 عام طالب يدرس في الصف الثالث الإعدادي، أن طرح فكرة إعادة الامتحان يقدم فرصة إضافية يمكن الإستفادة منها لتحسين النتائج. لكن “اعتبار نتائج ثلاث سنوات دراسية عوضاً عن سنة واحدة يزيد من الضغوط علينا وعلى ذوينا. كما سيزيد من الدروس الخصوصية بشكل كبير.”

“اعتبار نتائج ثلاث سنوات دراسية عوضاً عن سنة واحدة يزيد من الضغوط علينا وعلى ذوينا. كما سيزيد من الدروس الخصوصية بشكل كبير.”

حمزة مصطفي دياب  
طالب يدرس في الصف الثالث الإعدادي

التغيير واجب ولكن

يعتقد بدران أن المشروع الجديد يتضمن بعض النقاط الجيدة، التي لا يمكن نكرانها.

قال “نظام المجموع تراكمي فكرة تربوية جيدة في عملية التحديث، بحيث تتم عملية تقييم الطالب على أكثر من مرحلة، لأن مسألة قياس قدرات الطالب في ساعة واحدة مسألة غير عادلة؛ لكن ذلك يتطلب تطوير طرق تدريس ورفع كفاءة المعلمين.”

بدورها، تعتقد غصون توفيق، الباحثة في شؤون التعليم والمسؤولة السابقة عن ملف التعليم في المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن التغيير بهذا الشكل يحتاج لفترة تجريبية مع  إجراء حلقات نقاشية حوله.

قالت “إن تغيير أساليب االتقييم من أجل تحفيز التفكير النقدي كما يشير لها مشروع النظام الجديد مسألة مهمة وضرورية، لكنها ينبغي أن تتم أيضاً مع إلزام الطلاب بتعلم مواد رئيسية كالتعبير وعدم تركها ضمن المواد الاختيارية في النظام الجديد.”

ورغم تمسك الوزارة بمشروع التعديل، فإن توفيق لا تعتقد بإمكانية تطبيقه فعلياً على المدى القريب.

قالت “خلال العامين الماضيين، بدى واضحاً حجم الفجوة بين الإمكانات المتاحة وإمكانية تنفيذ أي تعديلات، خاصة في ظل غياب الوقت الكافي للتجريب والتقييم.  أعتقد أن تجربة التعليم عن بعد خلال العاميين الماضيين خير مثال على ذلك.”

Countries

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى